library management & Higher Education blog Naseej Academy Naseej Academy Send Mail

عن مدونة نسيج

تهدف مدونة نسيج الى توفير مساحات تشاركيه تتسع لكل المتخصصين والمهتمين بكل ما هو جديد في مجال المكتبات والتعليم العالي والتعلم عن بعد وتقنيات المعلومات والاتصالات وتقنيات الأرشفة وحلول المعرفة المتقدمة في التعليم العالي، المكتبات، ومراكز الأبحاث.

سجل بريدك الالكتروني هنـا لتصلك أحدث التدوينات

أكاديمية نسـيج على الفيسبوك 
 
 

مقــالات حديثة

المكتبات ما بعد العصر الرقمي: صراعات جديدة وقصص مألوفة

نُـشر بواسطة هيام حايك on 11/02/2016 11:00:00 ص

 libraries-digital-age.jpg

لم يكن الوصول إلى المعرفة يوما حاجة ملحة بقدر ما هي عليه اليوم، المكتبات في خطر لأننا في عصر غوغل وأمازون؛ تناسينا أهمية وجودها، ونتيجة لذلك تحتدم المناقشات في جميع أنحاء العالم حول الميزانية؛ تبدأ التساؤلات حول الغرض من المكتبة في العصر الرقمي! ويصبح الوضع أكثر قسوة عندما تتعالي الأصوات وتتساءل لماذا ينبغي لنا أن ننفق أموال دافعي الضرائب، في الأوقات الاقتصادية الصعبة، على المكتبة عندما يمكن لقرائنا الحصول وعلى الفور على الكثير مما يحتاجون إليه من الإنترنت؟ في الوقت الذي توجد فيه جهات متعددة بحاجة لهذا التمويل مثل الصحة والشرطة والمدارس وغيرها من الخدمات التي تقع تحت مسئولية الحكومات المحلية؟

ومما يزيد الأمر سوءا، في كثير من الأحيان نجد أن المسئولين وأصحاب القرار في المجالس البلدية والجامعات والمدارس والذين يناصرون وجود المكتبات وتمويلها ليسوا على استعداد للإجابة فيما إذا كانت المكتبات لازمة أم لا !!!!

ونحن هنا ومعنا جميع المناصرين لوجود المكتبات نحاول دائما الإبقاء عل هذا النقاش حيا لأن لدينا قناعات راسخة حول أهمية المكتبات بالنسبة لمعظمنا ككيان مهم للحصول على المعلومات، بالرغم من أن معظم المعلومات اليوم يمكن الوصول إليها بسهولة في شكل رقمي، من خلال أجهزة الحاسوب أو الهواتف الذكية. كم مرة في الآونة الأخيرة كان لديك نقاش مع أحد الأصدقاء، إلا أن حل النزاع كان يتم في غضون ثوان وببساطة عن طريق سحب جهاز محمول للبحث عن المعلومات حول الموضوع المختلف عليه؟

 اليوم معظم المعلومات التي نحتاجها في حياتنا اليومية يمكننا الحصول عليها في شكل رقمي، إلا أن هذا لا يعني انقراض وموت الكتب والمجلات، وأقراص الفيديو الرقمية على العكس من ذلك. في أماكن مثل المكتبة العامة في بوسطن التي أعيد تصميمها، بحيث أصبحت المنشورات الشعبية والمواد الإعلامية المادية الشكل تنتشر بسرعة من المساحات البارزة على مقربة من مدخل المبنى. القضية المهمة هنا هي أن عادات الناس التي درجوا عليها لالتقاط المعرفة خضعت لتغييرات جوهرية دفعتها نحو بحر من الرقمية. تحاول المكتبات خدمة مجموعة واسعة من الزبائن في العديد من نقاط مختلفة على طول منحنى التكيف "adoption curve" من خلال الجمع ما بين المواد الغير رقمية من جهة والرقمية في الطرف الآخر. كما أن المكتبات تتنافس على نحو متزايد مع المؤسسات التجارية التي تقدم مكانا للجميع مزودا بخدمة الاتصال اللاسلكي مجانا بالإنترنت ، مثل ستاربكس. في خضم كل هذا التغيير، تضطر المكتبات بكافة انواعها لتجيير القضية لصالحها. والمشكلة هي أن المكتبات لكي تستطيع المنافسة تحتاج إلى توفير كل المواد والمساحات المادية وكذلك أحدث الخدمات الرقمية.

