في عالم التكنولوجيا المتسارع التطور، لا يمكن تجاهل الحاجة الملحة إلى التغيير والتكيف مع البيئات الجديدة .في المقابل، تعتبر فرق تكنولوجيا المعلومات والتي هي دائماً على رأس أي تطور جديد، العمود الفقرى للشركات الرائدة، ولكن التغييرات المتسارعة في البيئة التنافسية تتطلب منها أيضاً الاستعداد والتكيف المستمر. في هذا السياق، يأتي دور تدريب فرق تكنولوجيا المعلومات على كيفية التعامل مع التغييرات بفعالية.
في هذا المقال، سنلقي الضوء على أهمية مساعدة فرق تكنولوجيا المعلومات على تقبل التغيير والتكيف معه، مما يسهم في تقليل الصراعات المحتملة، حيث سنستعرض مجموعة من الآراء والنصائح المقدمة من خبراء وقادة التغيير، بهدف الوصول إلى نقاط التقاء، تعزز التفاهم وتقلل من التوتر عندما لا يكون هناك اتفاق فردي على الضرورة للتغيير.
التغيير ما بين الرفض والقبول:
يقول مارك سانبورن Mark Sanborn ، الكاتب الامريكى الشهير والعضو في Speakers Roundtable الحصري ، المكون من 20 من كبار المتحدثين في أمريكا. "نجاحك في الحياة لا يعتمد على قدرتك على التغيير ببساطة. بل يعتمد على قدرتك على التغيير بشكل أسرع من منافسيك وعملائك وعملك.".
وعندما يتطلب الأمر تغييرًا في البيئة التي يعمل فيها فريق تكنولوجيا المعلومات الخاص بك، فإن تشجيع الجميع على المشاركة والتكيف يصبح ضرورة لا مفر منها. بالرغم من أن ذلك في كثير من الأحيان، بمثابة تحدًّا كبيرًا. يمكن أن يمثل جزءًا من هذا التحدي في مقاومة بعض أفراد الفريق لأي تغيير مقترح. فحتى أولئك الذين كانوا سابقًا مستعدين للتكيف قد يجدون أنفسهم مقاومين للتغيير بعد سنوات من الاضطرابات المتكررة. بحسب إحدى دراسات مؤسسة جارتنر، فإن نسبة الرغبة في دعم التغيير التنظيمي قد انخفضت من 74% في عام 2016 إلى 43% فقط في عام 2022. في المقابل يقول واين تونغ( Wayne Tung) ، المدير الإداري لشركة Sendero Consulting : "يمكن أن تكون لديك أفضل الحلول، لكن إذا لم تتم الموافقة عليها، فإنها ستفشل".
وفي حال كان فريقك يبدي عدم استعداده أو مقاومته أو حتى تبني مواقف قوية ضد أي تغيير مقترح، من المهم أن تدرك أن هذا السلوك لا يعني بالضرورة أنهم مقاومون للتغيير بالكامل. في الواقع، قد يكون هذا الاستجابة الطبيعية لمفاجأة التغيير أو عدم اليقين بشأن الآثار المحتملة لهذا التغيير على عملهم اليومي.
جيم مورJim Moore كبير مسؤولي التكنولوجيا في HR Acuity ، يرى أن في عالم التكنولوجيا، دائمًا هناك تغيير، وأن الفرق الناجحة هي تلك التي تعتاد على ذلك. فعندما تبني الثقة، يشعر الأفراد بالحرية للتعبير عن مقاومتهم، لكنهم يدركون أن القرار سيتخذ ويجب عليهم الالتزام به".
