library management & Higher Education blog Naseej Academy Naseej Academy Send Mail

عن مدونة نسيج

تهدف مدونة نسيج الى توفير مساحات تشاركيه تتسع لكل المتخصصين والمهتمين بكل ما هو جديد في مجال المكتبات والتعليم العالي والتعلم عن بعد وتقنيات المعلومات والاتصالات وتقنيات الأرشفة وحلول المعرفة المتقدمة في التعليم العالي، المكتبات، ومراكز الأبحاث.

سجل بريدك الالكتروني هنـا لتصلك أحدث التدوينات

أكاديمية نسـيج على الفيسبوك 
 
 

مقــالات حديثة

الذكاء الاصطناعي وإدارة المعرفة: نحو شراكة فعّالة بين الإنسان والآلة

نُـشر بواسطة هيام حايك on 20/08/2024 12:19:06 ص

في ظل التقدم التكنولوجي السريع والانتشار الواسع للذكاء الاصطناعي، نرى العديد من المؤسسات تواجه تحديات جديدة في كيفية إدارة المعرفة وتوظيفها لتحقيق أهدافها، حيث أصبحت إدارة المعرفة عملية معقدة تتطلب أدوات مبتكرة تستطيع التعامل مع كم هائل من البيانات وتحويلها إلى رؤى قابلة للتنفيذ.

في هذا السياق، يأتي الذكاء الاصطناعي ليشكل نقلة نوعية في طريقة إدارة المعرفة داخل المؤسسات. ولكن!! على الرغم من إمكانياته الهائلة، فإن الذكاء الاصطناعي لا يمكنه العمل بمعزل عن العنصر البشري، بل يعتمد على شراكة تكاملية مع الإنسان، تهدف إلى تحسين عمليات إدارة المعرفة وتحقيق التفوق المؤسسي. في هذا المقال، سنناقش هذه الشراكة بين الإنسان والآلة، ونستعرض الفوائد والتحديات التي تصاحب استخدام الذكاء الاصطناعي في إدارة المعرفة.

إدارة المعرفة والذكاء الاصطناعي: الأساس والمفهوم والتأثير

إدارة المعرفة تُعتبر من الركائز الأساسية التي تعتمد عليها المؤسسات في تحقيق التفوق والابتكار في بيئة الأعمال المعاصرة. يرى خبراء جارتنر أن مفهوم إدارة المعرفة يشمل كل الجهود المبذولة لجمع وتنظيم وتوزيع المعلومات بطريقة تتيح تحويلها إلى معرفة قابلة للتطبيق تسهم في تحسين عمليات اتخاذ القرار ودفع عجلة الابتكار داخل المؤسسات. من خلال إدارة فعالة للمعرفة، تستطيع المؤسسات تحويل البيانات والمعلومات المتاحة إلى موارد استراتيجية تسهم في تحسين الأداء العام وتعزيز القدرة على التكيف مع التغيرات السريعة في السوق. كما تسهم إدارة المعرفة في خلق بيئة عمل تشجع على المشاركة والتعاون بين الأفراد، مما يساعد على تقليل الوقت المهدر في البحث عن المعلومات ويسهم في زيادة الإنتاجية، وفي هذا الإطار، أظهرت دراسة أجرتها شركة Deloitte أن المؤسسات التي تتبنى ممارسات فعالة لإدارة المعرفة تشهد زيادة في الإنتاجية بنسبة تصل إلى 5% مقارنة بتلك التي لا تتبنى مثل هذه الممارسات. ويرتبط هذا النجاح بالدور الذي يلعبه الذكاء الاصطناعي في دعم إدارة المعرفة من خلال تقديم تقنيات متقدمة تؤثر بشكل كبير على مختلف جوانب هذه العملية الحيوية، والتي تبرز في المحاور الآتية:

تحليل الأنماط وإنشاء المعرفة:

