library management & Higher Education blog Naseej Academy Naseej Academy Send Mail

عن مدونة نسيج

تهدف مدونة نسيج الى توفير مساحات تشاركيه تتسع لكل المتخصصين والمهتمين بكل ما هو جديد في مجال المكتبات والتعليم العالي والتعلم عن بعد وتقنيات المعلومات والاتصالات وتقنيات الأرشفة وحلول المعرفة المتقدمة في التعليم العالي، المكتبات، ومراكز الأبحاث.

سجل بريدك الالكتروني هنـا لتصلك أحدث التدوينات

أكاديمية نسـيج على الفيسبوك 
 
 

مقــالات حديثة

تطوير تجربة المستخدم وتحسين خدمات المكتبة باستخدام الذكاء الاصطناعي

نُـشر بواسطة هيام حايك on 03/03/2024 06:49:00 م

 

في سياق عالمي تسود فيه التقنيات الرقمية كل جوانب الحياة وتتغلغل في مختلف القطاعات والمجالات، تشهد المكتبات تحولاً كبيراً في كيفية تقديم خدماتها. فالمكتبات لم تعد مجرد مساحات تحتضن الكتب على الرفوف وتوفر الهدوء في قاعات القراءة، بل تحولت إلى مراكز ديناميكية لنشر المعرفة، حيث تقدم مجموعة واسعة من الموارد والخدمات لتلبية الاحتياجات المتنوعة للمستفيدين. ومع تزايد حجم المعلومات والطلب على الوصول الفوري، تواجه المكتبات التحدي المتمثل في مواكبة متطلبات العصر الرقمي، ولكن المهتمين والخبراء في مجال الذكاء الاصطناعي، يرون أن الذكاء الاصطناعي (AI) يقدم حلولاً واعدة لتعزيز كفاءة وفعالية خدمات المكتبات. في هذا المقال، سنستعرض عدة آليات يمكن من خلالها استخدام الذكاء الاصطناعي لتحسين أداء المكتبات وتعزيز قدراتها على تلبية احتياجات الجمهور بفعالية أكبر.

تحسين نظام البحث والاستكشاف:

يتطلب زيادة حجم المعلومات وتنوعها وتزايد الطلب على الوصول الفوري إلى الموارد الرقمية نظم بحث دقيقة وفعالة لتلبية احتياجات المستخدمين. من خلال استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي مثل تحليل اللغة الطبيعية والاستدلال الذكي، يمكن تطوير نظم بحث تتفاعل بشكل أكثر دقة وفاعلية مع احتياجات واستفسارات المستخدمين. على سبيل المثال، يمكن لتطبيق تحليل اللغة الطبيعية فهم أسلوب كتابة الاستفسارات وتحليل مضمون النصوص، مما يمكن النظام من توجيه المستخدمين إلى الموارد الصحيحة بناءً على معرفته الفعلية لاحتياجاتهم. كما يمكن استخدام الاستدلال الذكي لتحسين تجربة البحث للمستخدمين، حيث يقوم النظام بتوفير اقتراحات ذكية ومعلومات متعمقة عن النتائج المقترحة. بفضل هذه التقنيات، يصبح بإمكان المستخدمين العثور بسهولة على الموارد المناسبة والمهمة لهم، مما يوفر الوقت والجهد ويعزز تجربة الاستخدام. بالإضافة إلى ذلك، يمكن استخدام الذكاء الاصطناعي لتحسين عمليات الاكتشاف داخل المكتبات، مثل اكتشاف الموارد المرتبطة أو المشابهة لتلك التي يتم البحث عنها، وذلك من خلال تحليل البيانات الكبيرة وتطبيق تقنيات التعلم الآلي.

