أصبح تدريب الموظفين أكثر أهمية من أي وقت مضى، فمع استمرار التحولات المتزايدة في الاقتصادات العالمية والتكيفات الرئيسة مع بيئات العمل المتغيرة، ستكون قدرة المؤسسة على تدريب موظفيها ورفع مهاراتهم بشكل فعال ضرورية في السنوات القليلة المقبلة، للحفاظ على ميزة تنافسية..
لكيف يجب أن تبدأ؟
غالبًا ما يتم التعامل مع تقييم التدريب بهذا الترتيب:
1) بعد انتهاء التدريب
2) من الأسفل إلى الأعلى - التأثير على أداء الموظف ثم المنظمة
3) اتخاذ قرار بشأن ما يجب فعله بنتائج التقييم.
في الواقع، التقييم الفعال لتأثير برامج التدريب والتطوير يكون أكثر فعالية إذا تم تناوله بشكل عكسي. لذلك، يجب أن تبدأ الخطوة الأولى في " تقييم تأثير حلول التدريب " حتى قبل تحليل احتياجات التدريب (TNA)، كما ويجب على القادة مناقشة كيفية استخدام النتائج والاتفاق عليها، مع ضمان الاستخدام الأكثر فاعلية لهذه البيانات كحلول للتدريب المتكرر وشحذها في برامج فعالة للغاية.
يجب على القادة أن يسألوا أنفسهم: ما الذي سيتم عمله بهذه البيانات؟ وهل هي خطة للإبلاغ عن النتائج فقط أو تنفيذ الخطط على أساس تلك النتائج؟
طرح هذا النوع من الأسئلة والإجابة عليها، يتطلب الشجاعة والمساءلة والصدق من فريق القيادة، لأنه من الأهمية بمكان أيضًا تحديد قيمة التقييم لحلول التدريب ومقدار الجهد الذي يجب أن يبذل فيه. بالنسبة للبرامج الصغيرة حيث قد يكون التأثير المقصود والمعترف به صغيرًا، فقد لا يستحق الجهد المبذول لتقييم التدريب. ولكن بالنسبة للبرامج التي تستهلك موارد متوسطة إلى كبيرة، يجب تقييم فعاليتها.
:
هناك العديد من نماذج تقييم التدريب التي يمكنك الاختيار من بينها لقياس فعالية التدريب وتأثيره. تلخص القائمة أدناه بإيجاز بعض النماذج المعروفة.
- نموذج تقييم نقل التعلم: LTEM وهي استراتيجية تقييم من ثماني مستويات، تتمثل في: الحضور، النشاط، تصورات المتعلم، المعرفة، كفاءة اتخاذ القرار، اختصاص المهمة، النقل وآثار التحويل.
يفترض هذا النموذج أن أول مستويين (الحضور والنشاط) لا يوفران بيانات كافية لتحديد الكفاءة والفعالية، ولكنهما يوفران أساسًا لكل مستوى تالٍ.
- مستويات التقييم الخمسة لكوفمان Kaufman: يتضمن هذا النموذج خمسة مستويات تتمثل في: المدخلات والعملية، الاكتساب، التطبيق، المخرجات التنظيمية والنتائج المجتمعية. تمتد مقاييس التدريب هذه إلى نتائج قابلة للقياس، بدءًا من مدى فعالية إدراك المتعلمين لمواد التدريب (المدخلات والعملية) إلى تأثير التدريب على المستوى التنظيمي (النتائج المجتمعية).
- نموذج تقييم السياق والمدخلات والعملية والمنتج (CIPP): يقيس نموذج CIPP تأثير السياق والمدخلات والعملية والمنتج والاستدامة والفعالية وقابلية النقل. هذا النموذج تكراري ويستخدم في جميع مراحل الحل التدريبي.
- مستويات تقييم كيرك باتريك Kirk Patrick: ربما يكون هذا هو النموذج الأكثر انتشارًا وهو نقطة البداية للعديد من النماذج الأخرى. إنها مقاييس لتصنيف رد فعل المتعلم، الاحتفاظ بالمعرفة، تغيير السلوك، والتأثير على الأعمال.
