هل أنت مستعد لعصر يقوده الذكاء الاصطناعي؟ سؤال لابد من التفكير فيه ضمن واقع يؤكد على أن الذكاء الاصطناعي هو الآن جزءًا طبيعيًا من حياتنا. ومع استمرار الذكاء الاصطناعي في تحويل الصناعات وإعادة تشكيل الطريقة التي نعيش ونعمل بها، أصبح من الواضح بشكل متزايد أنه سيلعب دورًا حيويًا في تشكيل مستقبل عالمنا، وخاصة أن هناك تقرير حديث لمجلة فوربس يشير إلى أن الحصة السوقية العالمية للذكاء الاصطناعي بلغت 119.78 مليار دولار أمريكي في عام 2022. وبحلول عام 2030، من المتوقع أن تصل إلى 1،597.1 مليار دولار أمريكي، مسجلة معدل نمو سنوي مركب بنسبة 38.1٪.
وان كنا نتحدث على تقنية أحدثت ثورة كاملة في القرن الحادي والعشرين، فستكون الذكاء الاصطناعي، وخاصة أن السنوات الأخيرة، حفلت بالعديد من الروبوتات البرمجية التي تعتمد الذكاء الاصطناعي لأداء مهام مختلفة عبر شبكات الإنترنت، وحيث أصبح المساعدون الافتراضيون هذه الأيام تقنية شائعة جدًا. بعض الأمثلة تشمل Siri وCortana، والتي تكتسب شعبية بسبب تجربة المستخدم التي تقدمها. كما ويعد Echo من Amazon مثالاً على كيفية استخدام الذكاء الاصطناعي لترجمة اللغة البشرية إلى أفعال مرغوبة. يستخدم هذا الجهاز لأداء مجموعة واسعة من المهام بناءً على الأمر الخاص بك، كما يمكن استخدامه للتحكم في الأجهزة المنزلية، وإجراء المكالمات الهاتفية، وطلب طعامك المفضل، والتحقق من أحوال الطقس وما إلى ذلك.
ولكن دعك من كل هذا، ولنسأل هل سمعت عن ChatGPT، الظاهرة الجديدة التي أحدثت ثورة بالفعل في عالم التكنولوجيا؟؟؟!!!
المذهل أن ChatGPT خطف الأضواء خلال فترة وجيزة ، فهناك أكثر من مليون شخص كانوا يحاولون تجربة ChatGPT، بعد أيام قليلة من إطلاقه، وبهذا يكون قد تفوق على تطبيقات شهيرة مثل "إنستغرام"، و"تيك توك"، و"فيسبوك"، من حيث المدة التي احتاجها للوصول إلى 100 مليون مستخدم.كما وأن الملاحظ له أن العديد من الشركات تستخدمه أو تعتمده الآن لمساعدتهم على تلبية احتياجات خدمة العملاء الخاصة بهم. وهذا بدوره أدى الي هرولة أكبر شركات التكنولوجيا في الولايات المتحدة والصين، للإعلان عن عملها على أدوات ذكاء اصطناعي مشابهة لـChatGPT.
ما هو ChatGPT
ChatGPT هو اختصار مصطلح "المحرك التوليدي المُدرَّب مُسبقا" (Chat Generative Pre-trained Transformer). وهو عبارة عن نموذج معالجة لغة طبيعية طورته شركة Open AI. يعتمد على نموذج GPT-3 ، وهو نموذج لغة قائم على المحولات يستخدم تقنيات التعلم العميق لإنشاء نص يشبه الإنسان. مثل GPT-3 ، يتم تدريب ChatGPT على مجموعة بيانات ضخمة من النص الذي تم إنشاؤه بواسطة الإنسان ويمكنه إنشاء استجابات متماسكة وجذابة لمختلف الأسئلة . وانطلاقا من روح موضوع هذه المقالة وللتوضيح، طلبنا من ChatGPT - كتابة فقرة افتتاحية لمقال حول "كيف يدعم ChatGPT التعليم والتعلم:
رد ChatGPT:
يعمل ChatGPT، وهو نموذج حديث للذكاء الاصطناعي للمحادثة، على تغيير طريقة تفكيرنا في التدريس والتعلم. بفضل قدرته على فهم لغة الإنسان والاستجابة لها ، يمكن لـ ChatGPT توفير تجارب تعليمية مخصصة وتفاعلية تلبي الاحتياجات الفريدة لكل طالب. من المساعدة في الواجبات المنزلية إلى توفير جلسات التدريس الافتراضية، فإن ChatGPT لديه القدرة على إحداث ثورة في المشهد التعليمي.
