library management & Higher Education blog Naseej Academy Naseej Academy Send Mail

عن مدونة نسيج

تهدف مدونة نسيج الى توفير مساحات تشاركيه تتسع لكل المتخصصين والمهتمين بكل ما هو جديد في مجال المكتبات والتعليم العالي والتعلم عن بعد وتقنيات المعلومات والاتصالات وتقنيات الأرشفة وحلول المعرفة المتقدمة في التعليم العالي، المكتبات، ومراكز الأبحاث.

سجل بريدك الالكتروني هنـا لتصلك أحدث التدوينات

أكاديمية نسـيج على الفيسبوك 
 
 

مقــالات حديثة

استراتيجيات إدارة التنوع في المكتبات الأكاديمية في عصر العولمة

نُـشر بواسطة هيام حايك on 11/02/2020 10:05:17 ص

1-417000529387في سياق العولمة وتزايد الهجرة والتحضر والثورة الصناعية الرابعة التي تسببت في إدخال الشعوب في مرحلة جديدة من العولمة تعرف بـ “الجيل الرابع من العولمة Globalization 4.0، يواجه العالم تحديات كبيرة على مستوى إقرار التعددية والاختلاف وإدارة التنوع. في المقابل يعتبر التنوع والتعددية فرصة رائعة لتلاقي الحضارات وتلاقحها، وللتطور والنماء. من هنا لابد من الوعي بحتمية إدارة التنوع وأهميته، كونه المسار الطبيعي لتناغم وتناسق الأفراد والمجتمعات، والغطاء الواقي للحفاظ على تماسك النسيج الاجتماعي لهذه المجتمعات.

تعد مسألة إدارة التنوع مهمة للغاية في المكتبات الأكاديمية الحديثة، حيث أتاحت العولمة لأشخاص مختلفين من بلدان مختلفة أن يجتمعوا معًا في المكتبات الأكاديمية، نظراً لخبرتهم في تقديم خدمات متطورة لجمهور المستفيدين، لذلك تعد إدارة تنوع القوى العاملة أمرًا بالغ الأهمية لنجاح أي مكتبة أكاديمية، واستمرارية تمتعها بميزة تنافسية مقابل المكتبات الأخرى.

مفهوم العولمة في سياق المكتبات الأكاديمية

مما لا شك فيه أن العالم يمر بعملية تغيير سريعة تُعزَى إلى ظهور العولمة، فقد أصبحت العولمة كلمة مألوفة، وقد تم طرحها وتداولها من قبل العديد من العلماء والكتاب، عبر النهج النظري وعبر المشهد السياسي، في سياقات متعددة. هذا ويمكن ربط العولمة بالحدود الوطنية والدولية، وفي هذا السياق  تشير ساندو كيلتيريلا Sandu CUTERELA في مقال لها إلى أن: "العولمة هي عمليات التغيير المكانية والزمانية ، والتي تشكل أساس تحويل اهتمامات الإنسان في المكتبة الأكاديمية ،وبحيث ترتبط هذه الاهتمامات ببعضها البعض وتوسع النشاط البشري عبر المناطق والقارات، وتؤكد على أنه لا يمكن أن يكون هناك صياغة واضحة ومتماسكة لمصطلح العولمة، دون النظر إلى عنصر الامتداد ، والشدة ، والسرعة ، والتأثير.

ما لا يمكن إنكاره هو أن العولمة بشكل أو بآخر تؤثر اليوم على حياة كل فرد، وبغض النظر عن العرق أو الجنس أو الطبقة، إنها الوعي المتغير، بحيث يصبح الجميع، في كل مكان، أكثر وعياً بالتوجهات العالمية. هذا ويمكن النظر إلى العولمة على أنها أصبحت السمة المميزة للمجتمع البشري منذ بداية القرن الحادي والعشرين. وتتخذ العولمة أبعادًا اقتصادية وسياسية وثقافية واجتماعية، وتؤثر على فكرة التنقل، وسرعة وقوة الابتكار التقني.

العولمة مشهد كوني يمكن فهمه على أنه أنظمة عالمية للمنافسة والاتصال، تُسهل عمليات التنقل والاتصالات والحوكمة والترفيه على نطاق عالمي. يمكن تعريف العولمة في سياق المكتبات الأكاديمية بأنها عملية قيام المكتبات الأكاديمية في العمل على نطاق دولي، لتكون أكثر انفتاحا، وأكثر قدرة على تدويل عملياتها.

