هل تساءلت يومًا كيف تجعل طلابك يفكرون أكثر في ما يتعلمونه و كيف يتعلمون؟ هل أحد أهدافك التعليمية هو جعل الطلاب يتعمقون في موضوع معين خلال الدورة التدريبية؟ وإذا كان الأمر كذلك ، قد تكون المحافظ الإلكترونية هي ما تبحث عنه. ترى المنظمة الأمريكية للتعليم العالي( The American Association of Higher Education AAHE) أن ملف الإنجاز الإلكتروني يستخدم كأداة لتحسين التدريس في كليات التربية والجامعات ، وأصبح شرطاً من شروط الحصول على رخصة لممارسة مهنة التدريس.. كما تشير دراسة صدرت عن الرابطة الأمريكية للكليات والجامعات بعنوان: الأمر يتطلب أكثر من تخصص: أولويات صاحب العمل في التعلم الجامعي ونجاح الطلاب" إلى أن "أكثر من 4 من كل 5 من أرباب العمل يقولون إن الحافظة الإلكترونية ستكون مفيدة لهم في ضمان حصول المتقدمين للوظائف على المعرفة والمهارات التي يحتاجونها للنجاح في شركتهم أو مؤسستهم ". كما يرى مجموعة من قادة الشركات والصناعة والمجتمع والأكاديميين أن المحفظة الإلكترونية توفر جميع الفرص المناسبة للطلاب لتطوير المهارات اللينة و تسويق أنفسهم لأي صناعة.
ما هي المحافظ الإلكترونية؟
ترجع بدايات استخدام المحفظة الالكترونية إلى الفنانين ، والذين استخدموا هذه التقنية لجمع أفضل أعمالهم لعرضها فيما بعد ، وللتعبير عن أدائهم ومستواهم ، هنا من المهم أن نلاحظ أن ملف الفنان يشمل دوما أفضل أعماله، ثم توالى ظهور مفهوم المحفظة الالكترونية في مجالات عديد، إلى أن ظهر في مجال التعليم، حيث كان أول ظهور له في أواخر ثمانينات من القرن الماضي . وقد عرفت ويكيبيديا، الموسوعة الحرة المحفظة الالكترونية أو ال إي بورتفوليو (e-portfolio)، بأنها هي عبارة عن مجموعة من أدلة إلكترونية التي يتم جمعها وإدارتها من قبل المستخدم على شبكة الانترنت. وقد تتضمن هذه الأدلة الإلكترونية نص تم إدخاله، وملفات إلكترونية، وصور ووسائط متعددة و مقالات مدونات، وروابط انترنت. تظهر المحفظة الإلكترونية قدرات المستخدم كما تستعمل كمنبر للتعبير عن الذات. وهناك من عرف المحافظ الإلكترونية على أنها "مساحات تعلم شخصية".
ببساطة المحفظة الإلكترونية هي مجموعة من المواد التي توثق إنجازات الطلاب. على عكس الحافظة "التناظرية" ، يسمح العنصر الرقمي بإدراج وسائط مختلفة (الفيديو ، الصوت ، الرسوم البيانية ، إلخ) ، وبالتالي تزويد الطلاب بوسائل التعبير المختلفة بالإضافة إلى إمكانية توصيل الموارد والأفكار بسهولة.
مميزات ملف الإنجاز الالكتروني
الكثير من الجامعات وكليات التربية والمدارس تستخدم الملف الإلكتروني كأداة لتقويم التدريس، حتى أنه أصبح عنصراً رئيسياً ضمن الخطوات التي تستخدمها الهيئة الدولية لمعايير مهنة التدريس. وأهم ما يميز ملف الإنجاز الإلكتروني الانتقائية والتأمل، فهو يتطلب من الطالب أو المعلم أن يكون انتقائياً في اختيار وثائقه مركزاً على النوع لا على الكم ، كما يتطلب منه تبني أسلوب التفكير التأملي الذي يعكس أرائه الخاصة فيما مر به من تجارب وخبرات كي يطور من أدائه .
بالنسبة للمعلمين تعتبر المحافظ الإلكترونية أدوات تقييم تكوينية في غاية المثالية، مقارنة بالمقالات أو الاختبارات، فهي تخدم غرضاً تقييمياً وتنمويًا. ومع ذلك ، يحتاج المعلم إلى تحقيق توازن بين المهام المطلوبة منه ومدى تحقيقها لنتائج محددة ونموذج تقييم واضح ، هذا بالإضافة إلى تزويد الطلاب بالحرية والمرونة للتعبير عن أنفسهم. كما يحتاجون أيضًا إل النظر في كم الإرشادات التي يقدمونها باستمرار حتى لا تمس ملكية الطلاب.
