نشرت جمعية EDUCAUSE – وهي جمعية غير ربحية تعني بدعم التقدم على مستوى مؤسسات التعليم العالي من خلال الاستخدام الذكي لتقنية المعلومات – بتاريخ 3 يونيو 2013 أهم عشر قضايا خلُص إليها فريق EDUCAUSE IT ISSUES والتي تؤثر على التعليم العالي، وتعكس هذه القضايا الترابط المتزايد بين "القُوى الخارجية" و "الأولويات الاستراتيجية" و "تقنية المعلومات" في مؤسسات التعليم العالي.
على نطاق القوى الخارجية، يرى فريق EDUCAUSE أن الابتكارات التقنية الحديثة وتقنيات التعلم الإلكتروني وبيئات الاستضافة وغيرها تطرح العديد من الخدمات والتطبيقات والخيارات أمام مؤسسات التعليم العالي من أجل توفير وتطوير الموارد الدراسية وإدارتها.
وانطلاقا من اختلاط حدود الأوساط الأكاديمية وامتزاجها مع بقية العوالم الخارجية، كان لزاما على مؤسسات التعليم العالي مراعاة أربعة أولويات استراتيجية ذات صلة وثيقة بقطاع تقنية المعلومات، ألا وهي:
لم يعد توفير جهاز واحد فقط متصل بالإنترنت هو الغاية القصوى التي تسعى مؤسسات التعليم العالي إلى تحقيقها، حيث أن كل طالب الآن يحمل معه إلى الحرم الأكاديمي جهازين على الأقل وفقا لتقرير جامعة أوهايو بالولايات المتحدة الأمريكية، بل إن جامعة Cedarville في الولاية ذاتها تؤكد اتصال أكثر من 9000 جهاز بالإنترنت داخل الحرم الأكاديمي في حين أن أعداد الطلاب والموظفين مجتمعين لا تزيد على 4000، وأظهرت دراسة حديثة قامت بها جمعية EDUCAUSE أنه بحلول خريف 2013، فإن كل طالب سوف يصحب معه إلى الجامعة 3 أو 4 أجهزة على الأقل، مما يؤكد زيادة التوجه نحو شعار "أحضر جهازك" Bring-Your-Own-Device (BYOD)، ومن هنا أصبحت الإشكالية "ليست في توفير نطاق التردد اللاسلكي لاستيعاب هذه الأجهزة فقط، بل التحدي الأكبر هو الكثافة المتزايدة لهذه الأجهزة داخل الحرم الأكاديمي." بحسب Bucth Juelq، نائب الرئيس المشارك للخدمات التقنية بكلية Lone Star.
ولذا فإن هذه القضية تطرح أسئلة ملحة على مؤسسات التعليم العالي من بينها:
ما زالت نتائج الطلاب لها أهميتها القصوى في التعليم العالي، حيث تركز جهات الاعتماد عليها كمؤشر لقياس أداء وفعالية المؤسسة الأكاديمية، وكدليل لقياس نظام التمويل على مستوى المؤسسة والأقسام وأنظمة التعليم فيها، لذا شهد عالم التعلم الإلكتروني تطوير تقنيات حديثة لقياس وإدارة وتحسين نتائج الطلاب، لكن "لا يكفي تحديد الطلاب ذوي الأداء الضعيف أو المهددين بالرسوب، حيث أن النجاح يعني ضمان المتابعة المستمرة من أجل توفير الدعم اللازم للطلاب بغرض حل المشكلات التي تواجههم، وتوجيههم إلى الموارد الهامة واللازمة حتى يحققوا النجاح المنشود" بحسب تأكيدات Morris Beverage، رئيس كلية Lakeland Community College.
