أكد صموئيل سويت جرين Samuel Swett Green في كلمته أمام مؤتمر الجمعية الأمريكية للمكتبات عام 1976 على ضرورة "تحسين العلاقات الشخصية بين أمناء المكتبات والمستفيدين"، ويرى المشتغلون بهذا المجال أن هذه المقولة تمثل باكورة ممارسة التسويق الفعلي من قبل المكتبات، وإن كانت هذه الممارسة قد سبقت توليد المصطلح المناسب لها. لكن يرى كاتب البحث عدم ملائمة تطبيق التسويق بمعناه وممارسته التقليدية ونظرية المزج التسويقي Marketing Mix بأقطابها الأربعة 4Ps وهي: المنتج Product، الثمن Price، المكان Place، والترويج Promotion في بيئة المكتبات لما يكتنفها من تعقيد نظرا لارتباط مفهوم التسويق Marketing ارتباطا وثيقا بمفهوم إدارة الجودة الشاملة Total Quality Management، حيث أن التسويق يركز على احتياجات العميل وتهتم إدارة الجودة الشاملة بضرورة تلبية المنتج والخدمة لهذه الاحتياجات.
لكن في الحقيقة هذه الدعائم قد تغيرت في الآونة الأخيرة، و تم استبدالها كلية بأخرى يطلق عليها الـ 4Cs، وهناك إصداران منها، الأول يعود إلى Lauterborn وعنده تتكون الـ 4Cs من: المستهلك Consumer، والتكاليف Cost، والاتصال Communication، والملائمة Convenience؛ في حين أن الإصدار الثاني يرجع إلى Shimizu، وعنده الأركان الأربعة للتسويق هي: المنتج Commodity، والتكاليف Cost، والاتصال Communication، والقناة Channel.
يطرح المؤلف أمام أمناء المكتبات عدة خطوات رئيسية لتسويق خدمات المكتبات والإعلان عنها بكفاءة، من بينها:
- خلق بيئة تنافسية بين المستفيدين: لم تعد المكتبات المصدر الوحيد للمعلومات، بل توفرت مصادر أخرى تنافس المكتبات بشدة، منها على سبيل المثال الإنترنت، ولذا لابد من توظيف هذه البيئات الجديدة لتكوين ميزة تنافسية للمكتبات.
- خلق بيئة تنافسية بين مصادر التمويل: لا بد أن تجد المكتبات آلية جديدة وفعالة للحصول على التمويل اللازم من ميزانية المؤسسات التابعة لها، بما توفره من خدمات تخدم هذه المؤسسات وأهدافها التي أنشأت من أجلها.
- تقوية الصلة بين المكتبة والمجتمع: لا بد أن تحتفظ المكتبة بصلة وثيقة بالمجتمع الذي تخدمه عن طريق الإلمام بقضايا هذا المجتمع وأحداثه المعاصرة وتوفير المراجع اللازمة للإحاطة بتلك المستجدات.
- الترويج لصورة مجددة دائما: يلزم أمناء المكتبات الإلمام بتكنولوجيا المعلومات والتدريب المستمر عليها لمواكبة أحدث التقنيات والحلول المكتبية وتلبية كافة متطلبات المستفيد الحديث.
- الظهور أو الحضور: لا بد أن يثبت أمين المكتبة كفاءته على الوفاء بكافة متطلبات المستفيدين وتوفير قيمة مضافة لا تتوفر في مجرد الخدمات الآلية.
- قيمة المصادر: قيمة المكتبة فيما تقدمه للمستفيدين من مصادر، ولذا يلزم أمناء المكتبة أن يعلنوا لجمهور المستفيدين عن المصادر التي تتوفر لديهم وما يصاحبها من خدمات تمثل قيمة تنافسية عالية.
- البقاء والاستمرارية: لا بد للمكتبة أن تظل يقظة وعلى وعب تام بالاحتياجات المختلفة والمستجدة للمستفيدين ومراعاة الفروق الفردية بينهم، عن طريق تقديم خدمات مكتبية مخصصة وعن طريق تغذية وعي مستخدميها بمصادر المعلومات المختلفة.
- الاستفادة من إمكانيات التسويق: يساعد المكتبة على زيادة مواردها المادية، واستخدام خدماتها المختلفة، وتوعية المستفيدين بالخدمات الجديدة، وتقوية نفوذها وصورتها وصورة موظفيها.
ثم يورد الباحث بعض المعوقات التي تؤدي إلى صعوبة تسويق خدمات المكتبات، يتعلق بعض من هذه المعوقات بـ:
- الأسلوب النمطي: ويقصد به نماذج العمل القديمة داخل المكتبة، ونظرة أمناء المكتبات المتواضعة إلى أعمالهم، واعتقادهم أن المكتبات ليست بحاجة إلى تسويق أو ترويج لخدماتها، وانغلاق المكتبات في بوتقة التصور العتيق بأنها مكان اقتناء الكتب وإعارتها فقط.