لماذا تستخدم المحافظ الإلكترونية؟
تعد المحفظة الإلكترونية e-Portfolio أداة تعليمية متعددة الاستخدامات يمكن استخدامها في مجموعة متنوعة من المهام، مع التركيز على التعلم الذاتي ، أو بناء المعرفة التعاونية ، أو مزيج من الاثنين معًا. هناك العديد من الأسباب التي تجعل من المحافظ الإلكترونية أداة تعليمية فعالة للغاية:
-
تتيح المحافظ الإلكترونية تعليماً أكثر عمقاً وأكثر تكاملاً. حيث يقوم الطلاب ببناء الاتصالات، والتفكير، وتحليل الأفكار والمفاهيم ونقلها ؛
-
تزود المحافظ الإلكترونية الطلاب بمساحة تعلم شخصية مع تمكين المعلمين أيضًا من متابعة أعمال الطلاب وتعزيز المعرفة وبناء المهارات وتقييمها ؛
-
تقدم المحافظ الإلكترونية طريقة أصيلة وأكثر تخصصاً لتقييم تحقيق الطلاب لنتائج التعلم، مقارنة بالاختبارات القصيرة والامتحانات، لا سيما في المهام المصممة لتسهيل التفكير العالي المستوى.
هذا وتُسهِّل الحافظات الإلكترونية أشكالًا مختلفة من التغذية الراجعة لكل من المعلمين والأقران، مما يشكل دعمًا معرفيًا واجتماعيًا. ونظرًا لأن الحافظة الإلكترونية توثق عملية التعلم ، فإن المعلم سوف يكون قادراً على تقديم الملاحظات في مراحل مختلفة من المهمة التعليمية ، والتعليق مباشرة على تقدم الطلاب.
المحفظة الإلكترونية كأداة للتعلم التكاملي
يشير "التعلم التكاملي" إلى فكرة إقامة روابط هادفة بين المفاهيم والخبرات والقدرة على تطبيقها في المواقف والتحديات الجديدة. يمكن لنشاط الحافظة الإلكترونية التقاط وتوثيق تعلم الطلاب بما يتجاوز المنتج النهائي ، سواء كان ذلك في مقال أو اختبار أو عرض تقديمي. يمنح هذا المعلمين الفرصة لاكتساب رؤى أعمق للمتعلمين كأشخاص والتواصل معهم على مستوى مختلف ، مما يضيف المصداقية ويثري تجربة التعلم الشاملة. من خلال تسهيل هذه الزوايا المختلفة لعملية التعلم ، تكون الحافظة الإلكترونية ذات قيمة كعملية (كيف يتعلم المرء) وكنتيجة (ما يتعلمه المرء).
المحفظة الإلكترونية كمساحة للتعلم المستقل
توفر المحفظة الإلكترونية مساحة للتعلم المنظم ذاتيًا ، حيث يكون الطلاب مسؤولين عن متى وأين وكيف يتعلمون. هذا لا يأتي بدون تحديات ، لأنه يتطلب الانضباط الذاتي والشعور المستمر بالهدف. ولكن في نهاية المطاف ، فإن وجود مثل هذه البيئة ، حيث يمتلك الطلاب ملكية التعلم الخاص بهم ، يعد هذا الأمر ذو قيمة جوهرية لعملية التطوير الذاتي الخاصة بهم.
نظرية التعلم التي تقود المحافظ الإلكترونية
تعد المحافظ الإلكترونية وسيلة لتوليد التعلم لأنها توفر فرصة ومساحة افتراضية للطلاب لتقييم عملهم الأكاديمي بشكل نقدي ، والتفكير في هذا العمل ، وإقامة روابط بين الدورات والواجبات والأنشطة الأخرى المختلفة ، مثل خبرة العمل والأنشطة اللامنهجية وفرص التطوع . تندرج المحافظ الإلكترونية ضمن نظرية التعلم المعروفة باسم البنائية الاجتماعية ، والتي ترى أن التعلم يحدث بشكل أكثر فاعلية عندما يقوم الطلاب ببناء أنظمة المعرفة لأنفسهم ، بدلاً من مجرد تقديم المعلومات. كذلك ترى النظرية البنائية الاجتماعية أن هناك محددًا آخر للتعلم الفعال، و هو أنه يحدث في سياق اجتماعي - أي أننا نبني معرفتنا من خلال الحوار والتفاعل مع الآخرين. مع e-Portfolios ، تنشأ عملية التفكير كنشاط منفرد ، ولكنها تصبح اجتماعية من خلال حلقة التغذية الراجعة ، حيث يستجيب معلم الطالب وأقرانه وموجهوه وحتى أفراد أسرته ويقدمون تعليقات عليها. إن إنشاء محفظة إلكترونية ثم مشاركتها مع الآخرين يشبه إلى حد ما سرد قصة: قصة رحلة التعلم للفرد.
