قد يكون جذب الطلاب للالتحاق في البرامج التعليمية المطروحة ليس بالعملية السهلة بالنسبة للكليات والجامعات في ظل المنافسة والأزمة المالية العالمية التي بدأت في سبتمبر 2008 والتي اعتبرت الأسوأ من نوعها منذ زمن الكساد الكبير سنة 1929م، ولكن الأصعب هو كيفية الاحتفاظ بولاء الطلاب وتحفيزهم على الاستمرار. فاستمرار الطلاب في الجامعة لاستكمال أهدافهم التعليمية مؤشر رئيس لنجاح الطالب وبالتالي نجاح المؤسسة التعليمية، ومدى التزامها بتحقيق الجودة الشاملة والتي تسمح للطلاب بالانخراط في البيئة الأكاديمية على نحو فعال. فالمبدأ الأساسي للاحتفاظ بالطلاب، وفقا لفنسنت تينتو(1993) والمعروف أنه أفضل من عمل على موضوع ترك الطلاب للدراسة هو " الالتزام الذي ينبع من طبيعة المهمة التعليمية للمؤسسة". كنا قد ناقشنا في الجزء الأول من هذا الموضوع الدوافع التي تحرك الجامعات والكليات للاهتمام بالطلاب والعمل على ولائهم إلى المؤسسة الأكاديمية. وهنا نستعرض ستة استراتيجيات فعالة للاحتفاظ بولاء الطلاب بطريقة تحدث فرقا ملموسا في أداء الطالب والمؤسسة التعليمية، وهي تتمثل بالآتي:
1: إنشاء رؤية مشتركة لنجاح الطالب
نريد جميعا لطلابنا تحقيق النجاح. وعلى الرغم من أن الإدارات المنفصلة عبر المؤسسة يمكن أن يكون لها تأثير حقيقي على نجاح الطالب، إلا أن تصميم وتنفيذ استراتيجية مؤسسية شاملة تعني الانتقال إلى ما بعد توقعات العديد من أصحاب المصلحة من طلاب وهيئة تدريسية وأطر مؤسساتية...إلخ.
تأسيس رؤية مشتركة لنجاح الطالب وتوصيل هذه الرؤية عبر الحرم الجامعي يعني أنه يمكنك تنظيم الموارد بشكل أكثر فاعلية لدعم أهداف محددة، والانتقال من النظرية إلى العمل، وذلك يستدعي طرح بعض الأسئلة المحددة للغاية، والمتمثلة في الآتي:
2: التركيز على ما يفعله الطلاب الناجحون
الكثير من الطلاب يأتون إلى الكلية مع قدر قليل من الفهم لما يلزم لتحقيق النجاح. نرى البعض منهم يفترض أن حضور الفصول الدراسية اختياري، كما يعتقد الكثير من الطلبة أن مستوى الجهد الذي كانوا يبذلونه خلال المدرسة الثانوية سوف يكون كافيا للدراسة في الكلية أو الجامعة، وهذا ما نلمسه بشدة. كما أن الطلاب ذوي الدخل المحدود والقادمين من المناطق النائية على وجه الخصوص، قد يفتقرون إلى العاصمة الثقافية ومعرفة كيفية التنقل بين أنظمة الحرم الجامعي المعقدة. هناك طلاب آخرون غير مألوف لديهم التعامل مع الخدمات المتاحة لهم، مثل المكتبة والخدمات المرجعية أو قاعات الكتابة أو مجموعات الدراسة والمدرسين أو تعليمات المواد التكميلية... إلخ.
إذا كنت تريد لطلابك أن تنافس من خلال سلوكيات ناجحة، تحتاج مؤسستك إلى أن تسأل هذه الأسئلة:
3: تحديد استراتيجية التدخل
تؤكد التجارب على أن الكليات التي تمتلك برامج احتفاظ ناجحة على نطاق الحرم الجامعي، لديها منهجية واضحة لتعريف وتحديد مفهوم الطالب المعرض للخطر " at risk "، وهي تقدم الدعم من خلال توفير الموارد المناسبة ورصد مشاركة الطلاب. استراتيجيات التدخل غالبا ما تنطوي على أعضاء هيئة التدريس والموظفين الذين يشاركون في برامج الإحالة الرسمية أو الذين قد يساعدوا في تقديم الموارد المناسبة. التدخل المبكر هو المفتاح الأمثل لمساعدة الطلاب قبل أن تتفاقم المشاكل ويصعب التعامل معها. بالنسبة للعديد من الطلاب، معرفتهم أن هناك أن شخصا ما في المؤسسة يهتم بمتابعة أداءهم حافز قوي يساعد الطلاب على إرساء أسس أكاديمية واجتماعية صلبة تمهد للنجاح في المستقبل
وقبل البدء في تنفيذ برامج التدخل المبكر التي تحدث فرقا، يمكنك أن تسأل هذه الأسئلة:
4: إبدأ صغيراً ومن ثم انمو
هناك احتمالات لوجود البرامج والمبادرات الهادفة لدعم نجاح الطالب في مؤسستكم بالفعل. العثور على تلك البرامج وتقييم ما يصلح وما لا يصلح من الأمور الحاسمة عندما تبدأ في بناء نهج أكثر استراتيجية لاستبقاء الطلاب وضمان تقدهم. بطبيعة الحال البدء صغيرا من خلال القسم، أو من خلال البرنامج أو التخصص يوفر لك وسيلة لوضع أنظمة لبرامج الإحالة، وتكتيكات التدخل ومقاييس النجاح وآليات التقارير ويضمن جهود شاملة ومتكاملة. إذا كنت قادرا بالفعل على تعزيز برنامج نموذجي يستطيع إيصال نجاحاته إلى أجزاء أخرى من الحرم وبناء الحماس له، فأنت ستستطيع أن تعمل على تنمية هذا البرنامج بنجاح أكبر باستخدام السبل التي من شأنها الوصول إلى كل طالب في الحرم الجامعي وتقديم الدعم والتوعية المناسبة.
