كل منا بلا استثناء يسعى إلى أن يحظى بحب وتقدير زملائه ورؤسائه وعملائه في مجال عمله، حيث أن هذا الحب والتقدير من أهم عوامل النجاح. ولذا، نستكشف معا اليوم أهم العوامل التي تزيد من قدر الحب والتقدير، وهل لا بد أن يتغير الشخص من أجل ذلك؟ هل يعتمد الحب على مقومات الفكاهة وروح المداعبة فقط؟ ماذا يفعل الواحد منا إذا لم تلق شخصيته قبولا عند الناس؟
لا بد أن نقرر في البداية حقيقة دامغة وغاية في الأهمية، الأمر هنا لا يتعلق بالثراء أو حسن الطلعة أو جمال المظهر، إنما يعتمد على عوامل أخرى، ألا وهي:
1: عدم الالتزام
سأل أحد الشباب والديه البالغين من العمر 90 عاما عن سبب طول عمرهما متوقعا أن تكون الإجابة: تناول الطعام الصحي، أو ممارسة الرياضة أو غيرها، لكن جاءت الإجابة على خلاف ما يتوقعه تماما؛ ألا وهي الالتزام. عند سؤالهما عن سر الالتزام، رد عليه أبواه قائلين أن: "المسنين الذين يموتون في حوادث السيارات أكثر من أولئك الذين يلقون حتفهم بالأزمات القلبية."
الأهم والأصعب هو أن يحافظ الإنسان على شعوره وسلوكه الإيجابي وأن يكون متفائلا طول الوقت عندما تتأزم الأمور، فعندما يكون المرء إيجابيا ويتخذ موقفا إيجابيا في كل الظروف والأحوال، يكون ذلك ادعى إلى جذب الناس إليه وتشجيعهم على التعامل معه. وعليه، من الأفضل أن يتحلى الشخص بميزة التدعيم الذاتي، فعندما تسيطر الأفكار السلبية على الشخص، يفكر قليلا في مواقف مماثلة آلت إلى نهاية جيدة، ويقوم يوضع الخطوط العريضة لنجاحه في حل مثل تلك المواقف؛ المهم ألا تغيب عن مخيلة الشخص مفاتيح التفاؤل وتوليد الطاقة الإيجابية بداخله.
يلي ذلك إحكام السيطرة على ما يدور بداخل المرء من أفكار، فلا يترك العنان للأفكار السلبية تقتحمه وتهيمن عليه، فالمرء لا يولد بالأفكار أو التوجهات السلبية، إنما تنمو مع من ترك نفسه فريسة لليأس والانزواء. على المرء أن يجرد نفسه من هذا المناخ والتفكير في شيء آخر، وبهذا تبقى موهبة الابتكار والإبداع في حل المعضلات والتعامل مع المواقف في نمو مستمر، وهذا ينمي القدرة على مواجهة التحديات الخارجية.
2: عدم المشاركة والشغف
إذا زاد الشيء عند حده، انقلب إلى ضده، ومن هنا الوسطية أمر مطلوب في كل شيء. الاعتدال في الأمور يحسنها، في حين أن الإفراط أو التفريط ينفر منها، ونحن هنا نتكلم عن القبول لا النفور.
الشغف طبيعة في كل إنسان، فمنهم من يملكه الشغف بأولاده، أو عمله أو آرائه، لكن المعيار هو المشاركة، فكلما كان المرء مشاركا فعالا، كلما كان مثيرا للانتباه وكلما زادت رغبة الآخرين في الالتفاف حوله. وفي سياقنا هنا نقول، أن كل عمل في محيط شركتك يستحق الشغف، ففي كل عمل جوانبه التي يفخر بها القائم عليه وتفخر به الشركة. الأمر كله يحتاج إلى إرادة ورغبة، اقصد شغف!
3: انعدام روح المداعبة
من السهل أن نتحلى بروح المداعبة، لكن الغير مرغوب فيه أن نحلق في سماء المداعبة كالمحترفين، كلنا يحب الضحك، بل أكثر من ذلك؛ كلنا يحوم حول من يجعلنا نضحك.
قد يكون الواحد منا يعمل في بيئة مختلفة، من جهة أنها قد تتسم بالجدية الصارمة لدرجة أنه العاملين لا يجدون أي فرصة في اللقاء أو حتى التواصل خارج نطاق العمل. لكن يبقى هناك جانب لا يمكن أن نغفله، ألا وهو أصحاب هذا العمل يريدونه شيقا ممتعا، وأنهم يوفرون هذا القدر من التشوق والمتعة مما يضمن استمرار العمل بفاعلية وكفاءة، المهم هو أن نجد هذه الفرص بلا ضرر أو ضرار.