ومن أهم التقنيات التي توفرها أنظمة إدارة التعلم LMS- مثل أنظمة Desire2Learn- تحليلات التعلم، والتي توفر منصات قوية لأعضاء هيئة التدريس والإداريين من أجل متابعة تعلم الطلاب، وتحصيلهم ونتائجهم، وإنشاء ملفات التوثيق اللازمة لجهات الاعتماد؛ كما تشتمل تحليلات التعلم على أدوات إضافية من بينها أداة "التوجيه الأكاديمي" حيث يتم إرسال بريد إلكتروني إلى الطالب لإعلامه بأحد مقاييس الأداء الأكاديمي التي مر بها (مثل: الغياب، سوء الأداء في الاختبار، كثرة الأخطاء أثناء محاولات إتقان المادة العلمية وغيرها)، وتدعم أنظمة إدارة التعلم استراتيجيات التنبيه والتدخل المبكر والتوجيه وتوفير صورة مفصلة عن نتائج الطلاب بصفة عامة (مثل: نسبة الاحتفاظ بالطلاب، متوسط الدرجات التراكمي، المثابرة على التعلم، إتمام المرحلة الدراسية، التخرج وغيرها)، ولذا توفر هذه الأنظمة رؤية مبكرة بالمشكلات المحتملة وتحديد مواطن القوة والضعف وفرص تحسين الأداء والجوانب التي تحتاج إلى مزيد من الاهتمام.
لكن هذه الأنظمة لا تعمل بذاتها، بل يقوم عليها أعضاء هيئة التدريس، لذا نجد أن مؤسسات التعليم العالي تولي أعضاء هيئة التدريس اهتماما استثماريا موازيا للاستثمار التقني. ومن بين التقنيات التي تؤثر بصورة مباشرة أو غير مباشرة على نتائج الطلاب خدمات الاستضافة، وموارد التعليم المفتوحة ووسائل الإعلام الاجتماعي مثل: G-mail، Google+، iTunes، Twitter، YouTube وغيرها من الوسائل الأخرى عبر الإنترنت والتي لا يكتفي الطلاب باستخدام ما فيها من مستودعات للمحتوى التعليمي وحسب، بل يسهمون فيها بوصفها منصة معرفية دائمة النمو.
فيما يلي بعض أهم الأسئلة التي تهدف إلى تحسين نتائج الطلاب:
"الحوسبة السحابية" أو "خدمات الاستضافة" هي حديث الساعة، ففي 2009، أصدر مركز ECAR نشرة بعنوان "كشف الحقيقة عن الحوسبة السحابية في مؤسسات التعليم العالي" جاء فيها أن حوالي 49.8 من مؤسسات التعليم العالي في أمريكا تنفذ تطبيقا واحدا على الأقل في بيئة الاستضافة السحابية، وفي عامي 2011 و 2012 على التوالي، احتلت الحوسبة السحابية قائمة أهم عشر اتجاهات استراتيجية في قطاع التقنية، كما أنها من أكثر وأسرع مجالات التقنية تغييرا وتطويرا.
يحدد المعهد القومي للمعايير والتقنية NIST خمسة خصائص أساسية للحوسبة السحابية هي: الخدمة الذاتية بناء على الطلب، الوصول الشبكي الموسع، تجميع الموارد، المرونة أو التوسع السريع، والخدمات المُقَاسة. كما أورد NIST ثلاثة نماذج للحوسبة السحابية هي: البرمجيات كخدمة SaaS، المنصة كخدمة PaaS، والبنية التحتية كخدمة IaaS، علاوة على أربعة نماذج للانتشار هي: السحابة الخاصة Private Cloud، والسحابة العامة Public Cloud، والسحابة المجتمعية المشتركة Community Cloud، وسحابة التخزين المهجنة Hybrid Cloud.
ومن أهم الأسئلة التي يطرحها انتشار خدمات الاستضافة عبر أقسام المؤسسة التعليمية:
التوظيف ومهارات الموظفين التقنية من أهم القضايا المؤثرة على مؤسسات التعليم العالي، لكن التركيز هذا العام ينصب على النموذج المؤسسي اللازم لمعالجة أثر التغيرات التي تحدث بسرعة فائقة في عالم تقنية المعلومات؛ حيث أن الحوسبة السحابية، والاتجاه نحو شعار "أحضر جهازك" BYOD، والحوكمة وتحليلات التعلم وعوامل الكفاءة وأمن المعلومات تطرح متطلبات جديدة أمام أقسام تقنية المعلومات وموظفيها في مؤسسات التعليم العالي.
