قد يتساءل المرء عن الفائدة التي تعود بها "خارطة الذهن" عليه بصفة شخصية. إنها ذات فائدة كبيرة في واقع الأمر، حيث يمكن استخدام "خارطة الذهن" كمصدر تمكين شخصي وعامل نمو مستقبلي للبناء الشخصي للفرد، وكأسلوب فعال لحل المسائل والتحديات الخاصة، وكحافز يدفع الإنسان نحو تحقيق ما يسعى إليه من أهداف ارتسمها لذاته.
إن ما يقارب 65% من جموع سكان العالم يتعلمون عبر الأنماط البصرية Visual Learners، مما يعني أن "التخطيط الذهني" – كأحد أدوات التعلم المرئي – نموذجا مثاليا لأغلبية سكان العالم الذين يفضلون رؤية الأشياء تتشكل أمام أعينهم، بما في ذلك الأفكار والخواطر. كما أن "التخطيط الذهني" أداة مرنة لتجميع شتات الأفكار والخواطر لإيجاد روابط لم تكن متاحة من قبل. علاوة على ذلك، استخدام التخطيط الذهني كجزء من البرنامج الشخصي من أجل تحسين القدرة على الإبداع، وتحقيق الأهداف المنشودة، أو فرز الأحاسيس والمشكلات مما يساعد الإنسان على سبر أعماق قدراته العقلية واستكشاف أبعاد ورؤى جديدة لم تتضح من قبل، ويتم ذلك من خلال الكتابة والقراءة والتفكير منفردا. كما أن التخطيط الذهني عملية مبهرة بخاصة إذا لم يكن للإنسان رؤية محددة للهدف الذي يسعى إليه أو معايير المشكلة التي يواجهها أو نقطة بداية الحل لها. باختصار "خارطة الذهن" بمقدورها أن تجعل كل هذه الأمور واضحة أمامك حيث أنها:
• تمنح الإنسان قدرا من الموضوعية في تناول الأمور، وهذا لا يتوفر في أي أسلوب آخر يتبناه الإنسان لتقييم ذاته، وقياس نموه.
• خارطة الذهن عبارة عن مراحل تدفق المعلومات، والارتباطات بين جزئياتها، هي مرحلة ما قبل التفكير والتي تنمو وتتطور في نمط تلقائي غير منظم لكنه مثمر ومفيد بقدر كبير جدا.
بعض الناس يفضل استخدام الأدوات التقليدية مثل القلم، الورق، وبخاصة الذين يفضلون الإحساس المباشر بالأدوات اليدوية. ومع ذلك نقول، بما أنك تقرأ هذه التدوينة عبر الإنترنت على الحاسوب، من الممكن استخدام أحد برامج التخطيط الذهني لذات الغرض.
لن يَطَّلع أحد على ما تكتب إلا إذا قدمته أنت له، فأطلق عنان فكرك وحطم القيود من مشاعر وتطلعات ومشاكل وحلول ممكنة وغيرها والتي من شانها أن تكبح توقد ذهنك وتوارد الخواطر. ومع ذلك، ضع نصب عينيك أن بعضا من الناس يجد صعوبة كبيرة في أن يكون أمينا مع نفسه بكل حزم، لذا ينصح أن تعتبر نفسك أنك تستشير صديقا حميما حول أمور تعتقد أنك تائه بشأنها.
الأشياء الجميلة تبقى في ذاكرة العين والذهن عمرا أطول، والألوان تميز بين تفريعات المعلومات، وتوضح الروابط بين المفاهيم المتعددة، وتجمع بين المتشابهات، وتشي بالمعاني (الأحمر=سلبي، الأخضر=إيجابي، الأصفر=متأرجح)، إضافة سمة أو علامة مميزة للفكرة أو المنتج أو الشركة تضفي الإثارة والتشوق على التخطيط الذهني، وفي النهاية تمنحك الذريعة لشراء هذه الأقلام الملونة من المكتبة.
من الخطأ أن تجبر نفسك على الانتهاء من الخارطة الذهنية دفعة واحدة، فهذا من شأنه أن يصيبك بالإعياء ويضيع عليك جوانب هامة لا تخطر على البال إلا بعد التروي والتأمل، وهذا ينبع في الحقيقة من أن انشغال الذهن بالخارطة يجعله في حالة تفكر دائم وتأمل مستمر مما يأتي بالأفكار والخواطر التي قد لا تتوقعها؛ المهم هو أن تمنح نفسك أقساطا من الراحة ثم تعاود النظر في خارطة الذهن من حين إلى آخر.
خارطة الذهن ليست قرآنا، بل هي نتاج فكر يقبل التعديل والتغيير مع مرور الوقت وفقا لأهمية العوامل المكونة لها وصلتها الوثيقة أو الضعيفة بالموضوع. تتغير أهمية وترتيب العوامل بناء على ما تكتسبه من معلومات ووضوح الهدف أثناء تحضير خارطة الذهن.
من هنا فإن تصور ما نريد أن نكون عليه في المستقبل جانب هام جدا لإنجاز ملامح هذه الصورة، ولا يقلل هذا من ضرورة بذل الجهد المطلوب في سبيل هذه الغاية، وهنا تبرز أهمية خارطة الذهن بوصفها أداة توجيه خلال مراحل رسم ملامح هذه الصورة المستقبلية ومقارنة الوضع الحالي وما يستجد عليه من تغيير وتحول نحو هذه الشخصية التي تتضح ملامحها بمرور الوقت.
فمن المتوقع أن تطرأ عليها بعض التغييرات، أو التعديلات، أو الإضافات مع الوقت؛ باختصار، خارطة الطريق مرآة تعكس كل ما يستجد على صاحبها من تغييرات، ولا بد من الاحتفاظ بكل التعديلات والمدخلات لأغراض المقارنة والتقييم وتحديث خارطة الذهن مما يعكس مؤشر تقدم التفكير في الوقت الراهن.
إعداد: وليد شحاتة
مسئول إدارة المحتوى – نسيج