library management & Higher Education blog Naseej Academy Naseej Academy Send Mail

عن مدونة نسيج

تهدف مدونة نسيج الى توفير مساحات تشاركيه تتسع لكل المتخصصين والمهتمين بكل ما هو جديد في مجال المكتبات والتعليم العالي والتعلم عن بعد وتقنيات المعلومات والاتصالات وتقنيات الأرشفة وحلول المعرفة المتقدمة في التعليم العالي، المكتبات، ومراكز الأبحاث.

سجل بريدك الالكتروني هنـا لتصلك أحدث التدوينات

أكاديمية نسـيج على الفيسبوك 
 
 

مقــالات حديثة

الاستثمار في المستقبل: إسهامات التعليم العالي في تنمية المشاريع الاجتماعية

نُـشر بواسطة هيام حايك on 13/03/2023 11:36:05 ص

business-people-networking-silhouette-social-media-remix

مع بدايات عصر الإنترنت، أصبح التعليم العالي أكثر عالمية، حيث وفر الإنترنت للمتعلم والمعلم فرص التواصل عالميًا، ليصبح لدينا وكما أشار مانويل كاستيلز Manuel Castells "مجتمع الشبكة".  

 طور مجتمع الشبكة موجة جديدة من التكوينات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية. بعد فترة وجيزة أصبحت المؤسسات الحكومية والخاصة وغير الحكومية جزءًا لا يتجزأ من هذا التطور، وبدأت تتأثر وتؤثر في المجتمعات والبيئات على المستوى المحلى والدولي بفعل العولمة التي جعلت من العالم قرية كونية صغيرة، وأصبحت المؤسسة الاجتماعية سمة مشتركة في العالم، حيث يتم النظر إلى المشاريع الاجتماعية كحل للمشاكل في العديد من البلدان حول العالم

في خضم هذه التطورات، بدأت مؤسسات التعليم العالي تتأصل في المشهد العام، فقد تحوَّلت المؤسسات التعليمية إلى محركات حيوية لتوفير التحول الاجتماعي والاقتصادي، وتعزيز الابتكار والتغيير المجتمعي، وذلك عبر إطلاق مبادرات تشجيعية وتوفير مساحات للتعاون والابتكار، وتوفير الموارد اللازمة للمبادرات الريادية والتقنيات الحديثة، مما يعزز بدوره النمو الاقتصادي والاجتماعي في المجتمعات. في هذه المقالة، نقدم رؤى متعددة حول العلاقات المتشابكة بين المؤسسة الاجتماعية ومؤسسات التعليم العالي.   

تعريف المؤسسة الاجتماعية 

المؤسسة الاجتماعية Social enterprise هي Hانموذج عمل يكون الهدف الشامل فيه احداث تأثير اجتماعي كبير، وتعتبر إلى حد ما شركات تجارية من أجل معالجة المشاكل الاجتماعية والبيئية، فهم يدرون دخلاً مثل الشركات الأخرى، لكن المؤسسات الاجتماعية تعيد استثمار كل أو معظم أرباحها في مهمتها الاجتماعية. إنهم يولدون الوظائف ويقللون من عدم المساواة، وهم مسؤولون عن أنشطتهم، ويمزجون بشكل جماعي مهارات ريادة الأعمال في القطاع الخاص مع قيم القطاع العام.

بدأ مفهوم المؤسسات الاجتماعية في أواخر السبعينيات في المملكة المتحدة، فيما اكتسبت ريادة الأعمال الاجتماعية - التي نشأت عن الحركة التعاونية التي بدأت في أوروبا القرن التاسع عشر - زخمًا في الثمانينيات والتسعينيات مع ظهور الابتكار الاجتماعي ومدارس المشاريع الاجتماعية. في السياق الحالي، يتم تعريف ريادة الأعمال الاجتماعية على أنها نشاط ريادي يتم تنفيذه بهدف واضح هو معالجة المشكلات المجتمعية. هذا التقارب هو الذي يخبرنا بالطبيعة الهجينة الفريدة للمؤسسات الاجتماعية. 

تطور الرؤى العالمية للمشاريع الاجتماعية 

الشعار الذي قدمه ميلتون فريدمان Milton Friedman في عام 1970 "The business of business is business” والقائم على تعظيم ثروة المنظمات والشركات، يفقد شرعيته اليوم في ظل تحدى الجامعات للنماذج القديمة لكليات إدارة الأعمال التي تعطي الأولوية لتعظيم الأرباح باعتبارها النتيجة النهائية للشركات. الآن، أكثر من أي وقت مضى، تشارك مؤسسات التعليم العالي (HEIs) مع قطاع المشاريع الاجتماعية من أجل استكشاف حلول مستدامة للمخاوف المتعلقة بالتفاوت الاقتصادي والاجتماعي والعدالة. 

