library management & Higher Education blog Naseej Academy Naseej Academy Send Mail

عن مدونة نسيج

تهدف مدونة نسيج الى توفير مساحات تشاركيه تتسع لكل المتخصصين والمهتمين بكل ما هو جديد في مجال المكتبات والتعليم العالي والتعلم عن بعد وتقنيات المعلومات والاتصالات وتقنيات الأرشفة وحلول المعرفة المتقدمة في التعليم العالي، المكتبات، ومراكز الأبحاث.

سجل بريدك الالكتروني هنـا لتصلك أحدث التدوينات

أكاديمية نسـيج على الفيسبوك 
 
 

مقــالات حديثة

ما وراء التصنيفات: دراسة في العوامل المؤثرة في زيادة رضا الطلبة

نُـشر بواسطة هيام حايك on 25/03/2025 11:52:51 ص

مع تصاعد التنافس بين مؤسسات التعليم العالي حول العالم، لم يعد التفوق الأكاديمي أو السمعة العالمية كافيين وحدهما لجذب الطلبة واستبقائهم. بل أصبح فهم ما يجعل تجربة الطالب متميزة ومرضية ضرورة استراتيجية لأي جامعة تسعى نحو التميز والاستدامة. في هذا السياق، يُعد رضى الطلبة مؤشرًا حاسمًا يعكس جودة الخدمات التعليمية والداعمة التي تقدمها المؤسسة، ويؤثر بشكل مباشر في سمعتها ومخرجاتها الأكاديمية. يستند هذا المقال إلى سلسلة من الأبحاث الصادرة خلال عامي 2024 و2025، لاستعراض وتحليل العوامل الأساسية التي تؤثر في مستوى رضى الطلبة. ويهدف هذا التحليل إلى تقديم فهم معمّق لهذه العوامل، بما يسهم في تحسين السياسات الجامعية وتطوير بيئات تعليمية أكثر شمولًا وتجاوبًا مع احتياجات الطلبة المتغيرة.

العوامل المؤثرة في رضا الطلبة – قراءة تحليلية في ضوء الدراسات الحديثة

لا يقتصر فهم تجربة الطالب الجامعية على نتائج المسوح الميدانية فحسب، بل يستند أيضًا إلى كمّ واسع من الأدبيات والدراسات الأكاديمية التي تناولت مفهوم رضى الطلبة من زوايا متعددة، سواء تربوية أو نفسية أو اجتماعية. وقد أظهرت هذه الدراسات أن تجربة الطالب تتشكل من تفاعل عدة عناصر متشابكة تؤثر في مدى شعوره بالرضى، سواء على مستوى الخدمات، أو البيئة التعليمية، أو العلاقات داخل الحرم الجامعي.

وفيما يلي تحليل لأبرز هذه العوامل، استنادًا إلى دراسات عالمية نُشرت مؤخرًا:

1- جودة العلاقة مع أعضاء هيئة التدريس

تُعد العلاقة بين الطالب وأعضاء هيئة التدريس من الركائز الأساسية في تشكيل تجربة التعليم العالي، حيث اكدت دراسة منشورة في مجلة Higher Education Research & Development (2024) أن جودة هذه العلاقة – خاصة فيما يتعلق بالتفاعل المباشر، والاحترام المتبادل، وسرعة تقديم التغذية الراجعة – لها أثر مباشر ومعمق على مستوى رضا الطالب العام. كما أشارت الدراسة إلى أن الطلبة الذين يشعرون أن أساتذتهم متاحون، داعمون، ويأخذون استفساراتهم بجدية، يطوّرون ارتباطًا أقوى بالجامعة، ويُظهرون التزامًا أكاديميًا أعلى. كما أظهرت النتائج أن التفاعل الإنساني – مثل تشجيع الأساتذة للطلبة، أو التعاطف مع التحديات التي يواجهونها – يعزز من شعور الطالب بالانتماء، وهو شعور جوهري في تكوين تجربة جامعية إيجابية ومستقرة.

في المقابل، أشارت الدراسة إلى أن العلاقة الفاترة أو الرسمية المفرطة، وغياب قنوات التواصل الواضحة مع أعضاء الهيئة التدريسية، غالبًا ما تؤدي إلى شعور بالعزلة وعدم التقدير، وهو ما ينعكس سلبًا على تقييم الطالب لتجربته.

