تخصص المنظمات وقتًا وجهدًا وأموالًا كبيرة من أجل إنشاء وتقديم برامج تدريبية. ومع ذلك، فإنهم يواجهون تحديات كبيرة في قدرتهم على إثبات تأثير استثمارات التدريب. فبينما يتم بذل جهد هائل خلال مرحلة تحليل احتياجات التدريب، فإن غالبية المبادرات لا تركز على تحديد النهج (البيانات والمقاييس والأطر) التي من شأنها أن تساعد فرق التعلم والتطوير على التأكد من تأثير التدريب على المتعلمين، وبشكل أكثر تحديدًا، على ازدهار الأعمال. ونتيجة لذلك، نجدهم غير قادرين على إثبات القيمة أو التأثير أو عائد الاستثمار على الإنفاق التدريبي.
لماذا يجب عليك تطوير القدرة على تقييم فعالية التدريب وتأثيره؟
عندما يتدرب الموظفون ويتعلمون بشكل فعال، تنعكس النتائج عادةً على الأداء التنظيمي. هناك أيضًا كم هائل من الأدلة المستندة إلى الأبحاث التي تربط التدريب الفعال بالأداء الاستثنائي. ومع ذلك، من المدهش أن يشير موجز بحثي لمجموعة Brandon Hall Group إلى أن 9٪ من المؤسسات التي شملها الاستطلاع لا ترى حاجة لربط التغييرات السلوكية التي يسببها التدريب بأداء الأعمال، وذلك لأن العديد من المؤسسات تفتقر إلى المقاييس المناسبة لقياس مساهمة التدريب في نتائج الأعمال. فيما يلي بعض الأسباب المقنعة لتقييم فعالية التدريب وقياس تأثيره:
يحاسب المساهمون ومجالس الإدارة والفرق التنفيذية قادة الأعمال على خطط الإنفاق الخاصة بهم. وكلما كان تبرير هذه النفقات أفضل، زاد احتمال استمرار تدفق الأموال. إذا رغب مديرو التعلم والتطوير في تأمين التمويل المستمر لمبادرات التعلم الخاصة بهم، فيجب عليهم تقييم فعالية الإنفاق على برنامج التدريب وتبرير الحاجة المستمرة لتلك البرامج.
يجب أن يكون الهدف الأساسي لأي خطة تدريب هو دعم أهداف العمل. من خلال تقييم تأثير برامج التدريب فقط، يمكن لقادة الأعمال الحصول على مقاييس موضوعية حول مدى نجاح هذه البرامج في دعم أهداف العمل.
عندما يتوافق التدريب مع أهداف العمل، فإن تقييم التدريب المتعمق هو الطريقة الوحيدة التي يمكن لقادة التعليم من خلالها تحديد مؤشرات الأداء الرئيسة المهمة لجعل التدريب أكثر صلة.
من خلال قياس نتائج البرنامج، يمكن لفرق التعلم والتطوير تقييم تلك النتائج مقابل مؤشرات الأداء الرئيسة المحددة مسبقًا وتعزيز خطط التدريب أو تحسينها بناءً على هذا التقييم.
على أرض الواقع، نجد أنه على الرغم من أن قادة التعلم والتطوير يدركون أهمية قياس وإثبات تأثير التدريب، إلا أنهم يواجهون العديد من التحديات في القدرة على تحقيق هذا الهدف.