وجهات النظر حول ما تقدمه المكتبات هي رؤية مستمدة من فكر نمطي متغلغل داخل المعظم منا، مما يجعل من مهمة أنصار المكتبة أكثر صعوبة في ظل واقع يقول أن معظم المعرفة يمكن الوصول إليها في أشكال رقمية، على أجهزة يمكن حملها في أي مكان؛ ويفتح بابا للتساؤل حول الغرض من الحفاظ على المساحات المادية إذا كان الإنترنت هو نقطة الوصول الأولية لهذه المعلومات وهل المكتبات وأمناء المكتبات عفا عليهم الزمن في العصر الرقمي؟ ولمن يقدمون الخدمات وكيف؟

جوانب مشرقة على امتداد تاريخ المكتبات

تقول Amy E. Ryan رئيسة مكتبات بوسطن العامة: ما يجب أن نؤكد عليه هنا أن المكتبات هي أكثر من تلك المراكز المجتمعية، التي تقدم الإجابة على الأسئلة التي يمكن أن يجيب عليها جوجل بسهولة. فمنذ افتتاح مكتبة بوسطن العامة BPL عام 1848 كأول مكتبة عامة، حتى وقتنا الحاضر والذي شهد التوسع في المكتبات العامة في جميع أنحاء أمريكا من خلال مكتبات كارنيجي، كانت المكتبة بمثابة مؤسسة أساسية لنجاح ديمقراطيتنا. 

توفر المكتبات الوصول إلى المهارات والمعارف اللازمة لأداء أدوارنا كمواطنين نشطين. المكتبات أيضا تعمل كمؤسسات أساسية تحقق التوازن في مجتمعنا. فعلى مر الزمن كانت المكتبات متواجدة في معظم المجتمعات، وحيث يعمل أمناء المكتبات المدربون الذين يبقون على حقيقة أن وصول الأفراد إلى ثقافتنا المشتركة لا يمليه امتلاك المكتبات للكثير من الأموال.

أدوار استثنائية للمكتبات

بالنسبة لكثير من المواطنين، المكتبات هي المكان الوحيد حيث المعلومات التي يحتاجون إليها للمشاركة في الحياة المدنية وهي متوفرة مجانا، الأمر الذي لا يتطلب شيئا أكثر من القليل من الوقت للذهاب للمكتبة. غرفة القراءة للمكتبة العامة هي المكان الذي يوجد فيه الصحف اليومية والمجلات الإخبارية أسبوعية، والأفلام الوثائقية. في كثير من المجتمعات، قاعة المحاضرات العامة في المكتبة هي المكان الوحيد لسماع المرشحين للمناصب ومقارنة وجهات النظر أو الأساتذة الزائرين الذين يشرحون الكثير من الموضوعات التي تهم المجتمع مثل تغير المناخ، والهجرة، أو خلق فرص العمل. تلك الغرفة نفسها في كثير من الأحيان هي المكان الوحيد لطفل من عائلة لا تمتلك الكثير من الأموال والذي لا يستطيع أن يذهب لرؤية قراءة درامية أو مشاهدة مسرحية شكسبير. الديمقراطيات يمكن أن تفعل فقط في حال كان جميع المواطنين على قدم المساواة في الحصول على المعلومات والثقافة التي يمكن أن تساعدهم على اتخاذ خيارات جيدة، سواء في صناديق الاقتراع أو في جوانب أخرى من الحياة العامة.

she-who-dares-wins-women-in-technology-discover-the-difference-20-638.jpg

اختفاء المكتبات وأثره على الديمقراطية:

المكتبات هي المؤسسات الديمقراطية الأساسية اليوم، تماما كما كانت في القرن التاسع عشر. المساعدة التي تقدمها المكتبات وأمناء المكتبات هي شريان الحياة للجمهور الذي يحثهم على المشاركة. هذا الدور للمكتبات كما هو مهم في المدن الكبرى مثل القاهرة او الرياض أو نيويورك هو بنفس القدر من الأهمية وربما أكثر في البلدان الصغيرة. فمع تزايد نمو المكتبة العامة في أواخر القرن التاسع عشر كانت المكتبات في البلدان المتقدمة هي المكان المفتوح الذي يقصده أي مواطن لتحقيق المصالح الحضارية الخالية من التكلفة.

اختفاء المكتبات التي نعرفها من شأنه أن يؤثر على الطريقة التي يتم بها تعليم أطفالنا ويحرمهم فرصة التعرف على بلدهم وتاريخهم، فما توفره المكتبات من الأماكن العامة وحيث يستطيع الناس أن يتجمعوا ويتبادلوا التراث الثقافي والعلمي المشترك لخلق المعرفة هو السبيل للحفاظ على السجل التاريخي لمجتمعاتنا وحياتنا. عدم الاستثمار في المكتبات خلال هذه الفترة الانتقالية يعرض كل هذه المهام الأساسية للخطر في الوقت الذي نحن في أشد الحاجة إليها.

ملامح المستقبل والخروج من النفق

المضي قدما للأمام ليس بالطريق الغامض بالنسبة لكثير من أمناء المكتبات وقادتها. فهناك الكثير من القادة الملهمين مثل "إيمي ريان" وفريقها في المكتبة العامة في بوسطن الذين رسموا ملامح فريق الانتقال وساروا بمكتبتهم إلى الأمام من خلال بذل الجهود التي أسفرت على حصولهم على منحة قدرها 25 مليون دولار مكنتهم من إعادة تصميم مكتبة المدينة ضمن خطة إبداعية اتخذت العديد من الخطوات الجريئة والتي بإمكان الجميع الاطلاع عليها في المقال المنشور حول ذلك في يونيو الماضي في مجلة المكتبات.

