ذكاء الأعمال – Business Intelligence (BI) – والتحليلات هي الاتجاه الشائع في التعليم العالي هذه الأيام، لكن أحيانا أتساءل عما يقصده الناس فعلا عند استخدام مثل هذه المصطلحات. من الممكن أن يحمل كل منهما معاني كثيرة، اعتمادا على استخدام الأفراد لهما، وكذلك نطاق العمل ومجال التأثير لكل منهما. في هذه التدوينة سوف أناقش الفرق بين ذكاء الأعمال BI والتحليلات Analytics، ونتعرف على الأساليب المتعددة لاستخدام مصطلح التحليلات في مجال عملنا، ومن هنا أقدم إطاراً يمكن المشتغلين في التعليم العالي من مناقشة هذا الموضوع على مستوى المؤسسة التي يعملون بها. في البداية، نورد بعض التعريفات الأساسية.
تعرف موسوعة Wikipedia ذكاء الأعمال business intelligence بأنه "مجموعة نظريات ومنهجيات، وإجراءات، وخصائص وتقنيات تقوم على تحويل البيانات الأولية إلى معلومات مفيدة." وبتعبير آخر، يشير ذكاء الأعمال إلى كل ما من شأنه دعم المؤسسة وتقديم المعلومات. من وجهة نظرنا نحن محترفي أنظمة ذكاء الأعمال، فإننا نميل إلى مناقشة هذه العملية من حيث التسلسل الهرمي الذي يُبنى من البيانات (الإحصاءات الأولية) في قاعدة الهرم وصولا إلى الحكمة (المعرفة القابلة للتنفيذ المرتبطة بسياقاتها) في قمة الهرم.
يتضمن ذكاء الأعمال – في المقام الأول – التحليلات، لكنها لا تمثل إلا جزءاً من كل. كما يتضمن تقارير التشغيل، وبناء هياكل البيانات وغيرها من الأنشطة الأخرى التي تهدف إلى تنظيم البيانات وفهمها وتداولها في محاولة للارتقاء من مجرد توافر البيانات إلى الحكمة؛ أي استغلالها وتطبيقها لتحقيق الفائدة المنشودة. وعلى مستوى التعليم العالي، يتضمن هذا كافة التقارير اليومية التي تصدرها مؤسسات التعليم العالي بصفة روتينية، بدءً من البيانات المالية وحتى قوائم الفصول. كما يتضمن أي لوحة معلومات متاحة، على أي مستوى داخل المؤسسة الأكاديمية. الأمر الأكثر أهمية هو وعينا بأن هذا المصطلح فضفاض جدا، وعند الاستخدام الأمثل له، فإنه قد يعني أي شيء يقع في نطاق نظام التقارير الذي تستخدمه المؤسسة الأكاديمية.
وبحسب تعريف موسوعة ويكيدبيا، فإن "مصطلح التحليلات عملة ذات وجهين. يمثل وجهها الأول استخدام نماذج وصفية وتنبؤية لاكتساب معلومات ذات قيمة من البيانات – ما يعرف بتحليل البيانات. وعلى الوجه الآخر، توظف التحليلات هذه التقارير لترشيح القرار المناسب أو توجيه عملية صنع القرار – ما يعرف بعملية التداول." يعد التعريف مفيدا إذ أنه يغطي تداول البيانات وفهمها. تورد ويكيبديا تعريفا آخر أقصر وأبسط للتحليلات على أنها "اكتشاف وتداول أنماط مفيدة للبيانات." بالنسبة لي، مثل هذه الأنماط المفيدة تمثل العمود الفقاري للحصول على تحليلات جيدة.
اكتشاف أنماط مفيدة هو ما يتيح للتحليلات أن ترقي بنا في هذا التسلسل الهرمي من المعلومات، إلى المعرفة والحكمة. وعلى مستوى الممارسة، ينطوي هذا على مجموعة من المهام تتراوح بين الإحصاء الوصفي (والتي عادة ما يتم عرضها بالرسوم والصور) إلى نماذج تنبؤية، وسيناريوهات الاحتمالات "ماذا لو"، والتحليلات ذات الصلة. وفي رأيي، الأنشطة التي تسفر عن تقارير منفصلة لن تعتبر نشاطا تحليليا، حيث أنها تعجز عن تسليط الضوء على الأنماط والاتجاهات.
من ناحية أخرى، في حين أن عناصر مخصصة مثل لوحات المعلومات التفاعلية أو قوالب المعالجة التحليلية عبر الإنترنت OLAP غالبا ما تكون مفيدة للتحليلات، إلا أنها ليست عنصرا ضروريا لاعتبار إجراء ما تحليليا.
الآن وبعد أن توافر لدينا إدراك راسخ للعلاقة بين ذكاء الأعمال BI والتحليلات analytics، دعونا نلقي نظرة على الجدول التالي، والذي يقدم الخطوط العريضة للأسئلة التي ينبغي أن تجيب عليها التحليلات:
كما ترى، هناك فئات متعددة يمكن توظيفها لتأطير النقاش أثناء عمل صناع القرار في مؤسستكم الأكاديمية على المشكلات التي يحاولون إيجاد حلول لها. الأسئلة الوصفية - التي تبحث في كيفية سير الأمور وكيف كانت – لا بد أن تكون الأولوية الأولى. وبناء على هذه الأسئلة، يقدم لكم التحليل المستقبلي/التنبؤي تصورا للإجراء الذي يلزم اتخاذه، وما ينتج عنه في المستقبل.
ولنقل أنك تحاول الإجابة على سؤال عام، مثل "كم طالبا مسجلا لديكم في العام الماضي مقارنة بالعام الحالي؟ عندها تبدأ بالتحليل الوصفي، والذي يتضمن البيانات المتعلقة بالمعلومات السابقة والحالية. كما تبدأ في اكتساب رؤية واضحة أثناء اكتشاف كيف و/أو لماذا تكون هذه الأرقام على ما هي عليه. ومن هنا، تشرع في الإجابة على الأسئلة الوصفية. العلاقات السببية والإحصاءات المترابطة يمكن استخدامها للتنبؤ بالسيناريوهات المستقبلية، واحتمالاتها، والتي ستمكن الإدارة أن تكون أكثر استباقية في اتخاذ القرارات.
مترجم عن مقال كتبه Zach Heath لـ Evisions