ما التحديات الرئيسة في تقييم فعالية التدريب وقياس أثره
اليوم - وأكثر من أي وقت مضى - هناك حاجة لتقييم تأثير التدريب على نمو الأعمال، ولكن لسوء الحظ، تنفيذ البرامج التدريبية لا تعني بالضرورة النجاح الملموس والقابل للقياس وتحديد فعالية التدريب. وعادة ما يكون ذلك بسبب التحديات التنظيمية الكامنة التي تعيق تطلعاتنا لتحقيق تدريب فعال. وهذا يجعلنا نتساءل حول ماهية التحديات الرئيسة في تقييم فعالية التدريب وتأثيره؟
فيما يلي بعض التحديات الحاسمة التي يواجهها قادة التعلم والتطوير أثناء الشروع في مبادرات لتقييم فعالية التدريب:
المنظمات التي تفتقر إلى مقاييس أداء الموظفين، لا تستطيع أن تجذم، ما إذا كان التدريب يساعد أو يعوق أداء الموظف. ففي ظل الافتقار إلى مقاييس أداء الموظفين، من الصعب القيام بريط نتائج تدريب محددة بأهداف أداء أكثر تحديدًا، كما لا يمكنك تحديد ما إذا كان التدريب يساعد في تطوير مجموعات المواهب الداخلية الخاصة بك، أو ما إذا كان الموظفون يطبقون بنجاح المهارات المكتسبة حديثًا (المكتسبة من خلال التدريب) كأدوات مساعدة على تحسين الأداء الوظيفي.
عند التحضير لجلسة تقييم نتائج برنامج التدريب، يبدأ معظم المقيّمين بنهج قياس نتائج التدريب. نادرًا ما تنجح هذه الإستراتيجية لأنها لا تأخذ بعين الاعتبار ما حدث قبل التدريب أو بعده. المطلوب هو منهجية تستعرض إطار العمل التدريبي عبر المنظمة، بدءًا من تحليل احتياجات التدريبTraining Needs Analysis (TNA) وانتهاءً بتحديد ما إذا كان التدريب يلبي جميع مؤشرات الأداء الرئيسة ويوفر تبريراً لعائد الاستثمار Return on Investment (ROI).
تشتمل تكنولوجيا التدريب، مثل أنظمة إدارة التعلم (LMS) وأنظمة إدارة محتوى التعلم (LCMS)، على أدوات مدمجة توفر الكثير من البيانات التحليلية لتقييم فعالية التدريب. لسوء الحظ، تفتقر العديد من المؤسسات إلى الأدوات والتقنيات المناسبة لجمع مثل هذه البيانات أو القدرة على استخدام الأدوات المتاحة لجمع تلك البيانات وتحليلها بشكل موضوعي.
تفتقر العديد من المنظمات إلى الإمكانية أو القدرة على ربط الأداء التنظيمي بالنتائج المحددة المتعلقة بالتدريب، وهذا يؤدي إلى نتائج تقييم غير فعالة لنتائج التدريب.
بسبب هذه التحديات، نجد أنه لا تتم محاولة القياس مطلقًا أو يستغرق وقتًا طويلاً بشكل مفرط، وبحلول الوقت الذي تظهر فيه الأفكار، قد يكون الوقت قد فات على الشركة لتطبيقها.
لذا يجب وضع معايير محكمة في بداية التدريب، أي أثناء مرحلة تحليل احتياجات التدريب (TNA). في هذه المرحلة، من الضروري بناء المقاييس التي سيتم استخدامها لتحديد فعالية التدريب وتأثيره، والتي عادةً ما تتكون من المقاييس التالية:
عدد التسجيلات التدريبية ومعدلات إتمامها.
رد فعل المتعلم / التغذية الراجعة على التدريب والمدرب.
درجات التقييم (لتقييم فعالية التدريب).
ومع ذلك، نجد أن المقاييس الحاسمة مفقودة، والتي تتمثل في قياس التغيير في أداء المتدرب بناءً على المهارات المكتسبة، بالإضافة إلى مقاييس نجاح العمل.
الطريقة الصحيحة للمضي قدمًا تتم من خلال الجمع بين مقاييس التعلم والتطوير (L & D) ومقاييس الإنجاز Learner Performance Gain بالإضافة إلى مقاييس الأعمال. التركيز على مقاييس L & D وحدها غير كافٍ لمساعدتك في قياس التأثير على الأعمال. في حال لم يتم إجراء هذا التقييم الكمي التعاوني (اقتران مقاييس L&D مع مكاسب أداء المتعلم ومقاييس الأعمال) مقدمًا في المشروع، فسيكون من المستحيل تتبع وقياس تأثير التدريب على الأعمال. كما من المهم ملاحظة أنه على الرغم من أن تحديد مقاييس التقييم هو الخطوة الأولى والأكثر أهمية في قدرتك على قياس وإثبات تأثير التدريب، إلا أن هناك العديد من الخطوات الأخرى التي يجب القيام بها وتنظيمها لتتمكن من قياس تأثير التدريب، والتي تتمثل فيما يلي.
