تأثير الذكاء الاصطناعي في سياق الحياة اليومية وبيئة الأعمال

في كل مرة تتسوق فيها عبر الإنترنت، أو تبحث عن معلومات على Google، أو تشاهد عرضًا على Netflix، فإنك تستخدم أحد أو بعض مزايا الذكاء الاصطناعي. إن تطبيقات الذكاء الاصطناعي (AI) موجودة في كل مكان، وسوف تستمر في النمو. لذا تعلم الذكاء الاصطناعي، أو التقاط بعض المعرفة حوله، سوف يساعدك على فهم كيف يمكن للتكنولوجيا تحسين حياتنا من خلال المنتجات والخدمات. هناك أيضًا الكثير من فرص العمل في هذا المجال، إذا اخترت التعمق في هذا المجال. وهنا لا ينبغي أن يكون تعلم الذكاء الاصطناعي أمرًا صعبًا، في ظل توافر العديد من المصادر التعليمية ولكنه يتطلب فهمًا أساسيًا للرياضيات والإحصاء. في هذه التدوينة سوف نوفر نظرة متكاملة حول مزايا الذكاء الاصطناعي وأثره على العديد من المجالات الحياتية، كما، سنرشدك إلى كيفية تعلم الذكاء الاصطناعي وإنشاء خطة تعليمية.

ما هو الذكاء الاصطناعي ولماذا يجب أن تتعلمه؟

الذكاء الاصطناعي (AI) وحسب موقع Amazon Web هو فرع من علوم الكمبيوتر الذي يهتم بحل التحديات المعرفية المرتبطة بالذكاء البشري، مثل التعلم والإبداع وتمييز الصور. يكمن هدف الذكاء الاصطناعي في إنشاء نظم تعلم ذاتي تستخلص المعاني من هذه البيانات. بعد ذلك، يستطيع الذكاء الاصطناعي تطبيق هذه المعرفة لحل تحديات جديدة بطرق مشابهة للإنسان. على سبيل المثال، يستطيع الذكاء الاصطناعي الرد بشكل ذكي على المحادثات البشرية، وإنشاء صور ونصوص أصلية، واتخاذ قرارات في الوقت الفعلي استنادًا إلى مُدخلات البيانات. يمكن لمؤسستك دمج إمكانيات الذكاء الاصطناعي في تطبيقاتها لتحسين عمليات الأعمال وتعزيز تجارب العملاء، بالإضافة إلى تسريع عمليات الابتكار.

لماذا نتعلم الذكاء الاصطناعي:

يُعتبر تعلم الذكاء الاصطناعي أمرًا ذا أهمية خاصة في عصرنا الحديث الذي يشهد تطورات تكنولوجية سريعة. تثير هذه التكنولوجيا تساؤلات حول قدرة الذكاء الاصطناعي على تحسين حياتنا اليومية وتشكيل مستقبلنا وأهمية تعلمنا لهذه التكنولوجيا وكيفية توظيفها في الحيز العام والخاص. نستكشف هنا الإجابة على بعض من هذه التساؤلات:

الذكاء الاصطناعي يُحدث ثورة في الحياة اليومية:

يتكامل الذكاء الاصطناعي بسلاسة مع تجاربنا اليومية، ويقدم توصيات مخصصة، ويصمم اقتراحات المحتوى بناءً على التفضيلات والسلوكيات الفردية. تعمل المساعدات الافتراضية التي يتم تنشيطها بالصوت، مثل Siri وAlexa وGoogle Assistant، والمدرس الافتراضي إتقان "itcan“ الذي أطلقته شركة نسيج  على تبسيط المهام وتعزيز الاتصال واسترجاع المعلومات. في عالم المنازل الذكية، يسهم الذكاء الاصطناعي في أتمتة المنزل من خلال تحسين استهلاك الطاقة، وتنظيم درجة الحرارة، والتكيف مع تفضيلات شاغليه. تستفيد تطبيقات الصحة من الذكاء الاصطناعي لتحليل البيانات الصحية الشخصية، وتشجيع أنماط الحياة الصحية. وفي مجال الترفيه، يعزز الذكاء الاصطناعي تجارب الألعاب ويسهم في تطبيقات الواقع المعزز، مما يخلق تفاعلات رقمية غامرة. تستخدم منصات التجارة الإلكترونية الذكاء الاصطناعي لتقديم توصيات المنتجات المستهدفة، بينما تعمل أدوات ترجمة اللغة على تعزيز التواصل العالمي من خلال التغلب على حواجز اللغة. في القطاع المالي، يوفر الذكاء الاصطناعي رؤى مخصصة لإدارة الشؤون المالية، بدءًا من إعداد الميزانية وحتى استراتيجيات الاستثمار.  

