اكتسب التحول الرقمي اهتمامًا كبيرًا في السنوات الأخيرة، حيث تسعى العديد من المؤسسات عبر مختلف القطاعات للاستفادة من التكنولوجيا لتعزيز عملياتها وخدماتها. ومع ذلك، وكما أوضح Satya Nadella، الرئيس التنفيذي لشركة Microsoft، فإن التحول الرقمي لا يتعلق فقط بتبني تقنيات جديدة، بل يتعلق أيضًا بخلق ثقافة الابتكار والتعاون والمرونة.

التحول الرقمي هو رحلة تتطلب تغييراً كبيرًا في العقلية عبر المؤسسة بأكملها. إنه نهج شامل يتجاوز المستوى التشغيلي ليشمل ثقافة المنظمة بأكملها، من القيادة إلى الموظفين. وهنا من المهم أن ندرك أن رحلة التحول الرقمي الناجحة ليست بالأمر السهل دائمًا، فقد تكون مهمة شاقة للعديد من المؤسسات. وهنا تأتي أهمية استخدام الممارسات والاستراتيجيات الناجعة لتسريع رحلة التحول الرقمي.

وفقًا لـ Gartner® ، "... تمتلك العديد من المنظمات نية قوية لتسريع مبادرات الأعمال الرقمية الخاصة بها، ولكنها تفتقر إلى رؤية كاملة لعناصر النجاح الرئيسة." في هذا المقال، نستكشف ثمانِ من الاستراتيجيات التي تعيد تشكيل مشهد الأعمال، وتخلق المزيد من القيمة لعملائها وتساعد المؤسسات على تسريع رحلة التحول الرقمي والبقاء في صدارة المنافسة.

يتضمن تسريع التحول الرقمي اعتماد تقنيات جديدة وناشئة لتعزيز العمليات التنظيمية والعمليات وتجارب العملاء. الذكاء الاصطناعي (AI) والحوسبة السحابية وإنترنت الأشياء (IoT) هي بعض التقنيات التي يمكن للمؤسسات الاستفادة منها لتسريع رحلة التحول الرقمي. على سبيل المثال، يمكن أن يساعد الذكاء الاصطناعي المؤسسات على أتمتة المهام الروتينية والمتكررة ، وتحليل كميات كبيرة من البيانات ، ووضع تنبؤات وتوصيات بناءً على تلك البيانات. من خلال اعتماد حلول مدعومة بالذكاء الاصطناعي، يمكن للمؤسسات تحسين سرعة عملياتها ودقتها وكفاءتها. من ناحية أخرى، تمكّن الحوسبة السحابية المؤسسات من الوصول إلى موارد الحوسبة عند الطلب، دون الحاجة إلى بنية تحتية محلية. يمكن أن يساعد هذا المؤسسات على توسيع نطاق عملياتها بسرعة وفعالية من حيث التكلفة، مع تحسين أمن البيانات وموثوقيتها أيضًا. وكذلك يمكن للمؤسسات ومن خلال الاستفادة من أجهزة وبيانات إنترنت الأشياء تحسين قدرتها على جمع البيانات في الوقت الفعلي وتحليلها، وتحسين عملياتها، وتعزيز تجارب العملاء.

يعد تنفيذ المنهجيات الرشيقة جانبًا مهمًا لتسريع التحول الرقمي. المنهجيات الرشيقة هي مجموعة من الممارسات والمبادئ التي تؤكد على التعاون والمرونة والتحسين المستمر. وهي مصممة لمساعدة المؤسسات على الاستجابة لظروف السوق المتغيرة واحتياجات العملاء والتقنيات الناشئة بسرعة وفعالية أكبر.