يناقش كتاب صدر حديثاً من رابطة مكتبات الجامعات والبحوث (ACRL) بعنوان "The Globalized Library: American Academic Libraries and International Students, Collections, and Practices”، موضوع التدويل والعولمة، والتي تعتبرها العديد من المؤسسات الأكاديمية من أهم أهدافها وأولوياتها الإستراتيجية. وحسب ما ورد في الكتاب تحتاج الكليات والجامعات إلى إعداد خريجين واعين عالميًا، لكي تكون قادرة على المنافسة، و نظرًا لأن المكتبات الأكاديمية هي مركز حيوي في الحرم الجامعي، فهي جزء لا يتجزأ من مهام وأهداف مؤسساتها وتشارك بعمق في جميع جوانب العولمة التي تتعلق بالجامعات.  وكذلك يرى مؤلفو الكتاب، أن المكتبة التي تتبنى العولمة يمكنها أن توفر أفكارًا جديدة ومبتكرة لأولئك الذين يتطلعون إلى البدء في محادثات عمل، على مستوى دولي يجمع محترفي المكتبات.

مفهوم إدارة التنوع في سياق المكتبات الأكاديمية

لقد تغيرت الخصائص الديموغرافية للقوة العاملة تغيرا جذريا على مدى العقود القليلة الماضية وما زالت التغييرات المستمرة متوقعة، مما يجعل من ممارسات إدارة التنوع في المكتبات الأكاديمية معيارًا أساسيا لبقاء المكتبات وضمان استمراريتها في عصر العولمة.

يتطلب مفهوم إدارة التنوع من منظور المكتبة الأكاديمية أولاً تعريفًا للتنوع في مكان العمل نفسه، حيث تطورت تعريفات التنوع مع مرور الوقت، ويمكن القول أن ممارسات إدارة التنوع في عصر العولمة هي قدرة القائد أو المدير على وضع آلية لكيفية تحقيق النجاح من خلال الاستفادة القصوى من أوجه التشابه والاختلاف بين الموظفين.

إن السماح بدخول وجهات نظر جديدة من شأنه أن يوفر مجموعة غنية من المواهب المفيدة لحل المشكلات المعقدة التي تتزايد اليوم في بيئة عالمية شديدة التنافس وعدم اليقين، لذلك لابد لمفهوم التنوع في بيئة ما، أن يشتمل على القبول والاحترام لقوتها العاملة، والوعي بأن كل فرد هو حالة فريدة من نوعها ، وأن التعرف على هذه الفردانية، يمكن  أن يتحقق من خلال التعرف على أبعاد  التنوع والاختلاف. إنه استكشاف لهذه الاختلافات في بيئة آمنة وإيجابية. إن الأمر يتعلق بفهم بعضنا البعض والتعايش مع أبعاد التنوع الموجودة في كل فرد في بيئة العمل.

ولكي يتمكن مدراء المكتبات الأكاديمية من إدارة التعددية والتنوع بفعالية، ينبغي وضع ما يلي في الاعتبار:

  1. تبدأ إدارة التنوع في مكان العمل ببناء سياسات قوية تضمن تحقيق المساواة. وبمجرد وضع هذه السياسات، يمكن أن تبدأ المكتبة الأكاديمية في تنفيذ تدابير التنوع في جميع أنحاء المكتبة الأكاديمية بأكملها.

  2. من أجل تحقيق الإدارة الفاعلة للتنوع، يجب تصنيف مؤهلات المرشحين للعمل، بناءً على جودة خبراتهم، وليس استنادًا إلى مجرد السن أو أي فئة أخرى. توظيف القوى العاملة المؤهلة هو بداية الطريق لإدارة التنوع في المكتبة الأكاديمية، فعندما لا يتم الاستفادة من مهارات الموظفين الأكثر كفاءة، فسوف تواجه المكتبة الأكاديمية خطر فقدان القوى العاملة المؤهلة.

  3. ممارسات إدارة التنوع تتعامل بجدية مع شكاوى المحسوبية أو التمييز. من الضروري أن يشجع القادة والمديرون الذين يمارسون إدارة التنوع الموظفين على الإبلاغ عن جميع حالات السلوك التمييزي ، مع وجود معايير محددة للتحقيق في هذه القضايا والتعامل معها.

  1. إذا تمت إدارة التنوع في المكتبات الأكاديمية بشكل صحيح ، فيمكنها أن تجعل المؤسسة التعليمية تزدهر بسرعة كبيرة بسبب كل الأفكار الجديدة والحديثة المبتكرة ، والرؤى المختلفة ، التي لا يمكن تحقيقها دون هذا التنوع.

مزايا التنوع والتعددية في بيئة العمل

يمكن للتنوع في مكان العمل المساعدة في تقليل الدعاوى القضائية وزيادة فرص التسويق والتوظيف والإبداع وتحسين صورة العمل، ويمكن أن يكون للتنوع تأثير إيجابي على معنويات الموظفين وتطوير بيئة عمل تكون شاملة للجميع. وفيما يلى نضع بعض المزايا التي يمكن أن يوفرها التنوع للقادة والمديرين، والتي تتمثل في:

  1. هناك قول مفاده أن "عقلين أفضل من عقل واحد" ولهذا السبب في مكان عمل متنوع الأفراد، سوف نجد أنه عندما يجتمع أشخاص من ثقافات وخلفيات ومعتقدات مختلفة للعمل من أجل هدف مشترك، يمكن تحقيق إبداع متزايد. وهذا يعني أن ما تم عمله سابقاً من الممكن أن يتطور إلى شيء آخر.

