من المهم اليوم أن يدرك قادة المؤسسات التعليمية وصناع القرار أن استخدام الوسائل التقليدية في عملية التعليم، والتي أثبتت فشلها على مر الأجيال السابقة، لم تعد خيارا مجدياً، وأنها لا تحقق التعليم الذي يلائم الطلاب الذين نشأوا في عصر انطلاق وسائل التواصل الاجتماعي، ممن يطلق عليهم الجيل زد (Generation Z)، والذين هم دون سن الخامسة والعشرون، وحيث لابد من الأخذ بعين الاعتبار أن هؤلاء الطلاب تعلموا اللغة الرقمية منذ نعومة أظفارهم.
ولهذا السبب يجب ألا يأخذ النظام التعليمي موقف المتفرج أمام هذه المتغيرات، بل يجب أن يستمر في التطوير وتشجيع اختيار واستخدام طرق التعليم الحديثة من أجل تقديم نموذجاً تعليمياً قادرا على مواجهة العصر الذي نعيشه. وفي هذا الإطار يشير الباحث الكويتي فايز الظفيري، المتخصص في تطبيقات التقنية والتدريب، خلال ورقة تم تقديمها في منتدى دراسات الخليج والجزيرة العربية عام 2015، إلى ضرورة التغيير ، قائلاً:” إن هذا العصر المتفجر بالتقانة يتطلب تغييراً جذريا في عمليتي التعلم والتعليم ومتعلقاتهما والعناصر المكونة لهما من معلم ومتعلم ومنهج رقمي (المثلث التعليمي) من هنا كان لابد من تحول هذا مثلث إلى مثلث إلكتروني يشتمل على معلم رقمي، ومتعلم رقمي ومنهج رقمي.
تزامنا مع الثورة الصناعية الرابعة وما رافقها من تدفق تقني غير مسبوق، شمل جميع القطاعات بما فيها التعليم، بزغت أساليب متنوعة، وتم استحداث نظم تعليمية جديدة. وعند الحديث عن أساليب التعليم الحديثة، فنحن نتحدث عن طرق متطورة قادرة على تمكين الطلاب من الإسهام في امتلاك تعلمهم وتحفيز قدراتهم العقلية، وإخراج أفضل ما لديهم والبناء عليه، ويعد الحفاظ على استخدام أساليب التدريس الجديدة جزءًا لا يتجزأ من جعل الطلاب ينخرطون في دراساتهم. وفي هذا الصدد، تشير العديد من الأبحاث والدراسات إلى أن دمج الأجهزة المحمولة في التعليم طريقة رائعة لتحقيق ذلك، وحيث يمكن أن تساعد تطبيقات التعليم على جعل الطلاب أكثر تفاعلًا وأفضل أداءً. فقد تطورت تقنيات الجوال بدرجة كافية لتحويل المحاضرة المملة إلى نظام تعليمي مثير من خلال تطبيقات الجوال التعليمية.
يقع التعليم دائمًا في منعطف حرج، نظرا لكونه عامل حيوي للازدهار الاقتصادي وتنمية القوى العاملة. ويعتبر التعليم الجوال أو التعليم النقال (Mobile Learning) شكلاً جديداً من أشكال التعليم الإلكتروني، والذي يوفر القدرة على التعلم في أي مكان وزمان، عبر استخدام الأجهزة المحمولة. هذا النوع من التعلم النقال يشهد ازدهاراً كبيراً في الآونة الأخيرة، حيث أوضح تقرير موقع الإحصاء الألماني Statista أن الإنفاق على التعليم في جميع أنحاء العالم من المتوقع أن يصل إلى 37.8 مليار دولار أمريكي بحلول عام 2020. هذا ويعد التعليم عبر الهاتف المحمول اتجاهًا متناميًا، فوفقًا للتقرير الصادر عن Shift Learning الشركة البريطانية المتخصصة في أبحاث التعليم والتعلم، "سيكون التعلم عبر الهاتف المحمول صناعة تبلغ قيمتها 70 مليار دولار بحلول عام 2020." كما أشار التقرير إلى أن: "المتعلمين عادة ما يدرسون عبر الأجهزة المحمولة لمدة 40 دقيقة أكثر من الطلاب الذين يستخدمون أجهزة سطح المكتب أو الجهاز اللوحي". هذا ويعد استخدام تطبيقات الهواتف الذكية في التعليم من أهم أهداف التعلم الجوال، لما لها من قدرة على مساعدة الطلاب على تحقيق الكثير في الوقت القليل، بالإضافة إلى التعلم التفاعلي والشخصي الذي يحصل عليه الطالب خلال استخدام تطبيقات المحمول التعليمية.