بالطبع إجابة مذهلة، جعلتني على الفور أفكر في أنى في موقف لا أحسد عليه، فقد تهدد هذه التقنية وجودي ككاتبة محتوى، وسرعان ما وجهت له سؤالاً آخر:" هل يهدد ChatGPT كُتاب المحتوى؟ "
رد ChatGPT:
"بصفتي نموذجًا للغة في الذكاء الاصطناعي، فقد تم تصميمي لأكون محايدًا وغير متحيز ، وليس لدي آراء أو معتقدات شخصية. لذلك، لا يمكنني القول ما إذا كان ChatGPT يهدد كتاب المحتوى أم لا. ومع ذلك ، تجدر الإشارة إلى أن ChatGPT هي أداة يمكنها إنشاء نص بطريقة محادثة ، وفي حين أنه يمكن استخدامها لأتمتة مهام كتابة معينة ، إلا أنها لا يمكن أن تحل محل الإبداع والأصالة والصوت الفريد الذي يجلبه الكتاب البشريون لعملهم"
تنفست الصعداء وحمدت الله، فلا زلت حتى الآن في مأمن، ومن الواضح ان استخدام ChatGPT لا يعنى الاستغناء عن العقل البشري، فمهما ازدهرت تقنية ChatGPT ونجحت تبقى مفتقدة لعنصر الإبداع الذي يتميّز به العقل البشري. وبالنسبة لي الأهم من ذلك، روح الكاتب، التي يعكسها نصه والانسان الذي أشعر به خلال الكلمات والرسائل التي استشفها من بين سطوره والتي قد نصل الي معرفة الحالة المزاجية التي كانت تسيطر على الكاتب خلال كتابة النص..
من ناحية أخرى، وحتى الآن من الصعب الاعتماد على ChatGPT في بناء محتوى البحوث لأنه لا يقدم المراجع الخاصة بالبحث، كما أن نسبة الانتحال غير المباشر لم يتم تقديرها بعد.
ولكن هذا لا ينفي أهمية استخدام ChatGPT والإضافة الكبيرة التي يحدثها خاصة في مجال التعليم في حال تم اعتباره مكملاً للذكاء البشري، حيث يوفر للمعلمين والطلاب طرقًا جديدة وقوية للتواصل والتعاون والتعلم.
فمن خلال الاستفادة من نقاط القوة لدى كل من البشر والآلات، يمكننا إنشاء بيئة تعليمية أكثر ديناميكية وفعالية، ومن خلال إمكانات معالجة اللغة الطبيعية المتقدمة، يمكن استخدام ChatGPT لتحسين مجموعة واسعة من الخبرات التعليمية.
كيف سيغير ChatGPT التعليم في عام 2023
يقول الخبراء إن روبوتات الدردشة التي تعمل بالذكاء الاصطناعي تغير طريقة تعليم الطلاب ودراستهم. ففي السنوات الأخيرة، عمل الذكاء الاصطناعي (AI) على تغيير العالم بطرق عميقة ولكن ربما يكون أحد أكثر التطبيقات الواعدة للذكاء الاصطناعي هو مجال التعليم، حيث لديه القدرة على إحداث ثورة في طريقة التدريس والتعلم. أحد التطورات المثيرة بشكل خاص في هذا المجال هو ChatGPT والذي يوفر تجارب تعليمية أكثر تخصيصًا للطلاب. بفضل إمكانات معالجة اللغة الطبيعية المتقدمة، يمكن لـ ChatGPT تحليل الأداء السابق للطالب وتحديد المجالات التي قد يعانون فيها. كما يمكن أن يساعد ذلك المعلمين على توفير الدعم والموارد الموجهة لمساعدة الطلاب على التحسين في المناطق التي هم في أمس الحاجة إليها. بشكل عام يمكم لاستخدام ChatGPT تحسين عملية التعلم من خلال:
تقديم الدعم على مدار الساعة
تعتبر Chatbots أداة مفيدة لتزويد الطلاب بالدعم على مدار الساعة في دراساتهم. هم بالتأكيد ليسوا بديلاً عن الخبراء الحقيقيين، ولكن على الأقل يمكنهم المساعدة في إيجاد بعض الحلول. من ناحية أخرى تختلف وتيرة التعلم لكل طالب. بينما يمكن للبعض استيعاب الأشياء بسرعة كبيرة، يواجه البعض صعوبات التعلم. وعلى الرغم من أن المدرسين يحاولون بذل قصارى جهدهم لمساعدة الضعفاء من خلال فصول إضافية، ودروس خصوصية، ومشاريع، وواجبات، لا يزال الطلاب بحاجة إلى تعلم الأشياء بأنفسهم. يمكن أن تكون روبوتات الدردشة التي تعمل بالذكاء الاصطناعي هي المعلمين الافتراضيين ويمكن أن تساعدهم في الاستفسارات والأبحاث.
