مدونة نسيج

صياغة خبرات التعلم: دور المكتبيين في المستقبل؟

Written by alfaramawi | 17/11/2013 10:24:49 ص

منذ أسابيع قليلة، قمت بشراء قالب من موقع WordPress من أجل الجامعة التي أعمل بها. وهذا شيء لا أقوم به في العادة، لكن الموضوع كان مناسبا تماما لمبادرة أقوم بإعدادها هذه الأيام حول دعم أساليب جديدة لإحداث التفاعل في عملية التعلم.

تستخدم أستاذة من أعضاء هيئة التدريس الذين أعمل معهم المدونات في مقرراتها والدورات الدراسية التي تنظمها، لكن تولدت لديها رغبة قوية "لدفع هذه التجربة إلى ما هو أبعد". وغالبا ما أسمع هذه العبارة على ألسنة أعضاء هيئة التدريس تعبيراً عن رغبتهم في توفير بيئة تعلم أكثر مرونة وخصوصية مقارنة بنموذج نظام إدارة التعلم. حيث ينظر إلى بعض أنظمة وأدوات التعلم - مثل Sakai والسبورة السمراء وغيرها - على أنها مرافق بدلا من أنها تشكل مجتمعات افتراضية.

في رأيي أن تغيرا جوهريا يجري أمام أعيننا. ففي الماضي، كان الأمر يتعلق بـ "كيفية توظيف المدونة في الدراسة"، أما الآن أصبح الأمر يدور حول "كيفية بناء بيئة تعلم اجتماعية عبر الإنترنت لتلبية احتياجاتك" وقد نشأت هذه المداولات لأن أعضاء هيئة التدريس أصبحوا أكثر ارتياحا وبراعة في استخدام مواقع التواصل الاجتماعي. بل أستطيع أن أؤكد أن كثيرا منهم يتملكهم الشغف لتوسيع منصاتهم وتجربة أشياء جديدة.
وهذا الأمر بعينه ينطبق على هذه الأستاذة بالذات. فمن أجل أن تقوم بالتدريس بالأسلوب الذي تريد، فإنها تحتاج إلى قدرات أخرى لا تتوفر في القوالب التقليدية. إنها لا تسعى إلى مجرد نشر المحتوى التعليمي على الإنترنت، بل تعمل على صياغة خبرة التعلم بكل عناية وحذر.
سوف أكتب في وقت لاحق عن المنهج التربوي، ويتوقع أن نشترك معا – أنا وهي – في كتابة ورقة مؤتمر، لكني في الوقت الراهن أرغب في طرح سؤال أكثر تعلقا بالمكتبة: أين تتناسب هذه الفكرة؟ كيف يتناسب شراء قالب من مدونة (أو أي شيء آخر) مع كتابة التقارير؟ قد تبدو هذه الفكرة غير مناسبة، فهي ليست كتابا، وليست اشتراكا، وليست قاعدة معلومات، إنها تقع في المنطقة الرمادية التي تظهر في التقارير السنوية أو الإحصاءات الصادرة عن جمعية المكتبات البحثية Association of Research Libraries. هل معنى هذا أننا نحتاج إلى فئات جديدة؟ تعتبر المجتمعات الافتراضية للتعليم والبحث أحد أهم التطورات والأدوار القادمة التي يقوم بها المكتبيون والمؤسسات الأكاديمية في المستقبل. فهي تمثل بعدا هاما في مرحلة التحول التي نمر بها من مجرد مزودي للمحتوى إلى مطوري للمشاركة.

وقد استغرق الأمر مني وقتا طويلا أتأمل في الطرق التي يتمكن من خلالها المكتبيون في إنشاء قيمة جديدة. كيف يتسنى لنا نحن ورواد المكتبة تحديد الخدمات والمجموعات في المستقبل؟ إذا ما كانت مهمتنا الشاملة هي تطوير التعليم، والتعلم، والبحث، فأين يكون موقع البرامج التكميلية plug-ins، والبرامج الإضافية add-ons، وتطبيقات iPad وغيرها مثل المدونات المدفوعة في ثنايا هذا المقصد؟ ونظرا لأن هذا الأمر يتطلب التحول من الابتكارات إلى الضروريات، فما هو دورنا؟
وفيما يتعلق بهذه الأستاذة، كان من السهل علي أن أقول لها: عذرا، لا أستطيع مساعدتك؛ فإننا نشتري الكتب، ولا نشتري كماليات المدونات، وعند هذا الحد ينتهي الحوار بيننا.