المحافظ الإلكترونية وأنظمة إدارة التعلم: مزيج جديد للتعلم التكاملي
في السنوات الأخيرة، لعب التعليم الإلكتروني دورًا مهمًا في المدارس والجامعات، مما ساهم في ظهور العديد من الأنشطة التعليمية عبر الانترنت . أنظمة إدارة التعلم (LMS) هي أنظمة متخصصة تم تطويرها لإدارة هذه الأنشطة التعليمية ، والتي تشمل توزيع المحتوى التعليمي والتواصل المتزامن وغير المتزامن مع الطلاب وتقييم مهارات الطلاب بناءً على المهام والاختبارات. تعتبر منصة مداد السحابية مثالاً لأنظمة إدارة التعلم المتكاملة، حيث تمكن الجامعات والكليات ومؤسسات التعليم العالي بمختلف أحجامها من مواءمة إجراءاتها الأكاديمية والإدارية مع أحدث التقنيات، وتساعدها في تنفيذ رحلة التحول الرقمي. وفي هذا الإطار ومن أجل ضمان توفير تجربة تعليمية إيجابية.
يجب أن يتكامل نظام إدارة التعلم بشكل فعال مع الأنظمة المتخصصة الأخرى الموجودة عادةً في بيئة تعليمية مثل مستودعات الكائنات التعليمية أو أنظمة المحفظة الإلكترونية . ومن اللافت للنظر أن استخدام الحافظات الإلكترونية قد تطور خلال العقد الماضي من حيث استخدامها في التعليم العالي.
ففي وقت مبكر من تطويرها، تم استخدام المحفظة الإلكترونية كآليات تخزين إلكترونية لعينات عمل الطلاب والصور والمشاريع. الآن مع العدد المتزايد لمنصات المحفظة الإلكترونية والبرامج المتاحة ، لا يتمكن الطلاب فقط من إنشاء محافظ إلكترونية شخصية قياسية لدوراتهم وبرامجهم ولكن يمكنهم أيضًا إنشاء المنتجات المهنية التي تسمح بالعلامات التجارية الشخصية لعينات عملهم وخبراتهم التعليمية والمهنية. وفي هذا السياق، شجعت رابطة الكليات والجامعات الأمريكية (AACU) على استخدام المحافظ الإلكترونية في التعليم العالي والإشارة إلى قدرتها على "السماح لأعضاء هيئة التدريس والمهنيين التربويين الآخرين بمساعدة الطلاب على تنظيم تعلمهم ؛ الحفاظ على تنوع الأشكال التي يتم التعلم من خلالها ؛ والتفكير في تعلمهم. كما أنها تمكن من تقييم مستوى الإتقان لمجموعة واسعة من نتائج التعلم الأساسية. وفقًا لـ JISC يكمن الدافع الرئيسي لدمج نظام ePortfolio في LMS في استخدامه كأداة تقييم، حيث تساهم المحافظ الإلكترونية في:
(أ) تحسين فهم الذات وفهم المناهج الدراسية ؛
(ب) إشراك الطلاب وتحفيزهم ، بشكل فردي وكجزء من مجتمع الممارسة ؛
(ج) إضفاء الطابع الشخصي على التعلم ؛
(د) دعم نماذج التعلم المناسبة لـلعصر الرقمي
(هـ) تعزيز الممارسة التأملية.
يتم مشاركة هذه المساهمات من قبل الطلاب والمعلمين وأولياء الأمور والإداريين. بالنسبة للطلاب ، فإنه يظهر إنجازاتهم ويشجعهم على تحمل مسؤولية عملهم. بالنسبة للمعلمين ، يوفر إطارًا لتنظيم عمل الطلاب ويسهل معلومات الطلاب للتقييم واتخاذ القرار. بالنسبة للآباء ، يقدم نظرة ثاقبة لما يفعله أولادهم خلال رحلة تعلمهم. بالنسبة للمسؤولين ، فإنه يوفر أدلة على ما أنجزه الطلاب.
باختصار ، تُمكّن الحافظة الإلكترونية الطلاب من إنشاء مجموعة منظمة من المعارف والمهارات والكفايات ، وتسمح للمتعلمين بتتبع تطور تفكيرهم وتعلمهم خلال رحلتهم التعليمية وإظهار تلك الكفايات لكل من المعلمين وأصحاب العمل.