تنشأ هذه المتطلبات من نوعية الحلول التي تختارها مؤسسات التعليم العالي ومستوى الدعم التي توفره لكل منها. يوجد نظام إدارة التعلم أو نظام تخطيط موارد المؤسسة الرئيسي على الـ hub التابع لها، حيث تتوفر عشرات الأنظمة الأخرى التي تدعم كل منهما، كما يتم تطوير حلول وخدمات أخرى أكثر فاعلية وأقل تكلفة، والتي تتطلب إعادة هيكلة أقسام التقنية وأدوار الموظفين، كما تؤثر تغيرات مشابهة على هيكل الحوسبة الأكاديمية، فلا بد من استمرار دعم تقنية التعليم التقليدية مثل بيئات التعلم المباشر، ومختبرات الحاسب الآلي، وفصول تدريس الحاسب الآلي، والمكتبات، بينما يتم استكشاف آفاق أخرى من تقنية المعلومات ودمجها في بيات التعلم المباشرة والمستضافة حيث تتسم المكونات بالفاعلية والتطور السريع.
ولا بد أن تتوفر لدى المؤسسات المرونة والاستعداد لاستكشاف آفاق تقنية المعلومات الجديدة وخوض التحدي، حتى تتمكن من التفاعل مع بيئات التقنية المستحدثة، ولذا، يهتم قسم التقنية داخل المؤسسات الأكاديمية بالاطلاع الدائم على المستجدات والابتكارات التقنية مع استمرار العملية التعليمية داخل المؤسسة، كما يلزم أخصائيي تقنية التعليم مواكبة التغيرات المستحدثة في البنية التحتية للتقنية من أجل الحفاظ على منصة ثابتة للمؤسسة، ومن هنا يتبوأ أخصائيو التقنية أدوارا جديدة - نشأت عن تعهيد أقسام تقنية المعلومات مزيدا من الحلول - كما يقوموا بتكوين وحدات تشغيل جديدة لتأكيد إدارة الخدمات والاستراتيجيات بكفاءة وفاعلية. الواقع يقول بأن أعضاء هيئة التدريس، والموظفين والطلاب يصحبون معهم الأجهزة الخاصة بهم – الهواتف الذكية، الحاسب اللوحي، الحاسب المحمول وغيرها – إلى الحرم الأكاديمي، ويتطلعون إلى قسم التقنية لدمج هذه الأجهزة ضمن أنظمة المؤسسة الأكاديمية. باختصار، بالتدريب وتطوير المهارات يمكن تلبية احتياجات المؤسسات الأكاديمية ومختلف الأطراف.
ومن أهم الأسئلة التي تطرحها قضية استيعاب بيئة تقنية المعلومات المتغيرة:
من مهام مؤسسات تقنية المعلومات داخل التعليم العالي هو توجيه المؤسسات في سعيها لتحقيق أمن البيانات وأنظمة المعلومات والشبكات، وحماية الخصوصية بمجتمع التعليم العالي، وضمان كون أمن المعلومات جزءا أساسياً من أنشطة المؤسسة الأكاديمية وإدارة الأعمال داخلها. كما يلزم مؤسسات التقنية الإقرار بقيم الحوكمة المشتركة ، والجودة، والتنوع، والوصول التي تميز التعليم العالي.
ونتيجة لذلك، فإن "أمن الإنترنت" يعتبر أحد أهم القضايا التي تواجه مؤسسات التقنية في التعليم العالي. ولا غرابة في تزايد معدلات مخاطر وتهديدات "أمن الإنترنت"، ومن ثم تواجه الكليات والجامعات تحدي زيادة الموارد التي تعالج إشكالية "أمن الإنترنت". والنتيجة هي أنه يلزم مؤسسات تقنية المعلومات أن ترتب أولوياتها التي تركز على مواردها وجهودها من خلال مزيج من برامج إدارة المخاطر وعمليات تصنيف البيانات.
يرى John Dixon مدير المعلومات التنفيذي، جامعة Francis Marion أن الانفتاح والتوازن من أهم التحديات التي تواجه الحرم الأكاديمي لما له من طبيعة خاصة. ومن آثار التقنية الحديثة – بما تتيحه من اتصالات وأجهزة - زياد ة الاهتمام بقضايا الأمن والتركيز على الاحتفاظ بالتوازن، مما يرغم المؤسسات على تكريس مزيد من الموارد لتعزيز أمن المعلومات والبنية التحتية.
