مدونة نسيج

علم البيانات: الوظائف الأكثر جاذبية في القرن الحادي والعشرين - الجزء الثاني

Written by هيام حايك | 19/11/2015 09:45:27 ص

في الجزء الأول من الموضوع كنا قد ناقشنا علم البيانات والبيانات الكبيرة والعلاقات فيما بينهما. في هذا الجزء سنناقش طبيعة علماء البيانات ونتعرف على الملامح الشخصية والمهنية لهم، ولمعرفة ذلك لابد ان نسأل هنا من هم علماء البيانات؟

في كثير من الأحيان علماء البيانات يخرجون من الأوساط الأكاديمية حاملين درجة علمية تجعلهم قادرين على الحصول على المهارات اللازمة لبناء النماذج التنبُئية: تعلم الآلة، التحليلات التنبئية واستخراج البيانات، الكلمات الرئيسية لصنع التنبؤات وتقنيات تعليم الآلة وتحليل الروابط والصلات والتصور، كما من المهم تحليل بيانات وسائل الاعلام الاجتماعية وتحليل المشاعر واستخراج النصوص Text mining. إنها حقا حشد من المهارات مثيرة للاهتمام.

في الماضي كان لدينا مدراء تقنية المعلومات CIOs والمديرون التنفيذيين CEOs. وربما فرق التحليلات أو أقسام تقنية المعلومات. في السنوات الأخيرة بدأنا نتفاجأ برؤية عناوين مثل الرئيس التنفيذي للبيانات Chief Data Officer. وهذا أمر عظيم حقا. لكن الامر الذي يدور الحديث فيه الآن، هو ان هؤلاء ليسوا مجرد رؤساء للبيانات. ما نراه الآن هو رئيس علماء البيانات Chief Data Scientists. فمعظم المنظمات اليوم تدرك أن هذا دور مهم جدا ويستحق لقب خاص به، حيث البيانات هي أساس لأي قرارات يتم اتخاذها في الشركات الكبيرة والمتوسطة والصغيرة. وهذا هو السبب في أننا بحاجة إلى علماء البيانات.

وكما أشرنا سابقا هناك العديد من فرص العمل المتاحة للمهنيين في مجال التحليلات التنبئية وعلم البيانات والمحللين الإحصائيين، وصولا إلى علماء البيانات. لكن الكثير من الناس تفتقر إلى التعليم والخبرة. وقد تبين أن الخبرة التي تقوم على التدريب العملي من التقنيات المهمة في علم البيانات. يمكن القول أن علم البيانات علم متعدد التخصصات. إذا كنت ترغب في أن تصبح عالما للبيانات فأنت لا تحتاج فقط إلى فهم إحصائيات علم الآلة والبحوث العملية بل أنت بحاجة إلى أن تكون قادرا على جمع البيانات من مصادر البيانات الكبيرة. يتمتع علماء الرياضيات وعلماء الكمبيوتر بتمثيل جيد في مجال علوم البيانات، ولكن الذكاء الحاسوبي ومهارات الاتصال أكثر أهمية من التخصص العلمي؛ فالباحثون الجدد في بداية حياتهم المهنية، الذين يأملون في الانتقال إلى ذلك المجال، ينبغي عليهم إظهار أنه يمكنهم استخلاص نماذج وأنماط من البيانات غير المرتبة، ووضع تلك النماذج والأنماط في سياق أهداف تجارية محددة. تعلم الآلة هو الجزء الأكثر إبداعا لعلوم الكمبيوتر. وذلك لأنه يتطلب قليلا من الحدس والفضول بما يمكنك من التحليل الأعمق.

من المهم لعلماء البيانات أن يكونوا قادرين على تقديم حكاية وقصة لهذه البيانات. هناك الملايين من نقاط البيانات والرسوم البيانية والأخبار التي يمكن أن ننشرها للناس. ولكن في الحقيقة، ما هي القصة وراء هذه البيانات؟ كيف يمكنك أن تحكي للأخرين والذين لم يذهبوا معك خلال العملية الكاملة لإعداد البيانات عن النمذجة؟ لذا كان من المهم أن يمتلك عالم البيانات مهارات التقديم والقدرة على أداء عرض إبداعي، ونماذج مبتكرة، من شأنها أن تضيف قيمة إلى الأعمال. لكي يقوم بذلك، هو بحاجة لفهم هذا الجانب التجاري من الأشياء وهذا هو السبب أن ذكاء الأعمال هو أحد الخصائص المهمة لعالم البيانات.

