مدونة نسيج

5 حقائق حول الذكاء الاصطناعي يجب أن يعرفها طلاب مرحلة ما قبل الجامعة

Written by هيام حايك | 17/06/2019 11:14:52 ص

يغير الذكاء الاصطناعي عالمنا بوتيرة متسارعة وبشكل غير مسبوق. فخلال السنوات القليلة الماضية تطور علم الذكاء الاصطناعي ونما ليصبح جزءا من حياتنا اليومية، وعاملا مؤثرا في معظم القطاعات الحيوية، الخدماتية منها أو الإنتاجية، وسواء على صعيد التعليم أو الرعاية الصحية أو حتى كيفية الحصول على الطعام الذي نأكله.

الذكاء الاصطناعي ليس وليد السنوات الأخيرة، فقد كان الذكاء الاصطناعي موجودا منذ الخمسينات ولكن انفجار البيانات من الأجهزة المتصلة والتحسينات الأخيرة في قوة المعالجة ، أدت إلى ابتكارات تعتمد على الذكاء الاصطناعي في العديد من القطاعات المختلفة، حيث يشير تقرير  مكنزي 2017 إلى أن أكثر من نصف براءات الاختراع ذات الصلة بالذكاء الاصطناعي، والبالغ عددها 340000 تم تسجيلها في السنوات الخمس الماضية.

كيف يغير الذكاء الاصطناعي حياتنا اليومية؟

مع كل الإثارة والضجيج الذي يُثار حول الذكاء الاصطناعي، قد يكون من الصعب أن نرى كيف يؤثر الذكاء الاصطناعي على حياة الناس العاديين من لحظة إلى أخرى. وهنا يمكننا أن نسأل: هل يمكنك التفكير في أمثلة الذكاء الاصطناعي الذي تستخدمها بالفعل -الآن؟

هل تعلم أنه وخلال وصولك إلى هذه الكلمات على الشاشة، ربما تكون قد استخدمت الذكاء الاصطناعي. من المحتمل أيضًا أنك استخدمت الذكاء الاصطناعي في طريقك إلى العمل، أو خلال التواصل عبر الإنترنت مع الأصدقاء، أو البحث على شبكة الإنترنت، وربما في عمليات الشراء عبر الإنترنت.

وماذا لو سألك أحد ما: "هل تستطيع أن تتذكر آخر شيء فعلته قبل أن تنام الليلة الماضية؟ أو ما أول شيء فعلته بمجرد استيقاظك في الصباح؟

ومن المثير للاهتمام، سواء كان ذلك المجيب أنت أو أي شخص آخر، أن الإجابة ستكون التحقق من الأجهزة المحمولة الخاصة بك. لا يمكنك ببساطة عدم الموافقة على أنه قبل أن تصل إلى السرير الليلة الماضية، تأكدت من رؤية كل الإشعارات غير المرئية من جميع تطبيقات الوسائط الاجتماعية. ومن المثير للدهشة أن صباحك كان سيبدأ أيضًا بالتحقق مما إذا كان هناك أي إشعارات غير مرئية جديدة في Instagram أو Facebook أو Twitter أو في أي تطبيقات اجتماعية أخرى.

وإذا كنا نتحدث عن حياتنا اليومية، فإن إحدى التقنيات التي أصبحت الآن جزءًا لا يتجزأ من حياتنا هي الذكاء الاصطناعي (AI). وبالرغم من أن هذه التقنية لا تزال تتطور وهناك آلاف التكهنات بالفعل حول استخدامها وتأثيرها، فقد لمست هذه التقنية حياتنا بالفعل، واتخذت طرقًا جديدة لإحداث تغييرات وتحسينات ملحوظة في حياتنا اليومية. الذكاء الاصطناعي ليس بعيدًا عن متناول يدنا، هنا قائمة من تقنيات الذكاء الاصطناعي التي نستخدمها في حياتنا اليومية على غرار خدمة التراسل Google Allo أو Facebook Messenger والتي تحتوي على أدوات تعتمد على هذه التقنيات.

