أما آن الأوان لنطلق الأيدي وندعها تنهل من هذا الكم الكبير الذي تتيحه التقنيات؟ أما آن الأوان لنوقف هذا القمع الذي نمارسه على طلابنا؟! لماذا يطلب الكثير من مدرسينا إغلاق أجهزة الموبايل وإخفاءها بمجرد دخول الفصل؟ ألا يمكن أن نجد طريقة نُفًعل بها هذه الأجهزة التي باتت متوافرة في أيدى معظم طلابنا؟ حيث يؤكد "فرانسيس جلبرت" أن أجهزة الهاتف المحمول قد وُجدت لتبقى، وأنها ستصبح - بشكلٍ متزايدٍ - جزءاً حيوياً من عالمنا المعاصر، إن من واجبنا نحن كمعلمين أن نبين لطلابنا أن هذه الأجهزة التقنيّـة ليست أشياء محرمة، بل يمكن أن يكون لها دورٌ حقيقيٌ في الفصول الدراسية إذا أحسن استخدامها.
كنا قد أشرنا سابقا فى التقرير الذي أصدرته OCLC هذا العام, أننا نقترب بسرعة من نقطة التحول نحو مستقبل جديد للتعليم. حيث ارتفاع تكاليف التعليم الجامعي والضغوط المالية على الدوائر المحلية وأجهزة الدولة لتمويل الجامعات والمدارس وبرامجها. ذلك يستدعى النظر بجدية في كيفية توظيف التقنيات المتنقلة والمنصات الاجتماعية لدعم الاتجاه المتزايد نحو استخدام الأجهزة المحمولة والأدوات التعاونية كنماذج للتعلم. فمما لا شك فيه أن المعلمين يواجهون مجموعة كبيرة من التحديات في الوقت الذي لا توجد فيه حلول سهلة لهذه القضايا وغيرها، ونحن نعتقد بقوة أن التعلم عبر الإنترنت يمكن أن يقدم فرصا كبيرة لتعزيز وتوسيع عملية التعليم وتقديم الحلول التي من شأنها تلبية الاحتياجات المتطورة للمعلمين والطلاب وسط هذا المشهد المتغير.
نستعرض هنا وفى هذه التدوينة مجموعة من وجهات النظر التي تمثل خبرات وقصص متنوعة وثرية لمجموعة من المعلمين الذين يستخدمون الهاتف النقال والإنترنت في التعليم. تعكس كل قصة رؤى وتصورات حول كيفية حصول المعلمين على أقصى استفادة من المحتوى، والأدوات، والشبكات المتاحة لهم.
"ببساطة، الخبراء يقولون لنا أن النظام التعليمي كله في نقطة تحول؛ ففي غضون بضع سنوات، الأساتذة، والمعلمون، والجامعات لن تكون في بؤرة التعلم، فالتقدم السريع في الأدوات النقالة والإنترنت، والشبكات الاجتماعية، والمحتوى سوف يضع الطلاب في مركز التعلم. "
ومع استمرار التقنية في تأجيج هذا التحول، سوف يكون المعلمون بحاجة إلى امتثال دورهم الجديد كمدربين، وسوف يزداد دور المتعلمين وتحملهم مسؤولية قيادة تعلمهم، والذين سيدركون أن التعلم يتمركز حول مجموعة ديناميكية من العلاقات العالمية والتعامل مع الآخرين.
وفى هذا الصدد قامت أنظمة سايتركس Citrix Systems وهي شركة أمريكية متخصصة في البيئات الافتراضية الحاسوبية و برمجيات الولوج عن بعد للوصول للتطبيقات على الإنترنت بإصدار كتاب تضع فيه أراء خمسة وثلاثين من الخبراء في استخدام الهاتف النقال في التعليم وكيفية الاستفادة من التقنيات التي يوفرها الإنترنت. أخترنا لكم منها القصص والخبرات التالية والتي نأمل أن تساعدكم على استكشاف طرق جديدة وفعالة لإثراء عملية التعليم والتعلم.
-
ثلاثة أشياء لابد للمعلمين القيام بها: John Robinson
"يجب على المعلمين تشجيع الطلاب على استخدام التقنية في أي وقت وحسب الحاجة ".