وفيما يخص المؤسسات التي لا يتوفر لديها نظام ما لإدارة المخاطر، لا بد لها من الاطلاع على أعمال "مجلس أمن معلومات التعليم العالي" HEISC حيث قام بتطوير "دليل أمن المعلومات: الحلول والممارسات الفعالة للتعليم العالي" والذي يوفر معلومات استرشادية حول الأساليب الفعالة لتطبيق معايير أمن المعلومات داخل مؤسسات التعليم العالي. ومن أهم القيم الرئيسية التي تدعمها مؤسسات التعليم العالي هي تمكين المجتمع ومشاركة المعلومات. ونتيجة لذلك، يعتبر الذكاء العام للمجتمع أهم أدوات الأمن المتاحة للمؤسسات، ومن أقوى الأساليب التي تمكن المؤسسات من تحسين مستوى الأمن لديها هو أن يستطيع أخصائيي تقنية المعلومات فيها الاستفادة من موارد المجتمع.
وتطرح قضية أمن المعلومات عددا من الأسئلة الهامة من بينها:
تعتبر تقنية المعلومات – داخل المؤسسة الأكاديمية – خدمة تكاملية مقدمة إلى مؤسسات التعليم العالي كباقي الخدمات الأخرى مثل التمويل، وأعمال المحاسبة، والموارد البشرية، وإدارة شؤون الطلاب، وأعضاء هيئة التدريس وأقسام الكليات. لذا يحتاج رواد المؤسسات الأكاديمية إلى التركيز على نماذج تشغيل تقنية المعلومات من أجل تكون تصور واضح حول وضع هذا النوع من التقنية داخل الحرم الأكاديمي؛ حيث أنها تؤثر على طريقة تقديم المؤسسة الأكاديمية لمنتجاتها وخدماتها التعليمية إلى جموع المستهدفين.
في الحقيقة، يمكن أن يجمع الاستثمار في تقنية المعلومات بين التكلفة وتوليد الإيرادات، ولذا فإن اتخاذ القرارات الذكية يعتمد على فهم التفاعل بين الجانبين وانسجامهما مع أهداف المؤسسة الأكاديمية؛ علاوة على الشفافية في تحديد ميزانيات وتكاليف تقنية المعلومات، وبخاصة الخدمات المقدمة للمستفيدين.
ومن هنا، نجد أن كثيرا من مؤسسات تقنية المعلومات تتجه نحو تقديم الخدمات مما يسمح لرواد الأعمال تقنية المعلومات بتكوين تصور واقعي حول التكلفة الفعلية لكل خدمة من الخدمات التقنية، حيث يساعد ذلك المؤسسة الأكاديمية على دراسة مشاريع تجارية بحساب التكلفة والعائد الاستثماري على المدى الطويل والقصير، وتحديد مصادر التمويل للقيام بمبادرات تقنية استراتيجية جديدة ومقارنة التكاليف المتعلقة بها والتعرف على قيمة الخيارات المطروحة والخيارات البديلة.
هذا يؤكد أهمية التخطيط الاستراتيجي من قبل المؤسسات الأكاديمية للقيام بمشاريع واستثمارات استراتيجية في تقنية المعلومات لا لمجرد "ملاحقة منتجات التقنية الحديثة – مثل أحدث الأجهزة – دون وجود خطة معينة تحدد توجهات وعمل المؤسسة." بحسب تصريحات John C. Cavanaugh ، الرئيس والمدير التنفيذي لاتحاد جامعات العاصمة الأمريكية واشنطن. ولا بد من وجود هيكل إداري متكامل يعمل بشفافية من أجل تحديد والتنبؤ بأولويات الاستثمار في تقنية المعلومات وتقدير العائد من هذا الاستثمار. كما يلزم التركيز على توازن المحفظة الاستثمارية بما يتفق مع نموذج التشغيل المنشود، وأهداف المؤسسة الأكاديمية ومقاصدها.