تتضمن منهجيات Agile تقسيم العمل إلى مهام أصغر وأكثر قابلية للإدارة، وتقديم قيمة إضافية للعملاء على أساس منتظم. يتيح ذلك للمؤسسات الاستجابة بسرعة للتعليقات وتعديل نهجها بناءً على المتطلبات المتغيرة. يتطلب تنفيذ منهجيات رشيقة حدوث تحول ثقافي داخل المنظمة. وهذا ينطوي على تعزيز ثقافة التعاون والتجريب والتحسين المستمر. كما يتضمن أيضًا كسر الحواجز بين الأقسام المختلفة وتشجيع الفرق متعددة الوظائف على العمل معًا.

تعتقد العديد من المنظمات أن التحول الرقمي يتوقف عند إنشاء خارطة طريق تقنية، ويتم تجاهل عنصرًا حاسمًا في العملية، وهو: " دعم فرقهم وتحفيز عقلية الابتكار لدى العاملين في شركتهم".

تطوير المواهب وتحسينها، وتنفيذ منهجيات رشيقة، واعتماد التكنولوجيا الحديثة، لا يكفي لتسريع التحول، هناك الجزء الصعب المتمثل في التكيف والتوسع والنمو باستمرار. يتم تحقيق ذلك من خلال التحول الثقافي وتبنى الابتكار وعدم الخوف من تجربة الجديد، ذلك يضمن استمرارية العمل بشكل أكثر نجاحاً.

لتعزيز ثقافة الابتكار والتجريب، يجب على المنظمات خلق بيئة تدعم وتشجع الإبداع والمجازفة وتجربة أشياء جديدة والتفكير خارج الصندوق. يمكن أن يشمل ذلك تزويد الموظفين بفرص التدريب والتطوير، مثل ورش العمل أو مختبرات الابتكار، التي تساعدهم على تطوير المهارات والعقلية اللازمة للابتكار، كما ويمكنهم إنشاء صناديق ابتكار أو حاضنات توفر التمويل والموارد للمشاريع أو المبادرات الجديدة. هذا النوع من الثقافة ضروري لتسريع التحول الرقمي لأنه يشجع الموظفين على البحث عن حلول جديدة، وتحدي الافتراضات الحالية، وتجربة مناهج جديدة.

لتحقيق فوائد التحول الرقمي بالكامل، يجب على المؤسسات وضع أسس تقنية متينة يمكنها دعم مبادراتها الرقمية. يتضمن ذلك الاستثمار في التقنيات المناسبة والبنية التحتية والعمليات التي يمكن أن تمكن المؤسسات من الابتكار والتوسع والبقاء في صدارة المنافسة، حيث يعد الاستثمار في بنية تحتية قوية وقابلة للتطوير لتكنولوجيا المعلومات جانبًا رئيسيًا لوضع أسس تقنية متينة. يمكن أن يشمل ذلك ترقية الأجهزة وأنظمة البرامج، والاستثمار في الحوسبة السحابية وحلول التخزين، وتنفيذ تدابير أمنية للحماية من التهديدات السيبرانية. بالإضافة إلى التكنولوجيا والبنية التحتية، فإن وضع أسس تقنية متينة يتضمن تطوير العمليات والسياسات الصحيحة لدعم المبادرات الرقمية. يمكن أن يشمل ذلك إنشاء أطر الحوكمة وسياسات إدارة البيانات وبروتوكولات الأمان التي تتماشى مع أهداف التحول الرقمي. من الضروري أيضًا امتلاك المواهب والمهارات المناسبة. قد يتضمن ذلك رفع مستوى مهارات الموظفين الحاليين أو توظيف مواهب جديدة تتمتع بالخبرة اللازمة في مجالات مثل تحليلات البيانات والحوسبة السحابية والذكاء الاصطناعي.

تشير العمليات القابلة للتكرار إلى الأساليب والإجراءات الموحدة التي يمكن استخدامها عبر مختلف المشاريع والفرق. من خلال إنشاء عمليات قابلة للتكرار، يمكن للمؤسسات تبسيط عملياتها وتقليل الأخطاء والأخطاء وزيادة الكفاءة. تساعد العمليات القابلة للتكرار أيضًا على ضمان الاتساق والجودة عبر مختلف المشاريع والفرق، حيث أنها توفر مجموعة موحدة من الإجراءات والمبادئ التوجيهية.

