تشير مبادرة بودابست للنفاذ الحر Budapest Open Access (2002) إلى حاجة العلماء والباحثين إلى وسيلة لإطلاق جيل جديد من المجلات الملتزمة بالوصول المفتوح أو الوصول الحر، والتي تساهم في وصول الإنتاج العلمي المنشور في المجلات العلمية المحكمة المتاح على الإنترنت للقراء بالمجان؛ ذلك يدفع بهؤلاء إلى البحث عن أساليب مختلفة لتغطية أو تقليل نفقات النشر والإنتاج. وفي هذا السياق نجد العديد منهم يتجه إلى المؤسسات والحكومات التي تدعم البحوث، والجامعات والمختبرات التي توظف الباحثين، والتبرعات الوقفية للمؤسسات، وأصدقاء قضية الوصول الحر... الخ.
تعتبر برمجيات النشر الحر (free publishing software) أحد الحلول الرئيسية التي تساعد على النشر والتقليل من أعباء تكلفة المنتج المنشور، والتي تمكن الناشرين من استخدامها، ونسخها، ودراستها، وتعديلها، وإعادة توزيعها بقليل أو بدون أي قيود، بالإضافة إلى حرية دراسة وتعديل الشفرة المصدرية للبرنامج ومشاركة المجتمع بالتعديلات.
نستعرض هنا بعضاً من أهم برمجيات نشر المحتوى المفتوحة المصدر والتي لم يتم تناولها في الأدبيات العربية، حيث ركزت بعض الأدبيات العربية على أنظمة مثل نظام جرينستون والذي تم تطويره و توزيعه بالتعاون مع اليونسكو وجمعية هيومان إنفو غير الحكومية في بلجيكا. وعليه، سيتم التطرق إلى البرمجيات التالية:
برمجيات SciX Open Publishing Services (SOPS) :
برمجيات (SOPS) هي نتيجة لمشروع بحثي ممول من الاتحاد الأوروبي، كان متوفرا بحرية بموجب مفتوح رخصة المصدر. وجاءت النسخة الأولى من البرنامج في مارس 2004 بهدف تطوير الخدمات على شبكة الإنترنت بما يسمح بالنشر العلمي وتبادل المعلومات... تسمح برمجيات (SOPS) بنشر المحتوي العلمي لأشكال متعددة من الوسائط الإعلامية مثل:
-
المحفوظات والأرشيف الشخصي
-
الأرشيف والمحفوظات المؤسسية
-
المجلات الإلكترونية
-
وقائع المؤتمرات الإلكترونية
-
حلول إدارة تدفق إجراءات العمل Workflow للعناصر الإلكترونية السابقة.
حتي يومنا هذا لم يصدر من برمجيات SOPS إلا إصداراً وحيداً هو الإصدار 1.0 فقط، والذي تم تصميمه ليدعم عملية الوصول إلى المواد المنشورة بسهولة من خلال واجهات المستخدم على الويب. يعتمد بناء SOPS على WODA (Web Oriented Database) قاعدة البيانات التي تم تقديمها من قبل Ziga Turk في عام 1996. توفر WODA الخدمات مثل إدارة المستخدم، و المناقشات، التصنيف، استعراض، دعم عملية الاستعراض الخ. قواعد البيانات من WODA متاحة مجانا، لا يحتاج المرء سوى خادم الويب web server ليتمكن من التعامل مع PERL scripts لاستخدام SOPS، حيث تتميز لغة perl بقدرتها على التعامل مع سلاسل النصوص.
من أهم ميزات SOPS ما يلي:
-
التعامل مع مجموعة من مجموعات مبادرة بروتوكول الأرشيف المفتوح لحصاد واصفات البيانات Open Archives Protocol for Metadata Harvesting وفقا لمعيار OAI-PMH 2.0.
-
التوافق مع برامج إدارة الاقتباس مثل برنامج Reference Manager وبرنامج Citation Manager وبرنامج إدارة المراجع EndNote.
-
التوافق مع شريط البحث في Microsoft Office 2003
-
مزود بخدمة RSS والتي تمكن المستخدم من الحصول على آخر الأخبار فور ورودها.