ومن أهم الأسئلة التي تطرحها قضية التمويل الاستراتيجي لمشاريع تقنية المعلومات ما يلي:
أدت زيادة "المقررات الإلكترونية المفتوحة ذات الالتحاق الهائل" MOOCs
في الآونة الأخيرة بالمؤسسات الأكاديمية إلى دراسة ملائمة التعلم الإلكتروني عبر الإنترنت للثقافة الأكاديمية الخاصة بها، وكيفية مساندة تصميم وتقديم خبرات عالية الجودة في هذا المجال. ومازالت مؤسسات أكاديمية كثيرة تعتبر تطوير المقررات الإلكترونية وتقديمها عبر الإنترنت رحلة طويلة، والتي ينبغي تكثيف الجهود فيها من أجل الاحتفاظ بالقدرة على التنافس وحماية العلامة التجارية الخاصة بها. ولذا نجد أن هذه المؤسسات تعكف على دراسة معطيات التعلم الإلكتروني عبر الإنترنت من كل الجوانب، وتطرح تساؤلات كثيرة حول الأهداف، وجمهور المستفيدين، ومعايير الجودة، ومستويات الخبرة في هذا المجال. ومن هنا تأتي أهمية تحديد النطاق الصحيح ووضع مبادرات التعلم عبر الإنترنت في نصابها.
ومن بين هذه التساؤلات:
يعتمد نجاح أي مؤسسة أكاديمية في تقديم المقررات والبرامج عبر الإنترنت على تمكنها من إثراء هذه البرامج والمقررات مع ديمومتها، كما يعتمد على مقدرة أعضاء هيئة التدريس على التأقلم مع طرق وأساليب التدريس الجديدة. ولذا يبدو أن الاتجاه الحالي نحو خلط التعليم التقليدي مع التعلم الإلكتروني عبر الإنترنت أفضل الاستراتيجيات للاحتفاظ بمبادئ التعلم الإلكتروني في مؤسسات التعليم العالي.
وقد أدى الاهتمام السريع بالمقررات الإلكترونية MOOCs إلى استقطاب واضطراب مجتمع التعليم العالي. ويعتقد الكثير أن هذا يمثل دلالة على مستقبل التعليم العالي، في حين أن الآخرين يشككون في الأسباب المنطقية لمثل هذه الظاهرة التربوية ومستوى جودتها متسائلين: هل تقدم المقررات الإلكترونية MOOCs نوعا آخر من الكتب الدراسية، والتي في طريقها لأن تكون مطية أعضاء هيئة التدريس البارزين لتقديم "الماركات" الخاصة بهم؟ من هم الرابحون والخاسرون على الجانب المالي؟ هل هم أعضاء هيئة التدريس، أو الكليات والجامعات، أو جهات أخرى؟
في واقع الأمر، الاستثمار في التقنية وحدها لا يكفي، وكثيرا ما يعوق النجاح. ولذا فإن إدارة التغيير الفعال ومساندة أعضاء هيئة التدريس أمر ضروري، حيث يتفاوت رد فعل أعضاء هيئة التدريس بين الحرص القوي والمعارضة العنيدة. كما أن أسلوب العرض والتقييم يشكل مكونا هاما في برامج التعلم الإلكتروني عبر الإنترنت. وهنا يشعر العديد من خبراء التربية بالقلق حيال الانفصال الواضح عن النظرية والخبرة التربوية في مبادرات التعلم الإلكتروني في الوقت الحالي.
ومن ثم ينبغي أن تعمل برامج التعلم على الإنترنت على تقييم فاعلية أطروحات هذه التقنية الجديدة والقيمة النسبية لعوائد الاستثمار للعديد من طرائق التعلم والخيارات المختلفة. وينبغي أن تأخذ هذه التقييمات بعين الاعتبار أهداف المؤسسة إضافة إلى خبرات ونتائج الطلاب وأعضاء هيئة التدريس.
أصبح الوصول إلى الموارد الإلكترونية أمرا سهلا، حيث يستطيع أي فرد عبر بضع نقرات إنشاء حساب يوفر طاقة تخزينية مجانية على الإنترنت بسعة 2 جيجا بايت. هذا على النقيض تماما مع الوضع في العديد من مؤسسات التعليم العالي، حيث توفر مؤسسات تقنية التعليم عددا محدودا من الموارد، أو يتم توفير الموارد بعد الاتفاق على آلية معينة لتحمل تكاليف الخدمة. في بعض الحالات الأخرى، يستطيع أي فرد – الطلاب، أعضاء هيئة التدريس، الموظفون، بالإضافة إلى وحدات الأعمال المختلفة—الاشتراك في برامج متطورة (مثل نظام CRM و ERP) دون تدخل أي من أخصائيي تقنية المعلومات التابعين للمؤسسة الأكاديمية.
