"لقد غيرت شبكة الإنترنت كل شيء ". عبارة بسيطة لكنها تدل على كيفية تطور العالم من خلال آليات ناشئة تعمل من أجل التواصل والتعاون والشراكات على الصعيد العالمي.

يقول Michael Stephens أستاذ علم المكتبات والمعلومات في جامعة ولاية سان خوسيه San Jose State University مثل هذه العبارة والأفكار كثيرا ما أستخدمها في محاضراتي وكتاباتي وهي أصبحت جزءا لا يتجزأ من نموذج متطور لخدمات المكتبة يركز على الفرص التي تعزز انخراط المستخدم في عملية التعلم، والاستفادة من تكاليف التكنولوجيات التي تدعم الشبكة.

نموذج مكتبة الارتباط التشعبي The hyperlinked library

نموذج مكتبة الارتباط التشعبي The hyperlinked library هو عبارة عن توليفة من البيانات التي تم جمعها من خلال الاتجاهات الاجتماعية الناشئة والتقارير البحثية الاجتماعية والتقنية من قبل مركز Pew Internet وAmerican Life وOCLC وEDUCAUSE، بالإضافة إلى كتابات من العديد من المؤلفين مثل هنري جينكينز Henry Jenkins وديفيد وينبرغر David Weinberger ودوغلاس توماس Douglas Thomas، جون سيلي براون John Seely Brown.

يشير Michael Stephens إلى أن نموذج "مكتبة الارتباط التشعبي The hyperlinked library ولد كنتيجة للتطور المستمر للمكتبات وخدمات المكتبة، حيث التوسع والازدياد للأفكار والتقنيات الناشئة أخذت المكتبات في اتجاهات غير متوقعة. المكتبة المتطورة ليست فكرة جديدة، حيث كان هناك الكثير من الحديث منذ سنوات حول "المكتبة غير المحدودة وذات الطابع دوري" ... هذه الأفكار حول المكتبة المتطورة هي اليوم بنفس القدر من القوة كما كانت عليه المكتبة التي وصفها جورج لويس بورخيس Jorge Luis Borges في كتابه "مكتبة بابل" في عام 1941 حيث لا حدود للمكتبة ويمكنك البحث فيها عن أي موضوع او عبارة تريدها...

يعتمد العمل في مكتبة الارتباط التشعبي على أفكار ومفاهيم واتجاهات المشهد الاجتماعي التقني. وتتطلب من أمناء المكتبات فهم وإدراك ما يلي:

 ■ المكتبة في كل مكان - فهي ليست مجرد مبنى أو مساحات افتراضية.

■ التشابك يؤدي الي تقويض الهياكل التنظيمية القائمة.

 ■ ينبغي أن تكون مؤسساتنا أكثر تفاؤلا وقائمة على الفريق.

 ■ يجب أن تكون الخدمة السلسة متاحة في جميع قنوات التفاعل.

■ يجب أن نصل إلى جميع المستخدمين، وليس فقط أولئك الذين يأتون من خلال أبوابنا.

■ خدمات المعلومات الأكثر حداثة، يجب أن تكون في متناول الجميع.

■ الطريق إلى الأمام سيدفع دائما الي التطور.

■ حتما، سيكون هناك دائما قدر من الفوضى.

يستخدم أمين مكتبة الارتباط التشعبي الطرق التالية:

• جمع الأدلة من جميع الأنواع لاتخاذ القرارات
• اكتشاف الاتجاهات التي تؤثر على الخدمة وتغيير سلوك المستخدم
• دمج ما هو جديد بالمكتبة بالقيم والمبادئ الأخلاقية الأساسية
• العمل على توفير فرص خلق خبرات التعلم وإشراك الخدمات القائمة على المعلومات

يمكننا العمل على التغيير، سواء على مستوى الأساليب التقليدية أو أكثر الأساليب الفوضوية، وبغض النظر عن ذلك، يجب على أمناء المكتبات في المستقبل أن يفهموا أن البيئة الحالية تتطلب معالجة قضايا متعددة الجوانب في وقت واحد. أهم طريقة للتعامل مع التغيير بكياسة تتم من خلال الممارسة العاكسة.

