مدونة نسيج

دورات تدريبية لممارسي الطب في البيئة الافتراضية

Written by هيام حايك | 03/06/2014 08:40:24 ص

أصبح استخدام الواقع الافتراضي كأداة تدريبية أسلوباً ومنهجاً شائع الاستخدام، ولا سيما في مجال الجراحة. فقد تبنت كليات الطب, هذه التقنية باعتبارها وسيلة لتعليم الجيل القادم من الجراحين، على سبيل المثال أصبح هناك ما يسمى الجراحة الروبوتية.الجراحة الروبوتية موجودة منذ أكثر من خمسة عشر عام تقريباً ولكنها جديدة في المنطقة العربية. يعتبر قطاع الرعاية الصحية مستخدما رئيسا للواقع الافتراضي، ولكن هناك قطاعات أخرى تبنت هذه التقنية لأغراض التدريب؛ وتشمل هذه القطاعات التعليم والقوات المسلحة و البناء والاتصالات و الأعمال.

مزايا التدريب في الواقع الافتراضي:

  • تقليل الأخطار, حيث أنها تمتاز بكونها بيئة آمنة، ويمكن السيطرة عليها.
  • سيناريوهات واقعية.
  • سهولة الحفظ و الاستدعاء.
  • تبسيط المشاكل والحالات المعقدة.
  • مناسبة لأنماط التعلم المختلفة.
  • الانخراط في أشكال جديدة من التواصل مع الآخرين.
  • طرق جديدة لحل المشاكل - التي قد يكون ليس من السهل القيام بها في "العالم الحقيقي".
  • فرص جديدة للتعاون / التفاعل الاجتماعي.
  • التعلم الذاتي فالطلاب لديهم فرصة التجربة في هذا النوع من البيئة، و الحرية لارتكاب الأخطاء دون التعرض لخطر اللوم أو خفض ثقتهم بأنفسهم.
  • فرص لإنشاء و تبادل المحتوى مع مستخدمين آخرين.
  • يشكل التعلم الافتراضي جزءا من تجربة الطالب والتي تساعده على الفهم.
  • مبتكرة وممتعة فالتدريب يكون أسهل إذا كانت تجربة ممتعة مما يعني مستوى أعلى من المشاركة و التفاهم.
  • توفر الوقت و المال, فالوقت والمال من العوامل الهامة, حيث أن التدريب أمر ضروري لضمان أن يتمكن الناس من أداء وظائفهم أو تعلم موضوع ما, من أجل أن يكونوا أفراد يتمتعون بقدر كبير من الإنتاجية. ولكن التكاليف يمكن أن تكون باهظة، على سبيل المثال : تطوير سلسلة من النماذج قد يكون مكلفاً. الواقع الافتراضي يزيل الحاجة إلى النماذج المتكررة, فقد يكون نموذجا واحداً قادر على أن يحل بدلاً من ذلك ومن الممكن استخدامه مراراً وتكراراً. بالإضافة إلى أنه يمكن الوصول إليه من مواقع مختلفة. كل هذا يعمل على توفير الوقت والمال.

الحياة الثانية كبيئة تمكينية

تمثل العوالم الافتراضية ظاهرة جديدة تمكن الناس من الالتقاء و التفاعل مع الآخرين اجتماعياً في مجموعة متنوعة من البيئات على الإنترنت. كل مستخدم قادر على بناء بيئة يستطيع الوصول إليها من خلال صورة ثلاثية الأبعاد 3Dأو تجسد يمثله وهو ما يعرف بالأفتار avatar. هذا الأفاتار يتم تعديله من قبل المستخدم والذي يقوم بدوره بتعديل صفحة ' الأنا ' في الإعداد الافتراضي. البيئات الافتراضية مثل الحياة الثانية تمكن العديد من الطلاب من الربط بين المفاهيم المجردة و فهم النظريات الأساسية.

بالإضافة إلى أن مثل هذه النماذج من التعليم يمكن أن تكون مرتبطة بنظام إدارة التعليم مودل Moodle والذي يوفر للمتعلمين فرص التفاعل و التعاون, حيث أنه نظام يحتوي على متطلبات المدرسة الافتراضية, لما يوفره من إمكانية عرض الدروس و التمارين و الامتحانات و الإعداد أو التقييم من قبل المدرسين للطلبة المسجلين فيه و المحادثة بين الطالب و المدرس. الحياة الثانية Second Life هي العالم الافتراضي على الإنترنت التي أنشأتها شركة "ليندن لاب".