مساعدة المعلمين على التركيز بشكل أفضل على التدريس
على مدار اليوم، يتعين على المعلم القيام بالعديد من المهام العادية مثل إعداد الأوراق وتقييم الأوراق وتقييم النتائج. من المؤكد أن روبوتات الدردشة لا يمكنها تولي جميع مهامها لكنها بالتأكيد يمكنها المساعدة. يمكن للمدرسين إعداد اختبارات يمكن للطلاب الوصول إليها من خلال الروبوت. بمجرد الانتهاء من ذلك، يمكن لروبوت الدردشة تقييم الإجابات والحفاظ على إعداد النتائج. هذا يمكن أن يلغي المهام المتكررة ويمكن أن يساعد المعلمين على تركيز انتباههم على تحضير دروسهم أو أشياء أخرى مفيدة.
إشراك الطلاب بشكل أكثر انفتاحًا
هناك الطلاب الأذكياء وهناك الطلاب الخجولون. في حين أن الطلاب الأذكياء غالبًا ما يستحوذون على الاهتمام، غالبًا ما يتردد الخجولون في طرح سؤال واحد. إنهم يخشون التعرض للسخرية أو أن يبدو أنهم مملون للغاية. بفضل روبوتات المحادثة، يمكن للأشخاص الخجولين الآن طرح أكبر عدد ممكن من الأسئلة دون أن يكونوا واعين جدًا. تشجع الروبوتات الطلاب على التفاعل حتى يتمكنوا من المشاركة بشكل أكثر انفتاحًا، وبالتالي السماح لهم بالتعلم بشكل أكثر حرية.
هل يشكل ChatGPT تهديدًا على التعليم الجامعي؟
تقول الدكتورة Doris Wessels أستاذة الذكاء الاصطناعي بجامعة كيل الألمانية: " يمكن استخدام ChatGPT لكتابة الأوراق البحثية، وتوليد مقالًا علميًا "يمكن أن يجتاز أول مراجعة أكاديمية". وهذا يقلقها شأنها شأن الكثير من الأكاديميين، فهناك صناعة البرمجيات، التي تعمل على تطوير أنظمة ذكاء اصطناعي أقوى من أي وقت مضى. ومن ناحية أخرى، هناك الطلاب الذين يتعلمون كيفية استخدام الذكاء الاصطناعي في التعليم بشكل أسرع مما يمكن لمدرسيهم مواكبة التطورات. فغالبًا ما يتعرف الطلاب على تقنية الذكاء الاصطناعي الجديدة بسرعة في الوقت الفعلي عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وهم حريصون على تجربة أساليب جديدة، في حين أن بعض أعضاء هيئة التدريس والأساتذة قد يكونون أبطأ في فهمهم وقناعتهم لهذه التقنيات، وهنا يصبح السيناريو المرعب المحتمل، اطمئنان الأساتذة واحساسهم بأنهم قاموا بعمل ممتاز في التدريس إذا قدم جميع طلابهم مهام خالية من الأخطاء - في حين أن الأمر كله في الواقع قد يرجع إلى ChatGPT أو نظام مشابه. وهذا يجعلنا نفكر في التحديات المحتملة جراء استخدام ChatGPT في التدريس والتعلم.