9 نصائح من ذوي الخبرة لضمان تقبل فرق تكنولجيا المعلومات للتغيير
يُصنف السلوك المقاوم للتغيير عادةً في أطر متعددة، حيث يمكن أن يكون السبب وراءه عوامل متنوعة تتراوح ما بين الخوف من فقدان المكانة أو الاستقرار الوظيفي إلى عدم الثقة في الخطط التنفيذية أو طريقة تنفيذ التغيير. وهنا من المهم أن يكون لدى القادة فهم عميق لديناميات الفريق واحتياجات أفراده، وتقديم الدعم والتوجيه اللازمين لتسهيل عملية التكيف مع التغيير. وفي هذا الاطار قدم العديد من الخبراء والقادة الموثوق بهم العديد من النصائح والرؤى، التي من المفيد استعراضها والتأمل في فعاليتها، قد تكون حلاً سحرياً بالنسبة لك.
1. قدم الكثير من الإشعارات في وقت مبكر
يصنف جيم مورJim Moore الناس في عدة مجموعات، بدءًا من أولئك الذين يتبنون أي تغيير عن طيب خاطر إلى أولئك الذين يحاربون التغيير برمته. ويقول" حتى أولئك الباحثين عن التغيير لا يستجيبون بشكل جيد إذا قمت بتغييرهم دون سابق إنذار". لذا نراه يؤكد على أهمية الإبلاغ عن التغيير مبكرًا، كما يشير إلى أنه في كثير من الأحيان، عليك أن تقول: "هذا هو ما نحن عليه اليوم، وهذا هو المكان الذي سنذهب إليه في الربع القادم."
2. وضح سبب حدوث التغييرتقول Sharon Mandell، مدير تكنولوجيا المعلومات في شركة Juniper Networks: "أنت بحاجة إلى توضيح السبب ومن ثم التواصل ، والتواصل والتواصل. وإذا كنت تعتقد أنك تواصلت بما فيه الكفاية، تواصل أكثر." وبدلاً من مجرد إخبار الناس عن السبب، ساعدهم في العثور عليه بأنفسهم. ويتفق مع هذا الرأي Moe Asgharnia، رئيس قسم المعلومات في شركة الضرائب والمحاسبة BPM. ، حيث يقول: "عندما يكون من السهل تحقيق التغيير، فعادةً ما يكون ذلك بسبب فهم الناس للسبب وراء ذلك". "يستغرق الأمر وقتًا، ولكن عليك مساعدة الأشخاص على فهم كيف سيفيد ذلك الشركة، والفريق، والفرد، ونموهم الوظيفي، وخططهم المستقبلية".
3. اربط التغيير بالرسالة والرؤية
تقول جنيفر دولكسي Jennifer Dulski، الرئيس التنفيذي ومؤسس شركة Rising Team للبرمجيات: "يتم قبول التغييرات بشكل أكبر إذا كانت مرتبطة بالرسالة والغرض، كل شركة لديها رؤية، ورسالة، ومجموعة من القيم، فإذا قمت بربط التغيير بذلك، فلن يبدو الأمر تعسفيًا أو غير ضروري.، لذا كن واضحًا بشأن كيفية ربط الفوائد بالرسالة".
ويوافق على ذلك باولو جارديني ميغيل Paulo Gardini Miguel ، مدير التكنولوجيا في CTO Club. وفي ذلك يقول: "ابدأ برسم الصورة الكبيرة، اشرح الأساس المنطقي وراء التغيير وأظهر كيف يتوافق مع أهداف المنظمة. تسليط الضوء على فوائد التغيير للفريق والشركة والعملاء."
4. خذ الفرد بعين الاعتبارعندما يواجه أعضاء فريق تكنولوجيا المعلومات تغييرًا كبيرًا، فهم غالبًا ما ييبادروا بالسؤال: "ما الذي سيعنيه هذا بالنسبة لي؟"، وهذا يسلّط الضوء على أهمية توجيه الرسالة بشكل يتناسب مع احتياجات كل فرد. كما يقول جيثوا: "التغيير هو الوحيد الثابت في عالم التكنولوجيا، ولكن كل فرد يتعاطى معه بطريقة مختلفة". وعلى الرغم من أن بعض الأفراد يستجيبون للتغيير بإيجابية ويعتبرونه فرصة للتطور، فإن البعض الآخر قد يواجهون صعوبة في التكيف. وفي هذا السياق، يقول الرئيس التنفيذي لشركة مايكروسوفت، ساتيا ناديلا Satya Nadella: "القوة لا تكمن في القبول السلبي للتغيير، بل في القدرة على التكيف معه بشكل إيجابي". لذلك، يجب على القادة أن يفهموا تمامًا مخاوف ومتطلبات أفراد الفريق، وأن يبتكروا استراتيجيات توجيهية تناسب احتياجات كل فرد.