الخطوة الأولى: أعد النظر في تعريف التعلم
في كثير من الأحيان، يكون الهدف من التدريب هو مجرد اكتساب التعلم، مع عدم وجود مجال لتمكين المتعلمين من تطبيق ما اكتسبوه في عملهم. ذلك يستدعي تحديد مفهوم “التعلم" – والذي يتمثل في حصول الموظفين على معلومات جديدة، وممارستها وتطبيقها.
وضوح مفهوم التعلم وفق ما سبق يجعل من التدريب أمرًا حيويًا، وبحيث يمكن تقديم التغذية الراجعة أثناء ممارسة المعرفة الجديدة وتطبيقها.
الخطوة الثانية: شاهد الصورة من وجهة نظر المتعلم
على الرغم من أن المتعلم يمتلك مفتاح التأثير الناجح لبرنامج التدريب، غالبًا ما تكون نقطة البداية هي الحاجة المؤسساتية للتدريب - بدلاً من مواءمتها مع احتياجات المتعلم وطرحه وتوقعاته. ونظرًا لأن الموظفين أصبحوا الآن أكثر اعتمادًا على التعلم الذاتي وأكثر تكيفاً مع أوقات التعلم ومحتوي التعلم، فإنهم يتوقعون مستويات مماثلة من المرونة في التعلم في مكان العمل. الحقيقة هي أن كل متعلم مختلف، وكل متعلم يتعلم ويستوعب محتوى التعلم بشكل فريد. ومع ذلك، في كثير من الأحيان، تضع المنظمات "التعلم" على أنه النتيجة المرجوة الوحيدة - مع إهمال دمج احتياجات المتعلم في استراتيجياتها.
وضع احتياجات المتعلم وتفضيلاته في الاعتبار يمكن مديري التعلم والتطوير على الاستفادة من المعرفة السابقة للمتعلمين وتقدير خبراتهم ويزودهم بفهم لأساليب التعلم التي يفضلها المتعلمين ومن ثم تقديم التدريب الأكثر فعالية.
الخطوة الثالثة: تحديد المقاييس ذات الصلة والقابلة للقياس
تأكد من أن لديك مادة متخصصة لتقييم مقاييس التعلم والتطوير L & D ومقاييس إنجازا لأعمال. بدون وجودهما واقترانهما، سيكون من المستحيل تتبع وقياس تأثير الأعمال، مما يعنى ضرورة التعاون الفعال بين فريق التعلم والتطوير والقائمين على عمل المنظمة لتحديد المعايير التي يمكن أن تساعد في قياس تأثير التعلم على الموظفين والعمل.
تذكر أن برامج التعلم والتطوير الناجحة تتوافق مع أهداف أداء الموظف بالإضافة إلى إستراتيجية الشركة وتكتيكاتها. قد يبدو التدريب فعّالًا استنادًا إلى مقاييس L & D الأساسية مثل: مدى الاستخدام أو درجات التفاعل ولكن مؤشرات الأداء الرئيسة المتكاملة، هي التي تحدد نتائج قابلة للتنفيذ.
يضمن التقييم الذي تم إجراؤه وفقًا لمؤشرات الأداء الرئيسة الصحيحة أن برامج التعلم والتطوير تدعم وتقود إستراتيجية وتكتيكات المؤسسة الحيوية.
للوصول إلى المقاييس الصحيحة:
تعاون مع أصحاب المصلحة الرئيسيين من أجل فهم المقاييس التي يهتم بها قادة الأعمال.
ركز على المقاييس الموضوعية القابلة للقياس الكمي.
حدد قيمة قياس فعالية البرنامج.
أبلغ عن النتائج بصدق، حتى عندما تكون النتائج سيئة.
لتحديد مقاييس الأعمال ومؤشرات الأداء الرئيسة
تأكد من أن التدريب يمكن أن يحل مشاكل العمل.
قم بمواءمة برامج L & D مع استراتيجية الشركة.