تتضمن الأدوات القابلة لإعادة الاستخدام تطبيقات البرامج والمكتبات والقوالب والأطر التي يمكن استخدامها عبر مختلف المشاريع والفرق. من خلال إنشاء أدوات قابلة لإعادة الاستخدام، يمكن للمؤسسات توفير الوقت والمال، من خلال تجنب الحاجة إلى تطوير حلول مخصصة لكل مشروع. يتطلب إنشاء أدوات قابلة لإعادة الاستخدام وعمليات قابلة للتكرار تركيزًا قويًا على التعاون والتواصل. يتضمن ذلك العمل عن كثب مع مختلف الفرق وأصحاب المصلحة لتحديد المجالات التي يمكن فيها تقديم التقييس والأتمتة، وتطوير العمليات والأدوات التي تلبي احتياجاتهم.

يمكن للتعاون والشراكات مع أصحاب المصلحة الخارجيين مثل مزودي التكنولوجيا وخبراء الصناعة والمنظمات الأخرى تسريع رحلة التحول الرقمي، حيث يمكن لمزودي التكنولوجيا توفير الوصول إلى أحدث الأدوات والأنظمة الأساسية والخبرة التي يمكن أن تساعد المؤسسات في تنفيذ التقنيات الجديدة والناشئة بشكل أكثر فعالية. من خلال التعاون مع الخبراء، يمكن للمنظمات اكتساب فهم أفضل للسوق وتحديد مجالات جديدة للنمو والابتكار. من خلال التعاون مع المنظمات الأخرى، يمكن للشركات الوصول إلى أفكار وموارد ووجهات نظر جديدة، والتي يمكن أن تساعدهم في دفع الابتكار وتسريع رحلة التحول الرقمي.

بناء مهارات فريق تكنولوجيا المعلومات بشكل مستمر أمر ضروري للقدرة على التحرك بسرعة. قد يبدو هذا واضحًا، لكنه يتطلب من مدراء تقنية المعلومات تخصيص موارد كافية لتحديد المهارات التي ستكون مطلوبة مع تقدم االمؤسسة، ودفع تكاليف تدريب الفرق ، وتخصيص وقت للفرق لإنجاز هذا التدريب ، حيث يرتبط التسريع الرقمي بالاستثمار في التدريب المناسب للتأكد من أن الأشخاص لديهم المهارات المناسبة لدعم القدرات الرقمية التي نعتقد أنها مهمة للأعمال التي ندعمها .

تتمثل إحدى الفوائد الرئيسة للتدريب على تكنولوجيا المعلومات في أنه يساعد على ضمان أن الموظفين مجهزين تجهيزًا كاملاً للاستفادة من التقنيات والعمليات الجديدة، وأنهم يمتلكون المهارات الشاملة، بداية من المهارات الأساسية مثل استخدام البرامج والأدوات الجديدة، إلى المهارات الأكثر تقدمًا مثل تحليلات البيانات والتعلم الآلي. من خلال الاستثمار في التدريب على تكنولوجيا المعلومات، يمكن للمؤسسات مساعدة موظفيها على أن يصبحوا أكثر إنتاجية وكفاءة، مع تحسين جودة عملهم أيضًا.

فائدة أخرى للتدريب على تكنولوجيا المعلومات هي أنه يساعد على تعزيز ثقافة الابتكار والتحسين المستمر. من خلال تشجيع الموظفين على تعلم التقنيات والعمليات الجديدة وتجربتها، يمكن للمؤسسات إنشاء بيئة يمكن فيها تطوير أفكار وحلول جديدة واختبارها. يمكن أن يؤدي هذا إلى تحسينات كبيرة في الإنتاجية والكفاءة ورضا العملاء، وجذب أفضل المواهب وألمعها والاحتفاظ بها.