ومن التطبيقات الرائجة للذكاء الاصطناعي في مجال البحث والاستكشاف تقنية البحث الصوتي، حيث يتم استخدام الذكاء الاصطناعي لفهم اللغة المنطوقة وتقديم نتائج بحث ملائمة، وكذلك البحث عن الصور حيث يقوم الذكاء الاصطناعي بالتعرف على الصور وتحليلها لتقديم نتائج بحث متناسبة.

إدارة المجموعات بشكل أفضل:       

إدارة المجموعات في المكتبات ليست مجرد ترتيب وتنظيم للكتب والمواد، بل تشمل أيضًا التوجيه الاستراتيجي لاقتناء المصادر وتحديثها لتلبية تطلعات واهتمامات الجمهور. يساهم الذكاء الاصطناعي بشكل كبير في تحسين هذه العملية من خلال تحليل استخدام الموارد وتوجيه عملية الاقتناء والتزويد المستقبلية بناءً على هذا التحليل. على سبيل المثال، لنفترض أن مكتبة جامعية تستخدم الذكاء الاصطناعي لتحليل البيانات المتعلقة باستخدام الطلاب والباحثين الكتب والمقالات العلمية . إذا كانت البيانات تشير إلى زيادة في الاهتمام بمجال العلوم الاجتماعية، فإن المكتبة يمكنها استخدام هذه المعرفة لزيادة عدد الكتب والمواد المتاحة في هذا المجال، مما يحسن من تجربة الطلاب والباحثين ويسهم في نجاح أبحاثهم ومشاريعهم الأكاديمية. وفي حال كانت المكتبة تتلقى اقتراحات من الطلاب لاقتناء كتب معينة في مجال محدد، يمكن للذكاء الاصطناعي استخدام هذه البيانات لتوجيه عمليات الاقتناء المستقبلية، وبالتالي يشعر الطلاب بأن أصواتهم مسموعة وأن متطلباتهم تلبى بشكل فعال. كما يمكن لتحليل بيانات المستخدمين أن يكشف عن الفجوات في الموارد المتاحة، مما يمكن المكتبة من تعزيز مجموعتها بموارد جديدة تلبي الاحتياجات المطلوبة، مما يزيد من رضا المستخدمين ويحسن تجربتهم في استخدام المكتبة.

توفير الدعم الافتراضي للمستخدمين:

يتيح الذكاء الاصطناعي للمكتبات إمكانية تقديم دعم فوري يستجيب لاستفسارات المستخدمين ويوجههم بشكل فعال إلى الموارد المناسبة داخل المكتبة. على سبيل المثال، يمكن استخدام روبوتات الدردشة التي تعتمد على الذكاء الاصطناعي للرد على استفسارات المستخدمين في الوقت الفعلي، وذلك على شكل محادثات فورية تجيب عن أسئلتهم وتقدم لهم المساعدة اللازمة، ونرى ذلك بوضوح في استخدام روبوتات دردشة في مواقع الويب الخاصة بالمكتبات، حيث يمكن للمستخدمين طرح أسئلتهم والحصول على إجابات فورية دون الحاجة إلى التواصل المباشر مع موظفي المكتبة. يتم تدريب هذه الروبوتات على فهم مجموعة متنوعة من الاستفسارات وتقديم إجابات دقيقة ومفيدة للمستخدمين، مما يساعدهم في العثور على المعلومات التي يحتاجون إليها بسرعة وسهولة.

بالإضافة إلى ذلك، يمكن استخدام الذكاء الاصطناعي في توفير دعم افتراضي للمستخدمين من خلال تقديم توجيهات شخصية وتوصيات مخصصة. على سبيل المثال، يمكن للمكتبة استخدام الذكاء الاصطناعي لتحليل تاريخ استخدام المستخدمين واهتماماتهم وبناءً عليها، يتم تقديم توصيات للكتب أو المواد الأخرى التي قد تثير اهتمامهم وتفي بحاجاتهم البحثية بشكل أفضل.