نحن عادة ما نأخذ وقتا للتفكير في بيئتنا وظروفنا، والقرارات التي نتخذها، ولكن من الأجدى أن نكون أكثر انفتاحا على الأفكار الجديدة ونستعد لاتخاذ إجراءات بشأن تلك الأفكار. وبينما نسعى إلى إحداث التغيير، علينا أن نكون حذرين وألا نترك الوضع الراهن كما هو، أو التذرع بالأعذار الواهية مثل، عذر عدم وجود الوقت الكافي يعيقنا عن التقدم.

وضع هذه الممارسة موضع التنفيذ يتطلب التأمل والتفكير. وعلى الرغم من أن تغيير الوضع الراهن أمر صعب، يجب أن تتطور مكتباتنا لتلبية تفضيلات المستخدم. وقبل كل شيء، يجب أن يكون أمناء المكتبات الذين يدخلون الساحة ذات الارتباط التشعبي فضوليين ومبدعين.

أفكار خارجة عن المألوف

يقول Michael Stephens والذي عمل على تطوير نموذج مكتبة الارتباط التشعبي: " خلال محادثة هاتفية مع زميل قدير يدير مكتبة جامعية، ناقشنا عملية التوظيف. وقد أشار زميلي إلى ضرورة العمل الجاد على تبسيط التوظيف والميزانيات بسبب النقص المالي، مع الاستمرار في وضع خطة استراتيجية ترتكز على إيجاد فضاءات للمعلومات وتعاون مفيد للجسم الطلابي. سألت السؤال الذي أسأله دائما عندما أتحدث إلى شخص يوظف أمناء المكتبات الجدد: "ما هي المهارات والقدرات غير التقليدية التي يجب أن يتمتع بها أمين مكتبة جديد؟" أجاب "أريد من يذهبون إلى المخاطرة. . . المبتكرين. . . المبدعين . . . أنا لا أريد شخصا يخشى اتخاذ خطوة أو اتخاذ قرار دون الحصول على إذن."

التفكير الاستراتيجي والتخطيط

 مع انخفاض الميزانيات وزيادة استخدام المكتبة، يحتاج طلبة علم المكتبات ﻭﺍﻟﻤﻌﻠﻮﻣﺎﺕ إلى أساس متين في إدارة المشروع والتخطيط له. بصراحة لا يمكن أن نتذكر الكثير من المواد التي تم تكريسها للتخطيط الاستراتيجي، والتقنية، أو الخطط طويلة المدى التي تدرس في كلياتنا

كما يري  Michael Stephensأن معظمنا لا يتذكر إلا مشهد الكتب المرجعية التي يجري شرحها في الفصول الدراسية واحدا تلو الآخر. هذا الوقت الذي يتم استنفاذه في الفصل في شرح الكتب المرجعية لربما كان من الأفضل أن ننفقه في وضع نماذج لخطط التخلص التدريجي من جزء من المراجع المطبوعة لدينا والخروج بخطة لاكتساب وتأجير ودفع الموارد على الإنترنت. وأعتقد أن البرامج المستمدة من مدارس الأعمال والإدارة العامة ستكون ملائمة تماما للطالب الذي سيكون قريبا أمين المكتبة.

يحتاج طلابنا إلى امتلاك خلفية مناسبة حول العديد من المفاهيم مثل صنع القرار، والحشد والمناصرة، والموارد البشرية، والإدارة، وإدارة المنظمات غير الربحية. ومع تغير هياكل التوظيف، يمكن أن يطلب من أمين المكتبة المعين حديثا تولي الإدارات أو المشاريع. كيف يمكن لمعلمي برامج علم المكتبات ﻭﺍﻟﻤﻌﻠﻮﻣﺎﺕ خلق مشاريع عملية لتعزيز هذه القدرات الهامة؟ قد يكون من المفيد خلق مهام مثيرة لاهتمام للطلاب، على سبيل المثال: إعطاء مجموعة من الطلاب خطة تعثرت منتصف الطريق، والطلب منهم استكمالها وجعلها خطة قابلة للتنفيذ... وهكذا

لابد من وضع طلابنا على المحك وتحفيزهم على التفكير والإبداع ومواجهة الصعاب والبحث عن الحلول التي تتطلب الانطلاق خارج الصندوق الذي حصرنا فيه أفكارهم من خلال تعليم تقليدي لم نفكر في تغييره جديا، ليكون ملائما للعصر الذي نعيشه...