-
متعدد اللغات: اللغة الإنجليزية، واللغات الألمانية والسلوفانية
-
يسمح النظام للمستخدمين بتعديل (إضافة / حذف / تحديث) التعريف / وثيقة كاملة وإضافتها داخل مستودع
-
يوفر SOPS ملف سجل مفصل لجميع المستخدمين مع تفاصيل مثل: تسجيل دخول كل مستخدم إلى النظام، وما يتم من إجراءات من قبل كل مستخدم، المدة الزمنية، عنوان الجهاز IP الذي تم الحصول منه على الوثائق.
كما يمكن استخدام برمجيات SOPS لتنظيم جميع المهام ذات الصلة بالمؤتمر عبر الإنترنت مثل: تقديم الملخصات وأوراق العمل، واستعراض الإنترنت والجدولة، إخطارات البريد الإلكتروني إلى الكتاب، إنشاء المؤلف وعنوان الفهارس، وجدولة الدورات، ونشر الملخصات و الجداول على شبكة الإنترنت... الخ.
عيوب نظام SOPS:
-
النظام لا يقوم بإجراء مراجعة المواد المكررة. مما يتسبب في إضافة نفس الوثيقة الرقمية عدة مرات.
-
النظام لا يدعم تحميل المواد الرقمية من رابط قائم، فلابد أن تكون الوثيقة متوفرة على القرص المحلي.
-
النظام لا يقوم باستيراد برامج الدعم من بيانات التعريف التلقائي للكائنات الرقمية في مستودع.
-
لا تتوفر روابط URL تمتلك قدرة مستمرة على التعامل مع التغيير الذي يستجد على المواد المخزنة, مع الاحتفاظ بنفس رقم المعرف.
-
لا يوجد نظام يحافظ على سير تدفق العمليات، فما يقوم به هو السماح بإنشاء المستخدمين والسماح لهم بتقديم وثائق تضاف إلى المخزون.
-
لا يمتلك النظام سياسة يمكن أن تحدد قبول / رفض لكافة المستندات التي يتم إضافتها إلى مستودع.
-
لا يوفر النظام صفحة رئيسية لكل مجموعة
-
لا يقوم بإرسال إشعار البريد الإلكتروني للمستخدمين والكتاب أو المراجعين أو إشارة بالمواد المعلقة التي لم تنشر بعد.
-
لا يدعم أساليب تنظيم المعرفة كالنظريات، والموسوعات، ونظم التصنيف وتصنيفات المستخدمين أثناء إضافة الوثائق عبر شبكة الإنترنت في المستودع.
-
النظام لا يدعم تجميع الكائنات الرقمية في هياكل منظمة (الخطي / الهرمي / أشكال رسومية).
-
لا يوفر نظماً قادرة على إظهار قوة كل مجموعة.
برمجيات Open Journal Systems
برمجيات المجلة المفتوحة (OJS) هي نظم إدارة المجلات العلمية ونشرها على الإنترنت والتي تم تطويرها ضمن مشروع المعرفة العامة Public Knowledge Project في جامعة كولومبيا البريطانية، والذي يهدف إلى توسيع وتحسين فرص الحصول على الأبحاث والدراسات. يشرف على تطويرها حاليا هيئة مشتركة تتألف من PKP، والمركز الكندي للدراسات و النشر ومكتبة جامعة سيمون فريزر. نظام OJS هو أحد البرمجيات المفتوحة المصدر المتاحة الذي ستخدم بحرية نشر المجلات لغرض جعل نظام الوصول المفتوح خيارا قابلا للتطبيق لمزيد من المجلات في جميع أنحاء العالم، الوصول المفتوح يساهم في زيادة عدد القراء، فضلا عن مساهمتها في الصالح العام على نطاق عالمي.
خصائص نظام OJS
-
يتم تثبيت OJS على السيرفر الخاص بك وبالإمكان التحكم به داخلياً.
-
يوفر للمحررين إمكانية إعداد الاحتياجات المطلوبة مثل: الأقسام، عملية الاستعراض... الخ
-
الدخول إلى الإنترنت وإدارة المحتوى.
-
نموذج الاشتراك مع خيارات الوصول المفتوح.
-
فهرسة شاملة للمضمون.
-
قراءة أدوات المحتوى، استنادا إلى الحقل واختيار المحررين.
-
إشعار البريد الإلكتروني وتعليقات القراء.
-
سياق متكامل لتعليمات الدعم عبر الإنترنت.
