في وقت سابق من صيف هذا العام، سألت مجلة حلول التعليم Learning Solutions Magazine القراء و الباحثين والكتاب المشتركين فيها من 29 دولة عن الموضوعات التي يفضلون البحث فيها، وذلك من أجل مساعدة القائمين على المجلة من التركيز على الموضوعات بشكل أفضل . تلقت المجلة العديد من الردود والاستجابات وفيما يتعلق بأنواع المحتوى المفضلة خلال الأشهر الستة الماضية، كانت الدراسات التقنية white papers – وهي اصطلاحاً عبارة عن تقرير أو دليل رسمي يساعد القرّاء في فهم مسألة أو حل مشكلة أو اتخاذ قرار – هي أول إجابة. ويلي المستندات التقنية جلسات الويبنار webinars"" ومن ثم التقرير العالمي للتعليم الإلكتروني. ويبين الشكل التالي أكثر 10 موضوعات بحثية كانت الأكثر طلبا، ومن الواضح أن التعلم النقال " mobile learning " هو الموضوع الأكثر شعبية، تليه تقنيات التعليم الابتكارية " innovative learning technologies "، و من ثم التطوير المهنيprofessional development"."

بالإضافة إلى البحث عن هذه الموضوعات، وجد المسح أيضا أن المشاركين يفضلون أكثر الأبحاث الموجهة نحو المستقبل والتي تركز على تطور مهنة التعلم وتوفر طرقا إبداعية لممارسي التعليم الإلكتروني لمواصلة تطورهم المهني في خضم التغيرات السريعة وزيادة متطلبات التقنية وتنوع المهارات. اشتملت نتائج المسح ردودا مهمة حول نوعية وتركيز المحتوى وقنوات التوزيع، وتكاليف العضوية. وبناء على هذه الآراء أعلنت المجلة أنه سيتم اتخاذ الخطوات التالية في الأشهر القادمة:

• زيادة الدقة والاهتمام أكثر بعمق المحتوى الخاص بالأبحاث وتوفير استشهادات أكثر وضوحا لمصادر البيانات.

• توفير مزيد من التمايز بين قطاعات الصناعة واستهداف المزيد من البحوث نحو القطاع العام والتعليم في المدارس الثانوية والتعليم العالي، والرعاية الصحية وبحوث المجتمع.

• تمكين الأعضاء من اختيار المجالات التي يهتمون بها وتوفير المزيد من خيارات البريد الإلكتروني التي تستهدف الوقوف على التفضيلات الفردية.

• تحسين قدرات الوصول والبحث في الموقع، فضلا عن قنوات التسليم الأخرى، بما في ذلك المطبوعات والمواد ذات الصلة.

• توضيح مزايا العضوية بحيث يمكن للأعضاء أن يكونوا أكثر اطلاعا حول مجموعة واسعة من المحتوى المجاني والخدمات منخفضة التكلفة بالإضافة إلى القاءات المعرفية وغيرها من الفوائد التي يحصلون عليها حاليا.

• الاستمرار في زيادة القيمة والفوائد العامة للأعضاء والمشتركين في المجلة. وانطلاقا من أن التعلم النقال كان الموضوع الأكثر تفضيلا لدي الأعضاء، سنقوم في الجزء التالي بتعريف التعلم النقال.

المفهوم الحقيقي للتعلم النقال:

التعلم المتنقل هو تعلم مثير يوفر العديد من الامكانيات المتكاملة، ولكن في الحقيقة هل يدرك الكثير مفهوم التعلم النقال؟ الكثير يتحدث عن التعلم النقال ولا يدرك المعنى الحقيقي له وفي المقابل الكثير منا يمارس التعلم النقال دون أن يعي ذلك.

سأطرح هنا ثلاثة سيناريوهات:

• فكر في هذا. أنت في المنزل، في وقت متأخر من الليل، أخرجت جهازك اللوحي وبدأت أول لقاء في الدورة التدريبة الخاصة بتاريخ العلوم الإنسانية. في اليوم التالي خرجت في رحلة عمل، وأثناء انتظار الطائرة الخاصة بك، قمت بإخراج جهازك اللوحي وبدأت تستكمل موضوعات الدورة. وأخيرا، في الفندق، قمت بتسجيل الدخول مرة أخرى على الجهاز اللوحي، وانتهيت من الدورة. فهل يكون التعلم المتنقل هذا؟

• دعونا نغير الوضع قليلا فقط. أنت في المنزل، في وقت متأخر من الليل، بدأت دورة على الكمبيوتر في المكتب الخاص بك. في اليوم التالي كان عليك أن تخرج في رحلة عمل، وأثناء انتظار الطائرة الخاصة بك، ذهبت إلى الصالة المزودة بأجهزة الحاسوب وعدت تستكمل الدورة. وأخيرا، في الفندق، قمت بتسجيل الدخول مرة أخرى على جهاز كمبيوتر في مركز رجال الأعمال وبالفعل قمت بالانتهاء من الدورة. فهل يكون التعلم المتنقل هذا؟

