القرن الحادي والعشرين هو قرن الانفجار التقني، وقد يكون هو قرن هيمنة التقنية على مسار البشرية، وحيث أصبحت التقنية أداة الحضارة المعرفية الجديدة في نشر أفكارها وقيمها. وبالتالي فإن حتمية تبني التقنية تفرض على الناس نمطاً جديداً من التفكير ونمطاً جديداً من التعايش معها، ونمطاً جديداً من الإنتاج للاستفادة منها.
ومن الواضح أن جيل اليوم يعتمد على التقنية أكثر من أي وقت مضى، لا سيما لدى جيل الألفية. ولهذا فإن الأفكار، أياً كانت، لا يمكن تنفيذها على أرض الواقع دون اللجوء لاستخدام التقنية التي تلعب دورا هاما في صياغة ونقل رسالتنا للعالم.
التقنية الرقمية
تعد التقنية الرقمية منصة للابتكار والاستدامة وأداة لتحقيق رفاهية المجتمع. وتساهم حلول الرقمنة وتقنيات الإنترنت المتقدمة في تأسيس بنية مؤسسية مرنة يطلق عليها “النظام البيئي الرقمي”. ولكي يستطيع الأفراد التعايش في بيئة رقمية لابد من امتلاك الذكاء الرقمي (DQ) والذي يقسمه البعض إلى ثلاثة مستويات:
المستوى الأول: المواطنة الرقمية
وهي القدرة على استخدام التقنية الرقمية ووسائل الإعلام بطرق آمنة ومسؤولة وفاعلة. وتعتبر المواطنة الرقمية ركيزة أساسية لقدرة الفرد على استخدام التقنية والعيش في العالم الرقمي والتي تنشأ منذ سن مبكرة حيث يبدأ الطفل في تعلم المواطنة الرقمية في مراحل مبكرة لمساندته عندما يبدأ باستخدام الألعاب الإلكترونية ووسائل التواصل الاجتماعية أو أي جهاز رقمي. وكجزء من المواطنة الرقمية لابد للأفراد من أن يكونوا قادرين على:
المستوى الثاني: الإبداع الرقمي
الإبداع" صناعة تنافسية، وهو ما يطلق عليه حاليا بـ "تصنيع الإبداع"، ويعتبر الإبداع الرقمي وهي قدرة الفرد على أن يصبح جزءا من النظام البيئي الرقمي من خلال المشاركة في إنشاء محتوى جديد وتحويل الأفكار إلى واقع ملموس باستخدام الأدوات الرقمية. وتجتذب الصناعات الإبداعية (الرقمية الجديدة). الموسيقيين والفنانين والعلماء، وكذا الأدباء...
المستوى الثالث: ريادة الأعمال الرقمية
وهي القدرة على استخدام وسائل الإعلام الرقمية والتقنية لحل التحديات العالمية أو لخلق فرص جديدة.
كل هذه التقنية تحتوي على مخاطر سواء على مستوى الدول أو الأفراد مما يتطلب العمل على توفير فضاء رقمي آمن يحترم الحقوق الأساسية ويصب في خدمة التنمية وهذا الفضاء يعتمد بالدرجة الأولى على جهود محود الأمية الرقمية المبذولة من قبل المؤسسات والحكومات
محو الأمية الرقمية: الفرص والتحديات
يتخطى محو الأمية الرقمية اكتساب المهارات التقنية المعزولة لتوليد فهم أعمق للبيئة الرقمية، وتمكين التكيف الحدسي مع السياقات الجديدة، وإنشاء المحتوى مع الآخرين، وإدراك كل من الحرية والمخاطر التي تنطوي عليها، وفي هذا السياق تلعب المكتبات دورا حيويا في قيادة الجهود الرامية إلى تطوير المواطنة الرقمية للطلاب، وضمان التمكن من استخدام التقنية بشكل مسؤول ومناسب، بما في ذلك الهوية عبر الإنترنت وآداب الاتصال والحقوق والمسؤوليات. من المهم أن يكون لأمناء المكتبات وأخصائي المعلومات من الكفاءة وبما يؤثر على تصميم المناهج، والتطوير المهني، للخدمات والموارد التي يحتاجها الطلاب.
وبالنظر إلى في بيئة المعلومات الرقمية الحالية، يكون الوضع المثالي والمتوقع من موظفي المكتبة وأعضاء هيئة التدريس والطلاب تقييم المعلومات من خلال المصداقية التي تعتمد على السياق الذي يتم استخدام المعلومات فيه. وعلى الرغم من أنهم غالباً ما يكونوا على دراية بمجموعة متنوعة من الأدوات والمنصات الرقمية، فقد لا يكونوا معتادون على التفكير بشكل حاسم في كيفية استخدامهم لهذه الموارد، وتفسير المعلومات، وإعداد المحتوى للمشاركة عبر الإنترنت. بالإضافة إلى أنه ومع تكاثر منصات التواصل الاجتماعي وتزايد التفاعلات الرقمية، هناك المزيد من الفرص لنشر المعلومات الخاطئة، وهناك انتهاك لحقوق النشر، وخروقات للخصوصية. هو تحدي ليس من السهل على المكتبات أن تحله لوحدها لا تستطيع المكتبات حل هذا التحدي وحده؛ يمكن للفرق متعددة التخصصات أن تساعد في توسيع قدرات البحث.
وتواجه المكتبات تحديًا لزيادة الاهتمام العام الحالي بشدة هذه القضايا المنتشرة على نطاق واسع لتعزيز دمج المعرفة الرقمية عبر المناهج الجامعية. يجب دمج هذه الكفاءات بشكل أصلي في جميع المناهج الدراسية لمساعدة الطلاب على إدارة نشر المعرفة عبر التخصصات. وفي هذا السياق قدمت جامعة ألفريد Alfred University عروضها في مجال محو الأمية المعلوماتية إلى طلبة السنة الأولى وخلال مقرر علم الاجتماع، والتي اشتملت على خمس جلسات محو أمية للمعلومات بالإضافة إلى تطوير حافظات إلكترونية شخصية واجتماعات فردية مع أمين مكتبة.
جهود محو الأمية الرقمية ستستمر مع استمرار التقدم في التقنية، فضلا عن مهارات الواقعية التي تقيّمها القوى العاملة. حددت لجنة نظم المعلومات المشتركة البريطانية والمعرفة بـ JISC المعرفة الرقمية على نطاق واسع بأنها "قدرات تناسب الفرد في الحياة والتعلم والعمل في مجتمع رقمي" يمكن أن تساعد الأدوات، مثل أداة تتبع تجارب الطلاب الرقمية من Jisc، المكتبات في جمع الأدلة من المتعلمين حول تجربتهم الرقمية والاحتياجات المتغيرة أثناء تتبع التغييرات بمرور الوقت.
ممارسات محو الأمية الرقمية في المكتبات