ما الذكاء الاصطناعي؟

تتعدد تعريفات الذكاء الاصطناعي وفقا للجهة والأشخاص المعرفون، إلا أنه وبالعموم، يشير إلى الأنظمة أو الأجهزة التي تحاكي الذكاء البشري لأداء المهام والتي يمكنها أن تحسن من نفسها استنادًا إلى المعلومات التي تجمعها، هذا ويتعلق لذكاء الاصطناعي بالقدرة على التفكير الفائق وتحليل البيانات أكثر من تعلقه بشكل معين أو وظيفة معينة. وعلى هذا النحو، فالذكاء الاصطناعي يعمل بطريقة مُتعمدة وذكية ومتكيفة. وهو يغير بهدوء كل قطاع من قطاعات الاقتصاد، وعلى الرغم من أن الذكاء الاصطناعي يقدم صورًا عن الروبوتات عالية الأداء الشبيهة بالإنسان، والتي تسيطر على العالم، إلا أنه لا يهدف إلى أن يحل محل البشر. إنه يهدف إلى تعزيز القدرات والمساهمات البشرية بشكل كبير. مما يجعله أصلاً ذو قيمة كبيرة من أصول الأعمال.

 يصف توم فاندر آرك Tom Vander Ark، الخبير في مجال النظام البيئي التعليمي، الذكاء الاصطناعي بأنه: " أهم اختراع وتغيير في العالم في الوقت الحالي. ويشرح ذلك قائلا" لقد بدأت حياتي المهنية في عصر المعلومات الذي تعلمناه فيه كيفية استخدام أجهزة الكمبيوتر لتحسين التحليلات حول المشكلات التي تهمنا. ولكننا نعيش اليوم عصر جديد تحركه رموز وشيفرات، تجعل من التعلم أكثر ذكاءً، وأكثر اعتماداً على البيانات التي نقدمها.

ويمتلك توم فاندر آرك مشاعر قوية ومختلطة للغاية بشأن تداعيات ابتكارات الذكاء الاصطناعي، فهو يري أنه سيساعد الشباب الذين يفهمون الذكاء الاصطناعي في حل العديد من المشكلات الكبيرة التي نواجهها كمجتمع، وسوف ينتجون ثروة هائلة، وسيحلون العديد من المشكلات الصحية التي نواجهها، وسوف يتغلبون على مشاكل تغير المناخ. لذلك سوف تأتي العديد من الحلول من قبل الشباب الذين يستخدمون الذكاء الاصطناعي.

الذكاء الاصطناعي وإعادة تعريف مهارات الطريق نحو المستقبل

 

 

 كان من الطبيعي أن تنعكس التغيرات التي أحدثها تطور الذكاء الاصطناعي على تغيير قدرات الطلبة، وبما يمكنهم من امتلاك مهارات تتلاءم وبيئة العمل الجديدة والمعقدة بفعل دخول الذكاء الاصطناعي، وحيث يتم التركيز على ريادة الأعمال، ومهارات التصميم، وكذلك التعاون والأعمال التشاركية. ولكن الواقع مختلف، فعندما ننظر إلى مؤسساتنا الأكاديمية بغض النظر عن كونها مدارس أو جامعات أو غير ذلك ـ في الغالب سنرى روتينًا وامتثالًا، وجداول متكررة، وأوراق عمل يومية، وتنقّل الطلاب من مستوى لأخر، والعديد من الممارسات التي لم تعد تعمل في بيئة تشكلها تقنيات جديدة تكرس تواجدها في الحاضر والمستقبل. ذلك يتطلب النظر فيما بين يدينا من استراتيجيات وخطط، وتقييمها وإعادة صياغتها، لتكون قادرة على مساعدة الشباب على بناء المهارات، ليصبح هؤلاء رواد الأعمال والمصممين والمتعاونين. " ".