 

ملامح عامة لعلماء البيانات

علماء البيانات هم هؤلاء الناس المهوسون بالبيانات وعادة ما يكونوا غريبي الأطوار يجلسون في الركن الخلفي. المشكلة هي أن العديد من هؤلاء الناس تقني للغاية، قد لا يكون لديهم الكثير من المهارات الأخرى مثل مهارات التواصل الجيد ومهارات العرض والتي هي في غاية الأهمية. ونحن بحاجة إلى أن متخصصين فضوليين وكذلك بحاجة إلى أن نسأل الأسئلة الصحيحة. لحل المشاكل بطريقة صحيحة من شأنها أن تقدم القيمة. وهذا هو ما يجعل حقا صعوبة في إيجاد عالم البيانات، لأنه من الصعب أن تجتمع كل هذه المهارات معا في شخص واحد. ما يحدث في هذه الصناعة هو أن الشركات تضع فريقا من العلماء يتكلمون نفس اللغة أو ما شابه ذلك ولديهم خبرات أعمق في بعض المناطق، في حين كان بإمكانها وضعهم معا وجعلهم يعملون كفريق. لذلك نقول أن علم البيانات لعبة جماعية لها مهارات خاصة بها وعلى رأسها الفضول الفكري والحدس.

يبرع بعض علماء البيانات في وظيفة مستشارين في مجال تطبيقات البيانات، ويبرع آخرون في وضع نماذج ومنهجيات جديدة. يرى جلين وونج Glenn Wong الحاصل على الدكتوراه في الفيزياء، والذي يعمل حاليًّا نائبًا للرئيس في شركة «ريكورديد فيوتشر" Recorded Future بولاية ماساتشوستس، التي تقوم بتنظيم بيانات الويب؛ لمساعدة العملاء على تجنب الهجمات الإنترنت cyber attacks، أنه ينبغي على الأشخاص الراغبين في أن يصبحوا علماء بيانات أنْ يفكروا بشكل واسع بشأن اهتماماتهم، والأماكن التي يمكنهم فيها عمل ما يثير اهتمامهم، لكنني أفضل حل المشكلات ذات الطبيعة المعقدة، ثنائية الأبعاد وأحب أن أكون محاطًا بأشخاص لديهم أفكار شديدة الغرابة، ولا يكترثون بمسألة التدرج الوظيفي.

انعكاس علم البيانات على الثقافة العامة:

الأكثر إثارة حقا هو أنه، على عكس الكثير من التخصصات الأخرى، علم البيانات والبيانات الكبيرة ترتقي وتنمو لتصبح جزءً من ثقافتنا وفي مواضع مختلفة من حياتنا. علم البيانات موضوع خصب للأفلام السينمائية ولها جمهور واسع، على سبيل المثال فيلم كرة المال Moneyball وهو فيلم أمريكي إنتاج عام 2011 مقتبس من قصة واقعية يمكنك الحصول على العديد من الإجابات على هذه الأسئلة فقط من خلال مشاهدته، الفيلم الذي وضع علوم البيانات على الخريطة؛ بدءا من الأساسيات إلى حاجة المنظمات لأن تدرك أهمية استخدام البيانات والتحليلات في صنع القرار وتغيير قواعد اللعبة. كما أن هناك الكثير من الكتب التي تعكس هذه البيانات الكبيرة كجزء من ثقافتنا. هذه الكتب والأفلام بالضرورة أن تحتوي على معلومات تقنية ومتعمقة وليست مشروطة بالغوص في المعادلات والطرق الرياضية الكامنة وراءها. لكنه يمكن لهذه التقنيات Data Science الجديدة أن تحول طرق حياتنا، وكيف نعيش، وكيف نعمل، وكيف نفكر، وما ذا مشتري ومن يكذب ومن يتظاهر. كما أن علم البيانات وجد مادة غنية للعمل الإعلامي، نات سليفرز Nate Silvers محلل إحصائي ومؤلف أمريكي لديه عمود في صحيفة نيويورك تايمز يتحدث فيه عن كيفية استخدام هذه البيانات للقيام بأمور مثيرة للاهتمام واشتهر بتحليله وتوقعه لنتائج وأداء لاعبي البيسبول، وكذلك بتوقعه نتائج الانتخابات الأمريكية مستخدما المعلومات المتاحة على الإنترنت. في انتخابات الرئاسة الأمريكية عام 2008 ، نجح نات في التنبؤ بنتائج 49 ولاية من أصل الولايات الخمسين الأمريكية، الولاية الوحيدة التي فشل في التنبؤ بها كانت إنديانا، التي فاز فيها المرشح باراك أوباما بفارق نقطة مئوية واحدة.

كما هو واضح هناك الكثير من المجالات التي يمكن أن يخدمها علم البيانات في الجزء الثالث والأخير من هذا الموضوع سنناقش علم البيانات كأدوار جديدة لأمناء المكتبات...