مدونة نسيج

العوالم الافتراضية: الحياة الثانية Second Life كنموذج لعالم افتراضي معلوماتي

Written by هيام حايك | 09/03/2013 12:04:48 ص

الحديث عن العوالم الافتراضية وتحديداً الحياة الثانية, هو موضوع كبير ومتشعب, لذا من الصعب اختزال كم كبير من المعلومات والحقائق في عدة صفحات. من هنا سنقوم بنشر هذا الموضوع وعلى مراحل متعددة. يمكن للراغبين في معرفة الكثير عن هذه العوالم متابعتنا من خلال مدونة نسيج.

مصطلح العالم الافتراضي:

يستخدم عادة مصطلح "العالم الافتراضي" لوصف الأماكن التي يقطنها الناس في بيئات بوساطة الكمبيوتر والتي من الممكن أن تتفاعل مع الأشياء والآخرين عبر النص والصوت والحركة أو صور الكمبيوتر. ويمكن الاطلاع على أصولها في كثير من روايات الخيال الأدبي مثل رواية Neuromancer لـ "وليام جيبسون" (Gibson, 1984: 67) حيث تتمحور رؤية "جيبسون" حول العوالم الافتراضية في أشكال مختلفة، تم بناءاً عليها ما شاهدناه في فيلمThe Lawnmower Man (1992) و فيلم The Matrix ( 1999) ومن ثم فيلم Avatar (2009).

كل من هذه الرؤى تركز على تعزيز التواصل الاجتماعي بين الناس والذي يمكن أن يتحقق عن طريق التكنولوجيا الرقمية. يحدث هذا التفاعل في كثير من الأحيان عن طريق صورة رمزية ‘avatar’ والذي يصف الأداة التي توظف لتمثيل هوية المستخدم، بغض النظر إذا ما كانت هذه الهوية لديها أي تشابه والشخصية في العالم الحقيقي.

في الربع الأول من عام 2012، بلغ مجموع الحسابات المسجلة في قطاع العوالم افتراضية 1,921 مليون وهذا يعني زيادة قدرها (736 مليون) عن الحسابات المسجلة في الربع الأول من عام 2011 والتي كانت تبلغ 1,185 مليون حساب. (اضغط الرسم التالي)

إن دلت هذه الإحصائيات والأرقام على شيء فإنها تدل على كثافة تواجد مواقع العوالم الافتراضية على الإنترنت والتي يزورها يومياً ملايين الناس من كل مكان في العالم ، بكل ما لديهم من تنوع في الثقافات والسلوكيات والأفكار، والتي يحظى الناس فيها بحرية أكثر من العالم الحقيقي حيث شخصياتهم الحقيقية غير معلومة ولا تسري عليهم الكثير من الظروف المقيدة للواقع. إذن الأمر تخطى ساعات من أجل المرح وقضاء الأوقات فقط ، ولم تعد مقصورة على شريحة معينة أو جهة معينة فالكل يتواجد في هذه المساحات الافتراضية ويشكل طبيعة الوجود الذي يرغب فيه والمصالح التي تربطه بهذه العوالم.

  • استخدم خبير المعلوماتية "جارون لانييه" Jaron Lanier للمرة الأولى تعبير "افتراضي" كي يصف حقل التكنولوجيا الجديدة. فقد أراد الإشارة إلى الواقع (la réalité) ضمن التجارب الحسية التامة حيث تكون كل الحواس مشتركة، بوساطة وسيط إلكتروني. وهذا ينفي كونه عالم تخيلي فقط، لذا كانت الحاجة إلى إضافة وصف لتمييزه، فأتى تعبير "واقع افتراضي" لتأكيد واقعية هذا العالم .
  • الفيلسوف الفرنسي "جيل دولوز" لا يضع الافتراضي في إزاء الواقعي في "الاختلاف و التكرار"، بل يعارضه بالحالي (الراهن). ويقيم مربّعاً تصورياً: ممكن - واقعي وافتراضي – حالي. فالافتراضي جزء من الواقعي الموجود خلف الحالي، وكل حالي محاط بضباب من الافتراضي: "لا يُعارَض الافتراضي بالواقعي، ولكن فقط بالراهن. ويمتلك الافتراضي واقعاً تاماً.
  • يشير "بارتل" (Bartle, 2003, p. 1) إلى أن العوالم الافتراضية هي الأماكن التي يلتقي فيها ما هو خيالي بما هو حقيقي.
  • يرى "فيليب ريغو"، في "أبعد من الافتراضي" تقارباً بين الواقعي و الافتراضي، إذ أظهر الفكر البنائي أن ما نأخذه بمثابة واقع هو أصلاً بناء (construction)، ويدرك ذهننا العالم المحيط بنا في الوقت نفسه الذي يبنيه فيه، وتالياً يصبح التمييز بين الواقعي والافتراضي دقيقاً.