- ضعف مهارات التفكير الإبداعي والنقدي
هناك إمكانية لتعريض قدرات تفكير الطلاب للخطر إذا اعتمدنا كثيرًا على التكنولوجيا. من خلال إنشاء النص الفوري للأداة وسهولة الحصول على الإجابات ببساطة عن طريق كتابة الأسئلة في روبوت المحادثة، فمن المحتمل أن يكون ضارًا بقدرة المرء على التفكير. قد يحد أيضًا من قدرة الفرد على صياغة الإجابات بشكل مستقل. وبالتالي، قد تضعف مهارات التفكير الإبداعي والنقدي إذا أصبح الطلاب معتمدين بشكل كبير على روبوت المحادثة لتقديم إجابات. وقد يصبحون متعلمين سلبيين بمعنى أنهم يحصلون "بنشاط" على إجابات من روبوت محادثة. علاوة على ذلك، قد يفتقر الطلاب إلى القدرة على إجراء تقييم نقدي للمعلومات التي توفرها روبوتات المحادثة، وبدلاً من ذلك يأخذون ويستخدمون معلومات يحتمل أن تكون غير دقيقة. سيخلق هذا تحديات في البيئة التعليمية، إذا كان الطلاب يعتمدون بشكل كبير على هذه الأداة لأغراض التعلم.
- حقوق النشر والانتحال
إن انتشار الإنترنت في كل مكان يجعل الانتحال مشكلة خطيرة في بيئات التعلم. أفضل طريقة لمعالجة هذه المشكلة هي استخدام برامج الكشف، مثل Turnitin و Grammarly و Quetext وما إلى ذلك. بينما يعتبر نص ChatGPT "عملًا مشتقًا" من البيانات التي تم التدريب عليها، لا تزال حقوق النشر مملوكة للمؤلف الأصلي. وبالتالي، من المهم للمستخدمين تشغيل كل جزء من المحتوى من خلال برنامج الكشف عن الانتحال قبل نشره ، وذلك لتجنب مخاطر انتهاك حقوق النشر.
هناك العديد من الأسئلة تستحق ان يفكر فيها كل معلم، وعلى رأسها:
-
إذا أرسل الطلاب الواجبات التي تم إنشاؤها باستخدام ChatGPT، فهل يعتبر ذلك أخلاقيًا؟
-
كيف يجب على المعلمين تقييم معرفة الطالب؟
-
هل يمكن التمييز بين المحتوى الذي تم إنشاؤه بواسطة ChatGPT والأعمال التي تم إنشاؤها باستخدام العقل البشري فقط؟
- إساءة استخدام البيانات
ليس هناك شك في أنه يمكن استخدام ChatGPT لتوليد كمية كبيرة من البيانات. ومع ذلك، فإن التأثيرات المرتبطة بإساءة استخدام هذه التكنولوجيا أو إساءة استخدامها قد تستدعي سلسلة من العواقب الوخيمة على مجتمعنا ككل، على سبيل المثال فقد تتضمن نتائج البحث نص من موقع الغرض منه إنشاء أخبار مزيفة أو دعاية أو انتحال شخصية حزب سياسي. لذلك، يجب على المستخدمين تحمل المسؤولية الكاملة عن المحتوى، واستخدام التطبيق بحكمة وأخلاقية.
الخلاصة ...
نحن نعيش في عالم مبني على البيانات والمحتوى. مع توفر روبوتات الدردشة المدعومة بالذكاء الاصطناعي، يمكننا إنشاء الكثير منها، بنقرات قليلة على لوحات المفاتيح الخاصة بنا. لا يمكن إنكار أن ChatGPT هو نموذج لغوي قوي ومتعدد الاستخدامات، ولكن هناك مصطلح صيني يقول: "يمكن للمياه أن تحمل قاربًا ولكن يمكنها أيضًا قلبه". هذا التعبير هو تذكير بأن كل شيء له إيجابيات وسلبيات، وبالتالي من المهم أن تظل على دراية بالمخاطر المحتملة واتخاذ الاحتياطات اللازمة و استخدام هذه الأداة بطريقة مسؤولة وأخلاقية، لضمان توافق المخرجات مع حالات الاستخدام المرغوبة.