يؤكد Ritchie Boyd – أخصائي التقنية الأكاديمية – جامعة مونتانا الحكومية أن "نجاح الطلاب في إنشاء بعض القنوات للحصول على الموارد والمعلومات وتوزيعها – داخل مؤسسات التعليم العالي التقليدية والإلكترونية – يجعل هذه المؤسسات تبحث في مدى استعدادها لاستيعاب أو دمج تلك القنوات داخل البيئة الجامعية"؛ حيث أن طلاب العصر الحديث يستخدمون أنواع متعددة من الأجهزة الإلكترونية، من بينها الهواتف الذكية التي تحتوي على سعة تخزينية عالية، ويمكن أن تتصل بالإنترنت عبر نطاق التردد اللاسلكي الذي توفره المؤسسة الأكاديمية،. كما أن طلاب التعليم العالي الآن يحملون معهم كل ما يحتاجون إليه من أجل الدراسة والتعلم، ولذا نرى بعض المؤسسات الأكاديمية تخفض أو تتخلص من معامل الحاسب الآلي لديها، وتستبدلها بقاعات دراسة تعاونية مزودة بمقاعد، وشاشات عرض، وطابعات ولوحات مفاتيح، وبعض المؤسسات تتيح الوصول إلى معمل البرمجيات في بيئة افتراضية لتحميل التطبيقات.
ومن هنا، فإن التسويق الاستهلاكي لتقنية المعلومات يزيد من حجم الطلب على البنية التحتية لشبكات الاتصال اللاسلكي وخدمات الاتصال بالإنترنت داخل الحرم الأكاديمي، وتخلق تحديا أمام مؤسسات تقنية المعلومات لاستيعاب التوقعات الجديدة. وفي حين أن العديد من الأجهزة تعمل جيدا على الشبكة المنزلية home network، فإن تعقيدات الشبكة الأكاديمية وتطبيقاتها وبيئة البيانات تطرح عدة تحديات.
لذا فإن مؤسسات التعليم العالي تواجه وضعا يزداد فيه استخدام الموارد الإلكترونية على الإنترنت من أجل البنية التحتية (التخزين) ومن أجل الخدمات (منصات البرامج، قواعد المحتوى المعرفي) ومن أجل الشبكات (مثل wi-fi) ولم يعد هذا الاستخدام قاصرا على قنوات منح صلاحيات الوصول التي تمتلكها المؤسسة الأكاديمية.
ومن أهم الأسئلة التي تطرحها قضية التسويق الاستهلاكي لتقنية المعلومات ما يلي:
يمر العالم بأزمة اقتصادية طاحنة منذ سنوات، وقد شجعت هذه الأزمة رواد التعليم العالي على البحث عن آليات جديدة لإدارة الأعمال وتمييز مؤسسات التعليم العالي الخاصة بهم عن غيرها. لذا، يتحول كثير من هذه المؤسسات إلى التقنية لمواجهة هذه التحديات، مما أدى إلى زيادة معدل بيئات التعلم الإلكتروني، وانتشار المقررات الإلكترونية MOOCs، واستقلال تقنية العوالم الافتراضية، وتضاعف خدمات الاستضافة. لذا، فإن مؤسسات تقنية المعلومات تعمل على تغيير أسلوب توفير الخدمات.
وحيث أن رواد تقنية المعلومات على يقين من أن هذا المجال يقوم بتغيير نفسه بنفسه، فقد أصبح لزاما على مؤسسات تقنية المعلومات أن تصبح شريكا متكاملا داخل المؤسسة الأكاديمية من خلال فهم أعمق للأهداف والاحتياجات الأكاديمية. وترى Diane Dagefoerde- كبير مسئولي المعلومات، قسم العلوم والفنون، جامعة أوهايو أن مؤسسات التعليم العالي تحتاج إلى أن "تتحول من ”تزويد الخدمة" إلى "بناء الحلول"، وأن هذا التحول يمثل فرصة عظيمة وتحد كبير أمام مؤسسات التعليم العالي.