بشكل عام، يعد جعل التدريب على تكنولوجيا المعلومات أولوية ضروريًا لتسريع التحول الرقمي. يقول رامون ريتشاردز Ramon Richards, نائب الرئيس الأول ورئيس قسم المعلومات في Fannie Mae : "لقد تعلمنا في وقت مبكر من رحلتنا بينما قمنا بتوسيع نطاق القدرات الرقمية أنه إذا لم يكن لديك عدد كافٍ من الأشخاص ذوي المهارات المناسبة ، فسيؤدي ذلك إلى إبطاء تقدمك".

يعتبر التعامل المباشر مع العملاء جانبًا مهمًا آخر لتسريع التحول الرقمي. في الماضي، اعتمدت العديد من الشركات على وسطاء مثل الموزعين وتجار التجزئة وتجار الجملة للوصول إلى عملائهم. مع ظهور التقنيات الرقمية، أصبح لدى الشركات الآن القدرة على التفاعل مباشرة مع عملائها من خلال قنوات مختلفة مثل وسائل التواصل الاجتماعي والبريد الإلكتروني وروبوتات الدردشة.

تتمثل إحدى المزايا الرئيسة للتعامل مباشرة مع العملاء في القدرة على جمع بيانات العملاء وتحليلها. من خلال التفاعل المباشر مع العملاء، يمكن للشركات اكتساب رؤى قيمة حول تفضيلاتهم وسلوكياتهم واحتياجاتهم. يمكن بعد ذلك استخدام هذه البيانات لتطوير حملات تسويقية مستهدفة، وتحسين تطوير المنتجات، وتعزيز تجربة العميل.

ميزة أخرى للتعامل مباشرة مع العملاء هي القدرة على تقديم خدمة ودعم مخصصين. من خلال التفاعل مع العملاء بشكل مباشر، يمكن للشركات تصميم منتجاتها وخدماتها لتلبية الاحتياجات والتفضيلات المحددة لكل عميل. يمكن أن يؤدي ذلك إلى زيادة ولاء العملاء وتكرار الأعمال والإعلان الشفهي الإيجابي.

للتعامل مباشرة مع العملاء، يجب على الشركات تحديد القنوات الأكثر صلة بعملائها. على سبيل المثال، إذا كان عملاؤهم نشطين على وسائل التواصل الاجتماعي، فيجب على الشركات إنشاء وجود على وسائل التواصل الاجتماعي والتفاعل مع العملاء من خلال تلك القناة. وبالمثل، إذا كان عملاؤهم يفضلون البريد الإلكتروني أو الدردشة، فيجب على الشركات الاستثمار في تقنية البريد الإلكتروني وروبوتات الدردشة لتقديم خدمة سريعة وسريعة الاستجابة.

طريقة أخرى لتسريع التحول: التخلي عن بعض الوسطاء الموجودين بين رئيس قسم المعلومات والعميل.

في معظم المؤسسات، تكون نقاط الاتصال مع العملاء هي فرق تطوير المنتجات، وفرق التسويق والمبيعات. تقول Kamales Lardi، مؤلف الكتاب الأكثر مبيعًا "الجانب الإنساني من التحول الرقمي للأعمال:" نادرًا ما يكون لدى مدراء المعلومات نقطة الاتصال هذه. "ولكن إحدى الطرق لتسريع التحول هي فهم الجمهور الذى نستهدفه اليوم وغدًا، وما المشكلات التي تحاول حلها من أجلهم، وما التجارب التي يريدونها ، لذا فأنت تبني حلولًا لعملائك بدلاً من بناء حلول ستعرضها للبيع. وتقول إن مديري تقنية المعلومات وفرق تكنولوجيا المعلومات لديهم عدد كبير من البيانات التي يمكنهم الوصول إليها لاكتساب رؤى حول عملائهم. وتقول أيضًا إن على مدراء المعلومات إيجاد طرق لإشراك العملاء بشكل مباشر - وهو أمر يتناسب تمامًا مع عمليات العمل الحديثة مثل (التطوير السريع والتصميم المتمركز حول الإنسان) التي يعتمدها كبار مدراء المعلومات.