5. إشراك الناس
إحدى طرق التحايل على مقاومة التغيير هي إشراك الأشخاص في القرار الذي يؤدي إلى التغيير. وفي هذا يقول Miguel: "قم بالتأكيد على التعاون من خلال إشراك أعضاء الفريق في عملية صنع القرار كلما أمكن ذلك". "تعزيز الشعور بالملكية ، يزيد من قبولهم للتغيير، حتى لو كنت تعلم أن التغيير قادم، وما هو هذا التغيير، فاطلب آراء الناس ونصائحهم" .
في حال كان التغيير كبيرًا، فإن إرسال استطلاعات متخصصة تساعد في تحديد الأولويات وتشكيل التغييرات، حيث من المهم للغاية أن يفهم موظفوك ما الذي يدفع إلى التغيير، وأنهم لا يقتصرون على المشاركة في العملية فحسب، بل هم قادرون على تقديم المدخلات والشعور بالملكية لها. ويؤكد Asgharnia من BPM على ذلك بقوله " إنهم بحاجة إلى فهم سبب حدوث ذلك ومعرفة أن أصواتهم مسموعة وأنهم مشمولون في هذه العملية"
6. استمع إلى المقاومة
استماعك للمقاومة يعد جزءًا أساسيًا من إدارة عملية التغيير، تشير دولسكي من Rising Team إلى أهمية إنشاء بيئة تسمح للأفراد بفتح قلوبهم وطرح مخاوفهم بحرية. تصف هذا العملية بأنها "صندوق المخاوف"، حيث يُشجع الجميع على التحدث بحرية دون خوف. هذا التواصل المفتوح يساعد في بناء الثقة والسلامة النفسية للفريق، مما يمكّنهم من التعبير عن مخاوفهم بثقة ويساعدهم في التأقلم مع التغييرات. كما ويؤكد مور على أهمية وضوح الأهداف والسبب وراء التغيير، مشيرًا إلى أن هذا يسهل على الفريق تقبل التغيير وتكييفه معه. وكذلك يشجع على قبول التعليقات والافتتاح لأفكار جديدة، مما يمكن أحيانًا من اكتشاف حلول أفضل.
7. احتفل بالانتصارات
قد يبدو الأمر أمرًا بسيطًا، ولكن مجرد الاعتراف لنفسك ولفريقك بأن التغيير قد يكون أمرًا صعبًا، وتقديرك للأشخاص الذين يقومون بعمل جيد يمكن أن يقطع شوطًا طويلًا في تعزيز الروح المعنوية وجعل العملية تسير بسلاسة.
يقول Asgharnia: "لا تنسَ الاحتفال بالمكاسب الصغيرة التي حققتها خلال العملية. إن استغلال هذه اللحظة للاحتفال بهذا القبول، من شأنه أن يساعد في تعزيز اجراءات التغيير."
8. شجع القادة على الإنخراط في بعض الدورات التدريبية
وفي هذا يضيف Asgharnia : "من المهم أن تحصل قيادتك العليا على تدريب خاص بإدارة التغيير، حيث من السهل على القائد خلق الاحتكاك دون أن يدرك أنه يفعل ذلك. إذا لم يوافق شخص ما تمامًا وأظهر ذلك عند مناقشته مع فريقه، فقد يتسبب ذلك في حدوث موجات من المشاكل داخل مؤسستك. أو ربما لا يفهم القائد سبب ضرورة كل هذا التواصل والخطاب والمعارضة المهذبة، فيدفعون بالتغيير دون تخصيص الوقت للقيام بذلك. في هذه الحالة، لن يتمكن فريقك من بناء الأمان النفسي الذي يحتاجونه للتكيف."