تستخدم العديد من المؤسسات نموذجًا واحدًا أو أكثر، وهي غالباً ما تقوم بتعديلها لتناسب احتياجاتها. يعد استخدام النماذج التي أثبتت جدواها، مثل تلك المذكورة أعلاه، مفيدًا لأنه تم اختبارها على مر السنين. من المثير للاهتمام ملاحظة أن 44٪ من المؤسسات تستخدم نموذجًا مخصصًا مطورًا داخليًا.
.
نموذج كيرك باتريك لـقياس فعالية وتأثير التدريب
يحتاج قياس تأثير التدريب إلى نهج متكامل يجب أن يبدأ أثناء تحليل احتياجات التدريب، ومن ثم يتم البناء على التوالي حتى تحديد تأثير التدريب على المتعلمين والأعمال. في الجزء الأول كنا قد قدمنا عدد من الإجراءات التي يجب القيام بها لتتمكن من قياس تأثير التدريب، في هذا الجزء نقدم نموذج إطار عمل لقياس تأثير التدريب يعتمد على نموذج كيرك باتريك الشهير لتقييم التدريب، يتكون من الخطوات الآتية:
1) ابدأ بتحليل احتياجات التدريب وتحليل احتياجات المتعلم تعتبر هذه الخطوة الركيزة الأساس لعملية التقييم، ففي النهاية سيتم استخدام بيانات هذا التحليل لقياس المكاسب التي حققها المتعلمين (اكتساب مهارة جديدة أو إصلاح فجوة) وقياس ما إذا أدى هذا المكسب إلى التأثير المطلوب الذي سعى إليه العمل (مقابل مؤشرات الأداء الرئيسية المحددة للأعمال). يعد الحصول على احتياجات المتعلمين من خلال تحليل احتياجات المتعلم والتوضيح بشأن كيفية قياس تقدمهم (أي المكسب المتوقع الذي يسعى إليه المتعلمون والأعمال التجارية) عنصرًا أساسيًا في خطة تقييم أثر التدريب. 2) تحديد مقاييس تدريب الموظفينمن المهم تحديد ثلاث مقاييس رئيسة، وهي: مقاييس التعلم والتطوير، ومكاسب أداء المتعلم، ومقاييس الأعمال إلى جانب تحليل احتياجات التدريب. يمكن قياس مقاييس تحليل احتياجات التدريب بسهولة من خلال LMS. من المهم للغاية تحديد مؤشرات الأداء الرئيسية للأعمال التي يجب أن يؤثر عليها التدريب، وتحديد نهج قياس مقاييس الأعمال. يجب أن تحتوي مؤشرات الأداء الرئيسية على مؤشرات أولية ومؤشرات متأخرة للقياس. 3) قياس رد فعل المتعلمفي هذه المرحلة، يتم التأكد من رد فعل المتعلمين لتحديد ما إذا كان المتعلمون قد وجدوا أن التدريب ملائم وجذاب وسهل الاستيعاب والتطبيق. يتم ذلك عادةً من خلال استطلاعات الرأي والاستطلاعات عبر الإنترنت. هذه التقنيات تمكن فرق التعلم والتطوير الوقوف على مدى تحقيق الأهداف الأساسية للتدريب، ووضع يدهم على أي ثغرات قد تكون بحاجة الي معالجة. 4) تحديد تنسيق التدريب الصحيحتتمثل الخطوة التالية في تحديد التنسيق الصحيح للتدريب (عبر الإنترنت، أو مختلط، أو وجاهي) الذي يتماشى بشكل أفضل مع مؤشرات تحديد احتياجات المتدربين. (في بعض الأحيان، قد لا يكون التدريب هو الحل، وتحتاج إلى تحديد التدابير الداعمة مثل المتابعة أو التوجيه). يعد اختيار التنسيق الصحيح أمرًا حاسمًا في تشجيع المتعلمين على الاستمرار وتطبيق التعلم في الوظيفة. ستساعدك استراتيجية التعلم الصحيحة جنبًا إلى جنب مع استراتيجية التقييم الفعالة على تحقيق أهداف التعلم التي تتنقل ما بين التعلم والممارسة والانجاز والتغيير في التفكير وبالتالي التغيير في السلوك. 