2-  مرونة المناهج والخيارات الأكاديمية

وفقًا لدراسة حديثة نُشرت في International Journal of Educational Management (2025)، فإن الطلبة يُظهرون مستويات أعلى من الرضى عندما تُتاح لهم حرية الاختيار بين مجموعة متنوعة من المساقات، إلى جانب تعددية في أساليب التقييم، مثل المشاريع الفردية، والعروض التقديمية، والاختبارات المفتوحة، والتقييمات المستمرة.

تؤكد الدراسة أن هذه المرونة الأكاديمية تمنح الطالب شعورًا بالسيطرة على مساره التعليمي، مما يعزز من حماسه للتعلم ويُقلّل من التوتر المرتبط بالتقييم التقليدي الصارم. كما أن تنوع المحتوى والمسارات يُسهم في استيعاب الفروقات الفردية بين الطلبة، سواء من حيث أنماط التعلم أو الخلفيات الأكاديمية. كما وأظهرت نتائج الدراسة أن الطلبة الذين تمكنوا من تصميم مسار تعليمي يتناسب مع اهتماماتهم وطموحاتهم المهنية كانوا أكثر تفاعلًا مع المادة العلمية وأكثر رضى عن الجامعة ككل. كذلك، فإن هذه المرونة تُعد عاملاً مشجعًا للطلبة ذوي الاحتياجات الخاصة، أو أولئك الذين يوازنون بين الدراسة والعمل، حيث تتيح لهم فرصًا أفضل لتنظيم وقتهم وتحقيق التوازن بين الحياة الأكاديمية والشخصية.

عدد من الجامعات في أوروبا وأستراليا طبقت أنظمة "الاختيار الحر"، حيث يستطيع الطالب اختيار جزء من المقررات خارج تخصصه، بما يوسع آفاقه المعرفية ويمنحه فرصة لتطوير مهارات متعددة التخصصات. هذا النموذج أثبت نجاحه في تعزيز الإقبال على المساقات وتحقيق معدلات أعلى في مؤشرات الرضا من جانب الطلبة.

3- الدعم النفسي و رفاهية الطلبة

في تقرير شامل صادر عن NASPA – Student Affairs Administrators in Higher Education (2024)، تبيّن أن توافر خدمات دعم الصحة النفسية والإرشاد النفسي داخل الجامعات يُعد من العوامل الحاسمة في تعزيز شعور الطلبة بالأمان النفسي والاستقرار العاطفي، لا سيما في ظل التحديات المتزايدة التي تواجه طلبة اليوم، مثل القلق العام، الضغط الدراسي، عدم اليقين بشأن المستقبل المهني، والعزلة الاجتماعية.

يشير التقرير إلى أن الطلبة باتوا أكثر وعيًا بحقوقهم في الوصول إلى خدمات الصحة النفسية، وأكثر مطالبةً بوجود دعم فعّال وسهل الوصول إليه، سواء من خلال جلسات إرشاد فردية، أو منصات رقمية، أو برامج وقائية. وقد بيّنت البيانات أن المؤسسات التي استثمرت بجدية في تطوير وحدات الإرشاد النفسي وتدريب كوادر مختصة، شهدت تحسّنًا ملحوظًا في مؤشرات رضا الطلبة مقارنة بغيرها.

كما أظهرت الدراسة أن العلاقة بين الصحة النفسية والرضى الطلبة لم تعد علاقة غير مباشرة، بل أصبحت أحد أقوى المؤشرات ارتباطًا بتجربة الطالب الجامعية في السنوات الأخيرة، خصوصًا بعد جائحة كوفيد-19 وما تبعها من اضطرابات نفسية واجتماعية.

اللافت أن بعض الجامعات الرائدة بدأت باعتماد نماذج تراعي رفاهية الطالب، تجمع بين الدعم النفسي، وخدمات الصحة العامة، والتثقيف الذاتي، بل وتُدمج هذا الجانب في سياسات المؤسسة التعليمية كجزء من "تجربة الطالب الكاملة". ومن الأمثلة على ذلك، برامج "الرفاهية الشاملة" في عدد من الجامعات الأمريكية والكندية، التي تجمع بين الدعم النفسي التقليدي وخدمات اليوغا، وتطبيقات التأمل، والتوجيه الذاتي، مما يعزز من قدرة الطالب على التكيّف والنجاح.

