ومع إتاحة خدمات الإنترنت بأسعار رخيصة وتدني أسعار الهواتف النقالة، تضاعفت فرص الوصول إلى نشرات "البودكاست". في الحقيقة، فقد انتشرت البودكاست بصورة آلية بطرق متعددة؛ حيث يوفر مزودو البودكاست تطبيقات للمستخدمين تمكنهم من مشاهدة أو سماع محتوى مرئي أو صوتي عند الدخول إلى هذه التطبيقات. تتوفر هذه التطبيقات إما مجانا أو نظير ثمن، ويمكن تنزيلها وتثبيتها على الحاسب الشخصي، أو جهاز iPhone، أو iPad، أو أجهزة تشغيل MP3، وغيرها من الأجهزة الكفية.
تعتبر المدارس والجامعات بين أكثر المستخدمين للبودكاست هذه الأيام، على الرغم من أنها لا تعد بديلا كلياً للاستعاضة عن المحاضرات داخل الفصول الدراسية. عادة ما يتم تحرير البودكاست، وتتراوح مدة العرض بين 3-5 دقائق، على الرغم من انتشار بعض ملفات البودكاست التي تمتد مدة العرض فيها إلى أكثر من 30 دقيقة، إلا هذا النوع الأخير ليس منتشرا بدرجة كبيرة. يتم إعداد ملفات البودكاست من المحاضرات داخل الفصول الدراسية، وتحتوي على عروض توضيحية متقدمة PowerPoint Presentation، مما يجعلها أكثر إثارة وتشويقا. كما أن التقنيات الحديثة في إعداد ملفات البودكاست تمكن من دمج هذه العروض التوضيحية داخل ملفات البودكاست ذاتها. مما يجعلها خيارا مثاليا في العملية التعليمية.
الطريقة العادية لإعداد ملفات البودكاست هي التسجيل الآني للمحاضرات داخل الفصول الدراسية أو أستوديو تصوير، إلا أن هذا الخيار الأخير – داخل الأستوديو – يعتبر ميزة، إلا أن المحاضرات التي يتم تسجيلها مباشرة تتمتع بحيوية وتشويق اكبر لما يتاح للمستخدم من مشاهدة أو سماع التفاعل الحقيقي بين المحاضر والدارسين. في حين أن التسجيل داخل أستوديو التصوير يمكن القائمين على الإنتاج من تقديم عروض عملية مصغرة بطريقة هادفة، لكنها لا زالت تفتقر إلى روح التفاعل المباشر الذي توفره المحاضرات الآنية. لذا، نجد بعض القائمين على إنتاج ملفات البودكاست يستخدمون خليطا من الأسلوبين لتوفير التعليم إلى الدارسين.
أثبتت البودكاست فاعليتها في العملية التعليمية بما لا يدع مجالا للشك، بل إنها قد تجاوزت حدود توقعات الدارسين في بعض الأحيان. الميزة الرئيسية للبودكاست هي إمكانية استخدامها مرارا وتكرارا لمراجعة المحاضرات مما يمكن المعلومات لدى الدارسين. ومن هنا، يستطيع الدارسون إعادة تشغيل ملفات البودكاست أكثر من مرة لاستظهار أدق التفاصيل في المحاضرات، والتي قد لا يلتفتوا إليها عند تشغيلها في المرة الأولى أو الثانية. ومن فوائد ملفات البودكاست أنها تحرر الدارسين من قيد تدوين الملاحظات التي قد تصيب بعضا منهم بتشتيت الذهن وضياع التركيز.
كما أنها تمنح الدارسين ميزة التعلم بالسرعة التي تناسبهم، وتلقى هذه الميزة قبولا كبيرا لدى من يجدون صعوبة في فهم لهجة المحاضر، أو الدارسين الذين لا يجيدون لغة المحاضرة إجادة تامة بدرجة تمنحهم الفهم السريع لمحتواها. وعند طرح المحاضرات في سلسلة متصلة، فنادرا ما يفقد الدارسون أية معلومة، نظرا لأن أماهم فرصة أخرى للحاق بركب زملائهم في المجموعة وعدم التخلف عنهم. وهذا الأمر غاية في الأهمية، خاصة لدارسي البرامج المتصلة بهدف تحسين مستواهم ووضعهم المهني.
كما ينتشر استخدام ملفات البودكاست هذه الأيام في مجال التعليم عن بعد. حيث تساعد المؤسسات الأكاديمية على تقديم المواد الدراسية في شتى أرجاء العالم المتباعدة، كما أنها تساعد على التعلم التفاعلي خاصة عند استخدامها بالتزامن مع مؤتمرات الفيديو. كما أن أهمية ملفات البودكاست لا تخفى على دارسي اللغة الإنجليزية، حيث أنها تمكنهم من سماع المحاضر ورؤيته في الوقت ذاته، وعامل الرؤية هذا غاية في الأهمية بالنسبة لتعلم اللغات الأجنبية. أضف إلى ذلك، تساعد ملفات البودكاست على تثبيت المعلومات أكثر في أذهان المستخدمين.
الميزة الثالثة هي توفير الوقت وتكليف الانتقال. كما هو معلوم لدى الجميع، أصبحت تكاليف الانتقال باهظة جدا، فقد ارتفعت أسعار المحروقات بشدة، مما أقعد الدارسين عن السفر، ومن ثم تضاءلت فرص حضور المحاضرات. ومن هنا، فإن البودكاست تساعد فعليا على تقليل تكاليف العملية التعليمية، وبخاصة عندما يتطرق الأمر إلى التعليم العام – حيث تقل تكاليف صيانة وترميم الفصول، وأعباء توظيف المدرسين، وطباعة المقررات، فضلا عن كونها صديقة للبيئة.
أجهزة إعداد ملفات البودكاست ليست غالية، كما أن أسعارها تقل يوما تلو الآخر. الأمر الأكثر أهمية في الموضوع هو أن المستخدمين لا يضطروا إلى شراء أية أجهزة جديدة – حيث أن أغلب تطبيقات البودكاست تتوافق مع الأجهزة المنتشرة مثل iPhone، و iPad، بل إن أي حاسب آلي عادي يفي بالغرض تماما. ومن هنا، تستطيع المدارس والجامعات في دول العالم الثالث توفير الوصول إلى ملفات البودكاست عبر جهاز واحد فقط، مما يعتبر مفيدا جدا خاصة عند العمل في ظل ظروف مالية صعبة.
ومن أهم مميزات ملفات البودكاست هي إمكانية تخصيص الدروس وفق دارسين بعينهم ضمن مجموعة كبيرة. والطريقة المتبعة لتفعيل هذه الميزة هي توفير ملفات البودكاست كمادة علمية إضافية على برنامج الدراسة الأساسي. كما تلقى ملفات البودكاست اهتماما خاصا لدى ضعاف التحصيل التعليمي، وذوي الاحتياجات الخاصة.
بكل تأكيد، تتمتع تقنية البودكاست بميزة كبيرة، لكن يتوجب على المدرسين الانتباه إلى بعض النقاط الهامة. عليهم متابعة الدارسين خشية أن ينصرف تركيزهم إلى الصوت أو الصورة على حساب المحتوى التعليمي. ففي البداية – على أقل تقدير – لا بد من توفير التوجيه الجيد للدارسين، وغرس بعض العادات الحميدة فيهم في المراحل الأولية للعملية التعليمية.
لقد تطورت تقنية البودكاست لتبقى، ومن المتوقع أن تصبح هي المعيار في تقديم المحاضرات في المستقبل.
مترجم عن مقال كتبته Kate Smithy للـ DotEduGuru