منذ العقود القليلة الماضية بدأت التقنية تؤثر على كل شيء حولنا. وبما أن التقنية ترسخ جذورها في قطاع التعليم مثل جميع القطاعات الأخرى، فقد شهد العالم طرقا ثورية لنقل التعليم. لقد تغير نظام التعليم مع انتشار هذه التطبيقات التعليمية النقالة، وبدأ في استيعاب نمط جديد من التعلم يضع تطبيقات الهواتف الذكية كواحدةٍ من أهم أدوات التعليم التي يمكنها أن تساعد المُعلّمين لجعل عملية التدريس أسهل، بالإضافة إلى توفير فرص الوصول إلى المعلومات والبيانات غير المحدودة للمعلمين والمتعلمين.
المثير للاهتمام والإيجابي في نفس الوقت أنه، ووفقا لتصنيف شركة أبحاث App Annie، “يقضي الأطفال والمراهقين من فئة الجيل زد Gen Z - الذين تتراوح أعمارهم حاليًا بين 7 و22 عامًا - وقتًا أطول بنسبة 55٪ في استخدام تطبيقات لا تقع ضمن تصنيف تطبيقات الألعاب مقارنة بالأجيال الأكبر سناً. " وإن دل هذا فإنما يدل على وعي الجيل الجديد بأهمية استخدام تطبيقات الموبايل التي بين أيديهم بشكل فاعل يحقق الفائدة لهم، وليس من أجل التسلية والترفيه فقط.
الذكاء الاصطناعي (AI) هو من فروع علوم الحاسبات. وأبسط تعريف له هو أنه العلم الذي يجعل الآلات تفكِّر مثل البشر، أي حاسوب له عقل. وعند الحديث عن الذكاء الاصطناعي في مجال التعليم النقال، سنجد أن الذكاء الاصطناعي أصبح مكوناً أساسيا لنجاح هذا النوع من التعلم، وله تأثير كبير على كل من مجالات تطوير التطبيقات التعليمية والجوالة. هذا بالإضافة إلى أنه يسهم في تحقيق المزايا التعليمية التالية:
خلق بيئة تعلم شخصية
تقدم تقنية الذكاء الاصطناعي إحدى أكبر الفوائد في صناعة التعليم، وهي (التخصيص). بالنسبة للمدرسين، من الصعب الانتباه إلى كل طالب في الفصل. لكن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يساعد في التعرف على مستويات التعلم الفردي للطلاب، بالإضافة إلى القدرة على دعم تعلمهم.
إحداث نوع من التعلم العالمي
باستخدام الذكاء الاصطناعي، ستتمكن المدارس من إنشاء فصل دراسي عالمي. سوف تنقل تقنية الذكاء الاصطناعي صناعة التعليم إلى مستويات جديدة أكثر تطوراً. على سبيل المثال، لن تكون هناك حاجة لأن يكون الطلاب حاضرين جسديًا، لذا فإن الغياب بسبب المرض أو لأسباب أخرى لا يمثل مشكلة. هذا يرجع إلى حقيقة أن الذكاء الاصطناعي سوف يربط الطلاب من خلال فصول افتراضية. وسوف يعزز التفاعل بين الطلاب، الذين هم على بعد أميال.
تجدر الإشارة إلى أن العديد من الابتكارات التي نعتمد عليها اليوم ليست فقط بسبب الذكاء الاصطناعي، ولكن بسبب تطوير فرع من الذكاء الاصطناعي، والمعروف باسم تعلم الآلة ML))، والذي يعتبر أحد الفروع المنبثقة عن علم الذكاء الاصطناعي، القائمة على برمجة الحواسيب بمختلف أشكالها لتصبح قادرةً على أداء المهام وتنفيذ الأوامر الموكلة إليها من خلال اتخاذ القرارات القائمة على تحليل البيانات، بدلاً من الاعتماد فقط على مدخلات الإنسان. ولا شك أن استخدام ML للخوارزميات ساعد في دفع الذكاء الاصطناعي إلى أن يكون في طليعة التقنية، حيث كان له يد في بعض القطاعات الكبرى لتقنية المستهلك وعلى رأسها الهواتف الذكية.
