جذور النجاح تنمو في المكتبات الأكاديمية
بديهي أن تنمو بين الطلاب الباقين و الجامعة أواصر قوية، مما يضع على عاتق الجامعة مسؤولية دعم الطلاب على تعميق جذور انتمائهم إليها داخل المجتمع الأكاديمي؛ وهذا يترجم في النهاية إلى النجاح والولاء بعد التخرج. ومن ثم، تنطوي الاستراتيجية الحديثة على ربط الطلاب ببرنامج دراسي أو اجتماعي من اخيتارهم، وتحفيز أعضاء هيئة التدريس على إتاحة أنفسهم أمام الطلاب والتواصل معهم، حيث أن الارتباط بأعضاء هيئة التدريس من أهم محفزات الطلاب على الاستمرار في الدراسة.
في حين أن فرص تواصل المكتبيين مع الطلاب أقل بكثير من المتاح لأعضاء هيئة التدريس، إلا أن المؤسسة الأكاديمية تستطيع بذل المزيد لإشراك المكتبيين في جهود تعزيز شعور الطلاب بالارتباط داخل الجامعة أو الكلية. وكمال قلنا في التدوينة السابقة، ثمة علاقة قائمة بالفعل بين الطلاب والمكتبيين، بل يمتد التواصل إلى زيارة المكتبيين للطلاب في فصولهم، وتنامي العلاقة الأكاديمية فيما بينهم وتتحول إلى صداقة تمتد مدى الحياة؛ الأمر الذي يمنح الطلاب معرفة أوضح وإدراكا أوسع بحقيقة مهمة المكتبة والقدرات الكامنة في المكتبيين؛ لكن قد تغيب هذه الحقيقة عن الكوادر الإدارية في الجامعة،
الإدارة ومشاركة المكتبيين
هنا يأتي دور الإدارة في توظيف المكتبيين لتنمية الولاء الطلابي للمؤسسة الأكاديمية والحد من تسربهم، ومنع تحويلهم، وتحقيق النجاح الطلابي في حينه؛ حيث يمكنهم دعوة المكتبيين إلى البرامج الاجتماعية التي تنظمها الجامعة ومشاركتهم في فاعلياتها بما يوفر مناخا مواتيا لمزيد من التواصل البناء بين الطلاب والمكتبيين. أضف إلى ذلك، يكن دمج المكتبيين في مناخ الفصل الدراسي مثلا بإسناد مهام تمويل الحفلات والمناسبات الأكاديمية إلى المكتبيين، مما يمنحهم فرصا أوفر للتواصل مع الطلاب والاطلاع على آرائهم، والوقوف شكواهم، ومشاركة تطلعاتهم.
المكتبات والمزايا الطلابية
قد تتبنى المؤسسة الأكاديمية برنامج تحفيز للطلاب الأكثر ولاء وانتماء إليها، أو حتى لتوليد وتعزيز ذلك الشعور بالولاء في محيط المجتمع الطلابي، ولعل من مؤيدي ومطوري مثل هذا البرامج "مارتي نيم كوف" Marty Nemkoff، ومن أبرز مقترحاته أن تجعل من "النجاح الطلابي" معلما مميزا تحفه الجوائز، باعتباره آلية فاعلة في استبقاء الطلاب ومنع تحويلهم إلى مؤسسات أكاديمية أخرى. ومع مرور السنوات وتقدم الطالب نحو التخرج، تنمو معه المحفزات والجوائز. هنا يبرز دور المكتبة، حيث يمكن توظيف قاعات المذاكرة بها وبخاصة أوقات الامتحانات× إذا يصبح تخصيص هذا القاعات للمتوفقين وكبار الطلاب دون انتظار من بواعث الولاء الطلابي، ومن أهم المحفزات على الاجتهاد والنجاح، واحترام كبار الطلاب، ومن ثم البقاء في المؤسسة الأكاديمية للتمتع بنفس المميزات. كذلك، يمكن استحداث بعض المنح التحفيزية على عدد الأوعية المستعارة من المكتبة، أو إتاحة الاستشارة المباشرة مع كبار المكتبيين، أو حضور ورش العمل الخاصة بالمكتبة. قد تأخذ هذه المنح التحفيزية أشكال متعددة كما سبق، ومن بينها تخفيضات معينة على أسعار الكتب التي يقوم الطالب بشرائها.
التواصل مع الآباء
قديما كان الاعتقاد السائد أن الآباء المُفرِطُون– أو ما يطلق عليهم Helicopter Parents – يؤذون أبنائهم أكثر مما ينفعونهم، لكن أثبتت الدراسات مؤخرا أن أبناء مثل هذا النوع من الآباء أكثر نشاطا من غيرهم، لذا فإنهم يشكلون عاملا إيجابيا في تعزيز الاحتفاظ بالطلاب. في هذا الصدد، تبذل المكتبات الأكاديمية جهودا قليلة للتواصل مع الآباء؛ في حين أن هؤلاء الآباء يمثلون المستهدف الأمثل لتتواصل المكتبات معهم لما لهم من أثر بالغ على الطلاب، وبخاصة المستجدين منهم. ومن بين الطرق الفعالة في التواصل مع الآباء تضمينهم في قاعدة مراسلات المكتبة وعناوين البريد الإلكتروني، وتمرير بعض الرسائل الودية والإيجابية إليهم مثل "إذا طلب ابنك/ابنتك المساعدة في البحث، نحن هنا للمساعدة"، وذلك يذكر الآباء بمهمة المكتبة والمكتبيين، وأنهم متاحون لمساعدة أبنائهم وبناتهم في التغلب على التحديات التي يواجهونها في الدراسة، والبحث والقيام بواجباتهم.
التنسيق التعاوني
هنا، تضم قائمة أطقم المساعدة في المؤسسة الأكاديمية جهات أخرى منها الإداريون، أعضاء هيئة التدريس، فرق الإسكان الطلابي، والمكتبيين للتواصل مع الآباء الذين يتوقون ويتوقعون أن يحظى ابنهم أو ابنتهم بمستوى مخصص من الدعم والمساعدة. مع أن مثل هذا النوع من التواصل يبدو جديدا على المكتبيين، إلا أنه ينبغي عليهم الإسراع إلى أي جهد من شأنه تعزيز التواصل الهادف والبناء وإقامة روابط متينة مع الطلاب.
لذا، من المعقول جدا أن توظف الإدارة الأكاديمية كل ما يتوافر لديها من أصول ومقومات تعينها على تحقيق وتحسين معدلات الاحتفاظ بالطلاب، ومنع تسربهم أو تحويلهم إلى مؤسسة أخرى. كما أنه بمقدور المكتبات القيام بأبحاث تقيس وتوضح مدى تأثير التواصل والتفاعل بين الطلاب والمكتبيين على نجاح الطلاب، ومن ثم ابتكار آليات مخصصة تحقق تكامل ودمج المكتبة في العملية التعليمية لتحقيق نجاح الطلاب وتعزيز ولائهم إلى المؤسسة الأكاديمية. ولا بد من العمل التعاوني بين المكتبيين وغيرهم من الكوادر الإدارية والفنية والمتخصصة لتعزيز دور المكتبة بهذا الصدد
مترجم بتصرف Library Issue