- نقص التدريب التسويقي لأمناء المكتبات: وهنا يقترح المؤلف ضرورة إدراج مادة التسويق ضمن مقررات ومناهج أقسام المكتبات والمعلومات نظرا للأهمية القصوى التي اكتسبها التسويق على المستويين الإقليمي والعالمي.
- الحيرة والارتباك: يعتقد أمناء المكتبات أن التسويق مجاله الأعمال التجارية فقط، ولا يتعلق بخدمات المكتبة.
- الخوف: يخشى أمنا المكتبات البعد عن المهمة الأساسية لهم لأن التسويق يستنزف الوقت والجهد، كما أن المستفيد يأتي إلى المكتبة دون الحاجة إلى ترويج أو إعلان.
- التعقيد وندرة الموارد المالية: نظرا لما تقدمه المكتبة من خدمات متنوعة ومختلفة؛ فإن تسويقها تكتنفه عملية معقدة ومتشابكة، كما أن ندرة الموارد المالية تحول دون الإنفاق على حملات الدعاية والإعلان التسويقية للمكتبة.
إدارة الجودة الشاملة
يعرف الباحث Kumbar إدارة الجودة الشاملة بأنها: "العملية المنظمة التي تهتم بالتركيز على احتياجات العميل والعمل على تحسين الخدمات المقدمة له"، ولذا يؤكد الخبراء أن تلبية احتياجات المستفيدين من المكتبات تتطلب تخطيطا بعيد المدى من خلال إشراك كل الأعضاء في عملية تحسين الإجراءات، والمنتجات، والخدمات، والثقافة السائدة داخل المكتبة، فإدارة الجودة الشاملة عملية مستمرة ومتجددة تبعا لاحتياجات المستفيدين المتغيرة باستمرار. ولا بد أن تقوم المكتبة بإدارة الجودة داخلها وفقا لمعايير معينة قابلة للقياس من أجل تقييم التكلفة والأداء، ومستوى رضا المستفيدين والعاملين على حد سواء؛ مما يتطلب إجراء اتصال خصب ومستمر بين المكتبة والمجتمع الذي تخدمه.
ولا بد أن تتوفر للمكتبة بعض الأدوات الهامة لقياس وتوثيق جودة المنتجات والخدمات والإجراءات، ويورد المؤلف حزمة من هذه الأدوات الرئيسية، من بينها: الجداول المرجعية، ومخططات العلة والتأثير Cause and Effect، والمدرجات الإحصائية والرسوم البيانية وخرائط التدفق. كما يحتاج مدير الجودة في المكتبة إلى المعلومات والآليات والقنوات التي تساعده في الاتصال المثمر بالمستفيدين، والوقوف على متطلباتهم المتغيرة ومتابعة هذه المتطلبات والتزويد بالتغذية الراجعة، بالإضافة إلى ترقب وتوقع ما يستجد لهم من احتياجات في المستقبل.
ولتحقيق إدارة الجودة الشاملة في المكتبة بفاعلية وكفاءة، لا بد من مراعاة عدة عوامل غاية في الأهمية، مثل:
- متابعة احتياجات المستفيدين المتغيرة وما يقابلها من أحدث الحلول والتقنيات.
- تخصيص وتوجيه نوع من الخطاب الإعلامي نحو المستفيدين والأسواق.
- توزيع العمل والمسؤوليات داخل منظومة إدارة الجودة الشاملة في المكتبة.
وتعتمد أهمية التسويق بالنسبة للمكتبة ومراكز المعلومات على تعريف وتوصيف المكتبة أو مركز المعلومات بدقة وتفصيل من أجل تلبية احتياجات المستفيد ولفت انتباهه إلى ما توفره المكتبة من مقتنيات وخدمات وإجراءات وحلول معلوماتية، ومن هنا تنجح المكتبة ومراكز المعلومات في تحويل كل قارئ مستفيد في محيطها ونطاق المجتمع الذي تخدمه من مجرد قارئ عابر إلى قارئ منتظم.
إعداد: وليد شحاتة
مسئول إدارة المحتوى – نسيج
المصدر: البحث الأصلي بعنوان the importance of marketing and total quality management in libraries للباحث Rajashekhar D. Kumbar، نشرته مجلة دراسات المعلومات Information Studies، وهي مجلة علمية محكمة تصدر عن جمعية المكتبات السعودية – في عددها الأول الصادر عام 2008، ترجمة هذا البحث للدكتور عصام منصور.
يمكنك تحميل البحث من هنــا