يرى "جون روبنسون" والذي يعمل في حقل التعليم منذ أكثر من 24 سنة أنه للاستفادة وتحقيق أقصى قدر من التعلم على الهاتف المحمول وتقنيات الإنترنت، لابد للمعلمين الاستفادة من ثلاثة قدرات وفرتها التقنيات الحديثة وهي:
أولا: يجب أن يمكنوا الطلاب من استخدام هذه التقنية التي تتيحها الشبكات، حيث يمكن للطلاب استخدام هذه الشبكات بطريقتين، التعاون والمشاركة في التعلم الشخصي, ومشاركة الطلاب في استخدام تطبيقات مثل تويتر أو عقد المؤتمرات التشاركية على شبكة الإنترنت محليا وعالميا. فقبل عامين، التقى طلاب قسم اللغات الأجنبية مع مُدرسة في كولومبيا بانتظام, للتعاون في مشروع يهدف للتبرع للمدرسة من خلال عقد المؤتمرات على الشبكة, استطاع الطلاب في كلا المكانين ممارسة اللغة الأجنبية, مما عمل على زيادة مهاراتهم اللغوية في الوقت الذي كان يزداد الوعى الثقافي لدى الطرفين. كما أنه وبالتالي يمكننا القول أنه يمكن للطلاب أيضا إنشاء شبكات التعلم الشخصية التي تركز على مصالحهم الخاصة.
ثانيا: يجب على المعلمين تشجيع الطلاب على استخدام التقنية في أي وقت وحسب الحاجة، فعندما يحدث هذا، يتجاوز تعلم الطلاب جدول اليوم الدراسي. يقوم العديد من الطلاب باستخدام تطبيق Evernote لجمع البحوث، ومن ثم الوصول إلى هذه المعلومات في أي وقت باستخدام شبكة الإنترنت و أجهزة متعددة تأخذ الأجهزة النقالة السبق فيها.
ثالثا: يجب أن يُمكن المعلمون الطلاب من استخدام هذه التقنيات عبر الأجهزة. بفعل التقنيات النقالة والإنترنت، يستطيع الطلاب استخدام أدوات مثل Diigo و Evernote و Twitter على الهواتف المحمولة والأجهزة اللوحية والقارئ الإلكتروني و سطح المكتب و شبكة الإنترنت. في نهاية المطاف، يأخذ الطلاب صفوفهم أينما ذهبوا. كما لا شك في أن التقنيات النقالة والإنترنت تجعل التعاون و التواصل أسهل. هذه التقنيات قادرة على إلغاء جدران الفصول الدراسية وتوسيع تعلم الطلاب في العالم خارج الجامعة والمدرسة.
-
استخدم منصة Evernote لتجعل التعلم النقال أكثر سهولة: Nicholas Provenzano
"لم يعد طلابي ملزمون بنسخة مطبوعة من ملاحظاتهم أو كتبهم المدرسية, فكل الملاحظات والأفكار معهم أينما ذهبوا".
يقول "نيكولاس بروفنزانو" مدرس اللغة الإنجليزية في مدرسة ثانوية في ميشيغان أن واحدة من الاستخدامات الأكثر فعالية لاستخدام التقنيات النقالة في التعليم هي إِدْماج المذكرات والملاحظات المعتمدة على السحابات وتقنية الــ Evernote في كل الإجراءات اليومية التي يتطلبها كونى معلما. فلقد سمح لي تطبيق Evernote بالانتقال إلى بيئة خالية من الورق أعمل بها مع طلاب الفصل والذين لم يعودوا مشغولين بانتظار أوراق العمل او الملخصات مرة بعد مرة. طلابي اليوم يستخدمون إيفرنوت Evernote على الأجهزة الخاصة بهم للوصول إلى تعيينات الفصل والدروس أو أية معلومات أخرى مشتركة في إيفرنوت.
لقد تعود طلابي على استخدام الملاحظات في سحابة الفصل, وكما وقد أثروا في اتجاهات الطلاب والمعلمين الآخرين والذين بدءوا في استخدام هذه التقنيات عبر أجهزتهم النقالة. لم يعد طلابي في حاجة دائمة إلى استخدام الكتب والملاحظات الورقية حيث كتبهم وأفكارهم معهم أينما ذهبوا، كما أنى وبالتالي لدى القدرة على الوصول إلى ملاحظاتهم وأفكارهم وتساؤلاتهم في أوقات وأماكن مختلفة وذلك يسهل الأمور لي ولهم.
لقد سمح لي Evernote بخلق البيئة التي يستطيع فيها الطلاب التعلم في أي زمان ومكان، وأنت كمعلم مما لاشك فيه أنك تريد أن تجعل التعلم أكثر سهولة لطلابك، منصة Evernote المتواجدة على الأجهزة النقالة ستسمح لك كما سمحت لي القيام بذلك.