الذكاء الاصطناعي وتوليد التقنيات الذكية للتصنيع:

لقد كان تأثير الذكاء الاصطناعي (AI) على الصناعة إيذانا ببدء عصر جديد من الكفاءة والابتكار والتحسين. عبر قطاعات متنوعة مثل التصنيع والرعاية الصحية والتمويل والخدمات اللوجستية، فقد أدى الذكاء الاصطناعي إلى تحسين العمليات التشغيلية بشكل كبير. تعمل الأتمتة المعتمدة على الذكاء الاصطناعي على تبسيط المهام الروتينية، وتقليل الأخطاء وتحسين الإنتاجية الإجمالية. تتيح التحليلات التنبؤية المدعومة بالذكاء الاصطناعي للصناعات توقع الاتجاهات وتحسين تخصيص الموارد واتخاذ قرارات تعتمد على البيانات. في مجال الرعاية الصحية، يسهل الذكاء الاصطناعي التشخيص المتقدم وخطط العلاج الشخصية واكتشاف الأدوية، مما يؤدي إلى تحسين نتائج المرضى. في مجال التصنيع، تعمل الروبوتات التي تعتمد على الذكاء الاصطناعي وتحسين العمليات على تعزيز كفاءة الإنتاج ومراقبة الجودة. تستفيد المؤسسات المالية من الذكاء الاصطناعي في إدارة المخاطر واكتشاف الاحتيال والتداول الخوارزمي. علاوة على ذلك، يعمل الذكاء الاصطناعي على تعزيز تجارب العملاء من خلال الخدمات الشخصية والتفاعلات المبسطة. ومع تعزيز الابتكار والقدرة التنافسية، فإن اعتماد الذكاء الاصطناعي على نطاق واسع في الصناعة يدل على تحول نموذجي نحو عمليات تجارية أكثر ذكاءً وتكيفاً ومرونة.

إدارة البيانات الضخمة:

اليوم أصبح تكامل الذكاء الاصطناعي (AI) وتحليلات البيانات قوة تحويلية في المشهد القائم على البيانات، حيث تُحدث ثورة في عمليات صنع القرار للشركات التي تتعامل مع مجموعات بيانات ضخمة ومعقدة. تعمل قدرات المعالجة والتحليل في الوقت الفعلي التي يتمتع بها الذكاء الاصطناعي على تمكين تحليلات البيانات من تجاوز القيود التقليدية، والكشف عن الأنماط التي قد يتجاهلها المحللون البشريون. يتيح هذا التآزر إمكانية التخصيص، مما يسمح للشركات بتخصيص المنتجات والخدمات بناءً على سلوك العملاء، وتعزيز الرضا والولاء. وتمتد القدرات القوية للذكاء الاصطناعي إلى تعزيز الكشف عن الاحتيال والأمن، حيث تحدد الخوارزميات الأنماط غير العادية في الوقت الفعلي لحماية المعلومات الحساسة. يعد تكامل الذكاء الاصطناعي وتحليلات البيانات بمثابة تغيير في قواعد اللعبة، حيث يؤدي إلى التقدم والكفاءة في استخلاص رؤى مفيدة للنمو التنظيمي.

اتساع فرص عمل ونمو الوظائف

إن تأثير وفوائد الذكاء الاصطناعي (AI) في إيجاد فرص العمل كبيرة ومتعددة الأوجه. فقد ذكر تقرير صادر عن بنك الاستثمار Goldman Sachs أن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يحل محل ما يعادل 300 مليون وظيفة بدوام كامل. ويمكن أن يحل محل ربع مهام العمل في الولايات المتحدة وأوروبا، ولكنه قد يعني أيضًا وظائف جديدة وطفرة في الإنتاجية. ومن الممكن أن يؤدي ذلك في نهاية المطاف إلى زيادة القيمة السنوية الإجمالية للسلع والخدمات المنتجة عالميا بنسبة 7%. كما وجد باحثون من جامعة بنسلفانيا وOpenAI أن بعض العاملين المتعلمين ذوي الياقات البيضاء الذين يكسبون ما يصل إلى 80 ألف دولار سنويًا هم الأكثر عرضة للتأثر بأتمتة القوى العاملة. وتقول Forbes أيضًا أنه وفقًا لتقرير معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا وجامعة بوسطن، فإن الذكاء الاصطناعي سيحل محل ما يصل إلى مليوني عامل في التصنيع بحلول عام 2025. هذا وتشير دراسة أجراها معهد ماكينزي العالمي إلى أنه بحلول عام 2030، قد يحتاج ما لا يقل عن 14٪ من الموظفين على مستوى العالم إلى تغيير حياتهم المهنية بسبب التقدم في مجال الرقمنة والروبوتات والذكاء الاصطناعي.