عند تقييم البرامج المرشحة لأن تكون "الحاضنة"، يجب عليك أن تنظر في الأسئلة التالية:
5: بناء الجسور
من الضروري أن ندرك أن بناء البرامج التجريبية الناجحة وإقحامها في مبادرات شاملة على مستوي الحرم الجامعي ككل يحتاج إلى تعاون كلى من الجميع في مختلف أقسام الجامعة، هذا بالإضافة إلى الشركاء من خارج الحرم الجامعي. تحديد الطلاب المعرضين للخطر من الممكن أن يبدأ مع المتغيبين عن الفصول الدراسية، إلا أنه لا يجب أن ينتهي عند هذا الحد، فتبنى نهج شامل لنجاح الطالب يعني إيجاد وسيلة للتواصل مع كل أصحاب المصلحة وذوي العلاقة في الجامعة، فكل جهة تحمل قطعة من الصورة الكاملة. وخلال ربط ما يجري داخل الفصول الدراسية مع ما يحدث في الخارج، يتم بناء شبكات الأمان المتعددة لطلابنا. يشكل التعاون عنصرا أساسيا لبناء مبادرات تهتم بنجاح الطلاب وتأخذ بعين الاعتبار تجربة الطالب كاملة، سواء كان التعاون مع شؤون الطلاب، أو قسم المساعدات المالية، والشؤون الأكاديمية وغيرها من الأقسام والتي تلعب دورا في نجاح الطالب. بناء الاستراتيجية الشاملة يحتاج إلى إنشاء الأهداف المشتركة، والرسائل المتسقة، والحوافز المناسبة لضمان مشاركة جميع هذه الجهات المعنية. للبدء في بناء جسور التعاون داخل وخارج الحرم الجامعي، من المهم أن ننظر في الأسئلة التالية:
6: استخدم البيانات بدلا من جمعها فقط
استخدام البيانات الجيدة عامل مهم في توجيه استراتيجية الاحتفاظ، ورصد تقدم الطلاب، وتقييم فاعلية البرنامج، وتوجيه القرارات وتخصيص الموارد. النهج الناجح من أجل نجاح الطالب يعتمد على بيانات جيدة، وسوف يرفض معظم الأكاديميين مساعدتك إلا إذا بينت لهم حيثيات الموضوع المُدعمة بالإحصاءات التي تدعم أهدافك. ولحسن الحظ، تتوفر الكثير من الإحصائيات ويتاح بعض منها في مواقع مثل وزارة التربية والتعليم ومستودعات البيانات في الجامعة.
قم بالتعاون مع الباحثين في المؤسسة واطلب مساعدتهم لتحديد نموذج للمؤسسة خاص بالطلاب المعرضين للخطر. قسم البحوث في المؤسسة الخاصة بك يمكن أن يساعدك على العثور على الموارد التي تحتاجها للحصول على البيانات الصحيحة واستخدامها لإعداد التقارير الفعالة وتحريكها بثقة أكبر نحو تحقيق الأهداف. كما يمكن للبيانات الجيدة أن تساعدنا على تركيز جهودنا على التكتيكات الواعدة واستراتيجيات تخصيص الموارد النادرة . للبدء في التفكير في استراتيجية استخدام البيانات لدعم النجاح وجهود الاحتفاظ بهم، قد يكون من المهم النظر في الأسئلة التالية.
وبعد استعراض هذه الاستراتيجيات والأسئلة المرافقة لها، يبدو أنه ليس من السهل تحقيق خطوات مستدامة لتحسين تعلم الطلاب، والاحتفاظ بهم حتى التخرج والحصول على الدرجة العلمية. ومع ذلك، هناك العديد من الكليات والجامعات التي حققت نجاحات واضحة وقد تم الإشارة إليها في الجزء السابق من هذا الموضوع. وبغض النظر عن طبيعة العوامل التي تعمل على تحسين مخرجات التعليم، لا يمكن أن نتجاهل أن نجاح الطالب يمثل أحد من الدلالات الأكثر وضوحا على قدرة المؤسسة الأكاديمية لتلبية الزيادة في الطلب على مستويات أعلى من المساءلة والشفافية. كما لابد ألا نتجاهل التدخلات الناجحة للتقنية في مجالات التعليم، حيث هناك العديد من الأنظمة الشاملة التي تقدم محفظة واسعة من الحلول التقنية، المطورة والتي تعمل على تحديد ودعم الطلاب المعرضين للخطر وتهتم بتحسين مستوى الأداء الأكاديمي والإداري، وتمكين أعضاء هيئة التدريس في المؤسسة الأكاديمية من تقديم الاستشارات المخصصة لكل طالب بما يحقق نجاح الطلاب وتخرجهم في الوقت المناسب.