تعزيز إمكانية الوصول والشمولية:

تعتبر إمكانية الوصول والشمولية أحد الجوانب الأساسية التي يسعى إليها العديد من المكتبات لضمان تقديم خدماتها لجميع فئات المجتمع، بما في ذلك ذوي الإعاقة. يمكن استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي لتحسين وتعزيز الوصول والشمولية، وذلك من خلال تطوير أدوات وتطبيقات تمكن الأشخاص ذوي الإعاقة من الوصول إلى الموارد المكتبية بسهولة وفعالية. من بين هذه الأدوات، تقنيات تحويل النص إلى كلام، حيث يمكن للمكتبة تطبيق برامج تحويل النصوص المكتوبة إلى كلام مسموع بواسطة الذكاء الاصطناعي. على سبيل المثال، يمكن لشخص يعاني من صعوبة في قراءة النصوص المكتوبة استخدام تطبيقات القراءة الصوتية التي تعتمد على الذكاء الاصطناعي لتحويل النصوص إلى كلام مسموع بشكل واضح وسلس. أما بالنسبة للأشخاص ذوي الإعاقة البصرية، فيمكن استخدام تقنيات التعرف على الصور لمساعدة الأشخاص ذوي الإعاقة البصرية على الوصول إلى المواد المكتبية التي تحتوي على محتوى مرئي.

من ناحية أخرب، يعد استخدام أدوات الترجمة الآلية المدعومة بالذكاء الاصطناعي أحد السبل الفعّالة لتوفير المواد المكتبية بصورة مترجمة إلى لغات مختلفة، مما يسهل على جمهور واسع الوصول إلى المعرفة والمحتوى بغض النظر عن لغتهم الأصلية. تعتمد هذه الأدوات على تقنيات تعلم الآلة ومعالجة اللغة الطبيعية لفهم وترجمة النصوص بشكل دقيق وفعال. هذا ويمكن استخدام هذه الأدوات في ترجمة المحتوى الرقمي على الإنترنت، مثل المقالات الإخبارية والمدونات والمواقع الإلكترونية، لتوفير معلومات مترجمة للقراء من جميع أنحاء العالم. على سبيل المثال العملي، تُستخدم خدمات الترجمة الآلية المدعومة بالذكاء الاصطناعي مثل Google Translate وMicrosoft Translator على نطاق واسع لتوفير ترجمات دقيقة وسريعة للمواد المكتبية.

هذه التقنيات المدعمة بالذكاء الاصطناعي تسهل عملية الوصول إلى موارد المكتبة لجميع فئات المجتمع، بما في ذلك ذوي الهمم، وبالتالي تعزيز تجربتهم في استخدام المكتبة واستفادتهم من خدماتها بشكل كامل ومتكامل.

الحفاظ على المواد المكتبية ورعايتها:

تقدم تقنيات الذكاء الاصطناعي حلولاً مبتكرة وفعالة لمراقبة وصيانة المواد المكتبية بطرق لم تكن ممكنة في الماضي. أحد الطرق التي يستخدم فيها الذكاء الاصطناعي هو استخدام أنظمة الرؤية الحاسوبية للكشف عن التلف في المواد المكتبية وإصلاحه، حيث يمكن للبرمجيات المدعومة بالذكاء الاصطناعي أن تحلل الصور للكشف عن أي علامات على التلف أو التدهور في المواد المكتبية، مثل الكتب والمخطوطات والصور الفوتوغرافية. ومن ثم، يتم اتخاذ الإجراءات اللازمة لإصلاح الضرر، سواء عن طريق تطبيق إصلاحات مباشرة أو إعادة التأهيل. كما يمكن استخدام أنظمة الذكاء الاصطناعي للتنبؤ بمدة بقاء المواد المكتبية في حالة جيدة. يعتمد هذا النوع من التنبؤ على تحليل البيانات التاريخية حول حالة المواد المكتبية والظروف التي تعرضت لها، مثل درجة الرطوبة ودرجة الحرارة والتعرض للضوء. بناءً على هذه البيانات، يمكن لأنظمة الذكاء الاصطناعي توقع متى يمكن أن تبدأ المواد في التدهور وبالتالي يمكن للمكتبات اتخاذ الخطوات الوقائية المناسبة للحفاظ على المواد بشكل أفضل، مثل ضبط درجة الحرارة والرطوبة في البيئة التخزينية أو تطبيق مواد حفظ خاصة.

