يتغير العالم بشكل أسرع من أي وقت مضى، مدفوعًا بالذكاء الاصطناعي والأتمتة. إنه وقت الأزمة. نحن بحاجة إلى ثورة لإعادة صقل المهارات، وضمان عدم ترك موظفينا وعمالنا فريسة للأتمتة. يسلط استطلاع المنتدى الاقتصادي العالمي الضوء على أن الأتمتة ستغير مليار وظيفة في جميع أنحاء العالم بحلول عام 2030. وهذا يؤكد ضرورة اتخاذ تدابير استباقية من خلال تعزيز التعلم والتطوير. كما تواجه القطاعات التقليدية النزوح إلى أبعاد وسياقات جديدة مع تزايد الطلب على المهارات في التقنيات الناشئة مثل تحليل البيانات، والذكاء الاصطناعي التوليدي، وتطوير البرمجيات.
المثير في الموضوع ، انه لا يوجد أي مكان يتجلى فيه هذا التحول أكثر من منطقة الشرق الأوسط، حيث ينتمي حوالي 80% من السكان إلى جيل الألفية والجيل Z. وذلك حسب التقرير الأخير لشركة ديسبرز «Disprz» والذي أتي بعنوان:"
مشهد التعلم في الشرق الأوسط: الاتجاهات والتحديات والفرص لقادة التعلم والتطوير.
حيث يشير التقرير إلى أن هذه الإحصائية الملفتة تتطلب مبادرات عاجلة لتحسين المهارات وإنشاء اقتصاد قائم على المهارات في منطقة الشرق الأوسط لضمان قدرتها التنافسية العالمية.
وعلى الرغم من أن سوق التعلم والتطوير في الشرق الأوسط يشهد نموًا ديناميكيًا،إلا أنه يواجه أيضًا تحديات هائلة، وحيث أن العالم يتحرك نحو مستقبل تعيد فيه التكنولوجيا تشكيل الصناعات والأدوار الوظيفية، يتوجب على قادة التعلم والتطوير في شركات منطقة الشرق الأوسط التغلب على هذه التعقيدات ببصيرة وابتكار.
يقدم تقرير الصناعة هذا رؤى لا تقدر بثمن حول الاتجاهات والتحديات الحالية التي تشكل مشهد التعلم والتطوير في الشرق الأوسط. فهو يزود قادة التعلم والتطوير باستراتيجيات قابلة للتنفيذ لإحداث ثورة في أساليبهم في التعلم والتطوير، وتمكينهم من البقاء في صدارة وتيرة التغيير التي لا هوادة فيها.
نظرة عامة على سوق التعلم والتطوير في الشرق الأوسط
يشهد سوق التعلم والتطوير في الشرق الأوسط نموًا قويًا، مدفوعًا بـالتقاء التقدم التكنولوجي والمبادرات الحكومية وديناميكيات القوى العاملة المتطورة. ومع حجم من المتوقع أن يصل إلى 9.4 مليار دولار أمريكي بحلول عام 2030 ومعدل نمو سنوي مركب يبلغ 9.5% خلال الفترة 2024-2030، تستعد المنطقة لتحول كبير في التعليم التنفيذي والتدريب المؤسسي (Industry Arc, 2023).
نظرة عامة على الاستثمار في البحث والتطوير في الشرق الأوسط
- تخطط المملكة العربية السعودية لاستثمار 20 مليار دولار أمريكي من الآن وحتى عام 2030 كجزء من التزام الحكومة السعودية بتدريب 40% من القوى العاملة ذات الصلة في مجال البيانات والذكاء الاصطناعي بحلول عام 2030 (فوربس، 2022). وهذا يدل على تفانيهم في تعزيز القوى العاملة الماهرة من أجل التحول الرقمي في البلاد والتنويع الاقتصادي.
-
أبرمت وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات القطرية شراكة مع مايكروسوفت لتنفيذ برنامج وطني لتنمية المهارات يهدف إلى رفع مهارات 50 ألف عامل بحلول عام 2025 (وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات قطر).