• وماذا لو كنت أخذت دورة على أجهزة مختلفة، وقمت بالدخول في مرات مختلفة باستخدام جهاز لوحي، ومرات أخرى على الهاتف النقال وفي مرات عديدة قمت بالتسجيل والدخول مستخدما جهازك الحاسوب المكتبي الخاص بك؟ فهل يكون التعلم المتنقل هذا؟ فكر قليلا في إجابة السؤال المتمحور حول ماهية التعليم النقال وراجع السيناريوهات التي تم طرحها. الجواب على كل هذه السيناريوهات هو "نعم". فهذه السناريوهات كلها أمثلة على التعلم النقال. حقيقة أنه في السيناريو الأول كنت تستخدم جهاز الهاتف النقال وفي الثانية كنت تستخدم جهازا ثابتا، وفي السناريو الثالث استخدمت أجهزة متعددة، كل هذا أمر ثانوي عندما تعرف أن التعلم النقال هو تعليم ينتقل معك أينما كنت وهو تعليم متوفر عند الطلب، ويمكنك إنجازه أينما كنت وعلى أي منصة تقوم باختيارها.

النظرة الشمولية للتعلم النقال

هناك سوء فهم مشترك بين لتعلم النقال أو التعلم المحمول. فالكثير يعتقد أن هذا النوع من التعليم لا بد أن يتم تلقيه من خلال استعمال الجهاز محمول. لماذا؟ هل نشعر فعلا بالقلق إزاء التعلم من خلال الجهاز المحمول، أو أننا بالتأكيد، نستطيع أن نحقق أكبر قدر من التعلم المتنقل بفضل الحراك المتزايد للأجهزة التي لدينا؟ اليوم هناك حقيقة مؤكدة وهي أن الانتشار المتزايد للحوسبة السحابية بداية لجعل أجهزة معينة أكثر أهمية من غيرها للوصول لمصادر التعلم؛ وهذا مرتبط بزمان ومكان الوصول. وبالتالي فإن الجزء الأول من تعريفنا للتعليم المحمول هو تعلم متاح في أي وقت وفي أي مكان وبغض النظر عن ماهية الجهاز. ربما لدينا وجهة نظر حول التعلم النقال محدودة جدا، ولكن هل يمثل مصطلح "التعلم المتنقل" تحد لنا؟ معظمنا يوافق بالتأكيد أن تقديم التدريب من على منصة متحركة يمكن الوصول إليها في أي وقت وفي أي مكان يقع في إطار الساحة التعليمية المتنقلة. ولكن ماذا عن هذه الحالات:

• انت مرتجل سيارتك وقد تم استدعاءك للذهاب للمصنع الذي تعمل به من أجل مقابلة أحد العملاء بهدف مساعدته في اتخاذ قرار الشراء لمنتج ما تقوم الشركة التي تعمل بها بتصنيعه. وأنت في سيارتك يمكنك الاستماع إلى البودكاست من الرئيس التنفيذي للشركة الخاصة بك حول المنتج. وأثناء اصطحابك العميل لقسم الانتاج، فاجأك العميل بالسؤال حول عملية التجميع، وعلى الفور قمت بتشغيل الفيديو الموجود على جهازك المحمول والخاص بشرح عملية التجميع وتركت العميل يستوضح آلية عملية التجميع. في طابق التجزئة، أنت تشرح للعملاء كيفية الوصول إلى التطبيق على هواتفهم الذكية التي توفر معلومات إضافية عن المنتجات التي يشترونها.

• انت تعمل كفني وقد قمت بإرسال رسالة لزميل في مكان آخر تسأله فيها حول استكشاف الأخطاء وإصلاحها، وبعد لحظات وصلك إيميل يحتوي على التعليمات والخطوات المطلوبة.

• أنت في متحف الفن، تمسح رمز الاستجابة السريعة QR الموجود في الهاتف الذكي الخاص بك، وعلى الفور تصلك معلومات إضافية عن اللوحة التي تشاهدها. أليست هذه الحالات هي أوجه مختلفة للتعلم النقال؟ هل باتت لديك الأن واضحة فكرة التعلم النقال؟ وهل أنت مدرك الآن أن التعلم النقال لا يعنى حتمية استخدام الهاتف النقال كأداة للتعلم؟ وهل أنت مقتنع الآن أن التعلم النقال هو التعلم الذي يلازمك أينما ذهبت وأنه تعلم لا يقتصر على الأهداف الأكاديمية فقط؟