library management & Higher Education blog Naseej Academy Naseej Academy Send Mail

عن مدونة نسيج

تهدف مدونة نسيج الى توفير مساحات تشاركيه تتسع لكل المتخصصين والمهتمين بكل ما هو جديد في مجال المكتبات والتعليم العالي والتعلم عن بعد وتقنيات المعلومات والاتصالات وتقنيات الأرشفة وحلول المعرفة المتقدمة في التعليم العالي، المكتبات، ومراكز الأبحاث.

سجل بريدك الالكتروني هنـا لتصلك أحدث التدوينات

أكاديمية نسـيج على الفيسبوك 
 
 

مقــالات حديثة

دور الجامعات في بناء الاقتصاد الإبداعي وتعزيز ثقافة الإبداع والابتكار

نُـشر بواسطة هيام حايك on 02/12/2019 10:47:04 ص

الابتكار والابداع

مع تقدم التقنية، وحيث أصبح سوق العمل أكثر قدرة على المنافسة، فإن ما يعنيه الحصول على "تعليم جيد" يتغير بسرعة. لذا من المهم أن تكون أنظمتنا التعليمية مرنة وسريعة الاستجابة. وفي هذا السياق نجد أن العديد من الكليات والجامعات قد تكيفت بسرعة مع هذا التغيير، واتخذت من الإبداع عاملا رئيسا لمواجهة التحديات الناجمة عن هذه التغييرات.

اليوم هناك العديد من الجامعات التي تقوم بالفعل بإعداد الطلاب لوظائف الغد، من خلال توسيع مجالات الدراسات المقدمة في هذه الجامعات لتشمل: الذكاء الاصطناعي، والإعلام الجديد، والهندسة الوراثية، والحلول الخضراء والتغذية، إضافة إلى العديد من التخصصات التي لم تكن تقدم في الجامعات من قبل.

تعريفات خاصة بالإبداع والابتكار

 عرفت الدكتورة فردوس الصالح عضو مجلس الشورى السعودي والحاصلة على الدكتوراه في الفيزياء النووية الإبداع خلال منتدى أسبار الدولي 2017، بأنه تفاعل لعوامل شخصية بيئية واجتماعية يفضي إلى تطوير خلّاق فيه حداثة وجدية وأصالة أما الابتكار فهو التطوير الخلّاق.

 في هذه التدوينة لن نخوض كثيراُ في التعريفات والمفاهيم الخاصة بالابتكار والإبداع، و طبيعة العلاقة فيما بينهما، وفيما إذا كانا هما بالفعل نفس المفهوم أم لا، حيث الجدل حول هذا الموضوع كثير، وكلً له وجهة نظره التي قد تحتمل الصواب أو الخطأ، ولكننا يمكننا القول أن الإبداع والابتكار مفاهيم مترابطة ومتكاملة فالإبداع ببساطة هو توظيف المعرفة والخيال والأفكار، وكلما زادت قاعدة معارف الشخص ومستوى خياله، زاد عدد الأفكار والنماذج والتوليفات التي يمكنه تحقيقها، والتي ترتبط بعد ذلك بإنشاء منتجات وخدمات جديدة ومبتكرة.. فالإبداع أو العملية الإبداعية تحتاج إلى قدر كافٍ ومعقول من المعرفة في الموضوع أو الفكرة التي ينصب عليها التفكير مع الأخذ بعين الاعتبار أهمية الخيال لخلق حالة من الإبداع ,, فالإبداع هو هدف الخيال، والابتكار هو هدف الإبداع.

وبعيدا عن هذه الاختلافات والتوافقات، يحظى الابتكار والإبداع بأهمية كبيرة في حياتنا فالابتكار والأصالة في الإنتاج، أصبحا ضرورة قصوى في عصرنا الحاضر وهما من سمات المؤسسات الناجحة والمتميزة، ومن المستحيل الهروب من حقيقة أن الجامعات يجب أن تكون مبتكرة من أجل البقاء والمنافسة.

دور المعلمين في تحفيز الإبداع والابتكار:

الإبداع والابتكار لا يتطلبان ضخ رأس المال والحصول على التمويل فحسب، بل يتطلبان أيضًا وجود قوة عاملة لديها الرغبة في الاستمرار في حل المشكلات والبحث عن حلول إبداعية ومبتكرة.

