لابد من أن الكثير تساءل: لماذا كانت هذه الصفقة الكبيرة؟ لماذا تم التحالف مابين محرك Graph Search التابع للفيسبوك مع محرك البحثBing التابع لشركة مايكروسوفت ليصبح جزء من ميزة البحث الخاصة بهم؟ قد يمكن أن يكون تلخيص الجواب في كلمة واحدة: التركيز.
أسباب التحالف مابين الفيسبوك و Bing
التحالفات الإستراتيجية هي اتفاق رسمي بين مؤسسات وشركات مستقلة يتم التعاقد بينها لفترة طويلة بهدف تأمين درجة من التعاون بينهما وهذا لتحقيق مصالح وفوائد مشتركة، للحصول على الموارد الموجودة في الشركات الأخرى بما يحقق التكامل والمزايا التنافسية لكل الشركاء.
في ضوء هذا التعريف نحاول هنا البحث في الأسباب التي دفعت بكل من مايكروسوفت وفيسبوك للتحالف والشراكة من خلال محرك البحث Graph Search التابع للفيسبوك. وانطلاقاً من أن الفيسبوك يتمتع بشهرة عالية رأيت أنه من الأهمية هنا التعريف بمحرك البحث "بنغ" Bing.
بنغ Bing هو محرك البحث التابع لشركة مايكروسوفت والذي أعلن عنه "ستيف بالمر" الرئيس التنفيذي في مايكروسوفت كمحرك القرار "decision engine " في مؤتمر كل شيء رقمي All Things Digital المنعقد في "سان دييغو"، بتاريخ 28 مايو 2009 والذي تم الإعلان فيه عن Bing كبديل Live Search، بدأ "بينغ" Bing عمله بالكامل في 3 يونيو 2009.
تم تصميم هذا المحرك البحثي كمنافس لرواد هذا المجال "جوجل" و "ياهو"!، إلا أن شركة مايكروسوفت تعرضت وعلى مدي طويل لانتقادات كثيرة بشأن محرك البحث BING والذي وصفه الكثير على أنه مضيعة للمال وليس من المحتمل أن تكون له أي حصة في السوق الذي تهيمن عليها (Google) و(YAHOO). كما أن جودة عمليات البحث في BING لا تؤهله أن يكون قريبا من المنافسين في السوق الرقمي.
ذلك دفع بميكروسوفت للبحث عن تحالفات تقوي من محرك البحث Bing ومواصلة العمل على تطوير جهودها وإضافة ميزات ليكون على قدر التحدي والمنافسة.
مزايا البحث الجديدة في Bing
لماذا اختارت الفيسبوك Bing وليس جوجل
تنظر مايكروسوفت إلي خسارة جوجل في التحالف مع فيسبوك على أنه مكسبا حقيقيا لمايكروسوفت نظراً لاستحواذ الفيسبوك على قاعدة عريضة من المستخدمين. أما Mark Zuckerberg المدير التنفيذي للفيسبوك فهو يري أن هذا التحالف مع مايكروسوفت ليس مستغربا إذا ما تم الأخذ في الاعتبار العلاقات القوية التي تجمعهما معا منذ عام 2007. كما أشار إلي أن الفيسبوك كان يهمه الدخول في تحالف مع شريك قوي مثل جوجل، لكن تم التخلي عن هذا القرار لأسباب تتعلق باعتبارات الخصوصية لمستخدمي الفيسبوك .حيثُ رفضت جوجل إزالة المعلومات الخاصة بمستخدمي الفيسبوك من قوائم البحث لدى جوجل في حالة قيام المستخدم بتغيير الحالة من ” عامة “ إلى ” خاصة“. جوجل غير مُستعدة لاستيعاب احتياجات الخصوصية لدى مستخدمي الفيسبوك ، مثلا عند تغيير إعدادات الخصوصية لصورة فوتوغرافية إلى ” خاصة “ فمن المفترض عدم ظهورها في نتائج البحث العام.
المحرك الجديد أفضل بكثير من مربع البحث القديم و الذي لا يوفر للمستخدمين أفضل نتائج بحث ممكنة، كما أن البحث القديم لم يوفر الكثير من الفرص للمؤسسات الصغيرة كي تحقق نموا كبيرا من حيث المتابعين و الشعبية و عكس ما يمكن لمحرك Facebook Graph Search أن يوفره.