وما أن واصلت الحديث معها حتى أدركت أن الأمر برمته لا يتعلق ببرنامج ما، بل يتعلق بالمنهج التربوي. وكانت هذه الصفقة غير المكلفة ذات قيمة عالية، ففي حين أنها تساعد المعلمة على إنجاز ما لا يمكن بدونها، فقد كانت كذلك نموذجا واضحا لاستثمار المكتبة في بيئات التعلم. ومن هنا أصبحت المدونات - وأدواتها المختلفة - جزءً لا ينفصل عن المقررات والدراسة؛ فلم تساعد الأستاذة على شراء واجهة أفضل لمدونتها فقط، بل ساعدتها على امتلاك المقدرة على تقديم الخبرة التي يحتاج إليها طلابها.

فيما يلي نموذج للدراسة:

بالإمكان عقد الفصل الدراسي في أي من هاتين الحجرتين. كلتاهما تناسب عملية التعليم، لكن تعتبر إحدى الغرفتين أفضل من الأخرى اعتمادا على الهدف الذي ننشد تحقيقه؛ إحدى الحجرتين تناسب أسلوب المحاضرات، والأخرى تنسجم مع التعلم النشط القائم على روح الفريق. وعلى سبيل المجاز، هذا هو ما يمكن تحقيقه عن طريق القوالب والمزايا المدفوعة. فهي تُمكن المعلمين من تغيير الطريقة التي يتبعونها في التعليم، كما أنها تمكنهم من إحداث أنواع متعددة من التفاعل المثمر. كما يستطيع المعلمون تحويل مشاعر طلابهم تجاه المحتوى وتفاعلهم فيما بينهم.

مستويات دعم المدونة


مديري المدونة: وهم المكتبيون – أو غيرهم داخل الحرم الأكاديمي – الذين يعملون بالتعاون مع أعضاء هيئة التدريس لإطلاق مدونة أو غيرها من الأدوات ضمن الدورة الدراسية.

المشاركين: وهم المكتبيون المرتبطون كليا بالدورة الدراسية ويتفاعلون بصورة مباشرة مع خيرة التعلم ويسهمون في تشكيلها.

الشركاء: وهم المكتبيون الذين يقومون بأعمال المتابعة والتحديث والتي يطلق عليها Custom Coding، أو أعمال البرمجة بغرض توسيع نطاق أو تطوير إمكانات الأدوات المتاحة. قد تضم هذه الأعمال شراء قوالب أو مميزات إضافية، علاوة على ابتكار استراتيجيات جديدة للتعلم، والواجبات، والتفاعل مع الأقران.

المطورين: في الختام، هؤلاء هم منتهى أملي وطموحي، وهم الأفراد القادرين على تطوير خبرات منقطعة النظير. فبدلا من شراء قالب، ماذا لو استطعت أنت تبتكر القالب الخاص بك؟ ماذا لو كان بإمكانك أن تبتكر دورة دراسية حول سلسلة بعينها من التفاعلات على أساس المجتمع الافتراضي الذي لا وجود له على أرض الواقع بعد؟ ماذا لو تضمنت الدورة الدراسية بناء بيئة المجتمع الافتراضي؟ لماذا ينبغي أن يقتصر أعضاء هيئة التدريس على ما هو متاح وحسب؟ ماذا لو قمنا بتحفيز أعضاء هيئة التدريس وتمكينهم – هم وطلابهم – على تخيل أنواع جديدة من المصطلحات العلمية أو آليات المشاركة؟ عندئذ، يصبح المكتبيون مطوري برامج يقومون بابتكار أدوات و تحسينات تم تصميمها لإثراء التجربة الأكاديمية.
لو توقف طرح هذه الأستاذة عند حدود هذا الطلب وحسب، لم أكن لأكتب مدونتي هذه. لكني في واقع الأمر أعقد مثل هذه المداولات مع العديد من الأطراف، الذين تتوفر لديهم خبرة التعامل مع أدوات التواصل الاجتماعي – على الصعيد المهني أو الشخصي – ويريدون تجربة أشياء جديدة؛ فهم أحيانا ما يحتاجون إلى تحفيز الانطلاق الفكري والابتكار. وأحيانا ما يحتاجون إلى المساعدة بشأن الإعدادات والتهيئة، أو المساعدة بخصوص المنهج التربوي، أو تطبيق أداة بعينها على محتوى محدد. وأحيانا ... ما يحتاجونه بالفعل هو ... مزايا أو خصائص لا تتوفر لهم.

هذه فرصة للتأثير على عملية التعلم بأسلوب جديد. إننا نتداول الحوار كثيرا حول فضاءات التعلم ... والتي أحيانا ما تكون في العالم الافتراضي.

كتبه: براين ماثيو للـ Chronicle