الذكاء الاصطناعي يمتلك قدرة استثنائية على تحليل البيانات الضخمة، مما يتيح للمؤسسات اكتشاف أنماط جديدة وتوليد معرفة مبتكرة. باستخدام تقنيات مثل التعلم الآلي والتحليل التنبؤي، يمكن للذكاء الاصطناعي فحص كميات هائلة من البيانات لتحديد العلاقات الخفية والاتجاهات غير الواضحة للبشر. على سبيل المثال، يمكنه تحليل بيانات العملاء لاكتشاف توجهات السوق، وتحليل سلاسل التوريد لتحديد نقاط الضعف، والتنبؤ بالأمراض في الرعاية الصحية عبر تحليل السجلات الطبية. كذلك، يستخدم الذكاء الاصطناعي في القطاع المالي لتحليل الأسواق والتنبؤ بالاتجاهات الاقتصادية، وأيضًا في المجال البيئي للتنبؤ بالكوارث الطبيعية مثل الأعاصير. هذه القدرات تجعل الذكاء الاصطناعي أداة لا غنى عنها في تعزيز فهم البيانات وتحويلها إلى استراتيجيات فعالة.

تخزين واسترجاع المعرفة:

يسهم الذكاء الاصطناعي بشكل كبير في تحسين عملية تخزين واسترجاع المعرفة داخل المؤسسات، من خلال توفير تقنيات متقدمة للتصفية والتصنيف الذكي. هذه التقنيات تمكن الأنظمة من تنظيم كميات كبيرة من المعلومات والبيانات بطرق تجعل الوصول إليها أسرع وأكثر دقة. على سبيل المثال، يمكن لنظام ذكاء اصطناعي تحليل آلاف المستندات القانونية، وتصنيفها بناءً على الأهمية والسياق، مما يسمح للمحامين بالعثور على المعلومات الأكثر صلة بحالة معينة في وقت قصير. هذا ليس فقط يوفر الوقت، ولكنه أيضًا يحسن من جودة الاستراتيجيات القانونية المعتمدة، حيث يمكن للمحامين الوصول إلى السوابق القانونية والمعلومات الضرورية بسهولة. وكذلك يمكن للذكاء الاصطناعي أن يحسن من عملية استرجاع المعرفة من خلال دمج تقنيات البحث المتقدم التي تستطيع التعامل مع قنوات متعددة من المحتوى. على سبيل المثال، في بيئات العمل التي تتعامل مع كميات هائلة من البيانات مثل المؤسسات المالية أو شركات الأبحاث، يمكن للذكاء الاصطناعي تحليل وتصفية الاتصالات والمستندات عبر قنوات متعددة مثل البريد الإلكتروني، وقواعد البيانات الداخلية، ومنصات التواصل الأخرى. هذا يسهل على الفرق الوصول إلى المعلومات ذات الصلة بشكل فوري، مما يعزز من كفاءة العمل ويسمح بإعادة استخدام المعرفة بسهولة بين الأفراد والفرق.

مشاركة المعرفة:

يلعب الذكاء الاصطناعي دورًا حيويًا في تسهيل مشاركة المعرفة بين الأقسام والفرق المختلفة داخل المؤسسة، مما يعزز من العمل التعاوني ويقلل من العوائق التنظيمية. من خلال إنشاء أنظمة اتصال متقدمة تعتمد على الذكاء الاصطناعي، يمكن للموظفين الذين يعملون على مشكلات مشابهة أن يتواصلوا ويتبادلوا المعرفة بسهولة. هذا يتم عبر ربط الأفراد الذين يمتلكون معرفة متخصصة بقضايا معينة، مما يعزز العلاقات الضعيفة ويوفر رؤية شاملة لمصادر المعرفة والعوائق المحتملة. كما يمكن للذكاء الاصطناعي أن يسهم في بناء ذاكرة تنظيمية مشتركة تحافظ على المعرفة داخل المؤسسة وتمنع فقدانها مع مرور الوقت. هذا يتحقق من خلال أنظمة الذكاء الاصطناعي التي تتيح للفرق التعاون الذكي وتبادل الأفكار بطريقة منسقة عبر مختلف الأقسام، مما يخلق بيئة أكثر تكاملًا وتنسيقًا. على سبيل المثال، يمكن لأنظمة الذكاء الاصطناعي تسهيل التغذية الراجعة والمراجعة بين الزملاء على منصات الاتصال مثل Slack، وكذلك دعم المشاركة الذكية في الوقت الفعلي بين قنوات التسويق وقنوات المبيعات.