4- الانتماء الاجتماعي والتفاعل مع الأقران

تُشير دراسة منشورة في Journal of College Student Development (2024) إلى أن شعور الطالب بالانتماء الاجتماعي داخل الحرم الجامعي يُعد من العوامل الجوهرية في تعزيز رضاه عن التجربة الجامعية بشكل عام. ويظهر هذا الانتماء من خلال انخراط الطالب في أنشطة الحياة الطلابية، مثل الأندية الأكاديمية والثقافية، والمبادرات التطوعية، والمجموعات الطلابية، والفعاليات الاجتماعية، إضافة إلى التفاعل اليومي غير الرسمي مع الزملاء داخل وخارج القاعات الدراسية.

وجدت الدراسة أن الطلبة الذين يشعرون بأنهم جزء من مجتمع جامعي داعم، يُظهرون مستويات أعلى من التحفيز الذاتي، والراحة النفسية، والالتزام الأكاديمي، مقارنة بمن يفتقدون هذا الشعور. كما أن هذا الانتماء يلعب دورًا حاسمًا في تقليل الشعور بالعزلة، والقلق الاجتماعي، والتردد في طلب المساعدة، وهي مشكلات شائعة بين الطلبة الجدد والدوليين على وجه الخصوص.

وتبرز أهمية التفاعل الاجتماعي أكثر في البيئات الجامعية الكبيرة، حيث يكون من السهل أن يشعر الطالب بالتهميش أو "الذوبان" في زحمة الأعداد، إذا لم تُوفر له فرص واقعية للتواصل والمشاركة. ولهذا، تبادر العديد من الجامعات حاليًا إلى تصميم استراتيجيات واضحة لتعزيز الاندماج، مثل "أسابيع التهيئة"، أو "برامج التوجيه الجماعي"، أو "أنظمة التوجيه بالأقران"، بهدف بناء جسور تواصل منذ اليوم الأول في حياة الطالب الجامعية.

وقد أظهرت تجارب من جامعات أوروبية أن الطلبة الذين شاركوا في برامج تطوع جامعية أو أنشطة طلابية تعاونية سجّلوا معدلات أعلى في مؤشرات الرضى والانتماء والاستقرار النفسي، كما كانوا أكثر استعدادًا للمساهمة في بيئة الجامعة والتفاعل معها على المدى الطويل.

5-  الاستعداد لسوق العمل وتطوير المهارات

وفقًا لدراسة حديثة أجرتها QS Insights Lab (2024)، فإن الجامعات التي تدمج مسارات واضحة لتطوير المهارات العملية والمهنية داخل برامجها الأكاديمية تُسجل معدلات أعلى من رضا الطلبة، مقارنة بتلك التي تركز فقط على الجوانب النظرية.

أظهرت الدراسة أن الطلبة الذين يشعرون بأن تعليمهم ينعكس بشكل مباشر على فرصهم المهنية المستقبلية، يُبدون ارتباطًا أكبر بمؤسساتهم، واندماجًا أعلى في العملية التعليمية، بالإضافة إلى شعور أقوى بالتحفيز والاستقرار. كما أشار التقرير إلى أن أهم المهارات التي يبحث عنها الطلبة ضمن البرامج الجامعية تشمل: مهارات التواصل، التفكير النقدي، العمل الجماعي، ريادة الأعمال، استخدام الأدوات الرقمية، والتفكير التحليلي.

الجامعات التي حققت نتائج عالية في مؤشرات الرضى المهني كانت تلك التي تقدم برامج تدريب عملي (Internships)، وشراكات مع القطاع الخاص، ومراكز توظيف نشطة، وورش عمل لتعزيز الجاهزية لسوق العمل. كذلك، أظهرت بعض المؤسسات تقدمًا ملحوظًا عند إدماج مسارات "التعليم القائم على المشاريع" (Project-Based Learning) التي تتيح للطلبة حل مشكلات واقعية ضمن بيئات تحاكي العمل المهني.

من الأمثلة اللافتة، تجربة بعض الجامعات الآسيوية التي قامت بإنشاء "مراكز ابتكار وريادة" داخل الحرم الجامعي، حيث يُمكن للطلبة تطوير أفكارهم وتحويلها إلى مشاريع ريادية فعلية بدعم أكاديمي وتقني. هذه البيئة الديناميكية ساهمت في تعزيز ثقة الطلبة بأنفسهم، وشعورهم بأنهم لا يتعلمون فقط لأجل الامتحان، بل لأجل مستقبلهم المهني والحياتي.