 

  1. من أجل معالجة مشاكل التنوع في مكان العمل، تقوم المكتبات الأكاديمية بتطوير مجموعة متنوعة من الحلول، والتي يتوجب على القوى العاملة المتنوعة التكيف معها. ستكون عملية طويلة، لكنها تستحق كل هذا العناء. علاوة على ذلك، يمكن للأشخاص من خلفيات متنوعة تقديم أفكار للتكيف مع متطلبات العملاء المتغيرة باستمرار، مما سيؤدى إلى تحقيق النجاح والمزيد من التنافسية. هذا يعني أيضًا أن على المكتبة الأكاديمية تطوير مساحات عمل مشتركة للأشخاص ذوي الأفكار المختلفة للتعاون والعمل معًا، لتمكينهم من تعلم آليات التفكير عبر الثقافات والتكيف بسرعة مع المواقف الجديدة.

 

  1. لا يوجد شخصان يفكران نفس التفكير، الكثير من التشابه يقلل من القدرة على التكيف والتعلم، لأن النظام المغلق سوف يطور بشكل متزايد وجهة نظر متجانسة وعليه يمكن للمؤسسات الأكاديمية أن تتقن عملية تعظيم وتطوير وجهات النظر المختلفة لكل فرد، ومن ثم إنشاء مجموعة كبيرة من الاستراتيجيات والأفكار والخبرات، وبما يمكنهم بعد ذلك من الاستفادة من استراتيجيات المجموعة للتعامل بفعالية مع اهتمامات العمل واحتياجات العملاء.
  2. إن القوى العاملة المتنوعة ذات الخبرات والمهارات والفهم الثقافي واللغات وغيرها من الاختلافات تمكن المكتبات الأكاديمية من تقديم خدمات العملاء على أساس عالمي. على سبيل المثال، مؤسسات التعليم العالي التي توظف أشخاصًا من أعراق مختلفة ستتمتع بالثقة لدى الطلاب من أجناس مختلفة، وسوف يزيد من معدلات الالتحاق بالمؤسسة التعليمية، نظرا لتجنبها الفجوات اللغوية والثقافية

أهمية تبنى القادة ممارسات إيجابية لاحتواء التنوع والتعددية في بيئة المكتبات الأكاديمية: 

 التنوع يجلب نسيجًا غنيًا من الخبرات والرؤى والخلفيات والثقافات. هذه الاختلافات ضرورية للحفاظ على مزيج حيوي من الأنشطة في بيئة مكان العمل. من الضروري أن يلاحظ قادة المكتبات الأكاديمية أن الناس يتعلمون قيمًا ومعتقدات مختلفة ، وأن تجارب حياتنا فريدة من نوعها، وأن التنوع هو الأمر الصحي والذي لابد منه،. ومن أجل ضمان سير ممارسات عادلة تجاه هذا التنوع في المكتبات الأكاديمية، من المهم لأي قائد أو مدير أن يتبني موقف إيجابي خلال ممارساته لإدارة التنوع، وأن يتخذ إجراءات على أرض الواقع تعكس ذلك، ونقدم منها على سبيل المثال ما يلى:

  • ينبغي على رؤساء المكتبات الأكاديمية والمديرين ضمان حماية القوة العاملة من التمييز والمضايقة، ومراعاة خصوصيتهم.
  • يجب على رؤساء المكتبات الأكاديمية والمديرين التأكد من أنهم يثمنون الإسهامات ويقدرون طاقم العمل
  • يجب على رؤساء المكتبات والمديرين ضمان معاملة القوى العاملة بنزاهة ومنح مكافآت متساوية لنفس الإنجازات
  • يجب على رؤساء المكتبات الأكاديمية والمديرين التأكد من أن التدريبات الخاصة بإدارة التنوع في مكان العمل يتم القيام بها دورياً، ويحضرها كل الموظفين.

وفي النهاية لابد من تشجيع المناقشات حول كيفية قيام المؤسسات الأكاديمية بإدارة التنوع في مكان العمل بشكل أفضل ودراسة المزايا والعيوب المرتبطة بتنوع القوى العاملة، لأن التغاضي عن العيوب لن يمكنها من إدارة المواقف الصعبة إن لم يتم التعامل معها بشكل صحيح، بالإضافة إلى أنه حين تتغلب المؤسسة الأكاديمية على صعوبات التنوع فسوف يصبح لديها مزايا تنافسية، تزيد من قدرتها على جذب الموارد البشرية الجيدة وضمان التنوع في الأفكار والإبداع والابتكار والقدرة على حل المشاكل. علاوة على ذلك يمكن أن يؤدي احترام التنوع وإدارته بشكل جيد إلى استقرار وظيفي، وزيادة الإنتاجية، وذلك لأن الإنسان بطبيعته عندما يشعر بوجود التقدير والعدالة والمساواة في التعامل، فسوف يبذل  قصارى جهوده للارتقاء بمستوى الأداء،