-
المحررون والذين ليس بالضرورة أن يكونوا موظفي تقنية معلومات (not IT staff) يستطيعون إعداد النظام وتجهيز الأقسام ومراجعة العملية.
-
هناك نوع من الاشتراك، لأولئك الذين يختارون استخدامه، مع تأخير خيارات الوصول المفتوح.
-
يتضمن OJS أدوات قراءة المحتوى، استنادا إلى حقل الموضوع واختيار المحررين.
-
المستخدمون يتواصلون عبر اختبارات البريد الإلكتروني والذي يتضمن إمكانية التعليق.
-
دعم فوري للسياق التعليمات الفورية فضلا عن توفر منتدى دعم المستخدمين.
لماذا نظم المجلة المفتوحة؟
- برمجيات Open Journal Systems هي من البرمجيات المميزة لقدرتها على المساعدة في كل مرحلة من مراحل عملية النشر، سواء في التقارير أو النشر أو الفهرسة، وذلك من خلال واجهة سهلة الاستخدام، ذلك يكون في غاية الفائدة للذين يجدون أنفسهم بحاجة إلى تنظيم أكثر لضمان تدفق العمل بشكل أفضل، أو الجُدد في مجال نشر المجلات العلمية على الإنترنت؛ كما أن خيار التحميل السريع quick upload option يساعد الناشرين على الإسراع في إنجاز أعمالهم سواء كان على مستوى النشر أو الأرشفة.
- توفر Open Journal Systems حضوراً على الإنترنت حداثي التصميم من خلال واجهة متناغمة الألوان واضحة المعالم مما يتيح للمستخدمين سهولة التنقل بين الخيارات المعروضة مما يضمن متعة للاستخدام.
- تمكن برمجيات Open Journal Systems المستخدمين من الاستفادة الكاملة عبر الإنترنت، وذلك عبر توفير الكثير من خيارات البحث للقراء، حيث يمكن للقراء اختيار البحث عن النص بأكمله، أو حصر البحث على العناوين، والمؤلفين، أو المستخلصات، أو للبحث عن ما سبق جميعا، كما يمكن للقراء أيضا تصفح المجلات وفق المؤلف، العنوان أو الموضوع.
- مستخدمو Open Journal Software قادرون على التعامل مع الاشتراكات والحد من الوصول إلى مستويات مختلفة من المعلومات في المجلة، مثل عرض جدول المحتويات وحصر النص الكامل للمقالات على المشتركين.
- البيانات المخزنة داخل منظومة برمجيات المجلة المفتوحة قابلة للتصدير، مما يسمح لها بالتكامل مع قواعد البيانات الكبيرة مثل بوابات البحث الأكاديمية. هذا يفتح مجالا أكبر أمام القراء المحتملين للتعرف على المجلات العلمية.
- كما يمكن للمستخدمين تثبيت إضافات مختلفة لكل مجلة أو تعطيل بعض الإضافات. تعتبر النسخة المخبأة ميزة مهمة لما لها أثر من عدم تكدس الملفات. إعدادات أباتشي Apache settings مختلفة لكل مجلة ونطاقات متعددة multi-domains و مستخدمين متعددين multi-users ومنهجيات بحث متعددة multi-users بالإضافة إلى خاصية التخزين المؤقت والنسخ الاحتياطي لكل مجلة.
عيوب برمجيات Open Journal Software
-
القائمة المستقلة من المستخدمين لكل مجلة.
-
لا يمكنك العمل على مجلات متعددة في الوقت نفسه بالرغم من وجود مساعد.
-
لا توفر فهرسا للموضوعات.
-
عملية البحث بين المجلات غير مجدية.
-
الحاجة إلى إعدادات مستقلة لكل مجلة.
-
التصميم المتماثل ما بين المجلات.
-
لا يدعمها مجتمع واسع من المطورين.
