على الصعيد العالمي، تستثمر المؤسسات التعليمية في التقنيات الجديدة التي من الواضح أنها ستحول التعليم الذي نعرفه الى الفصول الدراسية الذكية، التي تمزج بين التكنولوجيا المتطورة والتعليم التقليدي، حيث تعتبر من ضمن هذه التقنيات التكنولوجية التي ستغير مستقبل التعليم. هذا وقد أشارت دراسة أجرتها منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية الدولية، إلى أن الطلاب الذين تم تعليمهم باستخدام الفصول الدراسية الذكية سجلوا درجات أعلى في الاختبارات من أولئك الذين تلقوا تعليمهم من خلال الفصول التقليدية.
وقد أوعزت الدراسة إلى أن ذلك يرجع الى حقيقة أن أدوات الفصول الذكية، سمحت للمعلمين بتقديم تعليم أكثر تخصيصًا لطلابهم، وهو أمر مستحيل في بيئة الفصل الدراسي التقليدية.
ما المقصود بالفصل الذكي؟
الفصول الدراسية الذكية عبارة عن فصل دراسي تعليمي معزز بالتكنولوجيا التي من شأنها أن تعزز من طريقة التدريس والتعلم الرقمي، من خلال عدد من التقنيات على رأسها نظام إدارة التعلم، والذي يعد مكونًا أساسيًا للفصل الدراسي الذكي، الى جانب شاشات العرض الرقمية، وعلامات التبويب، واللوحات البيضاء، وأجهزة الاستماع المساعدة، الوحدات التفاعلية الذكية - مقاطع الفيديو والعروض التقديمية والمكونات الصوتية / المرئية الأخرى التي تجعل المحاضرات والدروس أسهل وأكثر تفاعلاً، والطلاب والمدرسين أكثر تعاوناً.
يُطلق على الفصول الدراسية الذكية أيضا اسم الفصول المُعتمِدة على التكنولوجيا أو التقنية. وهي فصول كالتي نعرفها واعتدنا عليها، إلّا أنها مُجهزة ومُعززة بوسائل تكنولوجية تخدم العملية التعليمية، مثل أجهزة العرض ومختلف الوسائط والأجهزة اللوحية وأجهزة الحاسوب والهواتف الذكية والسبورات الذكية التفاعلية والتطبيقات والبرامج وغير ذلك… وهي أيضا فصول غالبا ما تكون متصلة بشبكة الإنترنت. كل هذا يجعلها تخلق فرصاً جديدة وفعالة للتعليم والتعلم.
لماذا يتم استخدام الفصول الدراسية الذكية في المدارس الآن؟
يتم توظيف هذا النوع من التكنولوجيا بشكل متزايد في مؤسسات التعليم العالي لأنه يسمح للطلاب بمتابعة اهتماماتهم بشكل كامل داخل وخارج الفصل الدراسي. كما تمكن حلول الفصول الدراسية الذكية الطلاب من القيام بإكمال أنشطتهم التعليمية من منازلهم باستخدام التعلم عن بعد ومجموعة متنوعة من موارد وأدوات الوسائط المتعددة. حيث يمكن للوحات الذكية والأجهزة اللوحية وأجهزة العرض وأجهزة الكمبيوتر المحمولة أن تجعل التعلم أكثر جاذبية للطلاب، وتحفيزهم على التعلم بشكل أكثر فعالية. كذلك تسهم الفصول الذكية في توفير مساحات تعليمية عالية الجودة، لتزويد المعلمين والطلاب بفصول دراسية فعالة وحديثة، تمكنهم من تحسين نتائج التعليم والتعلم بشكل كبير. وتحوي تلك الفصول على الأدوات التكنولوجية الحديثة كافة، ومجهزة بجميع المعدات والأدوات التعليمية، ومتصلة بشبكة بالإنترنت. وهنا سنخصص مساحة لتقنية في غاية الأهمية للفصول الدراسية الذكية وهي السبورات التفاعلية البيضاء.