قم بتحديد مؤشرات الأداء الرئيسة التي تحدد النتائج التي يهتم بها قادة الأعمال.
هناك العديد من الممارسات التي يمكنها مساعدتك على إثبات تأثير التدريب بنجاح على مؤشرات الأداء الرئيسة للأعمال، ومن أفضلها:
حدد مؤشرات الأداء الرئيسة قبل تطوير حلول التدريب.
تأكد من أن البيانات المستخدمة في مؤشرات الأداء الرئيسة متوافرة وموثوقة.
تجنب مؤشرات الأداء الرئيسة التي لا يمكن قياسها - تأكد من أن مؤشرات الأداء الرئيسة للتدريب قابلة للقياس (وليست ذاتية).
لا تتجاهل النتائج السلبية.
الخطوة الرابعة: تحديد التدابير اللازمة للحفاظ على التأثير وتعظيمه
في هذا الجزء من المقال نطرح خمسة استراتيجيات ستكون مفيدة في الحفاظ على التأثير، والأهم من ذلك، مساعدتك على تحقيق أقصى قدر من التأثير.
الإستراتيجية رقم (1):
ضع الأساس الصحيح، وركز على كل من التعلم والتطوير بالإضافة إلى مكاسب أداء المتعلم ومقاييس الأعمال. أثناء مرحلة تحليل احتياجات التدريب (TNA) ركز على تحديد مقاييس التعلم والتطوير بالإضافة إلى مقاييس الأعمال، فيما ركز أثناء مرحلة تحليل احتياجات المتعلم (LNA) على تحديد مقاييس التعلم والتطوير وكذلك مقاييس كسب أداء المتعلم.
الإستراتيجية رقم (2):
اختر نموذج التقييم الصحيح لقياس تأثير الأعمال، حيث يعد اختيار نموذج / منهجية التقييم الصحيحة أمرًا ضروريًا لمساعدتك في قياس تأثير التدريب. فالتقييم الصحيح والمنهجية الصحيحة يساعد على توفير رؤية أوضح حول ما يتم قياسه، وكيف سيتم قياسه، وكيف ستتم معالجة نتائج التقييم.
الإستراتيجية رقم (3):
توقف عن الفحص والاختبار بشكل دوري واعرض التأثير وقيمة الأعمال بصورة مستمرة، فبعد الانتهاء من التدريب وإكماله من قبل المتعلمين، وتحديد تأثيره على الأعمال التجارية، قم باستخدام نموذج التقييم لمقاييس الأعمال وقم بجمع وتحليل البيانات المتعلقة بالتأثير. من المهم إبراز هذه القيمة للأعمال واستنادًا إلى التحليل، يمكنك إعادة تكوين النهج أو تعديله.
الإستراتيجية رقم (4):
العمل بنهج شامل لإعلاء أداء الموظف وضمان التحول السلوكي، وهنا يمكنك اعتماد نهج قائم على النظام الإيكولوجي من أجل:
إشراك وتحفيز المتعلمين.
تقديم الاستراتيجيات التي تلهم خبرات التعلم ونعززها.
عرض مناطق الممارسة لاكتساب المزيد من الخبرة في مجال معين.
تطبيق التعلم المكتسب.
تعزيز التعلم لتعويض "منحنى النسيان".
التأثير وتحفيز التحول السلوكي.
الإستراتيجية رقم (5):
استدامة التأثير وتعظيم الأعمال، وذلك من خلال:
تعزيز الشعور بمتعة التعلم المستمر من خلال مناهج مثل التعليم الاجتماعي والتعلم الذاتي
اعتماد نهج شامل يشجع على المشاركة النشطة - من خلال محتوى من إنشاء المستخدمين User-Generated Content (UGC).
تقديم محتوى تدريبي منظم، يغري المتعلمين للعودة وطلب المزيد.
.
من الواضح أن رحلة قياس تأثير التدريب تشتمل على العديد من الاستراتيجيات التي من المهم أخذها بالاعتبار عند تصميم التدريب والبدء به، في الجزء الثاني من المقال، سنستعرض منهجيات التأكد من فعالية التدريب وتأثيره