أحدث الاتجاهات في سوق التعلم والتطوير في الشرق الأوسط
1. الانتقال من النفط والغاز إلى التكنولوجيا يحفز الطلب على القوى العاملة الماهرة في الشرق الأوسطيتبنى الشرق الأوسط بسرعة الابتكارات الرقمية لتشكيل اقتصاد يركز على المهارات. ومن خلال خطط التنويع الطموحة، تتجه دول مثل البحرين والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة نحو التقنيات المتقدمة لتقليل الاعتماد على النفط والغاز. ويؤكد هذا التحول على الدور المحوري الذي تلعبه المهارات الرقمية في الأجندات الوطنية، مع التركيز بشكل خاص على تعلم القوى العاملة لدفع التحول الاقتصادي. ويتوقع الخبراء أن ينمو سوق تكنولوجيا المعلومات في المنطقة بشكل كبير، ليصل إلى 95 مليار دولار أمريكي بحلول عام 2025، مدفوعًا بسكانها الشباب والمتمرسين في مجال التكنولوجيا والاختراق القوي للإنترنت (المنتدى الاقتصادي العالمي، 2023). ولا تؤدي هذه الزيادة في اعتماد التكنولوجيا إلى تعزيز الإنتاجية عبر القطاعات التقليدية فحسب، بل تعزز أيضًا فرص العمل الجديدة في المجالات الناشئة مثل الذكاء الاصطناعي وعلوم البيانات.
وبينما تستثمر منطقة الشرق الأوسط بكثافة في التكنولوجيا، لا سيما في المملكة العربية السعودية من خلال خطة رؤية 2030، التي تهدف إلى رفع مهارات 40% من القوى العاملة في مجال البيانات الأساسية ومهارات الذكاء الاصطناعي، فإن المنطقة تضع الأساس لقوى عاملة ماهرة رقمياً مهيأة للازدهار في العالم. المشهد المتطور للاقتصاد العالمي.
2. التحول نحو سد فجوة المهاراتبسبب تزايدالأتمتة في الشرق الأوسط، تواجه القوى العاملة تحولاً ملحوظًا ، حيث يتم تشغيل 46% من أنشطة العمل في البحرين والمملكة العربية السعودية عبر أنظمة مؤتمتة بالكامل. وفي ظل هذه الخلفية، تعترف الشركات في الغالب بالشهادات الجامعية باعتبارها المعيار الأعلى لتقييم المهارات، حيث تلتزم أكثر من 60% من الشركات التي شملتها الدراسة بهذا المعيار. ومع ذلك، وإدراكًا للحاجة إلى قوة عاملة مجهزة بالكفاءات الرقمية، فقد ظهر تعاون استراتيجي لسد فجوة المهارات. على سبيل المثال في المملكة العربية السعودية، تهدف الشراكة الرائدة مع شركة IBM إلى تحسين المهارات 100 ألف شاب سعودي على مدى خمس سنوات، بالإضافة إلى إشراك الجهات الحكومية والموظفين في التقنيات الناشئة لتلبية الطلب المتزايد على الخبرة الرقمية. تعكس هذه المبادرة موقفًا استباقيًا تجاه تجارب التعلم الشخصية المصممة خصيصًا لتلبية الاحتياجات المتطورة لسوق العمل. كما وتؤكد هذه المبادرات على أهمية توجيه التحول الرقمي نحو حلول التعلم التكيفية التي تمكن الأفراد وتزودهم بالمهارات اللازمة للنجاح في العصر الرقمي مع المواءمة مع استراتيجيات التنويع الاقتصادي الأوسع في جميع أنحاء المنطقة.
3. التحول نحو ثقافة التعلم المستمر بسبب التركيز على المهارات الرقميةأصبحت الطلاقة الرقمية ومهارات محو الأمية الرقمية في مجال تكنولوجيا المعلومات والاتصالات ضرورية بشكل متزايد للمتعلمين والعاملين في جميع أنحاء الشرق الأوسط. ويؤكد قطاع التعهيد في مصر، الذي يدعم 90 ألف وظيفة مباشرة وينمو بمعدل 7.5% سنويًا، مدعومًا بشكل خاص بالأعمال التجارية من المملكة العربية السعودية والخليج (تقرير المنتدى الاقتصادي العالمي، 2023)، الإمكانات الكبيرة في سوق الوظائف الرقمية. ومن أجل الاستفادة الكاملة من إمكانات القطاع وتلبية متطلبات المهارات المستقبلية، يقوم أصحاب العمل والحكومات بتنفيذ برامج التعلم واكتساب المهارات. وتهدف هذه المبادرات إلى تعزيز مهارات الأجيال الحالية والمستقبلية وتعزيز ثقافة التعلم المستمر.