السبورات التفاعلية البيضاء Interactive White Boards
كانت رحلة تطوير الفصل الدراسي الذكي طويلة، فقد انتقلت من الفصل الدراسي الذي يعتمد فقط على الطباشير واللوحات السوداء للتفاعل، وصولا الى تقنيات أكثر نجاعة تتجه نحو “السبورات البيضاء التفاعلية".
تتكون اللوحات البيضاء التفاعلية من جهاز كمبيوتر وجهاز عرض وتقنيات برامج متقدمة ولوحة عرض. يتم تشغيلها بواسطة لوحة لمس متصلة بجهاز كمبيوتر متصل بجهاز عرض. يتحكم المعلم بالكامل في المعلومات التي يمكن نسخها أو نقلها إلى شريحة أخرى. تأتي مع مجموعة من الميزات لتحسين جودة التعليم وهي:
التعامل مع جميع أنواع محتوى الوسائط والفيديو والعروض التقديمية.
تسليط الضوء على أي منطقة محددة ومؤشرات لتمييز شيء ما عند إبراز مناطق معينة.
تظليل الشاشة لإخفاء وكشف المعلومات عن الاختيار، وتستخدم بشكل خاص في الأسئلة والأجوبة.
أداء أفضل لمعدات الصوت والصورة.
المعدات تأخذ مساحة أقل في الغرف المزدحمة.
أكثر سهولة في الاستخدام وصديقة لتكنولوجيا المعلومات.
الانتقال إلى حلول معمارية مفتوحة.
ما الذي يجعل الفصل الدراسي "ذكيًا"؟
على الرغم من أننا كنا متمسكين بالفصول التقليدية حتى الآن، إلا أن عام 2020 قلب الأمور رأساً على عقب، وغيرت العالم كما لم يحصل منذ الحرب العالمية الثانية. ففي غضون السنة الأولي لانتشار فيروس كورونا المستجد، تمكن هذا الفيروس من شل الاقتصاد واجتاح المجتمعات وحجر نحو أربع مليارات إنسان في منازلهم. ذلك دفع العالم لأن يكافح بشدة مع حالة الوباء ويحاول إيجاد الطرق والمنهجيات للحفاظ على الحياة والعمل والبقاء في السوق. وقد كان هذا هو الحال مع صناعة التعليم.
يشير الصحفي Brandon Paykamian المتخصص في قضايا التعليم العالي إلى أن "الفصل الدراسي الذكي" مصطلح شائع في قاموس تكنولوجيا التعليم، لكن المعلمين ومطوري التكنولوجيا يقولون أن الفصل الذكي هو أكثر ارتباطاً بكيفية استخدام المعلمين للتقنيات الناشئة أكثر من الكم الهائل من الأدوات المتاحة لهم.
مع استمرار جائحة COVID-19 في تسريع الرقمنة في المؤسسات التعليمية، تقدر قيمة سوق أدوات تكنولوجيا التعليم "للفصول الدراسية الذكية" بأكثر من 117 مليار دولار في عام 2022 وما يقرب من 260 مليار دولار بحلول عام 2028، وفقًا لتقرير حديث صدر في مايو 2022. مع تكثيف المدارس لاعتمادها لأدوات التكنولوجيا الناشئة للتعليم، فإن السؤال حول ما الذي يجعل الفصل الدراسي "ذكيًا" يميل إلى الاختلاف بين المعلمين ومع مرور الوقت.
بالنسبة للعديد من المعلمين والمهن الأخرى المرتبطة بمجال تكنولوجيا التعليم اليوم، فإن الأمر كله يتعلق بكيفية استخدام التكنولوجيا بدلاً من حقيقة أن الفصل الدراسي يتبنى مجموعة واسعة من التقنيات في حد ذاته.