9. تقبل عدم الاتفاق
سيأتي وقت، في هذه العملية، يتعين عليك التوقف عن النقاش، والتوقف عن الاستماع إلى الشكاوى، والمضي قدمًا. يقول مور، من شركة HR Acuity: "بعض الناس لن يقبلوا هذا الأمر أبدًا. عليك أن تكون حازمًا في مرحلة ما، وتقول لهم: "هذا يحدث". لقد تحدثنا عن ذلك. لقد سمعت تعليقاتك. والآن علينا قبول الاختلاف والالتزام. أنا أفهم أنك منزعج من ذلك " .
في نهاية المطاف، قد يكون قدر معين من المناقشة أمرًا رائعًا، ولكن في مرحلة ما تصبح هذه المعارضة مزعجة. وهنا يشير Rajesh Jethwa من شركة Digiterre إلى أن "أمازون تضفي الطابع الرسمي على هذا باعتباره أحد مبادئ قيادتها. ويسمى هذا عدم الاتفاق والالتزام. حيث يكون لديك مجال للاختلاف، ولكن بعد اتخاذ القرار، عليك الالتزام. بهذه الطريقة، إذا لم تحصل على ما تريد، فلا بأس. نحن جميعا على نفس السفينة. علينا أن نبحر معًا."
تقاطعات ما بين جون كوتر ونصائح الخبراء
يعتبر جون كوتر John Kotter الأب الروحي لقيادة التغيير، و هو أستاذ في كلية هارفارد للأعمال، ومؤلف ومتحدث مشهور في مجال الإدارة والتنمية الشخصية. اشتهر كوتر بأعماله التي تركز على موضوعات القيادة والتغيير التنظيمي. واكتسبت نظريته حول التغيير شهرة واسعة، حيث تعتبر من أبرز النماذج المستخدمة في دراسة عمليات التغيير في الشركات والمؤسسات.
تقدم نظرية جون كوتر نهجًا شاملاً لقيادة التغيير يستند إلى خمس مراحل أساسية. تبدأ بتحديد الحاجة الملحة للتغيير، تمر بوضع رؤية مستقبلية ووضع خطة متكاملة لتحقيقها، ثم يتبع التنفيذ بتقييم دوري للنتائج. يعتمد نجاح هذا النهج على قدرة القادة على تحفيز وتمكين فرقهم وضمان استمرارية التحسين المستمر في عمليات المؤسسة.
تتقاطع نظرية جون كوتر لقيادة التغيير مع نصائح الخبراء المذكورة أعلاه بشكل كبير. ففي مفهوم كوتر، تحدد المرحلة الأولى لقيادة التغيير الحاجة الملحة للتغيير، وهو ما يتمثل في خطوة تحديد الحاجة للتغيير في النصائح المطروحة. ثم، يتطابق وضع رؤية مستقبلية ووضع خطة متكاملة لتحقيقها مع مرحلة تطوير الرؤية ووضع الخطة في نظرية كوتر. بالإضافة إلى ذلك، يتمثل التنفيذ والتقييم المستمرين في خطوات كل من النظرية والخطوات المطروحة، حيث يجسدان الجهود المستمرة للتحسين وتحقيق الأهداف المحددة.
في الختام...
نحث جميع القادة والفرق الذين يواجهون صعوبات في التكيف مع التغيير على عدم التردد في المضي قدمًا. إن التكيف مع التغيير ليس مجرد تحدٍ، بل هو فرصة للنمو والازدهار. وإذا كنتم بحاجة إلى استشارة أو دعم، لا تترددوا في الرجوع إلى الخبراء في نسيج، حيث يمكنهم تقديم الإرشادات اللازمة لضمان نجاحكم في هذه الرحلة. تذكروا دائمًا، أن التغيير ليس نهاية الطريق، بل هو بداية جديدة تفتح أبوابًا للإبداع والفرص الجديدة