يعتمد هذا العالم الافتراضي على وجود عنصرين أساسيين وهما بيئة محاكاة تطابق الواقع الحقيقي، وجود مستخدمين يتفاعلون من خلال تمثيلات افتراضية لشخصياتهم الحقيقة تعرف بالأفتار والتي تتفاعل بشكل واقعي مع الشخصيات الأخرى عبر الإنترنت. استخدام الأفاتار يضفى للمشاركين الاحساس بوجودهم في العالم الافتراضي ووصولهم إلى ما يعرف بحالة الغمر وهو الشعور الذي يتولد لدى مستخدم برامج الواقع الافتراضي بأنه متواجد - حقَّـــاً– داخل هذا العالم، ومرتبط به، ومسئول عنه. توفر الحياة الثانية مجموعة من الفرص للمجموعات البحثية نظراً لتركيزها على التعاون و الاتصال بين المستخدمين. ذلك يفتح مجموعة كاملة من الاحتمالات التي قد تؤدي إلى بعض النتائج المثيرة جداً للاهتمام.

الحياة الثانية كبيئة تدريبية لطلاب كليات الطب والجراحة

يعتبر التحدي الرئيسي للتعليم في كليات الطب التوازن بين الموارد التعليمية المحدودة والتدريب العملي للطالب والذي يضع سلامة المرضى كموضوع مركزي. كأحد الحلول لهذا التحدي يقوم المسئولون في مجال التعليم الطبي بتوفير مجموعة من أدوات وبرامج المحاكاة المتخصصة التي تعمل على تمكين المشاركين من تطوير مهاراتهم في المجالات الرئيسية. و كنا قد تحدثنا في تدوينة سابقة عن حلول zspace و التي تمكن من التفاعل الطبيعي في الواقع الافتراضي مع المجسمات والأشكال ثلاثية الأبعاد في بيئة هولوغرافية افتراضية.

كما تهدف إلى تسريع معدلات تصميم وتطوير الإجراءات وزيادة الإنتاجية من خلال تجربة بصرية واقعية بالبعد الثالث لم يسبق لها مثيل. هذا بالإضافة إلى قدرتها على أن تمنح المطورين والمستخدمين تجربة فريدة من نوعها عبر أجهزة وبرمجيات هولوغرافية غامرة تمكنهم من التفاعل مع الأشكال والمجسمات ثلاثية الأبعاد في بيئة افتراضية وكأنها ماثلة أمامهم في العالم الواقعي . في هذه التدوينة سيكون التركيز على برنامج الحياة الثانية Second Life كنموذج افتراضي تعليمي يستهدف طلاب كليات الطب شأنه شأن طلاب التخصصات الأخرى التي وجدت في الحياة الثانية مجالاً افتراضياً تستطيع أن تحقق من خلاله أهداف تعلمية. الحياة الثانية لها وجود ملحوظ في مجال التعليم مع العديد من المؤسسات، بما في ذلك جامعة هارفارد و جامعة ستانفورد .

أنشأ قسم الجراحة الحيوية والتقنية في جامعة Imperial College London تواجد افتراضي على الإنترنت تسمى Second Health، الذي يهدف إلى تزويد المرضى والطلاب بوسائل مساعدة لاكتساب معلومات حول الرعاية الصحية. نقدم هنا تقييما لجدوى محاكاة "بيئة التعلم" استناداً على استخدام الحياة الثانية لأغراض التعليم والأهداف الطبية. على وجه الخصوص وذلك في مشروع Second Health، والذي هدف إلى استكشاف وتعزيز التعلم والتعليم عن طريق إنشاء مرضى افتراضيين من خلال منصة العالم الافتراضي المعروفة باسم الحياة الثانية .

ركزت هذه الدراسة التجريبية على:

  • استكشاف إمكانيات العالم الافتراضي، والحياة الثانية بوجه خاص، للتعليم الطبي القائم على نموذج التعلم المتمحور حول المشكلاتPBL .
  • تحديد القيود والحواجز و الحلول المرتبطة بمنصة الحياة الثانية لأنشطة التعليم الطبي.
  • قياس النتائج ورضا المشاركين و ردود الفعل.