فوفقًا لرئيس قسم المعلومات Steven Langford من مقاطعة بي فيرتون التعليمية في ولاية أوريغون، يتم تحديد الفصل الدراسي الذكي من خلال مجموعة متنوعة من أدوات الأجهزة والبرامج التي يمكن استخدامها لتحسين التدريس والتعلم. وهو يرى أنه من الأهمية بمكان أن يتمتع المعلمون بالمعرفة والمهارات اللازمة لدمج أدوات الأجهزة والبرامج هذه في تجارب التعلم للطلاب، وبحيث يتمكن الطلاب من عرض عملهم على أجهزتهم على الشاشة لإظهار تعلمهم لزملائهم في الفصل، أو العمل بشكل فردي أو في مجموعات في مشاريع باستخدام نظام إدارة التعلم (LMS)، أو استخدام الواقع المعزز أو الافتراضي، إلى جانب التطوير المهني للمعلم الذي يسمح بالتعلم بعدة طرق. فالفصول الذكية، هي أكثر من مجرد أجهزة في الفصل الدراسي الذكي. من المهم التفكير في الفصول الدراسية الذكية على أنها مزيج من الأجهزة وتطبيقات البرامج والتطوير المهني للمعلمين لتوفير مجموعة متنوعة من الأساليب للتعلم وإثبات التعلم.
أما Joel Kupperstein، نائب الرئيس الأول لإدارة المناهج في شركة Age of Learning، فيرى أن الفصول الدراسية الذكية يجب أن تهدف إلى توفير خبرات تعليمية مخصصة لمجموعة معينة من الطلاب، من بين أهداف أخرى.
وهو يرى أيضاً أن تعريف الفصل الدراسي الذكي يتم من خلال قدرته على تغيير الطريقة التي يقدم بها المعلمون خبرات تعلم مخصصة في التكنولوجيا. فنحن نبحث عن الأهداف التعليمية في الفصل الدراسي، لأن هذا أهم من التكنولوجيا نفسها.
الذكاء الاصطناعي وتأثيره على الفصول الذكية
يركز الكثير على عمل مطوري تكنولوجيا التعليم على المنصات التي تعتمد على الذكاء الاصطناعي. وبشكل أكثر تحديدًا، هناك اهتمام ملحوظ بدور الذكاء الاصطناعي في إدارة البيانات للتخطيط التعليمي، وجعل هذه العملية أكثر ذكاءً، ليس بناءً على البيانات التي نراها، ولكن من خلال النظر في كل هذه البيانات التي توفرها تقنيات الذكاء الاصطناعي، وذلك من أجل أن تصبح خطط التعليم والمناهج أكثر ذكاءً.
إن دور الذكاء الاصطناعي في وظائف مثل إدارة البيانات للتخطيط التعليمي القائم على قياس مقاييس أداء الطلاب قد يكون محوريًا في الفصول الدراسية الذكية في المستقبل. فهناك قدر كبير من التركيز على استخدام البيانات للإبلاغ عن التعليمات وتحسينها، وبالتالي فالفكرة هي معرفة كيفية الاستفادة من هذه البيانات بحيث تكون بيانات مفيدة، وهذا هو المكان الذي يمكن أن يكون فيه الذكاء الاصطناعي أداة قوية - لفحص تلك البيانات والنظر في أنماط مختلفة للتعليم تخفف بعض العبء عن المعلمين وتمنحهم مساعدًا افتراضيًا يمكن أن يساعدهم في الفصل الدراسي على إدارة بعض هذه البيانات.
في النهاية وبعد ما سبق ذكره جميع جوانب حلول الفصول الدراسية الرقمية التي تتنوع من مزايا الفئة الذكية إلى متطلبات الفصل الذكي إلى تضمين شاشات العرض الرقمية المبتكرة، هل أنت مستعد لتحويل الفصول الدراسية التقليدية الخاصة بك إلى الفصول الدراسية الذكية والتي تعزز فكرة أن تعليم الطلاب حدوده السماء؟ في حال كنت لازلت في المنطقة الرمادية وتحتاج الي امتلاك صورة أوضح حول مزايا الفصل الدراسي الذكي، لا تترد في الاستفسار.