هل نستطيع القول أن الاهتمام بالتعلم الإلكتروني وصل مرحلة الهوس؟! وخاصة بعد إطلاق موقعي Udacity وCoursera، وهما الشركتان الرائدتان في تقديم التعليم المجاني من خلال المقررات التعليمية المفتوحة على شبكة الإنترنت، والتي باتت تعرف باسم MOOCs، فشركة Udacity التي تعمل مع شركات أخرى لتدريب الموظفين الحاليين والمستقبليين، تمتلك روابط مع العديد من الشركات، بما في ذلك جوجل. وقد قامت مؤخراً بتأسيس شراكة مع شركة AT & T، جنبا إلى جنب مع معهد جورجيا للتكنولوجيا، لمنح درجة الماجستير في علوم الكمبيوتر.
يعتقد الكثيرون أن هذا النوع من التعليم MOOCs بدأ يهدد الأبراج العاجية للأوساط الأكاديمية. ويري "دوج بيكر"، مدير شركة Silicon Valley أن العديد من الجامعات ستضطر سواء كان برغبتها أو رغما عنها لأن تتماشي مع هذا التعليم وسوف تقدم قريبا اعتمادا لهذه المقررات، وتمنح شهادات لأولئك الذين أكملوا دورات MOOCs .
.
ماذا يعني مصطلح MOOCs؟
يشير العديد من التربويين على أن الانفتاح والمشاركة هما السمتان الأبرز للتعليم في العصر الحديث. فالتعليم هو عملية مشاركة للمعرفة وليس استحواذاً لها أو التكتم عليها، كما أن كل طالب مجتهد ومتحمل للمسئولية يجب أن تتاح له فرصة للحصول على تعليم جيد. من هنا تنطلق فلسفة MOOC و هي اختصار لـ Massive Open Online Courses والتي تعني الدورات المفتوحة واسعة النطاق على الإنترنت (MOOCs) ، وهي بمعنى آخر تعلم الذي ترغبه وفي الوقت والمكان الذي يناسبك وجميع ذلك بالمجان.
تقدم هذه المقررات فرصة ذهبية للطلاب عبر العالم لمتابعة الدروس المقترحة من كبرى الجامعات العالمية مجانا. في عام 2008 كان أول ظهور رسمي لهذه المصطلح، ويرجع الفضل لظهور هذا المصطلح إلى "ديف كورمييه" (Dave Cormier )، مدير الاتصالات و الإنترنت في جامعة جزيرة "الأمير إدوارد"، وذلك وصف به المقرر الدراسي الذي قدمه "جورج سيمنز" و "ستيفن داونز" وحمل عنوان: الترابطية والمعرفة المترابطة (Connectivism and Connective Knowledge) حيث التحق به 25 طالبا نظاميا من جامعة "منيتوبا" وأكثر من 2200 طالبا آخر التحقوا به عبر الشبكة مجانا. من أشهر المواقع التي تقدم مقررات التعلم عبر الانترنت EdX ، Coursera ، Udacity ، Saylor ، Udemy، MIT Free Courses، Duke Free Courses ،Harvard Free Courses ،Yale Free Courses..
الدورات المفتوحة واسعة النطاق على الإنترنت (MOOCs): قضايا قانونية
العديد من القضايا القانونية والأخلاقية في أنظمة MOOCs لازالت تقع في المنطقة الرمادية و لا تزال دون حل. كما أن بعض القوانين واللوائح التي تتعلق في بيئات MOOC غير واضحة أيضا، فالمقررات الدراسية يتم بثها في جميع أنحاء العالم، من أجل الربح، إلى مؤسسات ومستهلكين وطلاب، في بلدان تختلف فيها القوانين واللوائح. إنه عالم جديد كليا من المسؤولية المؤسسية المحتملة.
استراتيجيات للبدء في MOOCs
قبل البدء في اعتماد الدورات المفتوحة واسعة النطاق على الإنترنت MOOCs، ينبغي للمؤسسات أن تسعى إلى فهم أكبر عدد ممكن من نواحي الخطر المحتملة. كما ينبغي أن يستوضحوا حقوق ومسؤوليات جميع الأطراف المعنية، ووضع الاستراتيجيات والسياسات الخاصة بنظام MOOCs، والتأكد من أن جميع أعضاء هيئة التدريس المشاركين على استعداد للمشاركة في عملية التطوير.