5) تحديد استراتيجية التعلم الصحيحةكما نعلم، يمكن لاستراتيجية التعلم الفعالة فقط أن تخلق تجربة تعليمية ثابتة. ومع ذلك، من المهم أيضًا ملاحظة أن الحصول على التدريب الرسمي فقط قد لا يكون كافيًا. نحتاج أيضًا إلى توفير مساحة لتطبيق المعرفة والممارسة أو التنبيهات للإتقان. يجب أن تحتوي استراتيجية التعلم على مزيج من التدريب الرسمي وتدخلات تدعم الأداء. المتدرب بحاجة دائماً إلى رحلة تعلم، تحفزه لاتخاذ تدابير من أجل إنعاش تجاربه وتعزيز المهارات المكتسبة وتقويم الممارسات. 6) تحديد مكاسب المتعلمين والتغيير في السلوكمن المهم قياس صحة تطبيق التعلم المكتسب والتأكد من أن القياس لا يقتصر على التحقق من اكتساب المعرفة. تعتبر استراتيجية التقييم الصحيحة أمرًا بالغ الأهمية في تحديد ما إذا كانت مستويات الإدراك المطلوبة قد تم الوفاء بها. ومن ثم، فإن المقياس الرئيس في هذه المرحلة هو درجات التقييم النهائي والتي تساعد فرق التعلم والتطوير بقياس ما إذا كان التدريب قد حقق نتائج التعلم المطلوبة. وفي حال تم تحديد أي ثغرات، فيمكن اتخاذ الإجراء المطلوب (التعزيز، أو العلاج، أو توفير وسائل التعلم التكميلية). بعد ذلك، يجب إجراء التحقق من الصحة إذا كان هناك تغيير في سلوك المتعلم يعزى مباشرة إلى التدريب. وهذا يتم عادةً عن طريق استطلاع رأي المتعلمين ومشرفيهم بعد 30/60/90 يومًا. 7) تقييم المكاسب للأعمالعليك هنا الرجوع إلى الوراء والنظر في المعايير التي تم تحديدها خلال مرحلة تحديد احتياجات التدريب والمتدرب وتقييم المكتسبات التي حدثت، وتحديد ما إذا كانت هي المكاسب المطلوبة، وهل كان لها تأثير على العمل وحجم الإنجاز. في هذه المرحلة، يتم التحقق من صحة ما إذا كان التدريب قد خلق القيمة المطلوبة للأعمال وإذا كان قادرًا على التأثير على مؤشرات الأداء الرئيسية للأعمال. يتم ذلك عن طريق تتبع المعلمات التي تم التقاطها في مقاييس الأعمال للتحقق من أن الهدف الخاص بالتأثير على الأعمال قد تم تحقيقه. 8) أغلق الحلقةبمجرد تحديد مكاسب التدريب ومقارنته بالتكاليف، نصل إلى عائد الاستثمار (ROI) على الإنفاق التدريبي. في كثير من الأحيان، وعلى نحو متزايد، يظهر مصطلح العائد على التوقعات Return on Expectations (ROE) كمنهج أكثر فاعلية بدلاً من العائد على الاستثمار (ROI). وفي هذا السياق يصف كيرك باتريك العائد على توقعات المساهمين بأنه المؤشر النهائي للقيمة. وذلك لأن المخرجات والنتائج المتوقعة قد تم وضعها قبل بدء البرنامج. كما ويشير إلى أن توقعات أصحاب المصلحة تحدد القيمة التي يتحمل محترفو التدريب المسؤولية عن تقديمها، وينصح قادة البرنامج بضرورة مطالبة القيادة العليا بتوضيح توقعاتهم للبرنامج لقياس وإثبات القيمة الحقيقية للتدريب. |
في النهاية وكما ذكرنا في بداية المقال، مهمة قياس تأثير البرامج التدريبية والحفاظ عليها ليست بالأمر السهل ولا يوجد نهج واحد بعينه يمكن أن يساعدك في تحقيق ذلك بشكل متكامل. آمل أن توفر هذه الأفكار والاستراتيجيات إشارات عملية يمكنك استخدامها لقياس تأثير برامج تدريب الموظفين على الأعمال واستخدام الاستراتيجيات الموصى بها لتعظيم التأثير.