تتعلق عملية تحويل أي مؤسسة أكاديمية باستخدام تقنية المعلومات بنتائج الأعمال ومستوى الأداء الذي تسعى المؤسسة إلى إنجازه، ولذا فإن إسهام تقنية المعلومات في نجاح التحول الأكاديمي يعتمد على الدور الذي تلعبه مؤسسة تقنية المعلومات في تحقيق نتائج المؤسسة الأكاديمية ومستوى الأداء الذي تنشده.
و لا يعني مجرد وجود نتائج محددة ومقاييس لمستوى الأداء اتباع المؤسسة الأكاديمية لخطة استراتيجية، حيث أن عمليات التحول الناجحة تتطلب مستوى جيد من الحوكمة، وهي السبيل إلى قيام الأعضاء النافذين في المؤسسة الأكاديمية باتخاذ القرارات الذكية حول الاستثمارات التقنية وما يتعلق بها من أولويات.
ومن ثم لا بد أن يتوفر لهذه الآلية ميثاق محدد وأن يمنح كل المشاركين الفرصة لاستكشاف جوانب ووسائل التأثير الإيجابي – المباشر وغير المباشر – لتقنية المعلومات على نتائج وأداء المؤسسة الأكاديمية.
وتطرح قضية التحويل عدة أسئلة هامة من بينها:
تعرف جمعية EDUCAUSE التحليلات بأنها "استخدام البيانات، والتحليل الإحصائي، والنماذج التوضيحية والتنبؤية لتكوين تصورات واضحة والتعامل مع القضايا المعقدة." وفي التقرير الصادر عن ECAR عام 2012 بعنوان "التحليلات في التعليم العالي Analytics in Higher Education" حدد المشاركون في الدراسة المسحية مجالات وظيفية حيث يتم استخدام البيانات بغرض التحليل والتنبؤ، وكانت المجالات الأكثر شيوعا بين جموع المشاركين هي إدارة التسجيل، والتمويل، والميزانية، وتقدم الطلاب، وإدارة التعليم وتقنية المعلومات المركزية.
يؤكد Bob Solis – نائب رئيس وكبير مسئولي المعلومات – جامعة Massachusetts على أهمية البيانات والتحليلات حيث أنها "تساعد على فهم الماضي والحاضر الذي نعيش فيه، كما تعطينا صورة عن سيناريوهات المستقبل على أساس خبرة الماضي وتجربة الحاضر"، كما قال أحد الحكماء "إذا لم تعرف وجهتك، كيف تعرف أنك وصلت إليها" وهذه المقولة تنطبق تماما على تقنية المعلومات والتخطيط المفصل.
وقد شهد مجتمع التعليم العالي في الآونة الأخيرة ركودا - مقارنة ببعض القطاعات الأخرى - في تطبيق التحليلات على أهدافه ومقاصده، ولذا لا بد أن تخرج مؤسسات التعليم العالي من بوتقة الاعتقاد السائد بأن تطبيق ممارسات رائدة في إدارة الأعمال لا يتساوق مع ثقافة المؤسسات الأكاديمية، بل يثبت النقيض من ذلك تماما هذا التغير الهائل الذي يشهده عالم التمويل والتقنية، حيث أنه في الحقيقة من أفضل الممارسات في إدارة الأعمال والتي من شأنها أن تمكن مؤسسات التعليم العالي من الحفاظ على أهم الجوانب وأثمنها في ثقافتها. وقد ذكر المشاركون في الدراسة المسحية أهم خمسة تحديات تواجه مؤسسات التعليم العالي وهي: القدرة على تحمل التكاليف، وإساءة استخدام البيانات، واللوائح المنظمة لاستخدام البيانات، وغياب ثقافة الاعتماد على البيانات، والبيانات غير الصحيحة.
ومن أهم الأسئلة التي تطرحها قضية استخدام التحليلات لدعم نتائج المؤسسات الأكاديمية:
مترجم باختصار عن بحث كتبتـه Susan Grajek للـ EduCause