يشير  محمد يونس ، أحد أبرز المدافعين عن مفهوم الأعمال الاجتماعية، إلى أن الشركات الاجتماعية لديها القدرة على تخليص المجتمع من الوعود الفاشلة لمشاريع السوق الحرة.  وفي هذا السياق هناك الكثير من الأمثلة التي تبرز هذه المفهوم، ففي بنجلاديش، اضطلعت مؤسسة Grameen بأدوار كانت غائبة أو غير فعالة من قبل الحكومات. حيث تتمثل رؤيتهم في تمكين الناس ليصبحوا وكلاء للمجتمع، ورجال أعمال يخدمون مجتمعاتهم.  في العديد من بلدان أمريكا اللاتينية وأفريقيا وآسيا، شجع التراث السياسي للحكومات والقطاعات العامة الضعيفة وغير النزيهة على إيجاد حلول ريادية للمشاكل الاجتماعية والاقتصادية. وفي الهند، نجد العديد من المؤسسات الاجتماعية تعالج الفجوات الهائلة الموجودة بين التشريع الرسمي والواقع الاجتماعي. 

في العالم العربي تبين مؤشرات ريادة الأعمال عن حالة من الوعي غير المسبوق بأهمية هذا القطاع، بل قد يراه البعض بمثابة طوق نجاة، لا سيما في ظل الأزمات الاقتصادية المتراكبة التي تعاني منها طائفة واسعة من بلدان العالم. 

تشير مجلة رواد الأعمال إلى أن مؤشرات ريادة الأعمال في الوطن العربي هي انعكاس لحالة وعي عامة في هذه الأقطار مجتمعة، مفادها أن الأنساق الاقتصادية التقليدية لم تعد تُجدي نفعًا، ومن غير المبرر الاعتماد عليها في إحداث نقلة تنموية معتبرة، وبالتالي لا مناص من خوض غمار تجربة ريادة الأعمال. 

بشكل عام، يشير تاريخ المؤسسات الاجتماعية إلى أنها، بحكم تصميمها، منظمات ذكية ومبتكرة، مستعدة للتصرف بشأن أي من الاهتمامات الاجتماعية أو الاقتصادية الناشئة لمكوّناتها، مما يجعل منها قطاع حيوي يساهم بشكل كبير في الابتكار الاجتماعي، وتطور باستمرار منتجات وخدمات جديدة مصممة لتلبية الاحتياجات الاجتماعية. تعمل نسبة كبيرة من المؤسسات الاجتماعية على تحقيق تغيير منهجي من خلال إدخال نماذج أعمال جديدة، وتغيير سلاسل القيمة، وتفعيل المواهب غير المستخدمة، واستغلال الموارد غير المستخدمة. 

العلاقات الجديدة بين مؤسسات التعليم العالي ومؤسسات المجتمع 

تلعب الجامعات دوراً أساسياً في التنمية الاقتصادية والمجتمعية، ويُنظر إليها على أنها مراكز قوة تخلق شبكات اقتصادية واجتماعية وسياسية وثقافية جديدة ترتبط مع المؤسسات المختلفة.

علاوة على ذلك، فإن أحد أكبر التغييرات في الآونة الأخيرة هو الطريقة التي تتواصل بها الجامعات عالميًا، وتبنيها لممارسات وفق مفهوم “Think globally, act locally " والذي مكنها من الاضطلاع بدور أكبر في حل بعض أكبر المشكلات الاجتماعية، على مستويات متعددة.  

اليوم تدرك الحكومات أن الجامعات لديها فهم أفضل لمجالات السياسة الاجتماعية الرئيسة، مع فهم معمق للمجتمع المحلي. لذلك، يُنظر إلى الجامعات على أنها المنفذ الأول عند تطوير مشروع اجتماعي، حيث يمكن للجامعات توفير الموارد والدعم للابتكار الاجتماعي وبحوث المشاريع الاجتماعية، والباحثين القادرين على إجراء أبحاث حول القضايا الاجتماعية، مثل الفقر والصحة والتعليم والبيئة، وتطوير حلول مبتكرة يمكن تنفيذها من خلال المؤسسات الاجتماعية.  

تتمثل إحدى الطرق التي يمكن للجامعات من خلالها المساهمة في الابتكار الاجتماعي والمشاريع الاجتماعية في توفير فرص التعليم والتدريب للطلاب المهتمين بممارسة المهن في هذه المجالات. تقدم العديد من الجامعات الآن دورات وبرامج في ريادة الأعمال الاجتماعية والابتكار، فضلاً عن تقديم الدعم والتوجيه للطلاب الذين يرغبون في بدء مشاريعهم الاجتماعية الخاصة. يمكن أن تساعد هذه البرامج الطلاب على تطوير المهارات والمعرفة والشبكات التي يحتاجونها للنجاح في هذا المجال.  بالإضافة إلى ذلك، تعمل الجامعات كحاضنات للمؤسسات الاجتماعية من خلال توفير المساحة المادية والموارد والتوجيه للشركات الناشئة، أو العمل مع المنظمات الأخرى وأصحاب المصلحة في مجتمعاتهم لتطوير وتنفيذ مبادرات الابتكار الاجتماعي والمشاريع الاجتماعية. 