تطبيق المعرفة:

يساعد الذكاء الاصطناعي في تطبيق المعرفة بشكل أسرع وأكثر دقة من خلال تقديم حلول فورية تعتمد على البيانات المتاحة. في أنظمة الدعم الفني، يمكن للذكاء الاصطناعي تحليل المشكلات التقنية بناءً على حالات سابقة، مما يسمح بتقديم حلول فعالة بسرعة أكبر، وبما يقلل من وقت حل المشكلات ويحسن تجربة العملاء بشكل ملحوظ. إضافة إلى ذلك، تسهل واجهات الأنظمة البديهية مثل المساعدين الصوتيين والدردشة التفاعلية (chatbots) الوصول إلى المعرفة المطلوبة، مما يعزز قدرة الموظفين على تطبيق هذه المعرفة في مواقف واقعية بكفاءة وسرعة. علاوة على ذلك، يسهم الذكاء الاصطناعي في معالجة كميات كبيرة من البيانات في بيئات معقدة مثل البحث والتطوير، مما يوفر رؤى جديدة تدعم اتخاذ القرارات الاستراتيجية وتساعد على الابتكار داخل المؤسسة. هذه القدرات مجتمعة تجعل من الذكاء الاصطناعي أداة قوية لتمكين المؤسسات من تحسين أدائها وتحقيق أهدافها الاستراتيجية بفعالية أكبر.

شراكة الإنسان والآلة: نموذج تكاملي

مع التقدم التكنولوجي المتسارع، يتخذ الذكاء الاصطناعي مكانة محورية كأحد الأعمدة الأساسية التي تدعم القدرات البشرية بدلاً من استبدالها. يمكن للذكاء الاصطناعي أن يزيد من كفاءة الإنسان عبر تنفيذ المهام المتكررة والمعقدة بسرعة ودقة، مما يفسح المجال للبشر للتركيز على المهام التي تتطلب تفكيرًا استراتيجيًا وإبداعيًا. على سبيل المثال، في إدارة المعرفة، يمكن للذكاء الاصطناعي تحليل كميات ضخمة من البيانات، واستخراج الأنماط وتقديم رؤى جديدة. ومع ذلك، يبقى الإنسان هو العنصر الحاسم في تطبيق هذه الرؤى واتخاذ القرارات التي تتطلب تفكيرًا شاملًا وفهمًا للسياق الاجتماعي والثقافي والتنظيمي. من هنا تنبثق فكرة الشراكة التكاملية بين الإنسان والآلة، حيث يمكن للذكاء التعاوني وتطوير المهارات البشرية أن يؤدي إلى نتائج أفضل وأكثر فعالية. وفي هذا الاطار يتمحور مفهوم الذكاء التعاوني حول التكامل بين الذكاء الاصطناعي والبشر لتحقيق نتائج تتجاوز ما يمكن تحقيقه بشكل فردي. وقد نرى ذلك من خلال الأنظمة التي تجمع بين قوة المعالجة الفائقة للذكاء الاصطناعي والقدرات التحليلية للبشر. على سبيل المثال، يمكن للذكاء الاصطناعي أن يسهم في تنظيم البيانات وتحليلها، بينما يستفيد البشر من هذه التحليلات لتطبيق المعرفة بطرق تتطلب حُكمًا وخبرة إنسانية. هذا ويمتد الذكاء التعاوني إلى تحسين التفاعلات البشرية. من خلال تقديم توصيات مخصصة تعتمد على احتياجات كل موظف ومعرفته، يمكن للذكاء الاصطناعي تعزيز تبادل المعرفة عبر الفرق المختلفة، مما يؤدي إلى تحسين التعاون وزيادة الكفاءة في حل المشكلات. إضافة إلى ذلك، يمكن للذكاء الاصطناعي أن يساعد في خلق بيئة تعليمية مستمرة، حيث يتعلم البشر والآلات من بعضهم البعض ويتطورون معًا. ولكن في المقابل تصبح الحاجة إلى تطوير المهارات البشرية أكثر أهمية من أي وقت مضى، و يصبح التدريب المستمر وتطوير المهارات جزءًا أساسيًا من تمكين العاملين من التفاعل مع الأنظمة الذكية. يشمل هذا التدريب كيفية استخدام الأدوات الذكية بفعالية وكيفية دمج مخرجات الذكاء الاصطناعي في العمليات اليومية لاتخاذ قرارات استراتيجية مبنية على فهم شامل للبيئة.

