حتى عهد قريب، كان يطلق اسم "شؤون العاملين" على إدارة الموارد البشرية. وعلى مدار السنوات المنصرمة، كانت هذه الإدارة "شؤون العاملين" تختص بمعالجة شكاوى العاملين، وإضراباتهم، وتقوم بإصدار كشوفات الرواتب، والمكافئات، واتسمت أعمالها بالمهام الإدارية في المقام الأول.
مع ابتكار تقنيات جديدة، وتطورات في مجال الاتصالات سواء على المستوى الشخصي أو المهني، فقد أدى التقدم السريع في عالم الأعمال إلى تطور الدور الذي تقوم به إدارة الموارد البشرية. يضاف إلى ذلك التحديات التي يمثلها قانون التوظيف، والاقتصاد المتأرجح، وجيل الألفية الجديدة ودخوله إلى القوة العاملة، مما يضع أمام أعيننا أسباب تطور قطاع الموارد البشرية. تسيطر على عالم المؤسسات الكبيرة في العصر الحديث حمى الاستحواذ على "أعلى المهارات" والاحتفاظ بها – بدأ من البحث عنها، وتوفير عوامل جذبها، والاحتفاظ بأفضل المرشحين من بينها. من هنا، أصبحت المؤسسات تعتمد على إدارة الموارد البشرية للقيام بهذه الوظائف، مما يمنح هذه الإدارة ذراعا طولى تمتد إلى التخطيط الاستراتيجي على مستوى المؤسسة بكاملها.
مع الأعمال اليومية التي يتعين على إدارة الموارد البشرية القيام بها - مثل الرواتب، الالتزام، علاقات المنسوبين فيما بينهم، تنوع القوة العاملة... إلى غير ذلك من المهام، فقد اكتسبت مهام خبراء الموارد البشرية بعد استراتيجيا أكثر من أي وقت مضى.
من بين المهام التي تقوم بها الموارد البشرية باعتبارها شريكا استراتيجيا:
-
ثقافة المؤسسة. تعتبر ثقافة المؤسسة – التي تلقى قبولا لدى نوعية المرشحين التي تسعى المؤسسة إلى توظيفهم – من بين طرق جذب الموهوبين والاحتفاظ بهم. ومن هنا، فقد تطور دور إدارة الموارد البشرية ليتضمن بناء ثقافة واضحة للمؤسسة، والتي تمثل ما تتبناه من قيم، وتجذب إليها المرشحين المنشودين. تتراوح عوامل جذب المنسوبين المحتملين بين أشياء كثيرة، منها ساعة الترفيه وتوزيع المثلجات مرة أسبوعيا، إلى المرونة وإمكانية العمل من البيت، إلى توفير رياض الأطفال في الموقع، إلى نقاشات العصف الذهني – كل ذلك يؤثر على تخطيط المؤسسة لثقافتها لجذب هؤلاء المنسوبين. أصبح ضمن مهام إدارة الموارد البشرية التأكد من توافق ثقافة المؤسسة مع أسمى القيم التي تتبناها أفضل المواهب (وفقا لاحتياجات المؤسسة).
-
تخطيط الأعمال. لقد خرجت إدارة الموارد البشرية من بوتقة تنفيذ مهام إدارية بحتة إلى الانخراط في جانب إدارة الأعمال في المؤسسة. تعتمد المؤسسات على المعلومات التي ترد إليها من الإدارات المختلفة لاتخاذ القرارات، والاطمئنان إلى سير عجلة الأعمال إلى الأمام. أصبحت إدارة الموارد البشرية مصدر المعلومات التي اكتسبت أهميتها في ضمان نجاح الأعمال. يتعين أن يساند المنسوبون رؤية المؤسسة ورسالتها، وقد أصبحت هذه المهمة جزء أساسيا من دور الموارد البشرية، والذي أصبح بدوره من أهم أهداف المؤسسة. بفضل إسهام الموارد البشرية في تطوير التخطيط الاستراتيجي للأعمال، فقد أصبحت الموارد البشرية تشكل الشريك أو الاستشاري للمؤسسة.
- تزويد المؤسسة بالكفاءات الموهوبة والاحتفاظ بها. أصبح دور الموارد البشرية أكثر تركيزا على جذب المواهب، والتأكد من رعايتهم وسعادتهم بالقدر الذي يحفزهم على القاء للمدى الطويل في المؤسسة. مع زيادة أعداد الموهوبين (أعداد كبيرة من حاملي الدرجات العليا، وتراكم الخبرات عبر برامج التدريب) وزيادة التنافس على توظيف الكفاءات الموهوبة (تعمل مؤسسات كثيرة هذه الأيام – بدأ من المؤسسات المبتدئة والعتيقة)، فإن مهمة إدارة الموارد البشرية ليست بالسهلة. يتعين على إدارة الموارد البشرية وضع الخطط التي توضع نوعية المواهب التي تحتاج إليها المؤسسة لتحقق النجاح المنشود، والبحث عن المرشحين، وجذبهم للتقديم إلى الشواغر المعلنة في المؤسسة، التأكد من بقائهم فيها.
-
إدارة الأداء. كانت المهمة التقليدية لإدارة الموارد البشرية الدفاع عن المنسوبين – التأكد من الوفاء باحتياجاتهم، وحل التحديات بسرعة لصالحهم (وصالح المؤسسة)، والتأكد من سعادتهم ورضاهم بوظائفهم. لقد تطورت هذه المهمة التقليدية لتتضمن إدارة الأداء، بمعنى تقييم مهارات المنسوبين، وإمكانياتهم، ومن ثم تصميم نظام من شأنه تحقيق تقدم القوة العاملة في المؤسسة. هذا النوع من المهام يعني ترقية الموظفين الذين يحرزون تميزا في أعمالهم، ومن عبروا على اهتمامهم بتطوير سيرهم الوظيفي مع المؤسسة. أصبح الآن تطوير، وإدارة وتحليل تقارير أداء المنسوبين من أهم أعمال إدارة الموارد البشرية، والتي تعمل عن كثب مع المديرين، وكبار المنسوبين للتأكد من ارتقاء الأشخاص المناسبين سلم الترقي الوظيفي داخل المؤسسة.
-
التدريب والتطوير. أخيرا وليس آخراً، أصبح توفير فرص التدريب والتطوير المهني للمنسوبين أساساً تقوم عليه إدارة الموارد البشرية الحديثة. يتوقف نجاح المؤسسة على تأهيل منسوبيها بالمهارات والتدريب اللازم للمنافسة بفاعلية في مجال الصناعة، وتحقيق تقدم المؤسسة. من شأن توفير مثل هذه الفرص (بما فيها توفير فرص متابعة الدراسات العليا، مثل الحصول على ماجستير إدارة الأعمال) على نفقة المؤسسة يعكس الثقافة التي تتبناها المؤسسة والتي تقيم وتثمن التقدم والتطوير المهني. كما يجد المنسوبون سعادة في الاشتراك في الأنشطة التي تفيدهم على المستوى المهني، ومن ثم يكونوا أحرص على البقاء في المؤسسة التي تقيم وتثمن نفس الشيء.
هل لاحظت ذلك التطور الذي مرت به إدارة الموارد البشرية في مؤسستك؟
ما المهام الأخرى التي أصبحت جزء طبيعيا من مهام إدارة الموارد البشرية الحديثة؟
هل لديك ملاحظات على إدارة الموارد البشرية في مؤسستك؟
مترجم عن Eric Friedman لـ Saba