زيادة النمو الاقتصادي العالمي

يشير معهد ماكينزي العالمي إلى إنه عند المتوسط العالمي لمستوى التبني واستيعاب الذكاء الاصطناعي والتقدم في الذكاء الاصطناعي الذي تشير إليه محاكاته، فإن الذكاء الاصطناعي له تأثير عميق في توفير نشاط اقتصادي عالمي إضافي يبلغ حوالي 13 تريليون دولار في المستقبل المنظور وبحلول عام 2030، أو حوالي 16٪ ارتفاع الناتج المحلي الإجمالي التراكمي مقارنة باليوم. وهذا يعادل نموًا إضافيًا للناتج المحلي الإجمالي بنسبة 1.2% سنويًا. وإذا تم تحقيق هذا التأثير، فمن شأنه أن يُقارن بشكل جيد مع تأثير التقنيات الأخرى ذات الأغراض العامة عبر التاريخ. وسيأتي هذا بشكل أساسي من استبدال العمالة بالأتمتة وزيادة الابتكار في المنتجات والخدمات. ومضى التقرير نفسه ليقول إنه بحلول عام 2030، يُظهر متوسط المحاكاة أن حوالي 70٪ من الشركات سوف تتبنى ثورة الذكاء الاصطناعي وتعتمد نوعًا واحدًا على الأقل من تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي.

مواجه التحديات المجتمعية:

لا يؤدي الذكاء الاصطناعي (AI) إلى إحداث ثورة في الشركات فحسب، بل يحمل أيضًا إمكانات كبيرة لمعالجة ومكافحة بعض التحديات الاجتماعية التي تبدو غير قابلة للحل في العالم. ألقى خمسة عشر خبيرًا من مجلس فوربس للتكنولوجيا الضوء على كيفية إسهام التطبيقات المبتكرة للذكاء الاصطناعي في مختلف القضايا المجتمعية. تشمل الأمثلة استخدام الذكاء الاصطناعي لتعزيز الحفاظ على الحياة البرية من خلال تتبع تحركات الحيوانات، وتطبيق التحليلات التنبؤية للاستجابة السريعة للأوبئة، واستخدام الذكاء الاصطناعي لاكتشاف الصراعات ومنعها في البيئات عبر الإنترنت، واستخدام الوعي بالكوارث والتنبؤ بها المدعوم بالذكاء الاصطناعي لإدارة أكثر فعالية للكوارث. بالإضافة إلى ذلك، يلعب الذكاء الاصطناعي دورًا فعالًا في القضاء على التحيز البشري في أماكن العمل، ومكافحة التنمر وخطاب الكراهية عبر الإنترنت، وتعزيز الترجمة العالمية من أجل تواصل عالمي أفضل. علاوة على ذلك، يلعب الذكاء الاصطناعي دورًا حاسمًا في الزراعة، وحلول الطاقة النظيفة، وتخصيص الرعاية الصحية، والتحقق من الحقائق في عصر مقاطع الفيديو المزيفة، وتحسين الحكم في المناطق الحضرية الكثيفة، وتمكين التعليم الأفضل من خلال اقتراحات ومحتوى شخصي. يُظهر التأثير الجماعي للذكاء الاصطناعي عبر هذه المجالات المتنوعة قدرته على تقديم حلول تحويلية للتحديات المجتمعية المعقدة.

في الختام، فإن تعلم الذكاء الاصطناعي يتجاوز الوعد بمهنة مربحة؛ فهو يفتح الأبواب أمام مجال ديناميكي له تأثير تحويلي على المجتمع. إن تقاطع الذكاء الاصطناعي مع مختلف الصناعات ودوره في تشكيل المستقبل يجعله مجالًا دراسيًا مجزيًا فكريًا ومتقدمًا.