الدوافع الرئيسية للتغيير في مؤسسات الشرق الأوسط
1- التحول الرقمي والتكنولوجيا المتقدمةتشهد منطقة الشرق الأوسط توجهاً عميقاً نحو التحول الرقمي، مدفوعاً بالتقدم التكنولوجي والتكامل المتزايد للحلول الرقمية عبر الصناعات. ومع التركيز القوي على تكنولوجيا الهاتف المحمول، يُظهر المستهلكون في الشرق الأوسط تفضيلًا واضحًا لتطبيقات الهاتف المحمول كقناة أساسية للمشاركة.
هذا ويشير الواقع،إلى أن تفاعل المستهلك مع التطبيقات في المنطقة يفوق تفاعل الأسواق المتقدمة في أوروبا وأمريكا الشمالية. حيث تظل مواقع الويب هي المهيمنة بنسبة 1.6 مرة (مسح ماكينزي الرقمي، 2023). ولذلك، تستفيد المؤسسات بشكل متزايد من التقنيات مثل الذكاء الاصطناعي، وتحليلات البيانات، والحوسبة السحابية، والأتمتة لتبسيط العمليات، وتعزيز الإنتاجية، وتقديم منتجات وخدمات مبتكرة للعملاء.
إن رقمنة العمليات والخدمات لا تعمل على تحسين الكفاءة فحسب، بل تعزز أيضًا قدرًا أكبر من المرونة والقدرة التنافسية في السوق العالمية، وحيث لم يعد تبني التحول الرقمي خيارًا، بل أصبح ضرورة للمؤسسات في الشرق الأوسط التي تسعى إلى الازدهار في مشهد الأعمال سريع التطور اليوم.
2- متطلبات طرق العمل المرنة والهجينة والجديدةأدت جائحة كوفيد-19 إلى تسريع اعتماد نماذج العمل المرنة والمختلطة في جميع أنحاء الشرق الأوسط، مما يشكل تحديًا للمفاهيم التقليدية للعمل وثقافة المكتب. أصبحت ترتيبات العمل عن بعد وأدوات التعاون الرقمي ومنصات الاتصال الافتراضية مكونات أساسية في مكان العمل الحديث، مما يمكّن الموظفين من العمل من أي مكان مع الحفاظ على الإنتاجية والتعاون.
يفضل 47% من القوى العاملة في الشرق الأوسط أسلوب العمل المختلط (استطلاع برايس ووترهاوس كوبرز، 2023). وتقوم المؤسسات بإعادة تصور مساحات العمل والسياسات والممارسات لتلبية احتياجات الموظفين وتفضيلاتهم المتنوعة، وتعزيز التوازن بين العمل والحياة، وزيادة مشاركة الموظفين ورضاهم.
إن تبني ترتيبات العمل المرنة لا يعزز المرونة التنظيمية فحسب، بل يتيح أيضًا الوصول إلى مجموعة أوسع من المواهب ويعزز ثقافة الثقة والتمكين.
3- تغيير علاقات العمليشهد الشرق الأوسط تحولاً في علاقات العمل، والذي يتميز بظهور منصات الاقتصاد ، والتعاون القائم على المشاريع. تتبنى المؤسسات بشكل متزايد نماذج المواهب الذكية، وتستفيد من مجموعات المواهب المستقلة، وتستفيد من الخبرات الخارجية لتكملة القدرات الداخلية وتلبية احتياجات العمل المتطورة. وجدت دراسة استقصائية لأصحاب العمل في الشرق الأوسط أن 70% منهم خططوا لتوظيف عمال مستقلين في عام 2022 (استطلاع CIPD الشرق الأوسط، 2023).
يوفر هذا التحول نظام بيئي أكثر مرونة للمؤسسات وديناميكية اوسع للقوى العاملة وقابلية أكبر للتوسع وسرعة الحركة وفعالية التكلفة، مما يمكنها من التكيف بسرعة مع تقلبات السوق واغتنام الفرص الناشئة. ومع ذلك، فإنه يطرح أيضًا تحديات فيما يتعلق بإدارة تنوع القوى العاملة، وضمان الامتثال للوائح العمل، والحفاظ على ثقافة تنظيمية متماسكة وسط قوة عاملة مشتتة وعابرة للجغرافيا.