اليوم وعلى أرض الواقع وبعد الثورة التي أحدثها انتشار الإنترنت وما رافقها من إمكانيات هائلة لتبادل المعلومات بسرعة فائقة دون التقيد بالبعد الجغرافي، تم استحداث كماً هائلا من التطبيقات للتواصل إلكترونياً.

تمثل غرف الدردشة الجماعية Chatting Rooms بداية ظهور هذه العوالم الافتراضية على الإنترنت حيث يمكن التواصل بالكتابة وتبادل الملفات والصور بشكل محدود، ثم بدأت موجة ألعاب الفيديو الجماعية والتي استحوذت اهتمام شريحة كبيرة من مستخدمي الإنترنت ثم تطور الأمر لتتلاشى الحدود شيئاً فشيئاً بين العالم الواقعي وتلك العوالم الافتراضية التي باتت هي صورة تكاد تكون طبق الأصل من العالم الواقعي حيث يتواجد فيها ملايين البشر يتعاملون ويتعلمون ويبيعون ويشترون ويمارسون أدق تفاصيل حياتهم اليومية (Haraway, 1985; Turkle, 1995).

تؤكد معظم التعريفات على أن "العالم الافتراضي" هو بيئة محاكاة تفاعلية يستطيع المستخدم الوصول إليها من خلال واجهة الموقع أو برنامج العرض. وتسمى العوالم الافتراضية أحيانا بالعوالم الرقمية " digital worlds "، العوالم المحاكاة " simulated worlds ألعاب متعددة اللاعبين " MMOG's هناك العديد من العوالم الافتراضية المختلفة و المتنوعة، قد تختلف المسميات إلا أن هناك سمات مشتركة فيما بينهم, نذكر منها ما يلي:

  • مساحة مشتركة :Shared Space العالم الافتراضي يسمح للعديد من المستخدمين المشاركة في آن واحد.
  • واجهة المستخدم الرسومية :Graphical User Interface GUI العالم الافتراضي يوفر فضاءً بصرياً، يمكن عمل الكثير من تطبيقات 2D كما نرى في الرسوم المتحركة أو3D كما نرى في البيئات الغامرة. وهو يوفر قاعدة عريضة من النمذجة والتركيب ، والإضاءة ، والرسوم المتحركة.
  • الفورية: Immediacy التفاعل يحدث في الوقت الفعلي, مما ينقل المستخدمين من التفاعل المجرد إلى الألفة الحقيقية والقرب الشخصي.
  • التفاعل :Interactivityالعالم الافتراضي يتيح للمستخدمين اتصالاً وتفاعلاً متعدد الاتجاهات, مما ينقل الحوار نقلة نوعية تواكب تغيرات العصر, تتيح للمستخدم أن يبني معارفه الجديدة من خلال عملية تواءم شخصية مع المعلومات الموجودة في بناءه الإدراكي السابق. كما يمكن لهذا التفاعل في البيئات الافتراضية تغيير وتطوير و بناء، أو تقديم محتوى مرغوب فيه.
  • الثبات : Persistence العوالم الافتراضية موجودة و مستمرة, بغض النظر عن ما إذا كان لا يزال يتم تسجيل المستخدمين والدخول فيها.
  • المجتمعية :Socialization العالم الافتراضي يسمح ويشجع على تشكيل التجمعات الافتراضية مثل الفئات الاجتماعية المتماثلة والنقابات والنوادي و الزمر، والأحياء، ,والجيران ... الخ.

موضوع النشر التالي والمكمل لهذا الموضوع سيتناول التعريف ببعض العوالم الافتراضية مع التركيز على تعريفات الحياة الثانية.

المصادر:

  1. http://www.kzero.co.uk/blog/category/universe-graph/
  2. http://www.vrs.org.uk/virtual-reality/who-coined-the-term.html
  3. "Interactive Multi-User Computer Games"
  4. Zhai, Philip (1998). Get Real. A Philosophical Adventure in Virtual Reality. Lanham, MD: Roman & Littlefield.
  5. Turkle, S. Life on the Screen: Identity in the Age of the Internet. London: Weidenfeld and Nicolson, 1995.

بقلم – هيـام حايك