ومن الملاحظ أن الطلبة في تخصصات العلوم الإنسانية والاجتماعية قد أبدوا مستوى رضا أعلى عندما تم تضمين مهارات قابلة للتطبيق العملي ضمن مقرراتهم، مثل كتابة السيرة الذاتية، بناء المحفظة المهنية (Portfolio)، وإجراء المقابلات الوظيفية.

6- البيئة الرقمية والتحول التكنولوجي

وفقًا لاستطلاع أجرته Digital Education Council – Global AI Student Survey (2024)، عبّر أكثر من 70% من الطلبة عن رضاهم عندما توفرت لهم بيئات تعلم رقمية تفاعلية ومرنة، تجمع بين التعلم الذاتي، والمحاضرات الافتراضية، وأدوات الذكاء الاصطناعي التي تدعم أساليب التعلم الشخصية.

وقد أظهرت الدراسة أن الطلبة لا يبحثون فقط عن توفر التكنولوجيا، بل عن تجربة متكاملة تعزز من التفاعل، وتوفر تغذية راجعة فورية، وتتيح الوصول السلس إلى المحتوى التعليمي. منصات التعليم الذكي، وأنظمة إدارة التعلم (LMS)، واستخدام أدوات الذكاء الاصطناعي للمساعدة في التقييم وتقديم التوصيات الأكاديمية، أصبحت كلها عناصر تؤثر في مستوى الرضا العام عن الجامعة.

كما أشار التقرير إلى أن الجامعات التي استثمرت في تدريب الكادر الأكاديمي على استخدام التقنيات الرقمية بشكل فعّال، قد حققت نتائج أفضل من حيث تفاعل الطلبة ورضاهم، مقارنة بتلك التي اقتصر استخدامها للتكنولوجيا على تحميل المواد الدراسية فقط.

بالإضافة إلى ذلك، فإن الجامعات التي أتاحت خيارات تعليم هجينة أو عن بُعد كانت أكثر قدرة على جذب شرائح واسعة من الطلبة، وخاصة أولئك الذين يواجهون تحديات في التنقل أو لديهم التزامات عائلية أو وظيفية.

المسوح الطلابية: مرآة التعليم الجامعي في العالم العربي

اليوم، أصبحت المسوح الطلابية بمثابة مرآة تعكس واقع التعليم الجامعي في العالم العربي، وتكشف ما قد لا يظهر في المؤشرات الأكاديمية التقليدية. فقد أشار تقرير اليونسكو حول التعليم العالي في الدول العربية إلى أهمية هذه المسوح كأداة محورية لفهم احتياجات الطلبة وتقييم جودة البيئة الجامعية بشكل مستمر. كما أظهرت دراسة "تقييم رضا الطلبة في التعليم العالي: حالة من الشرق الأوسط" أن الجامعات التي تدمج هذه المسوح ضمن سياساتها، تحقق مستويات أعلى من التفاعل والرضا الطلابي.

من جانبه، أشار مجلس العلوم الاجتماعية العربي إلى ضرورة تطوير نظام تقييم طلابي يتماشى مع الخصوصية الثقافية والتعليمية للمنطقة، بما في ذلك مراعاة اللغة، وتجاوز الحواجز النفسية التي قد تحدّ من التعبير الحر والصادق.

ورغم التحديات المتمثلة في ضعف ثقافة النقد، ومحدودية استخدام البيانات، إلا أن الفرص لا تزال واعدة. فالمسوح الطلابية تمنح الجامعات القدرة على الاستماع لطلبتها، رصد الفجوات، وإعادة تشكيل السياسات الأكاديمية والخدمات وفقًا لاحتياجات حقيقية على الأرض.

وفي هذا السياق، تمتلك "نسيج للتقنية"، بخبرتها الممتدة في التحول الرقمي في مؤسسات التعليم العالي، القدرة على دعم الجامعات العربية في تصميم وتنفيذ أدوات تقييم ذكية وديناميكية، تساعدها على فهم أفضل لتجربة الطالب، وتحليل البيانات بفعالية، واتخاذ قرارات مستنيرة تضع الطالب في قلب العملية التعليمية. ومع وجود خبراء متخصصين في تصميم المسوح وتحليل نتائجها، يمكن لنسيج أن تكون شريكًا استراتيجيًا في رحلة التطوير الجامعي المستدام.

Topics: استطلاعات الطلاب, المسوح التعليمية, قياس درجة رضا الطلبة, استطلاع رضا الطلاب