إستراتيجية Facebook Graph Search هي نفسها تلك التي يعمل وفقها محرك بحث جوجل، و بعبارة أبسط فان محرك بحث الفيسبوك يعمل وفق خوارزميات سرية، يعتمد عليها لترتيب و إبراز نتائج البحث .
مكتسبات التحالف للشركاء
فيما تحاول Bing تعظيم تواجدها في مجال التسويق الرقمي، والذي غالبا ما يتم تجاهله نظرا للرؤية السائدة لميكروسوفت كرائدة في مجال البرمجيات، إلا أنه لا يمكن تجاهل جهودها في إعادة هيكلة نشاطها والتركيز على الخدمات وسط انخفاض مطرد في الطلب على أجهزة الكمبيوتر. ذلك عجّل في السنوات القليلة الماضية بتغيير الأمور بشكل دراماتيكي. على الرغم من أن شركة (Google) لا تزال تسيطر وتهيمن على الحصة السوقية الأكبر لمحركات البحث، نرى BING تكتسب حصة سوقية في الوقت الذي تفقد ثلاث محركات أساسية متمثلة في Yahoo، Ask Network و AOL جزء من حصتها السوقية وفقا لكومسكور comScore، والتي أعلنت في منتصف أغسطس 2013 عن هيمنة جوجل على 67.0٪، والذي يمكن أن يكون ارتفاعا طفيفا إذا ما تم مقارنته بالعام الماضي والذي سجل 66.8٪ من الحصة السوقية. سجل Bing أعلى ارتفاع حيث قفزت حصته في السوق من 15.7٪ إلى 17.9٪. وجاء هذا النمو على حساب Yahoo، Ask Network و AOL. حصة "ياهو" في السوق تقلصت من 13.0٪ إلى 11.3٪ خلال نفس الفترة، في حين انخفضت حصة Ask Network من 3.1٪ إلى 2.7٪ وانخفضت حصة AOL السوقية من 1.5٪ إلى 1.2٪. إذا استمر هذا الاتجاه، وسوف تحتل جوجل حصة في السوق تبلغ 70٪ تليها بنج 20٪ بحلول عام 2015.
وبالرغم من تربع جوجل على القمة كما نري إلا أنه لا يمكن تجاهل الحراك الذي يشهده محرك بنج ولا تجاهل التحالف ما بينه وبين فيسبوك وأثره في ارتفاع حصتها السوقية.
هذا التحالف يسعي من وراءه الفيسبوك إلي الحصول على المزيد من الاهتمام من طرف رجال الأعمال و الباحثين عن عمل، و أن تكون هذه الشبكة ليست فقط للترفيه و بناء جماهير و متابعين بل أيضا للوصول إلى فرص الاستثمار الجديدة و فرص شغل و تقريب التواصل بين مدراء المشاريع و أصحابها من جهة و الموظفين و العاملين من جهة أخرى، ذلك يجعل من الفيسبوك منافساً لشبكة الأعمال لينكدن والتي تستهدف مجال العمل والباحثين عن فرص التوظيف.
يشيرZuckerberg إلى الفرق بين البحث على الشبكة العنكبوتية والبحث عن طريق خدمته الجديدة، مبيناً أن "Graph Search" تم تصميمها لتعطي أجوبة ونتائج أكثر دقة.
هنا لابد لنا من وقفة وملاحظة أن مجرد التركيز على Graph Search ذلك لا يعني أنه سيتم النجاح في التغيير بشكل كبير وفي وقت قريب للطريقة التي يستخدمها بليون من الناس في البحث عن منتج معين، بالطبع ذلك سيتطلب وقتا طويلا والكثير من التعليم. هناك أيضا تلك المسألة المتعلقة بالخصوصية التي قد تطرح العديد من القضايا. ذلك يذكرنا بما فعلت "جوجل بلس" خلال السنة الماضية عندما طرحت ميزة "ابحث في عالمك"“Search Plus Your World” والتي تتيح البحث في اختيارات ونشاط أصدقائك. حيث انهمرت عليها العديد من الانتقادات من قبل "تويتر" ومن قبل المدونيين ومن خبراء مواقع التواصل الاجتماعي إلى حدّ اتهام "جوجل" أنه يحاول احتكار الويب وأنه يعرض نفسه لتهمة الاحتكار .
في النهاية مصلحة الشركاء هي التي تحدد استمرارية هذه التحالفات، ومن الطبيعي أن يبحث الفيسبوك على شريك آخر إذا ما فشل تحالفه مع "بينغ".
اعداد: هيام حايك – كاتبة بمدونة نسيج
المصادر: