library management & Higher Education blog Naseej Academy Naseej Academy Send Mail

عن مدونة نسيج

تهدف مدونة نسيج الى توفير مساحات تشاركيه تتسع لكل المتخصصين والمهتمين بكل ما هو جديد في مجال المكتبات والتعليم العالي والتعلم عن بعد وتقنيات المعلومات والاتصالات وتقنيات الأرشفة وحلول المعرفة المتقدمة في التعليم العالي، المكتبات، ومراكز الأبحاث.

سجل بريدك الالكتروني هنـا لتصلك أحدث التدوينات

أكاديمية نسـيج على الفيسبوك 
 
 

مقــالات حديثة

نحو مكتبة أكثر ذكاءً: استراتيجيات التخطيط المستند إلى البيانات

نُـشر بواسطة هيام حايك on 16/12/2024 01:58:35 ص

representation-user-experience-interface-design

في خضم التحولات المتسارعة التي يفرضها عصر المعرفة والابتكار الرقمي، تتحول المكتبات إلى مراكز ديناميكية للمعلومات والتعلم والتفاعل المجتمعي، مما يستدعي أساليب جديدة في التخطيط والقيادة لمواكبة الاحتياجات المتغيرة للمجتمع. يعد التخطيط الاستراتيجي المستند إلى البيانات نهجًا مبتكرًا يتيح لقادة المكتبات اتخاذ قرارات أكثر دقة وفعالية. من خلال هذا النهج، يمكن للمكتبات إعادة توجيه مواردها، وتحقيق تحسين مستمر، وتعزيز الكفاءة التشغيلية. في هذا المقال، سنستعرض أهمية هذا النوع من التخطيط، وأدواته الفعالة، وكيفية تطبيقه لتمكين قادة المكتبات من قيادة التغيير بمرونة و تقديم خدمات استباقية.

إطار النجاح الشامل لقيادة المكتبات

يتمحور إطار النجاح الشامل في قيادة المكتبات حول ثلاثة مكونات رئيسة. هذه المكونات مترابطة وتعمل معًا لخلق بيئة إدارية مرنة وقابلة للتكيف مع المتغيرات المجتمعية والتكنولوجية.

أولاً: استخدام البيانات للتفكير الهادف

يُعد التفكير المستند إلى البيانات، عنصرًا جوهريًا في عملية التحسين المستمر في المكتبات. فهو يمكن قادة المكتبات من تقييم الأداء السابق وتحديد الخطوات المستقبلية بفعالية أكبر. يعتمد هذا المحور على تحليل البيانات المتعلقة بجميع جوانب عمل المكتبة، مما يتيح رؤية أوضح للفرص والتحسينات المطلوبة..

يساعد التفكير المدعوم بالبيانات القادة على تجاوز الافتراضات الشخصية والقرارات العشوائية. بدلاً من ذلك، يتم اتخاذ القرارات على أسس علمية ومبنية على أدلة واضحة. هذا النهج يتيح لهم تحديد النجاحات السابقة، واكتشاف الأخطاء، وتحسين الكفاءة التشغيلية.

خطوات التفكير الهادف

  1. تحليل الأداء السابق: يتضمن تقييم الأهداف التي تم تحقيقها، ومراجعة العمليات، وفهم كيفية تأثير الإجراءات السابقة على النتائج الحالية.

  2. تحديد الأولويات: من خلال البيانات، يمكن للقادة تحديد المجالات التي تحتاج إلى تحسين فوري وتحديد الأولويات لتحقيق أكبر تأثير.

  3. تحديد مؤشرات الأداء الرئيسة: يساعد تحديد مؤشرات الأداء (KPIs) في متابعة التقدم المحرز وتقييم مدى تحقيق الأهداف.

أسئلة أساسية في نهاية العام

تعتبر هذه الأسئلة أداة فعالة لتقييم أداء المكتبة في نهاية كل عام:

  • كيف بدأنا وكيف انتهينا؟

  • كيف تقارن بيانات هذا العام، مع العام السابق؟

  • ما التغييرات التي أحدثت فرقًا؟

  • من قمنا بخدمته ومن فاتنا؟

  • ما أعظم النجاحات، وما هي الأشياء التي كانت تستحق المزيد من الجهد منا؟

مقاييس البيانات الأساسية

تشمل المقاييس التي يجب على قادة المكتبات مراجعتها بانتظام ما يلي:

  • التوزيع السنوي حسب مجموعة المجموعات: لمعرفة أنواع المواد التي تشهد أعلى نسبة تداول.

  • إجمالي الحضور في البرامج: لتقييم مدى شعبية البرامج والخدمات.

  • عدد البطاقات الجديدة واستراتيجيات التفاعل: لمتابعة نمو قاعدة المستفيدين.

  • عدد الزيارات إلى الموقع الإلكتروني واستخدام المواد الإلكترونية: لفهم كيفية تفاعل المستخدمين مع المنصات الرقمية.

من خلال تعزيز ثقافة التفكير المستند إلى البيانات، يمكن لقادة المكتبات تحديد النقاط الحرجة، وتحقيق تحسينات ملموسة، وزيادة مستوى التفاعل مع المجتمع.

ثانياً: الاستقصاء التقديري وتحديد نقاط القوة والبناء عليها

يُعد الاستقصاء التقديري نهجًا مبتكرًا يهدف إلى التركيز على نقاط القوة بدلاً من التركيز على المشكلات، حيث يسعى القادة إلى استكشاف النجاحات السابقة والبناء عليها لتحقيق مستقبل إيجابي ومزدهر للمكتبة. يتميز هذا النهج بإحداث تحول ثقافي في طريقة التفكير، حيث يركز على الإمكانات والفرص بدلاً من المعوقات، ويشجع على الحوار المفتوح بين الموظفين وقادة المكتبة. كما يحفز هذا الأسلوب التعاون، ويؤدي إلى مزيد من الإبداع والابتكار في إيجاد الحلول.

خطوات الاستقصاء التقديري : نموذج 5D

نموذج 5D هو إطار تطبيقي للاستقصاء التقديري يتألف من خمس مراحل مترابطة تهدف إلى تحقيق تغيير إيجابي في بيئة العمل، وتتمثل في المراحل التالية:

  1. التعريف (Define): تحديد الهدف الإيجابي الذي سيتم التركيز عليه. على سبيل المثال، قد يكون الهدف هو "تعزيز التفاعل المجتمعي".

  2. الاكتشاف (Discover) : البحث عن الأمثلة والقصص الناجحة التي تعكس نقاط القوة داخل المكتبة. قد تشمل هذه القصص نجاحات سابقة في زيادة عدد الزوار أو التفاعل الإيجابي مع المجتمع.

  3. الحلم (Dream) : تصور المستقبل المثالي للمكتبة. يتم ذلك من خلال جلسات عصف ذهني يشارك فيها الموظفون وأعضاء المجتمع لوضع رؤية مشتركة.

  4. التصميم :(Design) وضع خطة عمل تستند إلى الرؤية المستقبلية المحددة في مرحلة "الحلم". يتم تحديد الخطوات والإجراءات اللازمة لتحقيق هذه الرؤية.

  5. القدر (Destiny) : تنفيذ الخطة ومراقبة التقدم المحرز، مع الاستعداد لإجراء التعديلات حسب الحاجة.

ثالثاً: مواءمة الموارد لتحقيق التأثير

بمجرد استكمال عمليتي التفكير والاستقصاء، يصبح من الضروري مواءمة الموارد مع الرؤية الاستراتيجية للمكتبة. تضمن هذه المرحلة استخدام الموارد بكفاءة وفعالية لتحقيق نتائج مؤثرة. تشمل الأنشطة الرئيسة في هذه المرحلة ما يلي:

  • إعادة تخصيص ميزانيات المجموعات: يتم تحديد الفجوات في المجموعات من خلال تحليل الطلبات المتكررة من المستفيدين والمواد التي تلقى إقبالًا ضعيفًا، ثم إعادة توجيه الموارد المالية نحو المواد الأكثر طلبًا مثل الكتب الأكثر مبيعًا أو المواد الرقمية التي تحظى باهتمام واسع.

  • إعادة تصور للمساحات المادية: قد تتطلب المواءمة إعادة تصميم المساحات الداخلية للمكتبة لتلبية الاحتياجات الجديدة مثل إنشاء مساحات مخصصة للتعلم التفاعلي، وقاعات الاجتماعات المجتمعية، ومساحات العمل المشترك. هذه التغييرات تهدف إلى تحسين تجربة المستفيدين وتعزيز كفاءة استخدام المساحات المتاحة.

  • دراسات وقت الموظفين: تحليل كيفية قضاء وقت الموظفين لتحديد فرص تحسين الكفاءة. قد يكشف هذا التحليل عن الحاجة إلى إعادة تخصيص المهام، وتبسيط العمليات، وتقليص الوقت الضائع في أنشطة منخفضة القيمة.

  • قوائم التوقف عن التنفيذ: من خلال مراجعة الخدمات الحالية، يمكن للقادة تحديد الأنشطة التي تستهلك موارد كبيرة ولكنها لا تقدم قيمة مضافة كبيرة للمستفيدين. يمكن إيقاف هذه الأنشطة أو تقليصها، مما يسمح بتحويل الموارد إلى الأنشطة الأكثر تأثيرًا.

تضمن مواءمة الموارد أن جميع جوانب المكتبة - من المجموعات إلى وقت الموظفين - تسهم في الرؤية والأهداف العامة. يسهم هذا النهج في تحقيق كفاءة تشغيلية أعلى وزيادة العائد على الاستثمار، مما يعزز مكانة المكتبة كمؤسسة محورية في خدمة المجتمع.

استراتيجيات بناء ثقافة التحسين المستمر

تلعب ثقافة التحسين المستمر دورًا محوريًا في تعزيز أداء المكتبات وضمان جاهزيتها لمواكبة التغيرات المتسارعة لاحتياجات المجتمع. يعتمد هذا النهج على التفاعل المستمر، الابتكار، والتطوير المتواصل، مما يمكّن المكتبات من تحسين خدماتها وتلبية توقعات المستفيدين بكفاءة أكبر. فيما يلي، نستعرض أبرز الاستراتيجيات التي تسهم في بناء هذه الثقافة بفعالية.

  • تشجيع حلقات التغذية الراجعة: جمع التعليقات بانتظام من الموظفين والمستفيدين. يمكن أن تشمل هذه العملية استطلاعات الرأي، جلسات مناقشة مفتوحة مع الفرق، واستخدام صناديق الاقتراحات الرقمية. على سبيل المثال، يمكن لقادة المكتبات استخدام استبيانات قصيرة عقب البرامج التعليمية لجمع آراء المستفيدين حول جودة المحتوى وأفكار التحسين.

  • احتضان المرونة: يتعين على المكتبات الاستعداد لتغيير المسار عندما تظهر بيانات أو ظروف جديدة. يمكن أن يشمل ذلك تعديل البرامج والخدمات استجابةً لاحتياجات المجتمع الناشئة. على سبيل المثال، إذا أظهرت البيانات أن هناك طلبًا متزايدًا على البرامج التعليمية الرقمية، فيمكن إعادة تخصيص الموارد لتطوير المحتوى الإلكتروني.

  • تعزيز بيئة تعليمية: يتطلب بناء ثقافة التعلم المستمر توفير فرص لتطوير مهارات الموظفين. يمكن تحقيق ذلك من خلال تنظيم ورش عمل ودورات تدريبية داخلية وخارجية. على سبيل المثال، يمكن تقديم تدريب على مهارات القيادة أو استخدام الأدوات الرقمية الجديدة لتعزيز قدرات الموظفين وتحسين الكفاءة التشغيلية.

أمثلة عملية على التحسين المستمر

  • إطلاق برامج تعليمية جديدة: يمكن للمكتبة ملاحظة زيادة في الطلب على مهارات معينة، مثل محو الأمية الرقمية، واتخاذ إجراء سريع لإطلاق ورش عمل تعليمية تركز على هذا الموضوع. يمكن أيضًا تنظيم دورات تدريبية افتراضية للوصول إلى شرائح أوسع من المجتمع.

  • تحسين تصميم المساحات: إذا أظهرت البيانات أن مساحات المكتبة الحالية غير ملائمة لاستخدامات معينة، فيمكن إعادة تصميمها لتكون أكثر ملاءمة. على سبيل المثال، قد تؤدي الطلبات المتزايدة على مساحات العمل التعاونية إلى تخصيص مناطق مفتوحة مزودة بطاولات اجتماعات وشاشات عرض.

  • تحسين إدارة المجموعات: قد تكتشف المكتبة أن بعض المواد لم يتم تداولها بشكل كافٍ، بينما هناك طلب كبير على فئات أخرى. يمكن استخدام هذه البيانات لتوجيه إعادة توزيع الميزانية وزيادة الاستثمار في المواد المطلوبة.

  • تحفيز ثقافة الابتكار: يتم تشجيع الموظفين على ابتكار أفكار جديدة وتحسين العمليات. يمكن للمكتبات إنشاء "مختبر الابتكار" حيث يقدم الموظفون أفكارًا جديدة لتحسين الخدمات، ويتم اختبار هذه الأفكار وتطبيقها إذا أثبتت نجاحها.

استشراف المستقبل ورسم خارطة الطريق

في سبيل تحقيق مستقبل مثالي للمكتبات، يتطلب الأمر تخطيطًا استراتيجيًا دقيقًا للوصول لما يجب أن تكون عليه المكتبة مستقبلاً. لتحقيق ذلك، يمكن الاعتماد على عدد من الخطوات المنهجية، على رأسها:

1- وضع تصور لملامح المستقبل المثالي

يعد الاستقصاء التقديري أداة فعالة لتصور المستقبل المثالي، حيث يتم اشراك الموظفين وأصحاب المصلحة في استكشاف الفرص المحتملة وتحفيز التفكير الإبداعي حول مستقبل المكتبة. يتبع ذلك تطوير رؤية واضحة تشمل تصميم المساحات، توسيع الخدمات الرقمية، وتعزيز التفاعل المجتمعي بما يضمن توافق الرؤية مع احتياجات المجتمع. بعد تحديد الرؤية، يتم بناء خارطة طريق تحول الأفكار إلى خطوات تنفيذية وأولويات محددة، مع مراعاة أثر كل تغيير على المكتبة والمستفيدين.

2. وضع أهداف قابلة للقياس

تعد صياغة الأهداف باستخدام نموذج SMART (محددة، قابلة للقياس، قابلة للتحقيق، ذات صلة، ومحددة زمنيًا) خطوة جوهرية تضمن وضوح التوجه وتحديد نقطة البداية والنهاية لكل هدف. هذا النموذج يساعد القادة على تحويل الأهداف العامة إلى أهداف قابلة للتنفيذ، مما يسهل تتبع التقدم المحرز وتحديد العقبات المحتملة. على سبيل المثال، بدلاً من صياغة هدف عام كـ "تحسين رضا المستفيدين"، يمكن إعادة صياغته إلى هدف SMART مثل "زيادة معدل رضا المستفيدين بنسبة 10% خلال ستة أشهر"، مما يجعل الهدف أكثر وضوحًا وقابلًا للقياس.

بعد تحديد الأهداف، تأتي خطوة تحديد مؤشرات الأداء الرئيسية (KPIs) التي تتيح قياس مدى تحقيق الأهداف بدقة. مؤشرات الأداء يمكن أن تشمل معدل الإقبال على المكتبة، نسبة رضا المستفيدين، وعدد المشاركين في البرامج التعليمية الجديدة. توفر هذه المؤشرات رؤى دقيقة حول الأداء الفعلي، مما يساعد في تحديد الجوانب التي تتطلب تحسينًا.

  1. إعادة توجيه الموارد بفعالية

يتم إعادة تخصيص الموارد المالية بما يضمن توافقها مع الأهداف الجديدة، مثل تعزيز ميزانيات الموارد الرقمية أو تحسين التقنيات التشغيلية. يُعاد تصميم المساحات الداخلية لدعم الأهداف الاستراتيجية، مع إنشاء مساحات تعلم تعاونية وغرف دراسية فردية. كما تُراجع أدوار الموظفين ومسؤولياتهم، مع إمكانية إعادة توزيعهم أو توظيف كوادر جديدة لدعم الأولويات الناشئة.

  1. التنفيذ والمتابعة المستمرة

لضمان التنفيذ الفعّال، يتم إعداد جدول زمني واضح يشمل جميع الأنشطة والمراحل التنفيذية، مع تواريخ نهائية لكل مرحلة. تُحدد المسؤوليات بوضوح لتجنب تداخل الأدوار وإهدار الموارد. تتابع قيادة المكتبة التقدم المحرز بشكل مستمر، مع إجراء التعديلات اللازمة لمواجهة التحديات والاستفادة من الفرص، مما يضمن الالتزام بالخطة وتحقيق الأهداف.

تقدم هذه الخطوات خارطة طريق شاملة لتحويل الرؤية الاستراتيجية إلى واقع ملموس. من خلال تطبيق هذه المنهجية، يمكن لقادة المكتبات تعزيز دور المكتبة كمركز تفاعلي متعدد الوظائف، وزيادة مشاركة المستفيدين، وضمان مرونة المكتبة في التكيف مع التغيرات المستقبلية. بهذه الطريقة، تظل المكتبات في طليعة مراكز المعرفة والتعلم المجتمعي.

Topics: مؤشرات الأداء, التخطيط الاستراتيجي, التخطيط والتطبيق, المكتبات الذكية, قيادة المكتبات, نموذج 5D, Smart Goals, KPIs, نموذج D5