المنهج المستخدم في التدريب الطبي الافتراضي

تم الاستعانة بفريق مصممي ومطوري الحياة الثانية من اتحاد الإعلام الجديد New Media Consortium و القائمين على قسم الجراحة في جامعة سيدني لإنشاء مستشفى ثلاثية الأبعاد 3D في الحياة الثانية , كما صاحب ذلك العمل وضع تصور لما سيكون داخل هذه المستشفى الافتراضية سواء من محاكاة للمرضى ودراسة تاريخهم الطبي، والمختبرات والاقسام وإداراتها, كل هذا التصور وضع ليكون كنموذج يحاكي الوضع القائم في كلية سيدني الطبية والذي يتبنى التمحور حول المشكلات كأسلوب للتعليم. استجاب اثنان وعشرون طالبا للمشاركة في المشروع. و قد اقتصرت المشاركة على الطلاب المسجلين في برنامج مدرسة سيدني الطبية. لم يكن أي من المشاركين لديه أي تجربة تفاعلية مسبق مع الحياة الثانية. وكانت مهمتهم المشاركة في سيناريوهات حل المشكلات في العالم الافتراضي، وتم تزويدهم بالقدرة على ممارسة مهارات دراسة الحالة والتقييم وإدارة هذه المهارات في بيئة التدريب الافتراضية (كنشاط مساعد للتعلم ) تمشياً مع التحسينات الأخيرة لجامعة سيدني على المنهج الدراسي للبرنامج الطبي الذي تم وضعه في عام 2009. نستعرض هنا بعض السيناريوهات التي يعمل عليها الطلاب في المستشفى الافتراضي:

السناريو الأول: قسم الطوارئ والرعاية التخصصيEmergency & Specialist care :

التدريب في هذا القسم يهدف إلى تزويد الطلبة بالمعرفة والأساليب العلمية المتقدمة ومهارات الرعاية السريرية اللازمة لتقديم الرعاية التمريضية الآمنة والفورية للمصاب أثناء الكوارث والحالات الطارئة؛ والمسائل الفنية المتعلقة بدور الممرض أو الطبيب في تقديم الرعاية للمصاب في أي موقف طارئ.

نرى هنا السيد "براون" يعاني من نوبة قلبية ويؤخذ بواسطة سيارة إسعاف إلى مستشفى متخصص في القلب حيث قام الأطباء المهرة بإجراء توسيع الأوعية التّاجية وهو نوع من خيارات المعالجة يهدف إلى فتح الشرايين التاجية المُتَضيِّقة التي تُغذِّي القلب. كما تم نصحه بالامتناع عن التدخين. تابع الفيديو التالي لتتعرف على الكيفية التي تم حل المشكلة من خلالها.

[embed]https://www.youtube.com/watch?v=Mp8IyXZAv-U[/embed]

السيناريو الثاني: قسم الخطة التمريضية care plan:

الـ care plan معناه الخطة التمريضية care plan تعني الخطة التي يقوم بها الممرض من أجل المريض والتي تساعده على تخطي حالته المرضية, وهي عادةً ما تتكون من خمس مراحل وهي:

  1. تقييم حالة المريض من خلال الأعراض.
  2. التشخيص التمريضي وهذا يعتمد اعتمادا كاملا على تقييم حالة المريض.
  3. الهدف التمريضي, أي الهدف من الخطة العلاجية التي سيتم وضعها.
  4. الخطوات التي سيتم القيام بها من أجل تحقيق الأهداف التي تم سوضعها.
  5. التقييم الخاص بالخطة التي تم وضعها والتأكد من أنها نجحت في تحقيق الأهداف.

هنا سنرى سيناريو خاصا بهذه العملية, حيث سنشاهد السيد "غاسكين" والذي يعاني من تقرح في الركبة والذي يزور العيادة في المستشفى الافتراضي حيث يتم عمل GP له بالإضافة إلى التصوير بالرنين المغناطيسي والتشخيص الفوري في نفس الزيارة. تابع الفيديو التالي لتتعرف على الكيفية التي تم حل المشكلة من خلالها.