نستعرض هنا تجربة Madelyn Wessel المستشار العام في جامعة فرجينيا، والتي تتمتع بخبرة و ممارسة واسعة لنظام MOOCs بما في ذلك قانون الملكية الفكرية، وقانون حرية المعلومات، والتكنولوجيا، والمكتبات، والشؤون الطلابية والحقوق المدنية. تعتبر هذه التجربة بمثابة ثروة من التوصيات والمحاذير للمؤسسات التي تدرس مبادرة MOOCs.
تري "مادلين" أن التفكير في البدء للدخول إلى عالم MOOCs يتطلب عيون مفتوحة على مصراعيها. سواء كان التفكير يتعلق بإنتاج أو استهلاك MOOCs، فأنت تريد الحصول على مؤشر شامل يكون بمثابة خارطة الطريق التي تساعدك على عدم الانحراف عن المسار، مما يعنى أن التخطيط المسبق أمر لا بد منه، مع وجوب التحقق وإدراك ما يلي:
- توضيح أهدافك: يمكن أن تعمل MOOCs على دعم الأهداف المؤسسية المختلفة، مثل تحسين التدريس، وإدرار مصادر جديدة للدخل، أو تحسين العلامة التجارية. من المهم أن تعرف المؤسسة أين ستقودها هذه المبادرة لضمان تحقيق الأهداف المرجوة.
- التحقق من التكاليف الفعلية: لابد للمؤسسة أن تكون على بينة من المبالغ التي ستتكلفها برامج MOOCs فهي ليست رخيصة، فقد تصل التكاليف المباشرة للإنتاج ما يقارب 3.000 دولار في الساعة. كما يمكن أن تصل تكلفة إنتاج الدورات الطويلة إلى ما يقارب 100.000 دولار.
- تحديد استراتيجية MOOCs : من المهم أن تعرف المؤسسة إذا ما كانت ستتجه لاستضافة داخلية أو خارجية؟ وهل ستنتج MOOCs من أجل الربح أو لأهداف غير ربحية؟
- صياغة السياسات المؤسسية لــ MOOCs: على المؤسسة أن لا تفترض أن السياسات الحالية ستكون كافية لتغطية الحالات الفريدة التي سيبرزها تبنى برامجMOOCs . على سبيل المثال، سوف تكون هناك حاجة إلى سياسة جديدة لمعالجة حقوق الملكية الفكرية للمقررات الدراسية التي سينتجها أعضاء هيئة التدريس.
- الرقابة المؤسسية: لابد للمؤسسة أن تثير التساؤلات حول الأشخاص الذين سيقومون بتشغيل مبادرة MOOCs الخاصة بهم والنظر في الضوابط المؤسسية وعلى أي مستوى ستكون السلطة لهؤلاء؟؟؟
.
يمكن التقليل من المخاطر المحتملة والصعوبات القانونية من خلال الممارسات التالية:
- إشراك أعضاء هيئة التدريس في وقت مبكر: اعتماد برامج MOOCs يمكن أن يولد الكثير من سوء الفهم في الجامعات، وخاصة بين أعضاء هيئة التدريس الذين يقومون بإنشاء هذه الدورات. لذا من المهم توليد شراكات بينهم توحد من وجهات النظر المختلفة التي قد تنتج لاحقاً.
- طرح مبادرة MOOCs في إطار تجريبي: قد يكون من الأجدى بدء التجربة مع عدد متواضع من الدورات. ذلك يتيح المجال للوقوف على الفرص والتحديات التي سيبرزها استخدام هذا النوع من البرامج والدورات، وبناءً على ما سينتج يكون القرار. المرحلة التجريبية هي فرصة لفهم أفضل لـ MOOCs.
- الاهتمام باتفاقية ترخيص المستخدم النهائي (End-User License Agreement – EULA): . ينبغي التأكد من أن اتفاقيات ترخيص المستخدم النهائي تهتم بعلاج بيانات المشاركين في الدورة بطرق تتسق مع توقعات ومعايير المؤسسة وأن تكون على يقين من أن EULA تتوافق مع قوانين جميع البلدان التي يتم تقديم الدورات فيها.
- التفاوض مع مقدمي المنصة الخارجية بما يحفظ مرونة المؤسسة: الاحتفاظ بالقدرة على ضبط اتفاقيات وعقود مؤسسات التعليم العالي، هي أمر مهم نظراً للتغيرات المستمرة في هذا القطاع. قد تكون العقود غير الحصرية هي الأفضل. فأنت تريد حقوقك الملكية، مثال على ذلك الاتفاقيات مع الناشرين بخصوص حقوق المحتوى، حقوقك الفكرية المتعلقة بآرائك حول التكنولوجيا المستخدمة في الدورة التدريبية، ومراقبة البيانات.
