وضعت شركة "غارتنر" خمس قوانين للمشاركة في العالم الافتراضي بالشكل النشط والذي يضيف قيمة حسب رؤيتها:
يبدو من الواضح أن العوالم الافتراضية في أي شكل أو سياق كانت ستستخدم على نطاق واسع كأدوات للمعرفة و التفاعل الاجتماعي لتكمل جزءً آخر من نظم التقنية الاجتماعية المستخدمة في التعليم
والتعلم في المستقبل القريب. وهذا يؤكد حقيقة أن الأنظمة التربويّة تشهد تحوّلات كبيرة في العديد من مرتكزاتها و أسسها سواﺀ ما يتعلّق بمحتويات برامجها أو خياراتها البيداغوجيّة أو أنماطهـا التقييميّة. والتي ومما لاشك فيه يرجع مردها للنقلة المجتمعــيّة التي أحدثها التطوّر العــلميّ وخاصّة في جانــبه التكنولوجيّ.
فـي هذا الصدد يبدو أن البعض محقّا حـــين اعتبر "أنّ النقلة المجتمعيّة التي ستحدثها تكنولوجيا المعلومات ما هي في جوهرها إلّا نقلة تربويّة في المقام الأوّل. و بهذا المعنى فـإنّ البحث في العلاقة بين هذا المنتج العلمي و آثاره التربويّة و البيداغوجيّة هو في صميم رهانات النظم التربويّة و مشاريع المؤسّسات التعليمية. وأمام هذا الانفجار المعرفي الهائل والاقتحام التقني الكبير أصبح من الضروري لهذه المؤسسات أن تعيد النظر في وسائلها وتقنياتها بهدف تحسين المردود التعليمي ورفع كفاءته في ظل هذه البيئات التعليمية الجديدة التي أحدثها التطور التكنولوجي والتي باتت البيئات الافتراضية تفرض تواجدها عليه وتحقق فيه رواجا ثقافيا بين عامة السكان وتحديدا فئة الشباب على وجه الخصوص. فالمتابع للحراك الثقافي في الحياة الثانية سيرى وجود العديد، من المناطق الدراسية والكليات والجامعات على نحو متزايد كما سيلاحظ إنشاء المباني والجامعات الافتراضية والتي يتم فيها تقديم الدورات والمحاضرات، والمخيمات الصيفية، والمؤتمرات.
و نتيجة لهذا فإن الملاحظ هو زيادة الوعي المعرفي بين سكان العالم الافتراضي في البيئات المستهدفة – وإن كان بدرجات متفاوتة في المجالات التعليمية والتربوية. وعليه فإنّه يتحتّم من منظور تواصليّ بيداغوجيّ الأخذ بعين الاعتــبار تنــوّع هذه الاختلافات المعرفية و إحكام توظيفها.
بيئات التعلم الافتراضية: (A virtual learning environment (VLE))
هي أنظمة تهدف إلى دعم التعليم والتعلم من خلال إرساء بيئة تعليمة تحاكي البيئة التعليمية الحقيقية.
تعمل بيئة التعلم الافتراضية بشكل طبيعي عبر الإنترنت، مستفيدة من تطور هائل في تقنيات الاتصالات و انتشار خدمة الوصول السريعة للإنترنت وتسابق مزودي خدمات الإنترنت على تقديم العروض التنافسية للمشتركين وظهور خدمة الاتصال بالإنترنت عبر الهواتف المحمولة وتقنيات الـ Wifi والـ 3G. انتشار الآيفون و الآيباد، وغيرها من الأجهزة والتطبيقات التي جعلت العالم مرتبطًا بشكل كبير بكل ما هو تقني. كما ساهمت تطبيقات الويب 2.0 والويب 3.3 وما تقدمه من ميزات جديدة في هذه النظم والتطبيقات تشمل الويكي wikis، بلوق, blogs، آر إس إس , RSS وغيرها من مئات التطبيقات التي تتسم بالتفاعل والتواصل مثال الفيسبوك والتويتر إلا أن التطبيقات الأكثر استخداما في التعليم هي العوالم الافتراضية ثلاثية الأبعاد 3D virtual learning spaces والتي أوجدت نوعا جديدا من التعلم وبيئة تعلم افتراضية جديدة تجعل من التعليم تجربة أكثر تفاعلية.
التعليم في الحياة الثانية Learning in second life
أثَّرت نظرية التعليم البنائي الاجتماعي أو الفيجوتسكية Vygotskian - نسبة الي فيجوتسكي Vygotsky رائد هذه المدرسة - في تصميم المواقف التعليمية المختلفة، وخاصة الحقيقية منها والاجتماعية. ويؤكد أصحاب النظرية البنائية على توفير بيئة تعلم واقعية، يكتسب الطلاب من خلالها المعرفة، وأن تكون هذه البيئة مناسبة لأهداف التعلم، كما أن انتقال التعلم يعتمد - بشكل كبير - على مدى اتفاق المهام التعليمية مع الأوضاع الحياتية ذات العلاقة بموضوع التعلم, وتنمية الفرد مستمدة من التفاعلات الاجتماعية التي هي ضمن المعاني الثقافية المشتركة للفريق والمنضوية في نهاية المطاف من قبل الفرد.