ومن نصائح الدعابة، شاهد عملا كوميديا أو موقفا طريفا، وتجاذب أطراف الحديث عنه مع أحد زملائك في العمل، فالعالم وحده من الجدية بمكان مما لا يستدعي أن نضيف إليه ما لا ييسره بل يعقده، فابتهج وحافظ على الابتسامة دائما.
4: افترض سوء النية
حول ما يساورك من شكوك تلقاء تصرفات أي شخص إلى حسن النية، ودع هذا الاتجاه الإيجابي يظهر على قسمات وجهك وتعبيراتك وتصرفاتك.
دائما افترض حسن النية فيمن حولك من الناس، ولا تسارع بالشكوك، ولا تملكك الهواجس. حسن النية له مفعول إكسير الحياة في أغلب المواقف إن لم يكن كلها.
5: النفـــاق
المجاملة سلاح ذو حدين، لأننا عرضة للإفراط في توزيع المجاملات، لأن في واقع الأمر أكثر الناس قبولا وحبا هم المجاملون للآخرين، وبخاصة المخلصين منهم، لدرجة أن المجاملات الكاذبة لها اثر إيجابي على أسماع متلقيها.
من الناس من لم يسمع كلمة مجاملة واحدة في حياته، ومنهم من أفنى حياته يتلقى المجاملات. من السهل جدا أن تجد طريقة ما لمجاملة زميل في العمل أو مجاملة العميل، لكن افعل ذلك بكل عناية وحذر، باختصار جامل كل واحد بما فيه، بمشروع أنجزه، بفكرة قالها، دون إبداء أي تعليق.
المجاملة تعبر عن تقدير الناس، وليس بالضرورة في مجال عملهم، بل تشمل عمق أفكارهم، اهتمامهم، الشركة التي يعملون بها، ما يجيدونه من مهارات، بل وحتى نغمات أصواتهم.
6: الاستسلام للمخاوف
كلنا له مخاوف، فالخوف من طبيعة البشر، لكن الحديث عن هذا الخوف دائما يقتل كثيرا من البشر, وقديما قالوا: "من توقع الموت في كل خطوة، مات قبل أن يقوم من مقامه"، ولذا، حتى تصبح محبوبا مقبولا في عملك، انظر كيف تعبر كما بداخلك.
7: أنت المتحدث الوحيد
خلق الله للإنسان أذنين ولسان واحد، وجعل للسان قفلين: الأسنان والشفتين، ولم يجعل للأذنين أي قفل، وبحسبة بسيطة، الطبيعي أن يتكلم الإنسان ثُمن ما يسمع، فلو سمع المرء 8 كلمات، الطبيعي أن يقول كلمة واحدة فقط، هذه هي الطبيعة التي جبل الله الناس عليها، ما أجمل أن نطبق هذه الطبيعة في العمل.
ينبغي أن يستمع الشخص بوعي، ويدلي بدلوه ملآناً، لا أن يجلس الإنسان سميعا بلا إنصات أو غاية، ومن الآليات التي توضح الفهم والاهتمام المشاركة الإيجابية باللقيمات الراجعة في الحوار، والتي تفيد أنك تنصت وتتدبر. هذه الإنصات يدعم الثقة في النفس، وآلية فعالة للتعلم السريع.
8: عدم المرونة
المقصود هنا مرونة التأقلم لا مرونة الحركة، ليس المطلوب هنا القيام بتمارين التمدد أو الانخراط في جلسة يوجا. المهم أن تقبل القيام بأعمال جديدة، ودراسة آراء الآخرين، وتعلم مهارة جديدة، تلك هي أدوات القبول في العمل. ومن هنا، كلما أبديت استعدادك لقبول التغيير، والتأقلم مع متطلبات العمل الجديدة، كلما كان ذلك ادعى إلى القبول والحب.
9: سوء الخلق
أحسن الناس أخلاقا، أكثرهم حبا وقبولا، والناس بطبيعتهم يتقربون إلى ذوي الأخلاق الحميدة، دماثة الخلق لها ترجمان، ألا وهو اللسان، اللغة التي نتفوه بها تعكس أي نوع من الأشخاص نحن، فكل منا مخبوء تحت لسانه، ولا ضير إطلاقا أن يتعلم الواحد منا من كُبرائه، بل لا بد أن يتعلم كل منا كيف يتعامل مع الآخرين بدماثة وحسن خلق. العلم وحده لا يكفي، فالعلم بلا خلق يورد صاحبه موارد التهلكة.
10: التكّبــر
نقصد هنا التواضع الحق لا المصطنع، وهو مفتاح القبول لدى الآخرين. وحتى يكون التواضع صادقا، لا بد أن نتوقف عن مقارنة أنفسنا بالآخرين، والاعتراف بالأخطاء، إذ أن الكمال لله وحده، ودائما يتطلع منا إلى الأفضل والتعلم من المتفوقين والاعتراف بفضلهم عليه.
إعداد - وليد شحاته
مسؤول إدارة المحتوى - نسيج