" عندما نبدأ في عملية التفاوض نحاول توضيح أننا ندخل هذا العقد بمرحلة تجريبية، ويمكننا إنهاء اتفاقنا في أي وقت. إذا ما شعرنا أن هذا العرض لا بلائمنا،،، ذلك يجعلنا في وضع يمكننا من إعادة متابعة المفاوضات أو الانسحاب. Madelyn F. Wessel ".
حقوق الملكية الفكرية لكل من أعضاء هيئة التدريس ومزودي المنصات:
يختلف التعامل مع ملكية هيئة التدريس للمواد المنتجة من مؤسسة لأخري. بعض المؤسسات تعطي الكلية كامل حقوق الملكية لكل ما تنتجه من مواد، بما في ذلك المواد المستخدمة في الدورة، وبعض المؤسسات تمنح الكلية ملكية مقالاتهم العلمية فقط. الاتفاقات الأخرى غائبة، فقانون حق المؤلف هو افتراض قوي لملكية صاحب العمل مهما كانت سياسات حقوق التأليف والنشر الموجودة في المؤسسة، وهذه السياسات تؤثر على توقعات هيئة التدريس فيما يتعلق بالمشاركة في التطوير والحماس للعمل.
والجدير بالذكر أن حقوق الملكية وحقوق الطبع والنشر وحقوق الاستخدام لنفس المادة يمكن أن تحتفظ به أطراف مختلفة. وهذا ينطبق في كثير من الأحيان مع المواد المستخدمة في دورات MOOCs، نظرا إلى أن MOOCs غالبا ما تكون تجميع أعمال لمساهمين متعددين، مما يعني أنه لا توجد مشكلة في أن تكون ملكية حقوق الطبع والنشر بين الأطراف المعنية عندما يكون هناك فهم واضح لطبيعة هذه الحقوق.
مقدمي المنصات عادة لا يسعوا للملكية أو الحقوق الحصرية؛ إنهم لا يريدون سوى توزيع واستخدام الحقوق. ومع ذلك، فقد يتسبب تتطور نماذج بعض الأعمال بمطالبة المزيد من الحقوق من المؤسسات، بما في ذلك إعادة التوزيع، والاعتماد وحقوق إعادة البيع، وقد يحاول البعض الحصول على حقوق النصوص والمواد التدريبية. تحتاج هذه القضية إلى المناقشة والاتفاق عليها من قبل المؤسسة وأعضاء هيئة التدريس، ومزودي المنصات. كما أنه لايزال استخدام طرف ثالث ما بين الزبون والبائع لحقوق الملكية الفكرية للمحتوى، ولا تزال القضايا القانونية المتعلقة بهذا الاستخدام ضبابية.
هناك بعض القضايا التي يجب على المؤسسات بحثها ومناقشتها مثل:
- القيود المختلفة لحقوق الطبع والنشر والتي قد تنطبق على مواد دراسية مختلفة، فمحتوي المواد المسموعة والقابلة للعرض، والتحميل تخضع لقانون حق المؤلف. أعضاء هيئة التدريس في حاجة إلى إدراك أنهم لا يستطيعون استخدام هذه المواد المحمية من قبل طرف ثالث و بموجب حق المؤلف بحرية على الإنترنت كما هو الحال في صفوفهم.
- يجب على مقدمي دورات MOOCs التعامل مع المؤسسات كناشر وبموجب التراخيص اللازمة أو أذون استخدام طرف ثالث للمحتوى.
- الفجوة المعرفية لحقوق المؤلف التي تتعلق بأنشطة التعليم والتعلم التي تتم في بيئة MOOCs ، فالاستثناءات في قانون حق المؤلف تسمح بعروض سخية للمواد التعليمية بموجب البند رقم (1) و (2) في المادة رقم 110 من قانون حق المؤلف، وهي تقتصر على المؤسسات التعليمية غير الربحية ولا تنطبق على المؤسسات المقدمة MOOCs الربحية.
- مطوري دوراتMOOC لا يمكنهم التعويل على الاستخدام العادل الذي يحميهم، و الأهم من ذلك أن الاستخدام العادل للمادة 107 من قانون حق المؤلف تنطبق على MOOCs ومع ذلك، تحديد ما يشكل الاستخدام العادل للمواد المحمية من الأمور الصعبة حيث التحديات التي تنشأ في بيئة الإنترنت هي أكثر بكثير مما هو الحال في الحرم الجامعي.
إعداد: هيـام حـايك – كاتبة بمدونة نسيــج