إلى جانب ذلك، يعد تطوير القدرة على التفاعل النقدي مع مخرجات الذكاء الاصطناعي أمرًا بالغ الأهمية. من الضروري أن يتمكن البشر من تقييم المعلومات التي تقدمها الأنظمة الذكية بشكل مستقل، وعدم الاعتماد عليها دون وعي . لذا من المهم الأخذ بعين الاعتبار أن بناء شراكة فعالة بين الإنسان والآلة يتطلب فهمًا معمقًا لكيفية تكامل القدرات البشرية مع الذكاء الاصطناعي والعمل على الاستثمار في تطوير مهارات العاملين، وتحفيز التعاون بين البشر والآلات بطريقة تعزز من القدرات الكلية للفريقين.

في النهاية...

يمكننا القول إن شراكة الإنسان والآلة ليست مجرد تطور تقني، بل هي خطوة طبيعية في كيفية تطوير طرق العمل داخل المؤسسات. من خلال دمج القدرات الفريدة للبشر والذكاء الاصطناعي، يمكن تحقيق مستويات جديدة من الابتكار والكفاءة، مما يسهم في تحسين الأداء العام للمؤسسات وضمان نتائج مستدامة على المدى الطويل. ومع ذلك، قد يكون تحقيق هذا الهدف معقدًا وقد يشعر البعض بالقلق حيال التفاعل مع التكنولوجيا المتقدمة مثل الذكاء الاصطناعي. لذلك، يصبح التواصل مع الخبراء في هذا المجال ضروريًا لضمان تنفيذ هذه الشراكة بنجاح، والاستفادة القصوى من الإمكانيات التي يوفرها الذكاء الاصطناعي دون إغفال الجوانب البشرية الأساسية. لذا نشجع التواصل مع خبراء نسيج للتقنية الذين يمتلكون خبرة واسعة في إدارة المعرفة والذكاء الاصطناعي. هؤلاء الخبراء يتمتعون بفهم معمق لكيفية دمج التقنيات الذكية مع القدرات البشرية، مما يضمن للمؤسسة تحقيق الاستفادة القصوى من هذه الشراكة. بالإضافة إلى ذلك، تهتم نسيج بتطوير مهارات العاملين من خلال تقديم تدريب مستمر على استخدام الأدوات الذكية والحلول التقنية، مما يعزز من كفاءة فرق العمل بالمؤسسة وقدرتهم على التكيف مع التحولات التكنولوجية.

 

Topics: إدارة المعرفة, نقل المعرفة, الذكاء الإصطناعي, Machine Learning, مشاركة المعرفة, ChatGPT, التميز المؤسسي, الذكاء الاصطناعي التوليدي