الإبداع والابتكار

التفكير والتخطيط مهمان ولكن الابتكار والإبداع لهما نفس القدر من الأهمية. قد يكون من المهم الاستعانة بكتاب عقل كامل جديد: لماذا سيحكم المبدعون المستقبل وهو كتاب للكاتب Daniel Pink  يفترض الكتاب أن مستقبل العمل العالمي ينتمي للمبدعين (الذين يفكرون بالجهة اليمنى من الدماغ) حيث استغل دانيال بينك مقدمة كتاب عقل جديد كليا لتسليط الضوء على أهمية التفكير في الدماغ الأيمن. يقول دانيال أن الجهة اليسرى من الدماغ تركز على الأعمال المنطقية وإن كان هذا ضروريا في العمل المهني إلا أن العمل الإبداعي هو ما يبقى بعد الاستعانة بمصادر خارجية وتحويل العمل المتكرر إلى أجهزة الحاسوب. ويؤكد دانيال أيضا على أهمية التعاطف وقوة القصة لتحويل المنتجات والخدمات. ويمكن أن تأتي الحلول للمشاكل المشتركة عندما يستفيد المكتبين من إبداعهم وابتكاراتهم.

المحاضرون في أقسام المعلومات والمكتبات يمكنهم بالفعل بناء المزيد من العقليات المبدعة من خلال ممارسات التدريس. حيث يمكنهم دفع الطلاب من خلال بعض المهام والتعيينات للعمل على تنشيط الدماغ الأيسر ومنحهم حرية الحق في استكشاف أفكار جديدة. من الجيد أن يفكر المعلمون في الممارسة المهنية الخاصة بهم وأن يتساءلوا إن كانت هذه الممارسات هي بالفعل التي تخرج طلاب مبدعون قادرون على التفكير بشكل غير نمطي. "أعتقد أنه من السهل على الطلاب أن يسقطوا في منطقة الراحة" comfort zone " في مرحلة معينة كما هو الحال بالنسبة لأمناء المكتبات. نحن تعتاد على الحضور إلى الصف، والاستماع إلى المحاضرات، وكتابة الأوراق، وما إلى ذلك، ولكن هذه ليست دائما أفضل الطرق للتعلم.

التركيز على القلب والذات

يقول Michael Stephens أنا كمعلم أمارس الثقة الأصيلة. ليس عندي مانع لو اطلع طالب على بريده الإلكتروني!!! وليس لي في ممارسة تكتيكات التخويف للتأكد من أنهم يقومون بالمهام التي تطلب منهم، إنهم كبار!!

في استكشاف فكرة الخوف كآلية للتعلم، يري سيث غودين Seth Godin أنه بدلا من "ساحات المعركة القائمة على الخوف، والاختبار، يمكن تنظيم الأمور بسهولة في الفصول الدراسية لتشجيع التشكيك والتساؤل والتفكير نحن في حاجة ماسة لهذا النوع من التفكير وحيث يتشرب الطلاب القلق والطمأنينة والبحث عن الأفضل عــلى المســتوى الفردي كحالة إبداعية حاضــنة، تشكل شخصيات جديدة لأمناء مكتبات يستثيرهم البحث عن الحلول، قد يكون الفكر الغير تقليدي نوعية ومعيارا يعتمد عليه أرباب العمل عند اختيار موظفيهم في المستقبل. فنحن لا نريد أن يحفظ الطلاب الحقائق فقط، بل نريدهم أن يفكروا ولا يقبلوا الأشياء على علاتها...

يستطرد Michael Stephens الحديث حول تجربته في مجال التعليم قائلاً: " أنا لا أعطي الامتحانات ولكنى أركز بدلا من ذلك على الكتابة والتفكير الشخصي حول ممارسات المكتبات. أعتبر أقوى أوراق للطلاب هي تلك التي تتخذ طابع شخصي أو إنساني، والتي تحكي القصة كوسيلة لإظهار فهم المواد الدراسية. في نهاية المطاف أريد من الطلاب في قسم المكتبات والمعلومات أن يفهموا ما يعني أن تكون في مهنة تقدم الخدمات. وماذا يعني أن تكون أمين مكتبة جيد ومبتكر قادر على اتخاذ موقف إنساني تجاه السياسة وصنع القرار والتجريب. وهذا يعني التركيز على القلب."