الجامعة في دور المؤسسة الاجتماعية  

تتمتع مؤسسات التعليم العالي، بما في ذلك الجامعات، بفرصة فريدة للإسهام في تطوير المشاريع الاجتماعية والابتكار الاجتماعي، حيث يمكن للجامعات توفير برامج أكاديمية تقدم للطلاب المعرفة والمهارات اللازمة ليصبحوا رواد أعمال اجتماعيين فعالين، بالإضافة إلى فرص البحث التي يمكن أن تساعد في تطوير هذا المجال والنهوض به.   وفقًا لدراسة أجراها مركز Skoll للريادة الاجتماعية، نفذت 77٪ من الجامعات في المملكة المتحدة الآن مبادرات ريادة الأعمال الاجتماعية، مما يدل على الاعتراف المتزايد بأهمية المشاريع الاجتماعية في التعليم العالي. 

يمكن للجامعات، ومن خلال دمج المشاريع الاجتماعية في مناهجها تزويد الطلاب بالمهارات والمعرفة اللازمة لبدء وتنمية الأعمال التجارية وتطوير منتجات وخدمات ونماذج أعمال جديدة يمكن أن تفيد المجتمع والبيئة. من خلال تشجيع الطلاب على استكشاف المشاريع الاجتماعية وتزويدهم بالموارد والدعم الذي يحتاجون إليه لتطوير أفكارهم، يمكن للجامعات المساعدة في دفع التغيير الاجتماعي والبيئي. وهناك الكثير من الجامعات على المستوي المحلى والعالمي التي توجه  الجهود والموارد  لأثراء برامج ريادة الاعمال والابتكار الاجتماعي، ومن الجامعات المتألقة في هذا المجال MIT (معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا) والتي تتميز  بروحها الابتكارية وريادة الأعمال، من خلال MIT D-Lab تعمل الجامعة على عدد من المبادرات التي تركز على المشاريع الاجتماعية وريادة الأعمال التي نجحت في إحداث تأثير اجتماعي وبيئي إيجابي من أبرزها مركز Legatum للتنمية وريادة الأعمال والذي يعمل على دعم وتمكين رواد الأعمال الذين يقومون بإنشاء أعمال لديها القدرة على إحداث تأثير اجتماعي وبيئي إيجابي. يوفر الموارد والإرشاد والدعم لأصحاب المشاريع من جميع أنحاء العالم الذين يعملون لمواجهة التحديات الملحة مثل الفقر وعدم المساواة والتدهور البيئي. 

يركز معهد ماساتشوستس للتقنية بشدة على الاستدامة وقد أطلق عددًا من المبادرات التي تهدف إلى تعزيز الممارسات والتقنيات المستدامة. على سبيل المثال، تركز مبادرة MIT للطاقة على تطوير تقنيات الطاقة النظيفة وقد أحرزت تقدمًا كبيرًا في تطوير الطاقة الشمسية وتخزين الطاقة ومصادر الطاقة المتجددة الأخرى. 

بالإضافة إلى ذلك، لدى معهد ماساتشوستس للتقنية عدد من المبادرات التي يقودها الطلاب والتي تركز على المشاريع الاجتماعية وريادة الأعمال. على سبيل المثال ، يوفر برنامج MIT Global Startup Labs التدريب والدعم لأصحاب المشاريع الشباب في الأسواق الناشئة. نجح البرنامج في مساعدة الطلاب على إطلاق مشاريع اجتماعية في مجالات مثل الرعاية الصحية والتعليم والزراعة. 

بشكل عام ينظر صانعو السياسات في جميع أنحاء العالم إلى الجامعات على أنها جهات فاعلة مركزية في الابتكار والتطوير الإقليمي. يمكن للجامعات أن تلعب أدوارًا مباشرة وغير مباشرة في التنمية الإقليمية وتطوير استراتيجية إقليمية والعمل مباشرة مع الحكومة وصانعي السياسات. إنهم يحلون المشاكل الاجتماعية والاقتصادية الإقليمية، ويعززون الابتكارات من خلال المشاريع أو البحث أو العمل كقناة لنشر الأبحاث التي يمكن ترجمتها إلى منتجات وخدمات. وبالتالي، يمكن لمؤسسات التعليم العالي أن تؤثر على الرفاهية الاقتصادية وتعزيز الابتكارات في المنطقة. 

 

Topics: ميلتون فريدمان, ريادة الأعمال, الاقتصاد الابتكاري, المشاريع الاجتماعية, social enterprise, الابتكار الاجتماعي, MIT D-Lab