-
تعزيز الإنتاجية من خلال استخدام الأجهزة النقالة في التعليم: John Faig
"أدوات التعلم الصحيحة والفعالة تساعد على خلق المزيد في بيئة التعلم التعاوني. "
يرى جون منسق التقنية والحاصل على شهادة الماجستير في التقنية التعليمية من جامعة كولومبيا أن الكثير من الابتكار والإبداع من الممكن أن يحدث في التعليم من خلال الاستفادة من تزايد الأجهزة النقالة وتوافرها بكثرة مع معظم الطلاب، مثل أجهزة الكمبيوتر المحمولة، والهواتف الذكية والتي تزيد الإنتاجية وتعززها لدى الطلاب والمعلمين أو كليهما. فهناك أدوات وتطبيقات توفرها الأجهزة النقالة يمكن للمعلمين استخدامها لتحسين إدارة الصف، وجمع بيانات التقييم التكوينية. كما تتوفر للطلاب عدد كبير من الأدوات التي تساعدهم على تنظيم المهام والواجبات المنزلية بالإضافة إلى أدوات تدوين الملاحظات لكل طالب. من خلال الممارسة المستمرة في استخدام هذه الأدوات من قبل المعلمين والطلاب تتزايد إنتاجية العملية التعليمية وتزداد كفاءتها ونوعيتها وسيصبح استخدامها أسهل, مما يجعل شريط فيديو قصير لا يأخذ وقتا أكثر مما يأخذه كتابة الفقرة. الاستخدام الفعال والاختيار الصحيح للأدوات والتطبيقات التي توفرها الأجهزة النقالة بغزارة يساعد على خلق بيئة تعليمية أكثر تعاونية, فهناك الوثائق المشتركة، والمناقشات، والأدوات التعليمية الغنية وفي الأفق يتبلور جيل جديد من الكتب التفاعلية والمزيد من نظم إدارة التعلم التفاعلي.
-
التعلم من المتعلمين من خلال استخدام التقنيات الذكية بذكاء: Malinka Ivanova
" المتعلمون الحاليون يبحثون عن حلول الجيل القادم التي تلبي احتياجاتهم المعرفية المتزايدة "
ترى "ميلنكا ايفانوفا" من كلية الطاقة والإلكترونيات في جامعة صوفيا، أنه من المهم جذب الطلاب وتشجيعهم على استخدام التقنيات الرقمية وبذل
المحاولات لاستغلالها في البيئات التعليمية، وتزويد الطلاب بفرص جديدة للفهم والمعرفة والاستكشاف، كما أن واحدة من المكونات الأكثر أهمية والتي تؤدى إلى تحقيق فعالية التعليم على الإنترنت واستخدام الهواتف النقالة في التعليم هي قوة الارتباط بين الاتجاهات المعاصرة في التعليم بالتقنيات والتقنيات الناشئة و التي تدعم ليس فقط النظم الإيكولوجية الحالية للتعلم ولكنها أيضا تعمل على تسهيل الانتقال من البيئات التعليمية الذكية إلى أقسام الجامعات الذكية. فالمتعلمون الحاليون يبحثون عن حلول الجيل التالي التي تلبي زيادة الاحتياجات المعرفية، وتستثير الشحنات العاطفية والفضول وإشباع حب الاستكشاف لديهم.
وبعيدا عن النظر و التركيز على استخراج مزايا الأنشطة التعاونية وبيئات التعلم الاجتماعي غير الرسمي و اقتراح مسارات التعلم المرنة والفردية؛ والوصول إلى نتائج إيجابية, فإنه أيضا يمكننا العمل على تقنيات ذكية تحيط بنا وتتوالد بسرعة غريبة والتي من الممكن لها المساعدة في تحقيق الكفاءة العالية والإنتاجية في التعلم، وتوفير الوقت والمكان وبناء تعلم حسب الطلب Just on Time توفره الأجهزة المحمولة وخدمات الإنترنت.
التقنيات تذهب أبعد من ذلك من خلال توفير فرص لتطوير أدوات تثير الدوافع وتؤثر على الإدراك. وتتنبأ باحتياجات التعليم المستقبلية. بيئات التعلم الذكية تتعلم باستمرار من خبرات المتعلمين لتقديم الأشكال الدقيقة لوسائل الاعلام والتطبيقات والخدمات المناسبة، وبالتالي استخدام تقنيات ذكية بذكاء، وسوف يحقق نجاحا هائلا!
-
الصف المسطح Flat classroom: مساحات للإبداع والتعاون والتعلم
"قوة التقنيات المتنقلة والإنترنت تكمن في قدرتها على تعزيز فرص التعلم عالميا ".