يقول جورج كوروس مؤلف كتاب الابتكار داخل الصندوق: تمكين المتعلمين من خلال التصميم العالمي للتعلم وعقلية المبتكر: كقادة في التعليم، لا تتمثل مهمتنا في التحكم في من نخدمهم، بل في إطلاق العنان لمواهبهم. إذا أصبح الابتكار أولوية في التعليم، فنحن بحاجة إلى خلق ثقافة تكون فيها الثقة هي القاعدة. "

 

الإبداع والابتكار يتطلبان معلمين يستجيبون لفضول الطلاب الطبيعي وبما يعزز قدرتهم على الاستكشاف وتشكيل الطريقة التي يتعلمون بها اليوم وفي المستقبل. الطلاب المبدعون بحاجة إلى معلمين مبدعين وإدارة داعمة ومتفهمة لمتطلبات سوق العمل، وبما يمكنها من تمكين الموظفين لخلق ثقافة الابتكار توفير فرص أفضل لطلابنا.

دور الجامعات في تحفيز الإبداع والابتكار:

يحظى الإبداع والابتكار بدرجة عالية من الاهتمام من قبل العلماء والمهنيين وواضعي السياسات على حد سواء، ولتحقيق المستوى العالي من الابتكار الضروري لدفع التنمية الاقتصادية في مجتمعاتنا، يحتاج الشباب إلى الانخراط في فرص تعلم متعددة التخصصات تتضمن حل المشكلات الإبداعية بطريقة أصيلة كجزء من عملية التعلم في الجامعة ،. وكذلك من الضروري وجود نوع مختلف من التعليم والمعلمين، وحيث يعمل المعلم كمدرب لتنمية المهارات المتعددة وعلى رأسها القدرة على الانخراط في حل المشكلات والبحث.

كذلك، يجب على الجامعات أن تقدم للطلاب مناهج تعليمية ودورات أكثر ديناميكية، لتزويد طلابها بكل ما يحتاجون إليه للحصول على وظائف رائعة، وفرص أكبر في سوق العمل، مع الأخذ بعين الاعتبار ضرورة أن يتم التخطيط لمثل هذه الدورات في ضوء علاقات وشراكات قوية بين مقدمي التعليم العالي والصناعة والسوق، للتمكن من تقديم دورات تتوافق مع احتياجات السوق. ومن خلال استخدام بيانات القوى العاملة وإحصاءات الصناعة وفتح حوار مع الشركاء.

تخلق الشراكات بين الجامعة والشركات المتواجدة في السوق فرصًا لا تقدر بثمن في مجال اكتساب الطلاب مهارات العمل، ولكن هناك طرقًا أخرى لاكتساب الخبرة في الحياة الحقيقية مثل نموذج Team Academy، حيث يبني الطلاب أعمالًا منذ اليوم الأول. إنهم يتعاملون مع سيناريوهات الأعمال الواقعية ويتم توجيههم من قبل خبراء الصناعة. يمكن أن تقوم الجامعات أيضًا بتدريس مهارات العمل في جميع دوراتها الدراسية، بحيث تضم مهارات تنظيم المشاريع في جميع التخصصات بدءًا من الفنون الجميلة إلى تصميم ألعاب الكمبيوتر.

الثورة الرقمية كمحفز للإبداع والابتكار

على امتداد التاريخ الإنساني، كان للعلم والتقنية والابتكار دور محوري في التنمية الاجتماعية والاقتصادية، حيث كان فضول الإنسان والمساعي الإبداعية غالبًا ما يتم توجيهها إلى إيجاد حلول علمية وتقنية وابتكارية للمشاكل التي تواجه البشرية. من هنا يتعين على مؤسسات التعليم العالي وخاصة الجامعات بصفتها مراكز أن تلعب دورا رائداً في بناء مجتمع المعرفة، وتوفير بيئات أكاديمية واجتماعية تدعم إبداع المعلمين والمتعلمين، والتي تحتاج بدورها إلى تلقي الدعم المناسب من الحكومات وأصحاب المصلحة الآخرين.

الثورة الرقمية تتسارع كل يوم. إن التطورات في الأتمتة، ورقمنه المعلومات، والوصول غير المسبوق إلى البيانات وإضفاء الطابع الديمقراطي على المعرفة يؤثر على كل قطاع في اقتصادنا -من الرعاية الصحية إلى النقل إلى الطاقة وغير ذلك من القطاعات. فوفقاً لبيانات من دراسة حديثة لـ McKinsey، ستقوم عشرات التقنيات، بما في ذلك الجينوميات وتخزين الطاقة والأتمتة، بقيادة التحول الاقتصادي والاجتماعي الكبير في السنوات القليلة القادمة. مع وجود تأثير اقتصادي محتمل بين 14 تريليون دولار و 33 تريليون دولار سنويًا في عام 2025، ويمكن أن تشكل قيمة هذه التقنيات الناشئة ثلث الناتج المحلي الإجمالي العالمي.