المفتاح للخروج من النفق كما تري "إيمي" هو في غاية البساطة، فهي ترى أن التركيز على وسائل الإعلام الرقمية والإنترنت لا يعني التراجع. وانطلاقا من هذا المنظور يمكن لأنصار المكتبة إيجاد واستغلال الطرق التي تجمع الرقمي والغير رقمي معا وبحيث تجعلها تعزز بعضها البعض. الإنترنت ووسائل الإعلام الرقمية تمكن أنواع جديدة من الخدمات التي تحدث فرقا حقيقيا لجميع مستخدمي المكتبة: على سبيل المثال، يمكن أن يجد أمناء المكتبات، دون أي تكلفة، مواد تفاعلية تجمع بين الوثائق التاريخية الأصلية وتسجيلات لاجتماعات حديثة ذات صلة بهذه الوثائق التاريخية ومن ثم توظيف هذه المواد لإثراء النقاشات والمناظرات واللقاءات المجتمعية. المكتبات تصبح أكثر حيوية عندما تقدم معلومات مثيرة لجمهورها وعندما يساعد العاملون في المكتبات الآخرين على خلق معنى للمعلومات الهائلة على الإنترنت، وجعلها ذات صلة مباشرة لحياتهم.

الرقمي والغير رقمي في علاقات تبادلية

نحن بحاجة إلى كل المكتبات المادية والمكتبات الرقمية اليوم. المساحات المادية والمنصات الرقمية على حد سواء سوف تلعب دورا أساسيا في توفير سبل الوصول إلى المعرفة في مختلف أنحاء العالم في المستقبل القريب. إذا كنا لا نحتفظ بالمكتبات المادية، فسوف نفقد بالتالي الأسس العامة والفضاءات الفكرية في مجتمعاتنا، والأماكن التي يجتمع فيها الناس وجها لوجه، المكتبات المادية والرقمية مترابطة: كل منهم يمكن أن يجعل الآخر أكثر فعالية وقيمة، لذا لا يوجد هناك داع للتخوف من سيطرة ما هو رقمي، ففي مكتبة فورست هيلز Forest Hills قد لا تكون قادراً على العثور على مقعد بعد ظهر يوم السبت. العديد من الزوار من مختلف الأجناس والأعمار يجلسون بشكل متلاصق بين محطات الحاسوب. هناك كتب أيضا، على طاولات ورفوف الكتب المنخفضة التي تبطن الجدار، ولكن العين لا تذهب إلى الكتب في الغرفة. كل ما سوف نلاحظه هو أن معظم الزائرين للمكتبة يجلسون على أجهزة الحاسوب. المكان ليس هادئ !! الثرثرة تملأ الغرف المزدحمة وهي ثرثرة صحية ومنتجة وحيوية، الأجواء المتغيرة في المكتبات لا تعني نهايتها، فالمكتبات العامة، فضلا عن المكتبات المدرسية والجامعية، تتغير من حيث قواعد الاستيعاب وطرق وصول الناس إليها وطرق الوصول إلى المعلومات وكيفية استخدامها...

 اليوم المساحات في المكتبات غالبا ما تكون نابضة بالحياة كما أن العديد من المكتبات تسجل أرقاما قياسية في الحضور، وتداول المواد، وتوفير سبل الوصول إلى الأفكار والأحداث.

bethlehem-library-interior-5bfa757efe407e1c.jpg

الحاجة إلى الوصول إلى المعرفة لم تكن أبدا أكبر مما هي عليه اليوم. وعلى الرغم من أنه لا يشكك أحد في أن الوصول إلى المعرفة شيء جيد في المجتمعات الديمقراطية الحديثة، فهناك مشكلة توزيع تلك المعرفة بشكل غير متساوي. المكتبات، وأمناء المكتبات يمكن أن يكونوا جزءا أساسيا من حل هذه المشكلة حال وجدوا الدعم وتم دفعهم للابتكار والبعد عن النمطية وتكرار أنفسهم.

العشرات من الحكومات تعمل جنبا إلى جنب مع مجموعات كبيرة من أمناء المكتبات على تطوير نطاق وطني لمنصات المكتبات الرقمية، وخاصة في أوروبا وشرق آسيا، والولايات المتحدة. تطوير منصات المكتبات الرقمية من المشاريع الضخمة التي تأخذ بعض الوقت لتؤتي ثمارها، ولكن هناك شيء واحد واضح، وهو أن المكتبات بالفعل تهتم بالابتكار وتبحث عن طرق متعددة لتتمكن من مد الخدمات لجمهورها. مهمتنا الأساسية الآن كمواطنين ورعاة للمكتبات لابد أن تكون أكثر تركيزا حول تقديم الدعم لها في جهودها التي تبذلها حتى تتمكن من أداء دورها الأساسي في مجتمعاتنا، فمما لا شك فيه أن المكتبات في طريقها إلى أن تصبح المنظمات الشبكية التي يمكن أن تزدهر في السنوات القادمة.