[embed]https://www.youtube.com/watch?v=plRfQzxNkiw[/embed]

السيناريو الثالث سلامة المريض Patient Safety:

يهدف هذا المشروع إلى التدريب على نظام تقديم الخدمات الصحية للمواطنين التي تعتمدها هيئة الخدمات الصحية الوطنية في إنجلترا والمعروف بــــــــــNHS . والجدير بالذكر هنا أن هيئة الرعاية الصحية البريطانية عملت مع كل من وحدة الخصوبة في جامعة أكسفورد والمركز الطبي الجديد "أن أم سي" للرعاية الصحية في دولة الإمارات العربية المتحدة على تأسيس مشروع مشترك لتوفير دورات تدريبية حول الرعاية الصحية لممارسي الطب في دولة الإمارات العربية المتحدة. نرى هنا نموذج لقسم الجراحة الحيوية وتقنيات الجراحة في كلية إمبريال التي تم تصميمها وبناؤها واختبارها في العالم ثلاثي الأبعاد في الحياة الثانية لتكون بمثابة منصة غامرة للتدريب السريري.

[embed]https://www.youtube.com/watch?v=NhAOYxxH7gE[/embed]

النتائج التي أسفر عنها التدريب الافتراضي:

  • أشار ما يقرب من 40 في المئة من المستطلعين أن التثبيت المطلوب والوقت المطلوب للقيام بالإعدادات المطلوبة للوصول إلى البيئة الافتراضية على الإنترنت كانت طويلة بشكل غير معقول ومع ذلك وافق ما يقرب من 73 في المئة من المشاركين أن الدعم التقني المتاح أثناء العملية كان متوفراً بطريقة فعالة للتصدي لأية أسئلة أو للمساعدة في إدارة الصعوبات.
  • أكثر من 90 في المئة من المشاركين كانوا متحمسين لمفهوم التعلم المتمحور حول المشكلات PBL والتي يجري استكشافها من خلال بيئة افتراضية. رغب جميع المشاركين في رؤية PBLs الظاهرية المتوفرة في المستقبل،
  • رأى أكثر من 80 في المئة أن درجة الغمر والانغماس التي يصل إليها المشاركون كانت مناسبة لتسهيل عملية PBL الافتراضية.
  • وافق أكثر من 85 في المئة من المشاركين أن المحتوى والسياق الطبي المستخدم في نموذج حل المشكلات الذي تم العمل عليه في الحياة الثانية مطابق لما يتم في جلسات PBL التقليدية. بالإضافة إلى ذلك رأى 95 في المئة من المشاركين أن المحتوى العلاجي كان ملائما تماما لبيئة العالم الافتراضي التفاعلية.
  • تشير النتائج إلى أنه في حال تم القيام ببعض التحسينات سواء في الحياة الثانية أو في تنفيذ سيناريو PBL فإن ذلك سيشجع على جذب عدد أكبر من المشاركين والحصول على نتائج تدريبية أفضل.
  • هناك بعض القيود التي قد تواجه استخدام الحياة الثانية من أجل عقد الاجتماعات والفعاليات و الدورات التعليمية مما يستدعي من جميع المشاركين امتلاك الكفاءات الفنية اللازمة لتحميل وتثبيت البرنامج المطلوب بنجاح. كما يجب عليهم امتلاك المعرفة أو القدرات المطلوبة لإدارة التبادل التفاعلي الظاهري. يمكن أن يمثل هذين المعيارين وحدهما عوائق كبيرة أمام دخول المستخدمين المحتملين. نتيجة لذلك، ينبغي عند تبني برامج الواقع الافتراضي مثل الحياة الثانية أن يكون هناك التدريب الكافي و إتاحة الوقت للمشاركين لتحقيق مستوى مقبول من المعرفة و الكفاءة قبل استخدامها.

في المجمل تظهر بيانات ردود فعل المشاركين أن التجربة كانت إيجابية، ونظراً لهذا التقييم الجديد الذي يعزز فائدة البيئات الافتراضية, قد يشكل تكرار مثل هذه المشروعات سواء في الحياة الثانية تحديداً و التعليم الافتراضي بشكل عام في نهاية المطاف ثورة في مجال التعليم الطبي .

 

إعداد: هيـام حـايك - كاتبة بمدونة نسيــج
المصادر: http://secondhealth.wordpress.com/