تحسين أطر التعاون بين المكتبات

يعمل الذكاء الاصطناعي كجسر يربط بين المكتبات ويسهل التفاعل وتبادل المعرفة والخبرات بينهم بطرق مبتكرة وفعالة. على سبيل المثال، يمكن للذكاء الاصطناعي تحليل البيانات الضخمة المتراكمة في المكتبات لفهم أفضل لاحتياجات القراء وتوجيه الاستراتيجيات بناءً على ذلك، مما يؤدي إلى تحسين الخدمات والموارد المقدمة. كما ويسهم الذكاء الاصطناعي في تطوير أنظمة إدارة المعرفة ومنصات التعاون الافتراضية التي تجمع بين المكتبات لتبادل الموارد وتعزيز التفاعل بينها، وتبادل المعلومات حول أفضل الممارسات في تنظيم الفعاليات الثقافية والتعليمية، ويمكنها أيضًا تبادل الخبرات في مجال تطوير البرامج والخدمات الرقمية، وتحديث أنظمة الأتمتة وتبادل الكتب الرقمية وقواعد البيانات، ذلك سيوفر مجموعة واسعة من الموارد للقراء، بغض النظر عن موقعهم الجغرافي.

بالطبع، عند الحديث عن التعاون بين المكتبات، لا يمكن أن نتجاهل الفرص والأطر التي يعززها الذكاء الاصطناعي في مجال مشاركة المكتبات في الأبحاث والمشاريع الاستراتيجية، حيث تمثل تقنيات الذكاء الاصطناعي أدوات قوية لتحليل البيانات وتوليد الرؤى، مما يمكنها من تقديم مساهمات قيمة في مجال الأبحاث وتطوير الاستراتيجيات. يمكن للمكتبات أن تستخدم الذكاء الاصطناعي لفهم احتياجات المستخدمين بشكل أفضل، وتوجيه الجهود البحثية نحو المجالات ذات الأولوية . بالتعاون في المشاريع الاستراتيجية، يمكن للمكتبات أن تضع خططًا لتطوير الخدمات وتحسين البنية التحتية بشكل مستدام، مما يسهم في تحقيق أهدافها بكفاءة أكبر وفعالية أعلى.

في ختام هذا المقال، نعتقد أنه أصبح لديك معرفة حول دور الذكاء الاصطناعي في تحسين خدمات المكتبات وتعزيز فعاليتها في مواجهة التحديات الرقمية الحديثة. وفي هذا السياق نشير الي ورشة العمل التي ستنظمها أكاديمية نسيج في اليوم السابق للمؤتمر والمعرض السنوي السابع والعشرون لجمعية المكتبات المتخصصة - فرع الخليج العربي، تحت عنوان "الذكاء الاصطناعي والمكتبات: اختيار الاستراتيجية الأفضل لمكتبتك". نشجع جميع المهتمين بتقنيات الذكاء الاصطناعي حضور هذه الورشة والاستفادة من النقاشات والتجارب المشتركة التي ستُقدم فيها. إن مشاهدة هذه الورشة ستمنحك فرصة للتعرف على أحدث التطورات في مجال الذكاء الاصطناعي وكيفية تطبيقها بشكل فعال في سياق المكتبات.

Topics: الوصول والإتاحة, الذكاء الإصطناعي, الوصول الرقمي, حفظ وحماية مقتنيات المكتبات ومراكز المعلومات, تحسين تجربة المستخدم, المكتبات الافترضية, إدارة مجموعات المكتبة