الصناعات الإبداعية في ظل الثورة الرقمية

تم تعريف الصناعات الإبداعية والثقافية على أنها مجموعة من الأنشطة الاقتصادية القائمة على المعرفة، ويمكن الاستفادة المكثفة من الإبداع كمدخل أساس لخلق منتجات وخدمات إبداعية ذات قيمة مضافة قابلة للتسويق تركز على الفنون والثقافة على سبيل المثال لا الحصر. .

وحسب تعريف اليونيسكو تشمل الصناعات الثقافية مجالات النشر والموسيقى والسينما والمهن الحرفية والتصميم، وهي صناعات تشهد نمواً مستمراً ومتعاظماً وتلعب دوراً حاسماً في مستقبل الثقافة. هذا بالإضافة إلى أن التقنيات (الإبداعية) الجديدة، مثل الواقع الافتراضي والمعزز، تعطي دفعة إضافية للتعلم في المستقبل.

وإذا أردنا أن نتبنى هذا النهج من الاقتصاد القائم على التقنية، فيجب على الجامعات أيضًا أن تتبنى دوراً قيادياً في دفع الابتكار وتحفيز التنمية الاقتصادية، والتصدي لتحديات الثورة الرقمية وتهيئة النظم الإيكولوجية للاقتصاد والابتكار.

وهناك الكثير من الدلائل التي تشير إلى أن الصناعات الإبداعية تلعب بقوة دورًا رئيسيًا على المستوى الاجتماعي والثقافي، وكذلك الاقتصادي، فعلى سبيل المثال تقود الصناعات الإبداعية في المملكة المتحدة الطريق على الساحة العالمية، حيث تقدر الحكومة مساهمة هذه الصناعات في الاقتصاد البريطاني بأكثر من 84 مليار جنيه استرليني سنويًا. في مجالات متنوعة مثل السينما والبث والموسيقى والرقص والمسرح والفنون البصرية والتصميم والنشر وألعاب الفيديو، وذلك حسب ما أشار إليه تقرير شركة Emsi المتخصصة في تحليل وجمع البيانات.

دور الجامعات في بناء الاقتصاد الإبداعي

وفقًا لمؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية، يعتبر الاقتصاد الإبداعي مفهومًا متطورًا قائمًا على الأصول الإبداعية. والتي تشمل الأنشطة الاقتصادية والثقافية والاجتماعية والتقنية، والتي تربط على المستويين الكلي والجزئي بالاقتصاد الكلي. يعزز الاقتصاد الإبداعي -الذي يلعب فيه التعليم العالي دورًا رئيسيًا -النمو الاقتصادي وخلق فرص العمل وعائدات التصدير مع تشجيع الاندماج الاجتماعي والتنوع الثقافي والتنمية البشرية. إنه خيار سياسي عملي لتنويع الاقتصاديات وتحسين مكاسب التجارة والتنمية.

إذا لم تنجح الجامعات في تبنى الأفكار والمنهجيات والمشاريع التي تعزز من تخرج الطلبة المبدعين والابتكاريين، فسيكون هدف مجتمع المعرفة ذاته على المحك. وهذا النقاش ليس وليد اليوم، فقد أشار تقرير صادر عام 2007 عن رابطة الجامعات الأوروبية إلى أنه من المؤكد أن الحلول المستقبلية لا تتم من خلال المناهج والكتب التي تقدمها الجامعات، ولكنها تتم من خلال الأفراد والجماعات المبدعة والتطلعيين الذين لا يخافون من طرح الأفكار الراسخة والقادرين على مواجهة عدم الأمان وعدم اليقين الذي يستلزمه هذا الأمر"

وبدون الإبداع والابتكار، لن تستطيع؛ مؤسسات التعليم العالي البقاء والتنافس. في ظل ظاهرة العولمة، وسياسة الانفتاح الاقتصادي، وتطور تقنيات المعلوماتية والتقدم في مجال تقنية الاتصال.

في الختام، يجب أن تأخذ الصناعات الإبداعية دورها بنشاط في تصميم التعليم المستقبلي وتطويره.  ولابد من إجراء خطوات إجرائية حول الصناعات الثقافية والإبداعية وتعليم الفنون، وذلك نظراً لأهمية هذه الصناعات كمحرك اقتصادي قادر على الإسهام في مسيرة ً التنمية وتطوير سبل العيش للمجتمعات. وهي نقطة لابد أن تحتل الأولوية على أجندة المؤسسات الأكاديمية.