اتخذت العوالم الافتراضية، و بيئات 3D البصرية، في بداياتها شكلا من أشكال الألعاب عبر الإنترنت، إلا أنها بدأت تتخذ شكلا من أشكال التواصل الاجتماعي منذ منتصف 1990 . المشاركون في عوالم افتراضية يستنسخون صورة عن أنفسهم تسمى أفاتار، يعيشون مع هذا الأفاتار بشخصية هم من يقوم بعملية ابتكارها. هذه الشخصية والتي تصبح مع الوقت جزء منهم, تولد لديهم قناعات بأنهم هم هذه الشخصية التي تتحرك أمامهم على الشاشة . وقد يصل التماهي مع الشخصية المستنسخة إلى أبعد الحدود بحيث تعكس أفعال الشخصية الحقيقة أثناء التعاملات مع المستنسخين الآخرين في الحياة الثانية.
تستخدم العوالم الافتراضية الأنشطة التعليمية بشكل متزايد. يختبر المتعلمين بيئة جديدة من أجل خلق فضاءات التعلم داخل تلك العوالم حيث يمكن للطلاب المتمثلين في شخصيات وأفاتارات التواصل مع غيرهم من الطلاب ومعلميهم. ويمكن إجراء الندوات وإلقاء محاضرات وعرض المناقشات - كل ذلك ضمن حدود العالم الافتراضي. وعلاوة على ذلك، فإن التكنولوجيا تعطي القدرة على خلق بيئة محاكاة تسمح للطلاب القيام بالأعمال التي لن يكون ممكنا أو مرغوبا فيها في العالم الحقيقي. كما يمكن للطلاب الاضطلاع بمهام وأنشطة في مكان آمن تتم السيطرة عليه، حيث يمكنهم الإحساس بالاستقلالية والمسؤولية عن أفعالهم - وحيث يمكن متابعتهم وإرشادهم.
استخدام الحياة الثانية الافتراضية كبيئة للتعليم أصبحت الظاهرة المشتركة بين العديد من المؤسسات والمنظمات التعليمية التي أسست بالفعل جامعاتها وكلياتها الافتراضية وتعقد بالفعل الدروس الافتراضية في الحياة الثانية مستخدمة منصة التعلم التي يمكن أن تجمع ما بين الرسومات التفاعلية و محاكاة والتكنولوجيا، والواقع الافتراضي، والدردشة , والوسائط الرقمية الغنية. التعليم في الحياة الثانية Second Life يعطي المشاركين شعورا بالتواجد في مكان التعلم متحديا كل العقبات التي قد تحول هذا التواجد في البيئة الحقيقية.
الكثير لازال يعتقد أن الحياة الثانية، العالم الافتراضي ليس إلا بيئة خصبة للمقامرة والمواد الإباحية. لن ننفي وجود القمار والكثير من المواد والمنتجات التي تساعد على وجود الإباحية وليس من العدل التركيز على هذا الجانب ونسيان أن البيئة الافتراضية في الحياة الثانية قد أوجدت العصر الذهبي للتعليم.
دواعي استخدام الحياة الثانية في التعليم:
التدريب والمحاكاة Training and Simulation: مع إمكانيات العالم الافتراضية يمكن إنشاء التجارب الافتراضية المحاكية للواقع تماماً ويستطيع المتدرب الدخول بهذه التجربة أو السيناريو المصمم حسب طبيعة الغرض وهذا يفيد جداً في نقل الواقع الميداني إلى واقع افتراضي مما يعطي المتدرب خلفية كبيرة جداً عن الواقع الحقيقي قبل النزول إليه وتستخدم مثل هذه المحاكاة كثيراً قبل التدريبات الميدانية مثل (العمليات الجراحية – القطاعات العسكرية – الدفاع المدني – التجارب العملية) وإليك بعض الأمثلة :
مركز التدريب الطبي الافتراضي حيث يوفر فرصة فريدة لإيجاد طرق جديدة في تدريب طلاب الطب. يمكن هذا المركز الطلاب والمتدربين من معرفة المزيد عن الحالات الطبية مع الصور، والفيديو، وقصص المرضى والمواقع الخارجية ومناقشة هذه القضايا مع طلاب الطب والأطباء من مختلف أنحاء العالم.
أسباب اختيار الحياة الثانية كنموذج للتعليم الافتراضي:
قد لا تكون الحياة الثانية على النحو المتقدم تقنيا والذي تحظى به برامج افتراضية أخرى، وهذا يمكن أن يسبب أحيانا بعض الاستياء، وخصوصا من جانب بعض المواطنين الرقميين. ومع ذلك، هناك مجتمع قوي من المطورين والمبرمجين الذين يعملون على تبسيط واجهة البرنامج للحصول على أعلى درجة من التكامل مع الأنظمة والبرامج الأخرى من ناحية أخرى تكون داعمة وعلى قدر كبير من المساعدة للمتعلمين الجدد.
إعداد: هيـام حـايك- كاتبة بمدونة نسيــج
المصادر:
http://www.theguardian.com/education/2007/may/08/students.elearning
http://ammc.wordpress.com/page/2/