الانخراط في مهن الذكاء الاصطناعي

يتطلب الدخول في مهنة الذكاء الاصطناعي مزيجًا من التعليم وتنمية المهارات والخبرة العملية. فيما يلي ندرج بعض الخطوات التي أوصت بها Coursera لتمكينك من ممارسة مهنة في مجال الذكاء الاصطناعي:

خلفية تعليمية: الحصول على أساس تعليمي متين، عادةً في علوم الكمبيوتر، أو علوم البيانات، أو الرياضيات، أو أي مجال ذي صلة. درجة البكالوريوس هي الحد الأدنى من المتطلبات، ولكن العديد من المتخصصين في الذكاء الاصطناعي يسعون أيضًا للحصول على درجات علمية متقدمة (الماجستير أو الدكتوراه) لأدوار أكثر تخصصًا.

تطوير مهارات البرمجة الأساسية: اكتسب الكفاءة في لغات البرمجة شائعة الاستخدام في الذكاء الاصطناعي، مثل Python أو R أو Java. تُستخدم لغة بايثون، على وجه الخصوص، على نطاق واسع في تطوير الذكاء الاصطناعي بسبب بساطتها ونظامها البيئي الغني بالمكتبات.

تعلم علوم البيانات والإحصاء: اكتساب فهم قوي لمبادئ علم البيانات والإحصائيات والاحتمالات. يعتمد الذكاء الاصطناعي بشكل كبير على البيانات، ويعد الفهم الجيد لهذه المفاهيم أمرًا ضروريًا لبناء نماذج ذكاء اصطناعي فعالة.

إتقان التعلم الآلي (ML) والتعلم العميق Deep learning: تعلم أساسيات التعلم الآلي، والانحدار، والتصنيف، والتجميع. يعد التعلم العميق، وهو مجموعة فرعية من التعلم الآلي، أمرًا بالغ الأهمية لمهام مثل التعرف على الصور والكلام؛ ومن ثم، تعرف على الشبكات والأطر العصبية.

اكتشف تخصصات الذكاء الاصطناعي: من المهم فهم الفروع المختلفة للذكاء الاصطناعي، مثل معالجة اللغة الطبيعية، ورؤية الكمبيوتر، والروبوتات، والتعلم المعزز. إن التخصص في واحد أو أكثر من هذه المجالات يمكن أن يجعلك مرشحًا أكثر قدرة على المنافسة.

بناء محفظة قوية: اعمل على مشاريع عملية لبناء محفظة تعرض مهاراتك في الذكاء الاصطناعي. يمكن أن يشمل ذلك تنفيذ نماذج التعلم الآلي، أو تطوير تطبيقات الذكاء الاصطناعي، أو الإسهام في المشاريع مفتوحة المصدر. تعتبر المحفظة القوية ذات قيمة عند التقدم لشغل وظائف الذكاء الاصطناعي.

اكتساب الخبرة العملية: شارك في التدريب الداخلي أو البرامج التعاونية أو المشاريع البحثية لاكتساب الخبرة العملية. توفر مشاريع العالم الحقيقي رؤى حول التحديات العملية لتنفيذ حلول الذكاء الاصطناعي. واعمل متابعة التطورات في الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي والتقنيات ذات الصلة. يمكنك حضور المؤتمرات وورش العمل والندوات عبر الإنترنت والتفاعل مع مجتمع الذكاء الاصطناعي من خلال المنتديات ووسائل التواصل الاجتماعي وفعاليات التواصل. كما يمكنك الانضمام إلى مجتمعات الذكاء الاصطناعي، والتواصل مع المحترفين في هذا المجال.

التقدم لشغل وظائف المبتدئين: ابدأ التقدم لشغل وظائف المبتدئين في الذكاء الاصطناعي أو المجالات ذات الصلة. ابحث عن أدوار مثل مهندس الذكاء الاصطناعي أو عالم البيانات أو مهندس التعلم الآلي أو مساعد البحث لاكتساب الخبرة العملية.

في النهاية، يمكننا القول أن الذكاء الاصطناعي هو مجال سريع التطور، لذا التزم بالتعلم المستمر. ابق فضوليًا واستكشف أدوات وتقنيات جديدة وتكيف مع الاتجاهات الناشئة في الذكاء الاصطناعي. تذكر أن الدخول في مهنة الذكاء الاصطناعي يتطلب التفاني والتعلم المستمر واتباع نهج استباقي لتنمية المهارات والتواصل. إن بناء أساس قوي والبقاء على اطلاع دائم باتجاهات الصناعة سيؤهلك لتحقيق النجاح في المجال الديناميكي للذكاء الاصطناعي.