أهم أولويات القوى العاملة للمؤسسات في الشرق الأوسط
- تحسين المهارات وإعادة المهارات والقدرة على بناء المهارات
في الشرق الأوسط، تعطي المؤسسات الأولوية لتطوير القوى العاملة لديها من خلال مبادرات تحسين المهارات وإعادة المهارات والمبادرات المستمرة لبناء المهارات. تدرك القوى العاملة وأصحاب العمل أن تحسين المهارات أمر ضروري لفتح مستقبل العمل ، حيث يرى 36% من الفئة التي شملها المسح أن وظائفهم ستتغير بشكل كبير خلال الخمس سنوات القادمة مما يتطلب منهم اكتساب مهارات وقدرات جديدة. وقد أبلغ 61% من المشاركين عن فهم واضح لكيفية تطوير مهاراتهم. كما وبرزت المهارات القيادية كأولوية قصوى في المنطقة، حيث بلغت نسبة المؤييدين لهذا حوالي 83% ، مقارنة بـ 63% على مستوى العالم. ولذلك، تستثمر المؤسسات في الشرق الأوسط في برامج التدريب وموارد التعلم لتزويد موظفيها بأحدث المهارات والمعارف المطلوبة للتكيف مع الأدوار الوظيفية المتطورة ومتطلبات السوق
2- احتضان الذكاء الاصطناعي لضمان وجود قوى عاملة ماهرة في مجال التكنولوجيامع تزايد انتشار تقنيات الذكاء الاصطناعي والأتمتة، تدرك مؤسسات الشرق الأوسط أهمية تبني الذكاء الاصطناعي والتأكد من أن القوى العاملة لديها تتمتع بالذكاء التكنولوجي. من تعزيز الكفاءة التشغيلية إلى تحفيز الابتكار، يوفر الذكاء الاصطناعي إمكانات هائلة للشركات في مختلف القطاعات.يقول 62% من القادة أن الذكاء الاصطناعي يُستخدم في وظيفة عمل واحدة على الأقل في مؤسساتهم (McKinsey, 2023). ومن خلال دمج الذكاء الاصطناعي في عملياتها وتمكين الموظفين بالمهارات اللازمة، يمكن للمؤسسات البقاء في الطليعة والاستفادة من الفرص الناشئة.
3- إعطاء الأولوية لإنتاجية الموظف والأداء التنظيمي جنبا إلى جنب
ووفقاً لبحث أجرته شركة ماكينزي بين عامي 2021 و2022، كان 45% من الموظفين في الشرق الأوسط يخططون لترك وظائفهم. في حين أن أسباب الاستنزاف قد تختلف، إلا أن البحث يؤكد أيضًا على فكرة مهمة، تتمثل في أن المنظمات التي تعمل على تطوير وإدارة موظفيها بشكل فعال تحصل على ميزة الأداء المستدام. كما تُظهر هذه الشركات الناجحة ثقافة تنظيمية فريدة تشجع تمكين الموظفين، وتعزز الابتكار من القاعدة إلى القمة، وتتحدى الأفراد للنمو مهنيًا.
وإدراكًا لهذا الأمر، فإن مؤسسات الشرق الأوسط تعطي الأولوية بشكل متزايد للتعزيز المتزامن لإنتاجية الموظفين والأداء التنظيمي. ومن خلال الاستفادة من مقاييس الأداء وأدوات التحليلات القوية، يمكن للمؤسسات مراقبة مؤشرات الأداء الرئيسية (KPIs) لقياس المساهمات الفردية والجماعية. يمكّن هذا النهج المبني على البيانات المؤسسات من تحديد مجالات التحسين، وتحسين تخصيص الموارد ومواءمة الأهداف الإستراتيجية مع قدرات الموظفين.
يوضح هذا الطرح الذي يعرضه التقرير ان التحول الرقمي هو السبيل الي البقاء في الطليعة والاستفادة من الفرص الناشئة، وفي نفس الوقت قد يكون ليس بالسهولة التي نتخيلها. لذا قد يكون وجود استشاريون بجانبك خلال رحلة التحول الرقمي هو أمر ضروري، وفي هذا السياق نحن في نسيج نقف على أهبة الاستعداد للدعم والاجابة على تساؤلاتك واستفساراتك من خلال فريق متخصص، يمكنك التواصل معهم.