هذا يعيدنا إلى الذكاء الاصطناعي، وحيث "الجميع يتعلم ويحفظ ولكن بشكل مختلف"، كما يقول غيوم ليبوشي مؤسس ورئيس جمعية "الذكاء الاصطناعي من أجل المدارس. من المهم للغاية أن يفهم الطلاب أن الذكاء الاصطناعي يقف الآن وراء كل قطاع من قطاعات الحياة. وعليهم أن يسألوا عن تطبيقات الذكاء الاصطناعي التي تساعد في اتخاذ قرار بشأن مستقبلهم. لذلك فهي ليست مجرد مسألة تقنية، إنها قضية علائقية، يتشابك فيها الاجتماعي بالأكاديمي بالأخلاقي. إنها قضية وجودية. "

الذكاء الاصطناعي في المنهاج الدراسي

زاد معدل انتشار الذكاء الاصطناعي بشكل كبير في السنوات القليلة الماضية. معظم الناس قد لا يدركون أن الذكاء الاصطناعي هو تقنية أساسية وراء المساعدين الشخصيين Alexa وSiri والمركبات ذاتية الحكم autonomous vehicles والتحليلات التنبؤية predictive analytics وتوصيات Amazon وNetflix، هذا على سبيل المثال لا الحصر.

وقد يكون طلاب المدارس والجامعات مواطنين رقميين ولكن معظمهم ساذج رقميًا. إنهم يعرفون القليل عن لا شيء حول كيفية عمل التقنية. والقليل منهم يقدرون أن الآلات الذكية تعيد تشكيل المشهد الوظيفي وتتحدى المعايير الاجتماعية.

ينبغي أن يعرف الطلاب قوة التغيير الأكثر أهمية التي ستؤثر على حياتهم وسبل عيشهم. لهذا السبب يجب على المؤسسات الأكاديمية الاهتمام بتقديم المعلومات حول الذكاء الاصطناعي (AI). أو دمج مجموعة من الكفاءات ذات العلاقة في متطلبات التخرج، التي تضمن أن كل طالب لديه وعي بمحركات التقنية والآثار المترتبة على الاقتصاد والمجتمع. كما ومن المهم أن يكون الطلاب على استعداد للمشاركة في حوار حول التقنية التي تشكل مستقبلهم. وأن يكون لديهم آرائهم فيما يتعلق بالاستخدامات المناسبة لتقنيات الذكاء الاصطناعي.

ما الذي يجب أن يعرفه طلاب مرحلة ما قبل الجامعة حول الذكاء الاصطناعي

في مايو2018، كونت جمعية النهوض بالذكاء الاصطناعي (AAAI) وجمعية معلمي علوم الكمبيوتر (CSTA) مجموعة عمل، لتحديد ما يجب على طلاب ما قبل المرحلة الجامعية معرفته حول الذكاء الاصطناعي، وإمكانيات الاستفادة، وأطر العمل في هذا المجال. وقد صاغ فريق العمل خمس حقائق، ارتأوا أنه يجب على كل طالب معرفتها. وفيما يلي ملخص لهذه الأفكار:

حقيقة رقم 1: أجهزة الكمبيوتر ترى وتدرك العالم باستخدام أجهزة استشعار.

تعد قدرة أجهزة الكمبيوتر على "الرؤية" و "الاستماع" جيدًا بما يكفي لتكون مفيدة من الناحية العملية أحد أهم إنجازات الذكاء الاصطناعي. من هنا يجب أن يفهم الطلاب أن إدراك الآلة للغة المنطوقة أو الصور المرئية يتطلب معرفة واسعة النطاق. ويجب أن يكون الخريجون قادرين على تحديد وإظهار حدود أنظمة إدراك الآلة واستخدام أدوات التعلم الآلي (Machine Learning) وهو أحد فروع الذكاء الاصطناعي التي تهتم بتصميم وتطوير خوارزميات وتقنيات تسمح للحواسيب بامتلاك خاصية "التعلم".

حقيقة رقم 2: يحافظ الوكلاء على نماذج / تمثيلات للعالم ويستخدمونها للتعليل.