لماذا تتجه المؤسسات الكبرى والأعمال التجارية والمتخصصين إلى البرمجيات الخاصة Proprietary software ؟؟
البرمجيات الخاصة Proprietary software والتي تطلق عليها مؤسسات البرمجيات الحرة البرمجيات الاحتكارية كمصطلح تصف فيه البرمجيات المضادة لما تسمى البرمجيات الحرة، هي برمجيات مُطورة تستخدم عادةً من قبل مستخدم واحد (عادة منظمة أو شركة). هذا المستخدم يحتفظ بها ويستخدمها، ولا يصدرها العموم سواءً كشيفرة مصدرية أو ثنائية
البرمجيات الخاصة عادة ما تلتزم بحقوق النشر، أو مدعومة بقانون ترخيص المستخدم النهائي، EULA الذي يسمح لصاحب المشروع باستخدام طرق تقنية لمنع المستخدمين من التعديل على برنامجه مثل عدم نشر الكود المصدري للبرنامج.
عادة ما يكون للبرمجيات الخاصة العديد من الميزات التي تروق لصاحب العمل؛ فغالبا ما تكون البرمجيات المفتوحة المصدر أرخص، إن لم تكن مجانا. إلا أن الميزة الأهم لأي منتج تتمثل في خدمات ما بعد الامتلاك، سواء كان الامتلاك مجانا أو مدفوعا، فدعم الخدمة والمنتج هو من أهم الأسباب التي تدفع به إلى الاستمرارية والبقاء في سوق تنافسي يطغى على المشهد العالمي.
دعم العملاء قد لا يكون متاحاً مع برمجيات المصدر المفتوح، بالصورة المتواجدة في نظم البرمجيات الخاصة والتجارية، حيث تتميز خدمات الدعم في البرمجيات الخاصة بسرعتها واستجابتها المباشرة، نظرا لاعتماد هذه الشركات على حشد كبير من المطورين.
امتلاك المشاريع الكبيرة نوع من البرامج الخاصة والتي تتميز بإمكانيات عالية أمر ضروري وليس من قبل الترفيه، وذلك لما يلي:
-
ضمان تشغيل المشروع بأكبر قدر من الكفاءة في السوق العالمية.
-
تتعامل هذه البرمجيات مع مهام متعددة، وتقدم الحلول المتخصصة دون الكثير من الجهد.
-
تقسيم إداري واضح ومميزات متخصصة للمستخدمين حسب طبيعة المهام والأدوار.
-
التكفل بعمليات الدفع التلقائي.
-
يمكنها العمل كمدير للبريد الإلكتروني لإنشاء وإدارة وإرسال رسائل البريد الإلكتروني.
-
القيام بإنشاء التقارير التلقائية ومتابعة العطل – أو الصيانة.
-
التحكم في إدارة النظام ومتابعة البيانات الخاصة بالتنبيه.
-
الدعم واجب وليس اختياري، لذا عندما يكون هناك أي مؤشر لخطأ ما، فالانتباه لذلك ومعالجة الموضوع مسئولية صاحب النظام والذي عليه معالجته قبل حدوثه.
للانتقال إلى صناعة المحتوى الرقمي، لابد من تأمين المتطلبات التي تتيح إنجاز هذه المهمة وفق معايير عالمية. برمجيات النشر بغض النظر عما كانت حرة أو خاصة متطلب حيوي لإنجاز هذه المهمة، وقد شهدت بنهايات عام 2013 وبدايات عام 2014 العديد من المبادرات العربية التي تدعم المحتوي وتسهم في سد النقص الحاصل في نسبة وجود المحتوى الرقمي العربي على شبكة الإنترنت. والذي لا تنحصر مشكلته في ضعف التواجد على الإنترنت والذي لا يمثل سوي 3%، وهي نسبة ضئيلة جداً لا تتناسب مع حجم المستخدمين العرب البالغ عددهم ١٤١ مليوناً من تعداد السكان العرب الذي يزيد تعدادهم عن ٣٥٠ مليون عربي، إنما أيضا هناك مشكلة ترتبط بعدم الثراء والتنوع للمحتوي العربي على الإنترنت.
الوصول إلى "مجتمع " المعرفة"، يتطلب رؤية واضحة من قبل الحكومات والمجتمعات العربية بأهمية صناعة المحتوي الرقمي العربي بكل ما يحمله من تراث وفكر وعلوم وآداب وفنون وثقافة ودراسات وأبحاث وكتب ودراما ولهجات وأكثر من ذلك بكثير، لأن حجم وقيمة المحتوى الرقمي العربي انعكاس لقوة ومكانة العالم العربي.
إعداد: هيـام حـايك- كاتبة بمدونة نسيــج
المصادر: http://pkp.sfu.ca/ojs/