أسهم الذكاء الاصطناعي بعدد من الميزات الجديدة والمفيدة التي ساعدت الهواتف الذكية على التطور لتصبح واحدة من أكثر الأجهزة الأساسية للتقنية الاستهلاكية. وهنا، سوف نلقي نظرة على بعض ميزات الهاتف الذكي الأكثر تأثراً باستخدام الذكاء الاصطناعي، حيث سنستعرض ثلاث ميزات أساسية يضيفها الذكاء الاصطناعي للهواتف الذكية وهي:
مساعد الصوت Voice Assistant
يستخدم مساعد الصوت مثل Bixby من Samsung وGoogle Assistant و Amazon Alexa جميع البيانات لفهم الأوامر الصوتية لمستخدميهم ولأداء مجموعة متنوعة من المهام. تتمثل أبرز مساهمة AI للهاتف الذكي في ميزة Bixby Vision التي تستخدم خاصية التعرف على الصور لمساعدتك في معرفة المزيد عن الكائنات والمعالم المحيطة بك. يمكن لمستخدمي Bixby Vision توجيه هواتفهم ببساطة إلى مَعلم أو منتج للحصول على مزيد من المعلومات حوله على هواتفهم.
من المحتمل أن يكون مساعد Google هو الأكثر اعتمادًا على البيانات، حيث يمكنه أداء مجموعة متنوعة من المهام وتخصيص استجاباته بناءً على الأوامر السابقة والبيانات الأخرى مثل عمليات بحث Google السابقة.
كذلك، تعتبر Alexa مساعدًا صوتيًا فعالًا إلى حد كبير ويمكنه من التحكم في أجهزتك المنزلية الذكية حتى لو لم تكن في المنزل. هذا ويمكن أن تتكيف واجهة تطبيق Alexa مع صوتك والمفردات أثناء استخدامها بانتظام.
الصور عالية الجودة
يقوم الذكاء الاصطناعي بتحسين جودة الصور التي نلتقطها باستخدام هواتفنا الذكية. تم استخدام الذكاء الاصطناعي لالتقاط صور أفضل للضوء المنخفض، وصور شخصية أفضل، وحتى لإضافة مؤثرات خاصة ذات طابع فني إلى الصور الحالية.
أحد الأمثلة على استخدام الذكاء الاصطناعي لتحسين صور الهواتف الذكية هي ميزة Super Res Zoom التي تتيح للمستخدمين التكبير رقمياً أثناء التقاط صورة باستخدام خوارزمية بدلاً من عدسة. توفر خوارزمية AI للمستخدمين صورًا أكثر تفصيلًا دون الحاجة إلى اقتصاص الصور لاحقًا.
تقنية التعرف على الوجوه
تطوّرت قدرات الذكاء الاصطناعي في التعرّف إلى الوجه بسرعة كبيرة خلال فترة وجيزة، و تعمل هذه النظم عن طريق مقارنة سمات الوجه المختارة من الصورة المعنية ومقارنة الوجوه بالموجودة في قواعد البيانات. وتوصف تلك التقنية بأنها تطبيق يعتمد على الذكاء الاصطناعي القياسي الحيوي الذي يمكنه تحديد الأشخاص بشكل فريد.
في عام 2020، يبدو أن العثور على تطبيقات تعليمية ذات جودة عالية مهمة شاقة خاصة عندما تأخذ في الاعتبار حقيقة وجود أكثر من 500000 تطبيق تعليمي، وذلك وفق ما أشار إليه متجر التطبيقات التعليمية educational app play store. هذا الرقم يجعل مهمة العثور على تطبيقات تعليمية جيدة النوعية تعزز التعليم والتعلم أمرًا صعبًا.
ومن أجل تسهيل عملية الوصول إلى التطبيقات الأفضل، قام المتخصصون في متجر التطبيقات التعليمية، المشار إليه أعلاه، بالبحث واختبار التطبيقات التعليمية والتربوية التي ينصح بها المعلمون وأولياء الأمور والطلاب، والتي يمكن إيجادها خلال موقعهم
وفي النهاية، يمكننا القول أن هناك الكثير الذي يمكن القيام به مع الهواتف المحمولة التي يحملها الناس في جيوبهم. فهي أكثر ملاءمة وأكثر فاعلية من النهج التقليدي المعتاد.