التمثيل هو واحد من المشاكل الأساسية للذكاء، سواء كانت طبيعية أو مصطنعة. يجب أن يفهم الطلاب مفهوم التمثيل -الطريقة التي تمثل بها الخريطة منطقة ما-. يجب أن يفهم الطلاب أيضًا أن أجهزة الكمبيوتر تقوم بإنشاء تمثيلات باستخدام البيانات، ويمكن معالجة هذه العروض من خلال تطبيق خوارزميات التفكير التي تستمد معلومات جديدة مما هو معروف بالفعل. وفي هذا السياق، يجب أن يكون طلاب المدارس الثانوية قادرين على الاستفادة من هياكل البيانات الأولية لبرمجة خوارزميات الاستدلال البسيطة.

حقيقة رقم 3: يمكن لأجهزة الكمبيوتر التعلم من البيانات.

تسمح خوارزميات التعلم الآلي لأجهزة الكمبيوتر بإنشاء تمثيلاتهم الخاصة باستخدام بيانات التدريب التي يتم توفيرها من قبل الأشخاص أو التي يتم الحصول عليها بواسطة الجهاز نفسه. من المهم أن يكون الطلاب قادرين على التعامل مع التطبيقات البسيطة باستخدام أدوات مفتوحة.

 

حقيقة رقم 4: جعل تفاعل الوكلاء بشكل طبيعي مع البشر يمثل تحديًا كبيرًا لمطوري الذكاء الاصطناعي.

فهم الناس هو واحد من أصعب المشاكل التي يواجهها العملاء الأذكياء. استنتاج نوايا الشخص في المستقبل من خلال مراقبة تصرفاته، يشكل تحديا حتى بالنسبة للبشر. سوف تحتاج الروبوتات إلى اكتساب بعض من هذه المهارة إذا كانت تهدف إلى الولوج أكثر في حياتنا. وهنا يجب أن يكون الطلاب قادرين على إنشاء قواعد خالية من السياق لتحليل اللغات البسيطة واستخدام أدوات مفتوحة لإنشاء دردشة عشوائية. كما يجب أن يكون لديهم أيضًا قدرة على استخدام أدوات تحليل المشاعر لاستخراج النغمة العاطفية من النص.

حقيقة رقم 5: يمكن أن تؤثر تطبيقات الذكاء الاصطناعي على المجتمع بطرق إيجابية وسلبية

يجب أن يكون الطلاب قادرين على تحديد الطرق التي يساهم بها الذكاء الاصطناعي في حياتهم. تتضمن التأثيرات المجتمعية للذكاء الاصطناعي نوعين من الأسئلة: ما هي التطبيقات التي يجب أن يستخدمها الذكاء الاصطناعي والمعايير الأخلاقية التي يجب أن تلبيها أنظمة الذكاء الاصطناعي؟ يجب أن يفهم الطلاب أن البنية الأخلاقية لأنظمة الذكاء الاصطناعي التي تتخذ القرارات التي تؤثر على حياة الناس تتطلب الاهتمام بقضايا الشفافية والإنصاف. وعليه يجب أن يكون الطلاب قادرين على تقييم تقنيات الذكاء الاصطناعي الجديدة وإثارة الأسئلة التي تتعلق بالتأثير الأخلاقي أو المجتمعي جراء تبنى هذه التطبيقات.


مما سبق يتضح لنا أن الذكاء الاصطناعي يضع العالم على أعتاب ثورة، سوف تؤثر على العديد من القطاعات ولكن الطريقة التي يتم بها تطوير أنظمة الذكاء الاصطناعي تحتاج إلى فهم أفضل بسبب الآثار الرئيسية التي قد تخلفها هذه التقنيات على المجتمع ككل. فمن المهم معرفة كيف يتم الاستفادة من تطبيقات الذكاء الاصطناعي بطريقة حكيمة وعقلانية، وعدم الخشية من هذه التقنية، برغم الإقرار بوجود سلبيات مرتقبة أو محتملة، فهي في النهايــة وجدت لخدمتنا.