ترى "جولي ليندساي" أن التقنيات النقالة والإنترنت تسهل التعاون، سواء كان الاتصال في الوقت الحقيقي وبشكل غير متزامن. فاستخدام الهواتف النقالة يسمح بجمع المعلومات ويسهل تخزينها, كما يساعد على تبادل الوسائط المتعددة، بما في ذلك الصور وأشرطة الفيديو. الالتقاء المتزامن للطلاب والمعلمين على حد سواء من خلال الشبكات الاجتماعية أو التعليمية, يمكنهم من الاتصال بسهولة وتبادل الأفكار والتشارك في الموارد. الفرصة الأكثر إثارة التي توفرها التقنية الناشئة تتمثل في الكثير من التعاون العالمي وقدرة المتعلمين على المشاركة في خلق منتجات من على مسافات بعيدة. تشير "جولي" إلى فعالية الأجهزة النقالة في الصف المسطح Flat classroom وفكرة الفصول المسطحة مستوحاة من كتاب "العالم مسطح" للكاتب "توماس فريدمان" والذي يطرح فيه أبعاد العالم الجديد الذي يتشكل على نحو مسطح يفرض طريقة جديدة في التفكير مختلفة عما كان في الماضي؛ حيث لم يعد مجال المنافسة مقتصرا على البلدان المتقدمة، بل اتسع ليشمل البلدان الصغيرة التي باتت الآن قادرة على دخول حيز المنافسة واللعب مع الكبار، بل والتغلب عليهم إذا أحسنت استخدام أدوات هذا العالم المسطح. حيث ترى "جولي" أن هناك تزايد في استخدام الأجهزة النقالة في المؤتمرات التعليمية، فعلى سبيل المثال، عندما عقد مؤتمر الفصول المسطحة في يوكوهاما باليابان عام 2013, جميع المشاركين من الطلاب والمعلمين كانوا يستخدمون الأجهزة المحمولة ، كانوا يعملون في فرق ويستخدمون تطبيقات الويكي، وتطبيقات جوجل، وأدوات أخرى للاتصال والتواصل المتوفرة على أجهزتهم النقالة. كما كانوا يتواصلون في نفس الوقت مع أعضاء فرق أخرى بغض النظر عن تواجدهم في أي مكان في العالم، ومعا استطاعوا القيام بوضع خطة عمل من خلال تواصلهم وصقل أفكارهم وتلقى التغذية الراجعة بسرعة من خلال الأجهزة النقالة. تكمن قوة التقنيات المتنقلة والإنترنت في تعزيزها لفرص التعلم على مستوى العالم. أدوات الويب 2.0 توفر إمكانية الوصول الفوري إلى بيئات التعلم، والأجهزة النقالة تسمح بمرونة الوسائط المتعددة.
-
كيف تعمل الأجهزة المحمولة عبر تقنية الإنترنت على تحويل التعلم Bryan Alexander))
"التعلم بناء على الطلب يحول العالم نفسه إلى فصول دراسية تتضمن المكتبة والمختبر، أو الاستوديو."
يرى "براين الكسندر" الباحث والكاتب و المستشار الذي يعمل في مجال التقنية, أن تقنية الهاتف النقال والإنترنت لديها امكانات هائلة لتحويل عملية التعلم، فالوصول إلى الإنترنت من خلال الأجهزة النقالة يخلق عالما من المعلومات من الممكن ترحيله ونقله إلى أي موقع، وفى ذات الوقت تمكين المستخدمين من هذه المعلومات في لحظات. التعلم بناء على الطلب يحول العالم نفسه إلى فصول دراسية تتضمن المكتبة والمختبر، أو الاستوديو. تدعم الأجهزة النقالة جميع وسائل الإعلام وتدعم التشارك، على سبيل المثال الإمكانيات الجديدة لرواية القصص, تساعد على انتقالها بسرعة إلى وسائل الإعلام الجديدة وتقوم الهواتف الذكية، والأجهزة المحمولة، بتسريع عملية التداول.
تستطيع لمس أثر استخدام تقنية الهاتف النقال في جميع المجالات وعلى جميع مستويات المجتمع، بعد اعتماده في العديد من الصناعات، بما في ذلك التعليم، والرعاية الصحية، والحكومة، وأكثر من ذلك.
الهواتف المحمولة، أصبحت أكثر انتشارا وبأسعار معقولة، ويمكن للتقنية اللاسلكية أن تعمل بشكل كبير على تحسين التعلم وتقديم المحتوى الرقمي للطلاب. الطلاب يحبون تقنية الهاتف النقال وهم يستخدمونها بشكل منتظم في حياتهم الشخصية. لذا فليس من المستغرب أن الشباب يريدون توظيف الأجهزة المحمولة لجعل التعليم أكثر جاذبية وتخصيص ذلك لاحتياجاتهم الخاصة.
مساحات التعايش في الحضارة الإنسانيةتتحول بشكل جذري، حيث تتصاعد وتيرة التمازج الثقافي والتي تسهلها تطبيقات ذكية, ونحن ننمو كطبقات رقميةعبرها، مثل رقائق الصفيح.
" ماذا بالنسبة لك؟ هل جربت استخدام الهاتف النقال في فصلك الدراسي؟ وهل سهل ذلك عملية التعلم والتعليم؟ قصصك وخبراتك هي أيضاَ محل اهتمامنا وتقديرنا..."
إعداد: هيـام حـايك- كاتبة بمدونة نسيــج
المصادر: http://ed421.com/?p=3114